أظهر التحليل الاقتصادي نصف السنوي الذي يجريه البنك الدولي عن منطقة إفريقيا جنوب الصحراء أن النمو الاقتصادي فيها سينتعش إلى 3ر3% بنهاية العام الجاري، وذلك حسبما ذكرت، اليوم /الثلاثاء/، المنصة الإخبارية لصحيفة /لوبوان/ الفرنسية.
وتوقع أحدث إصدار من تقرير نبض إفريقيا أن تشهد كوت ديفوار معدلات نمو تبلغ 2ر6% و5ر6% في 2021 و2022 على التوالي.
ونوه التقرير إلى أن إفريقيا جنوب الصحراء بعد أن شهدت أول ركود لها منذ أكثر من 25 عامًا جراء تفشي جائحة كورونا، في طريقها لتجاوز الركود وتحقيق التعافي في ضوء ارتفاع أسعار المواد الخام ، وتخفيف تدابير احتواء الجائحة واستئناف التجارة الدولية.
مع وضع هذا في الاعتبار ، قام المحللون بمراجعة توقعاتهم صعودًا.. وتوقعوا الآن نموًا بنسبة 3ر3% للعام الجاري 2021 ووتيرة تعافي أبطأ من اقتصادات الأسواق المتقدمة والصاعدة.
ويعتقد مؤلفو التقرير أن الانتعاش لا يزال هشًا ، بسبب انخفاض معدل التطعيم في القارة وإطالة أمد الضرر الاقتصادي والافتقار إلى ديناميكية الانتعاش.
وشدد ألبرت زوفاك رئيس الخبراء الاقتصاديين لمنطقة إفريقيا بالبنك الدولي على ضرورة تيسير الوصول العادل إلى لقاحات آمنة وفعالة ضد فيروس كورونا لإنقاذ الأرواح وتعزيز الانتعاش الاقتصادي في إفريقيا، مشيرا إلى أن صندوق النقد الدولي حذر من "مسار متباين للتعافي العالمي" في ظل بطء وتيرة التطعيم ببعض المناطق.
ونوه إلى أن كلا من منظمة التجارة العالمية وبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي ومنظمة الصحة العالمية وجامعة أكسفورد أجمعوا على أنه "من شأن الإسراع بنشر اللقاحات أن يعجل بالنمو الإقليمي".
وتابع قائلا:" لذلك يمكن بسهولة أن يصل النمو إلى 1ر5% في عام 2022 و4ر5% في عام 2023 إذا تم تخفيف التدابير، واحتواء الجائحة الذي من شأنه تحفيز الاستهلاك والاستثمار".
ومن المتوقَّع أن تتفاوت وتيرة التعافي فيما بين بلدان المنطقة، بالنسبة لأكبر ثلاث اقتصاديات في المنطقة " أنجولا، نيجيريا وجنوب إفريقيا"، حيث تشير التوقعات إلى احتمالية أن تشهد هذه البلدان نموا بنسبة 0ر4% و 4ر2% و 6ر4% على التوالي.. وباستثناء أنجولا وجنوب إفريقيا فمن المتوقع أن تشهد باقي دول المنطقة انتعاشا بسرعة أكبر بمعدل نمو 6ر3% في العام الجاري.
وفيما يتعلق بالبلدان غير كثيفة الموارد، مثل كوت ديفوار وكينيا من المتوقع أن تشهد انتعاشا قويا مع معدل نمو 2ر6% و5% على التوالي.
وسلط التقرير الضوء على أنه استجابة للوباء، أجرت البلدان الإفريقية إصلاحات هيكلية وإصلاحات اقتصادية كلية، وشرع البعض في "إصلاحات هيكلية صعبة ولكنها ضرورية" ، وكان معظمهم منضبطًا نسبيًا بشأن السياسات النقدية والمالية.
ونتيجة لذلك ، من المتوقع أن ينخفض عجز الموازنة الإقليمية ، الذي يبلغ 4ر5% من الناتج المحلي الإجمالي في عام 2021 ، إلى 4ر5% من إجمالي الناتج المحلي في عام 2022 و3% من إجمالي الناتج المحلي في عام 2023، غير أن التقشف في الميزانية ، مقرونا بمحدودية مجال المناورة ، حال دون قيام البلدان الإفريقية بضخ الموارد اللازمة لبدء سياسة انتعاش قوية في مواجهة كوفيد -19.
ونبه التقرير إلى أن الدين العام شهد ارتفاعا حادا في بلدان إفريقيا جنوب الصحراء الكبرى ، وواصل اتجاهه الذي سبق الأزمة الصحية لجائحة كورونا، ومن المتوقع في المتوسط أن يصل إجمالي الدين العام إلى 71% من الناتج المحلي الإجمالي بحلول عام 2021 ، وهو ما يشكل زيادة قدرها 30 نقطة مئوية من الناتج المحلي الإجمالي منذ عام 2013.
وأشار محللو نبض إفريقيا إلى أن "البلدان الإفريقية بحاجة إلى جمع ونشر بيانات عن ديونها المتزايدة ولأفضل تحسين الإبلاغ عن التزاماتها المحتملة" وأوصوا بضرورة مواصلة بناء القدرات داخل الحكومات من أجل تحسين إدارة الديون ، ولاسيما عمليات التدقيق والضوابط الداخلية.
وأضاف التقرير أن بلدان إفريقيا جنوب الصحراء يواجهون الآثار المتزايدة لتغير المناخ، بجانب الضغوط المالية المتزايدة ومستويات الدين بسبب تنفيذ تدابير التحفيز الاقتصادي المستدامة والشاملة.
وأوصى مؤلفو التقرير بلدان إفريقيا جنوب الصحراء باغتنام هذه الفرصة لبدء تحولاتها إلى نماذج اقتصادية أنظف ، تمامًا كما انتهزت الفرصة التي أتاحها الوباء لبدء الإصلاحات، مشيرا إلى أن هذا التحول سيوفر لهم فوائد طويلة الأجل ، ويقلل من المخاطر الطبيعية ويخلق فرصًا للتنمية الاقتصادية.
وأوضح التقرير أنه وفي كلتا الحالتين ، فإن "تسريع الانتعاش الاقتصادي في إفريقيا جنوب الصحراء يتطلب تمويلًا إضافيًا كبيرًا وتحتاج المنطقة إلى مزيد من التمويل لمواجهة آثار الوباء ودعم الانتعاش القوي والشامل".
وأكد مؤلفو التقرير أهمية هذا التمويل للحد من التفاوتات في مسار التعافي بين البلدان الغنية والبلدان الفقيرة" ، ولكن "في بيئة يسودها عدم اليقين الدائم بشأن فيروس كورونا ومتغيراته ، فإن ميزانية برنامج الصرف الصحي الصارمة تعتبر غير بديهية ويمكن أن يكون ضارًا بالنمو على المدى الطويل ، لاسيما من خلال تفاقم الآثار الدائمة للوباء على الصحة والتعليم.
ووصف التقرير قرار صندوق النقد الدولي ، أغسطس الماضي، بتخصيص "عام لحقوق السحب الخاصة ((SDRs بقيمة قياسية تبلغ 650 مليار دولار"، بأنها "دفعة" جيدة ، لكنها قد لا تكون كافية.. مشيرا إلى أن الهدف من ذلك هو إقراض الدول الغنية حصتها من حقوق السحب الخاصة للبلدان الإفريقية أو استخدامها لجذب الأموال الخاصة لدعم الشركات الصغيرة والمتوسطة الحجم ، وليس الدول فقط.
وخلص المحللون في " نبض إفريقيا"إلى أن "تحقيق أهداف التنمية في المنطقة سيتطلب مساهمات من جميع المصادر المحتملة ، بما في ذلك المؤسسات المالية الدولية والقطاع الخاص".