الثلاثاء 30 ابريل 2024

محمود ياسين.. فتى مصر الأول الذي خطفته نداهة الفن من المحاماة

محمود ياسين

فن14-10-2021 | 09:09

محمد أبو زيد

صوت رخيم مميز ما أن يقع على مسامعك حتى تعرف صاحبه، وملامح يعرف كيف يطوعها لصالحه، هو فنان من طراز خاص، وأحد أعمدة السينما المصرية الذي حفر اسمه في سجلاتها بحروف من نور، هو فتى مصر الأول والـ "جان" الذي وقفت أمامه كبار نجمات السينما، وبطل أفلام الحرب والرومانسية، الفنان الكبير محمود ياسين.

ولد محمود فؤاد ياسين، في 2 يونيو 1941، بمدينة بورسعيد لأب يعمل موظفًا بهيئة قناة السويس، أنهى مراحل تعليمه الإعدادي والثانوي، ثم التحق بكلية الحقوق جامعة عين شمس بالقاهرة، ومنها حصل على درجة الليسانس عام 1964، عمل بالمحاماة بعد تخرجه في بداية حياته نزولا على رغبة والده، ولكن حلم التمثيل كان يراوده بين الحين والآخر، خطفته نداهة الفن من المحاماة وكأنه لا يجب أن يمتهن غيره.

تقدم لمسابقة في المسرح القومي، بعد نكسة يونيو 1967، وجاء ترتيبه الأول من بين المتقدمين في المسابقة ليتم تعيينه بالمسرح القومي، وكانت أولى مسرحياته "الحلم"، وتوالت أعماله في المسرح وتجاوزت 15 مسرحية أبرزها "الزيارة انتهت، عودة الغائب، ليلة والمجنون، سليمان الحلبي، وطني عكا"، وبعد عام من توليه إدارة المسرح القومي قدم استقالته.

بدأ رحلته في 1968، بدور صغير في فيلم "القضية 68" للمخرج صلاح أبو سيف، وفي العام التالي فيلمي "شيء من الخوف" و"حكاية من بلدنا"مع المخرج حسين كمال وفي مطلع السبعينيات كان "ياسين" على موعد مع الانطلاقة الحقيقية في السينما عندما وقف بطلًا أمام شادية في فيلم "نحن لا نزرع الشوك" 1970.

 

 

في فترة السبعينيات قدم للسينما نحو 50 فيلمًا أبرزها "نحن لا نزرع الشوك" 1970، مع شادية في واحد من أهم أدواره "حمدي السمادوني"، و"أنف وثلاث عيون" 1972 والفيلمين للمخرج حسين كمال، وفي نفس العام "أغنية على الممر" للمخرج علي عبد الخالق.

ومع المخرج حسام الدين مصطفى قدم واحدًا من أهم أفلامه، وأحد علامات السينما المصرية "الرصاصة لا تزال في جيبي" 1974، وجسد دور "محمد المغاوري" طالب الآداب المحب لابنة عمه "فاطمة" نجوى إبراهيم، الذي يتطوع في الجيش لتحرير أرضه بعد النكسة، ومع المخرج كمال الشيخ فيلم "على من نطلق الرصاص" 1975 مع سعاد حسني، و"أفواه وأرانب" 1976 مع سيدة الشاشة فاتن حمامة، وفي نفس العام أدى دور الراوي في فيلم "الرسالة" إذ كان يجيد اللغة العربية الفصحى.

كان حريص على التنوع في تقديم شخصياته فتجده في "انتبهوا أيها السادة" 1980، للمخرج محمد عبد العزيز يقدم دور "عنتر" عامل القمامة الذي يقع في حب ابنة المحامي الكبير، بينما في نفس العام تجده "برعي" في "الباطنية"، و"عبد الله" في "وكالة البلح" 1982، لتشاهده في "مدافن مفروشة للإيجار" 1986 للمخرج على عبد الخالق في دور المهندس "أحمد بشير" الذي يسكن مع زوجته "نبيلة" نجلاء فتحي في فناء إحدى المدافن بعد هدم منزلهم.

لم تتوقف مسيرة "ياسين"، ويبحث دومًا عن التنوع والتنقل بين الأدوار، تألق في "الحرافيش" 1986 مع المخرج حسام الدين مصطفى في دور "سليمان الناجي" فتوة الغلابة، وكانت حصيلة أفلام الثمانينيات 50 فيلمًا قدمها ببراعة منقطعة النظير.

التلفزيون لم يغيب عن ذاكرته وقدم فترة الثمانينيات عدة مسلسلات مهمة، أبرزها "كوم الدكة، ابن سينا، محمد رسول الله، جمال الدين الأفغاني، غدًا تتفتح الزهور، أخو البنات" ومع بوسي واحدًا من أجمل أعماله في "اللقاء الثاني" للمخرجة علية يس.

تضاءلت أعماله للسينما في التسعينيات مقارنة بما قدمه في فترتي السبعينات والثمانينات ولعل أبرزها "تصريح بالقتل" 1991، و"الستات" 1992 و"قشر البندق" 1995 للمخرج خيري بشارة الذي حضر كواليس تصويره الراحل أحمد زكي ممسكًا بـ"الكلاكيت" مساندة لصديقه محمود ياسين ودعما لـ رانيا محمود ياسين في أولى تجاربها التمثيلية، وفي أواخر التسعينيات قدم فيلم "فتاة من إسرائيل" 1999 للمخرج إيهاب راضي، مع رغدة وخالد النبوي.

 النصيب الأكبر من موهبة محمود ياسين كان للتليفزيون في تلك الفترة إذ قدم ما يزيد على 21 مسلسلًا أبرزها "ضد التيار، أيام المنيرة، أبو حنيفة النعمان، رياح الشرق"، ومع مطلع الألفية قدم واحدًا من أهم أدواره والتي منحته شهرة كبيرة لدي جمهور الشاشة الصغيرة في "سوق العصر" 2001، بدور "حلمي عسكر" بينما كانت الشعبية الأكبر في "العصيان" الذي جمع أفراد الأسرة حول الشاشة لمشاهدة ما سيحدث لعائلة "حامد الغرباوي" التي رفعت في وجهه راية العصيان.

لم ينس معشوقته الأولى السينما وكان الحنين يجذبه ناحيتها ولكنه لا يختار إلا ما يناسبه من أدوار يتيقن أن لا أحد سيجسدها أفضل منه، فتجده "علي الحفني" الذي يعمل في تجارة الأفيون، ويوصى ابنه باستكمال مسيرته في جملته المشهورة "ماينفعش تقع يا منصور" في فيلم "الجزيرة" 2007، للمخرج شريف عرفة، و"الوعد" 2008، و"عزبة آدم" 2009، وكانت آخر أفلامه للسينما "جدو حبيبي" 2012 مع لبنى عبد العزيز.

تزوج "ياسين" من الفنانة شهيرة بعد قصة حب عندما كانت طالبة في معهد التمثيل، وتعرف عليها في مسرحية "ليلة مصرع جيفارا"، وقدمت معه 14 فيلمًا أبرزها "الجلسة سرية، شقة في وسط البلد، نواعم"، وأنجبا الفنان والسيناريست عمرو ياسين، والفنانة رانيا محمود ياسين زوجة الفنان محمد رياض.

حصل خلال مشواره على 50 جائزة من مهرجانات مختلفة منها جائزة الدولة عن أفلامه الحربية 1975، وجائزة التمثيل من مهرجان طشقند 1980، وجائزة  مهرجان السينما العربية في أميركا وكندا 1984، وجائزة أحسن ممثل من مهرجان التليفزيون في عامي 2001، 2002، و تم اختياره سفيرًا للنوايا الحسنة لمكافحة الفقر والجوع من الأمم المتحدة في 2005.

أواخر أيامه عانى محمود ياسين من المرض، وتوفي في 14 أكتوبر 2020 عن عمر ناهز 79 عامًا، رحل ولكنه ترك خلفه إرثًا فنيًا كبيرًا وأدوارًا باقية في الأذهان ودعوات من محبيه كلما ذكر اسمه الذي لا يغيب.

Dr.Randa
Dr.Radwa