شهدت العلاقات المصرية السودانية توترًا كبيرًا خلال الفترة الماضية، وصلت إلى حد التراشق الإعلامي، والاتهامات المتبادلة بين المسئولين في كلا البلدين، مما تسبب في تأجيل وزير الخارجية السوداني إبراهيم غندور زيارته إلى القاهرة، والتي كانت مقررة الأربعاء المقبل، إلى وقت سيحدد لاحقًا، بذريعة انشغالاته الداخلية.
ويأتي إلغاء الزيارة في وقت تشهد فيه العلاقات بين مصر والسودان توترات، أبرزها النزاع الحدودي على مثلث "حلايب وشلاتين".
ومن المعروف أن الجرائم والأخطاء السودانية الكبيرة التي ارتكبتها في حق مصر من الأسباب الرئيسية في توتر العلاقة بين البلدين.
- "الهلال اليوم" في التقرير التالي أهم الأخطاء التي ارتكبتها السودان في حق مصر.
احتضان السودان مؤتمرات الإخوان
ومن الأخطاء السودانية التي لاتغتفر، احتضانها لجماعة الإخوان الإرهابية واتخاذها ملاذًا آمنًا لهم، حيث استضافت الخرطوم في نوفمبر الماضي، وفدًا إخوانيًا يضم عددًا من النواب السابقين للجماعة في منتدى "كوالالمبور للفكر والحضارة"، الذي انعقد لمدة 3 أيام بحضور مهاتير محمد رئيس وزراء ماليزيا السابق، تحت عنوان "الحكم الراشد وأثره في تحقيق النهوض الحضاري"، حيث شهد المنتدي تحريضًا ضد الدولة المصرية وحكام الدول العربية.
وضم الوفد الإخواني كلاً من أيمن صادق، ومحمود محضية، ومحمد سعد المنجي، النواب السابقين عن الجماعة، حيث أشار بيان صادر عنهم إلى أنهم عقدوا عددًا من اللقاءات مع بعض السياسيين الأجانب الذين حضروا المنتدي وتناولوا فيه الأوضاع في مصر، وأبلغوهم باستمرار تحركاتهم داخل مصر.
وزعم بيان صادر عن الوفد الإخواني أنه تم إرسال نتائج هذا المؤتمر إلى قيادات العالم الإسلامي في نسختها الأولية، لافتًا إلى أن هذه النتائج سوف تتطور بتطور البحث في قضايا العالم الإسلامي من خلال المؤتمر العام والندوات المتخصصة وشبكة الباحثين في العالم الإسلامي.
إصرار السودان على حظر السلع والمنتجات المصرية
يعتبر إصرار السودان على حظر السلع والمنتجات المصرية من الأخطاء الفادحة التي ارتكبتها في حق مصر، وبدأت أولى حلقات سلسلة حظر دخول المنتجات المصرية إلى الأراضي السودانية في العام الماضي، حيث أصدرت وزارة التجارة السودانية، بوقف استيراد الخضار والفاكهة والأسماك من مصر مؤقتَا، إلى حين اكتمال الفحوصات المعملية والمختبرات، وذلك ابتداءً من 20 سبتمبر عام 2016.
وبررت الوزارة قرارها آنذاك هو حرصها على الحفاظ على صحة وسلامة المواطن بسبب مخاوف تتعلق بالسلامة والصحة العامة.
وفي 14 مارس 2017 قررت حكومة السودان، حظر استيراد منتجات المربى والكاتشاب من مصر، واعتبارها سلعًا فاسدة مصنعة من مدخلات إنتاج ملوثة، في إشارة منها إلى الخضر والفاكهة المصرية.
وأرسل وزير الصناعة السوداني، محمد يوسف خطابًا موجهًا إلى وزير التجارة الخارجية بدولة السودان، السفير صلاح محمد الحسن، يطالب فيه بحظر استيراد المنتجات المصرية مثل المربى والكاتشاب.
وفي 16 مارس الماضي نقلت الوكالة السودانية الرسمية عن وزارة التجارة السودانية حظرها استيراد السلع الزراعية ومستحضراتها المصنعة والأسماك المعلبة من مصر، وألحقت ذلك بحظر سابق لاستيراد الخضراوات والفواكه، وبررت ذلك بورود شكاوى ومعلومات بأن الخضار والفواكه الملوثة أصبحت تأتي مُصنعة بأشكال المعلبات والكاتشب والصلصة بعد منع استيراد الطازج منها.
وفي 2 مايو 2017 أصدرت هيئة المواصفات والمقاييس السودانية، ضوابط جديدة منعت خلالها المستوردين والمصدرين والأفراد من إدخال 17 سلعة مصرية إلى السودان، وشملت قائمة الحظر أوراق الصحف المستعملة والألعاب النارية للأطفال، وقطع الغيار المصنعة من المطاط والبلاستيك المستعملة، والأجزاء المقطوعة للسيارات المختلفة، والإطارات المستعملة، والمحركات التي لا توجد بها البيانات الأساسية التي توضح المنشأ واسم الشركة وسنة الصنع ونوع السيارة والموديل ونوع المحرك، والهياكل الخارجية للحواسيب، وهيكل الوحدة الأساسية وأغطية الهواتف المحمولة.
كما شمل الحظر أيضًا الأجهزة الإلكترونية والمعدات الطبية والميكانيكية المستعملة التي بها ملحقات إلكترونية أو كهربائية مستعملة ذات تردد 60 هيرتز، كما حظر القرار تصدير 3 سلع هي الصمغ العربى، والفحم النباتى، والجلود المجففة بالهواء.
سعي السودان لترحيل المصريين من حلايب وشلاتين
وفي يوليو الماضي، أعادت السلطات السودانية أخطاءها المتكررة في حق الدولة المصرية من خلال إثارة البلبلة بشأن تبعية "حلايب وشلاتين" لها، وعزمها علي تكوين لجنة لحسم قضية منطقة مثلث حلايب وأبو رماد وشلاتين الحدودية، وترحيل المصريين منها، وهو ما آثار استياء السلطات المصرية، وتسبب في غضب الشارع المصري.
إثارة البلبلة بشأن عدم تبعية حلايب وشلاتين لمصر
وفي اليوم ذاته قال عبد الله الصادق، رئيس اللجنة الفنية لترسيم الحدود بالسودان، لصحيفة "سودان تربيون": "إن وزارة الخارجية دعت عدة أطراف تشمل وزارات العدل والداخلية والخارجية ودار الوثائق القومية واللجنة الفنية لترسيم الحدود، لتجميع أعمال اللجان السابقة حول حلايب وتحديث مخرجاتها"، وأضاف "يبدو أن الوزارة تريد تحريك ملف حلايب".
تصريحات وزير الإعلام السوداني
كما تسببت تصريحات وزير الإعلام والمتحدث باسم الحكومة السودانية، أحمد بلال عثمان، بزيادة توترات العلاقة بين البلدين، حيث قال في تصريح له: "إن السودانيين حكموا مصر، معتبرًا أن فرعون موسي كان أحد الفراعنة السودانيين الذين حكموا مصر".
وقال عثمان: "إن مصر بها نهر واحد، بينما السودان بها عدة أنهار، هذا دليل واحد من عدة أدلة علمية وأثرية سنقدمها في القريب العاجل، حيث يعمل عدد من أساتذة التاريخ السودانيين الآن علي تنقيح الكتب التاريخية من الأخطاء التي وردت فيها، لتثبت أن الأهرامات السودانية أقدم من المصرية".
قرار السودان بفرض تأشيرات على المصريين المسافرين لأراضيها
وفي سابقة هي الأولى من نوعها، أعلن مطار القاهرة في 7 أبريل الماضي، أن السودان فرض اعتبارا من اليوم، تأشيرات دخول على المصريين الرجال من سن 18 إلى 50 عاما، وأشار متحدث سوداني إلى أن الإجراء الجديد هو معاملة بالمثل، وفقا لوكالة "سبوتنيك" الروسية.
وقالت مصادر مطار القاهرة، إن مكاتب شركات النقل الجوي العاملة في المطار تلقت تعليمات من مطار الخرطوم بالإجراء، مع تحذير من أن غير حاملي التأشيرة من الفئات العمرية المذكورة سيرحلون.
تصريحات وزير الدفاع السوداني
وفي 13 أبريل الجاري خرج وزير الدفاع السوداني الفريق أول عوض ابن عوف، بتصريحات أثارت استياء السلطات المصرية والشارع المصري، حيث قال إن الجيش السوداني يتعرض لاستفزازات ومضايقات من قبل الجيش المصري في منطقة حلايب المتنازع عليها بين البلدين، لافتًا إلي أنهم يمارسون ضبط النفس وينتظرون حل المشكلة سياسيًا بين الرئيسين السوداني عمر البشير والمصري عبد الفتاح السيسي.
المطالبة بطرد السفير المصري
وفي نية سودانية لتصعيد الخلافات بين البلدين، طابة سودانيين بطرد السفير المصري، ودشنوا هاشتاج، "إطردوا السفير المصري"، ليصبح الأكثر تداولًا في السودان.
واستند الكثير من المروجين للهاشتاج، إلى أن مطالبهم بطرد السفير المصري جاءت بعد إعلان دولتهم بأن مصر طالبت بتمديد العقوبات علي السودان في الملف الخاص بدارفور، إلا أن الخارجية المصرية نفت بأن يكون مندوبها في لجنة العقوبات الخاصة بدارفور في مجلس الأمن قد طالب بالإبقاء على العقوبات المفروضة علىي السودان.
تصريحات البشير المستفزة
من الجرائم الكبرى التي ارتكبتها السودان في حق مصر تصريحات رئيسها البشير الاستفزازية التي تنم عن إن شخص غير مسؤول لا يعي ما ينطق به، ففي مقابلة خاصة له مع قناة "الجزيرة"، في مايو الجاري، قال البشير إن بلاده لم تقم بأي إساءة إلي مصر رغم "احتلال" مصر جزءا من الأراضي السودانية، في إشارة إلي منطقة حلايب وشلاتين التي تعتبرها القاهرة أرضا مصرية.
وأضاف البشير أن الإعلام المصري العام والخاص يعمل على الإساءة إلى السودان، وأن بلاده مع ذلك تصبر على هذه المعاملة لأن العلاقات المصرية السودانية تاريخية وروابطها قوية جدا.
وفي 23 مايو قال الرئيس السوداني عمر البشير، إن جيش بلاده صادر عربات ومدرعات مصرية كانت بحوزة مسلحين خلال المعارك الأخيرة في إقليم دارفور، غربي البلاد.
وأوضح البشير، في خطابه أمام احتفال بقدامي المحاربين في مقر وزارة الدفاع السودانية بالخرطوم، أن "القوات المسلحة استلمت عربات ومدرعات للأسف مصرية".
وأضاف: "المصريين حاربنا معهم منذ 1967، وظللنا نحارب (ضد المتمردين) لمدة 20 سنة ولم يدعمونا بطلقة، والذخائر التي اشتريناها منهم كانت فاسدة".