الإثنين 25 نوفمبر 2024

تحقيقات

بعد ارتفاع أسعار الغذاء عالميا.. هل تتأثر المحاصيل؟ خبراء يجيبون

  • 15-10-2021 | 00:40

أسعار الغذاء

طباعة
  • مؤمن سيد

يوضح خبراء الاقتصاد أن ارتفاع أسعار الغذاء العالمي سيكون له تبعات على مصر وكل أنحاء العالم، حيث أن مصر تستورد ما يقرب من 60% من مجمل محاصيلها الزراعية، منها استيرادها لنصف ما تحتاجه من الذرة، والتي تستخدم كعلف للحيوان، وهو ما يؤثر بدوره على أسعار اللحوم الحمراء.

وأضافوا أن الارتفاع العالمي لن يتوقف الآن بسبب ما يمر به العالم من أزمات منها جائحة كورونا، ومنها ارتفاع سعر البترول، وصراع بين دول كبرى.

وكانت منظمة الغذاء العالمية "الفاو" قد أعلنت أن أسعار الغذاء عالمياً ارتفعت بنسبة 33% في أغسطس على أساس سنوي، مع ارتفاع أسعار العديد من السلع مثل الزيوت النباتية والحبوب واللحوم، وأصبحت تكاليف الغذاء هي الأعلى بالفعل مما كانت عليه في أي وقت تقريباً خلال 60 عاماً الماضية.

تأثير الارتفاع

وفي هذا السياق، قال الدكتور يحي متولي أستاذ الاقتصاد الزراعي بالمعهد القومي للبحوث، إن مصر تستورد ما يقرب من نصف احتياجاتنا من القمح، ونستورد بين 50% إلى 55% من الذرة، والتي تمثل علف الحيوانات، ونستورد حوالي 90% من احتياجاتنا من الزيوت، وعندما نقوم بحساب كل هذه التكلفة وبعدها نزيد 30% التي زادت في أسعار الغذاء العالمية سنجد أن تأثير هذه الزيادة على مصر سيكون ضخما.

وأضاف في تصريحات لبوابة دار الهلال، أن الشعب المصري يستهلك حوالي 15 ألف طن قمح، نستوردها منها حوالي 8 آلاف طن، والباقي يتم إنتاجه محليا، فرغيف الخبز المدعم يشتريه المواطن بخمسة قروش، ويكلف الدولة 35 قرش، فأي ارتفاع في أسعار الأغذية العالمية سيؤثر سلبا على ميزان مصر التجاري الزراعي، كذلك استهلاكنا من الذرة، والذي يعد سعره أكثر تأثيرا بسبب استخدامه علفا للحيوانات، وارتفاع سعر الذرة سيؤدي بدوره إلى ارتفاع سعر اللحوم الحمراء والبيضاء.

وأوضح أن أكثر ما نحتاج الاهتمام به في مصر هو التنسيق بين الوزارات، فتوافق وزارة الزراعة مع وزارة التجارة مع وزارة الري ضروري جدا لزيادة الإنتاج في مصر، فبسبب غياب التنسيق بين وزارتي الزراعة والري لا يتم استغلال كل الأراضي الممكنة للزراعة، ومن جانب آخر إن مصر تستورد الكثير من المحاصيل الزراعية، وهو ما يتطلب التوافق بين وزارتي الزراعة والتجارة.

وتابع: فمثلا لو وضعت وزارة الزراعة استراتيجية تعتمد على تركيب محصولي معين، قد لا يتوافق مع ما تقره وزارة الري من كميات مياه محددة، وهو ما يحدث مشكلة، تؤدي في بعض الأحيان إلى فشل مشروعات أو فساد أرض صالحة للزراعة، بسبب قلة المياه المقررة لها.

وأشاد بما تقوم به مصر بجهود حثيثة في هذا المجال، فمصر تقوم حاليا بتبطين الترع لتقليل كمية المياه المفقودة خلال عملية الري، كما تسعى مصر لاستخدام طرق الري الحديثة، مثل الري بالرش أو التنقيط، كما تحاول مصر عمل إعادة تدوير للمياه، سواء كانت مياه صرف صحي أو مياه صرف زراعي.

كما أوضح أن معدل استهلاك الفرد من المياه حوالي 560 متر مكعب سنويا، بينما حد الفقر المائي عالميا يساوي ألف متر مكعب من الماء، فيعاني المواطن المصري من الفقر المائي، فهذا يزيد من تأثرنا بأي اختلال في الميزان التجاري، فلا يكون أمامنا حلا إلا التنسيق الجيد بين الوزارات كلها، بحيث نستطيع زراعة المحاصيل المناسبة، والمحاصيل الغير شرهة للمياه، فمصر تصدر محاصيل تستهلك الكثير من المياه، وهو ما يؤثر سلبا على استهلاك المياه في مصر.

ويجب أن تستبدل مصر تلك المحاصيل المزروعة على أرضها بمحاصيل أخرى قليلة استهلاك المياه مثل القمح، وتقوم مصر بالفعل بعدة تجارب لاستصلاح أراضي زراعية جديدة، منها الوادي الجديد، ومنطقة العلمين في رؤية مصرية لزراعة 1.5 مليون فدان، فنحن بحاجة كبيرة إلى تقليل الاستيراد، وتشجيع المنتج المصري.

وأشار أن على الدولة أن تزيد إنتاجها المحلي، ويعتمد الإنتاج على محددات، أولها المياه، وثانيها التكنولوجيا الزراعية، والتي لا تعد متقدمة بالشكل الكافي مقارنة بأوروبا، وثالثا عدم وصول الأفكار الحديثة والأبحاث العلمية للمزارع، فنحتاج لتكثيف دور الإرشاد الزراعي في مصر، فنحتاج بقوة إلى تطبيق التكنولوجيا في مصر.

وعن تطوير الإنتاج الزراعي، قال إن الدولة تتخذ إجراءات جدية في هذا الطريق، فالصوبة الزراعية هي مشروع ناجح جدا، ففدان الصوبات الزراعية ينتج ما يعادل 5 أفدنة من زراعة الفدان المكشوف، فلو أنتج فدان مكشوف 7 طن طماطم تنتج الصوبات 35 طن، كما أن الصوبات تستهلك مياه أقل باستخدام طرق ري حديثة، وكذلك استخدام زراعات حيوية في الصوبات بحيث لا نستخدم المبيدات بكثرة، لتقليل نسبة الأضرار من متبقيات المبيدات.

 أسباب ارتفاع أسعار الغذاء

ومن جانبه، قال جمال صيام أستاذ الاقتصاد الزراعي بجامعة القاهرة، إن مصر تستورد ما يقارب 60% من مجمل الأغذية التي تحتاجها، من حبوب القمح والذرة وغيرها، بالإضافة إلى الزيوت، ونتيجة لحاجتنا للاستيراد قد تتأثر الأسعار المحلية بدورها تأثرا بالأسعار العالمية، وتختلف نسب ارتفاع أسعار كل سلعة تبعا لدرجة استيراد كل سلعة، فالسلع التي نستوردها بالكامل مثل الزيوت النباتية والبقول تتأثر أكثر من غيرها من المحاصيل.

وقال في تصريحات لبوابة دار الهلال أنه هذا الارتفاع يقلل من القوة الشرائية، مما يسبب تضخم على المستوى المحلي، مما يرفع الأسعار المحلية، فمصر تنفق ما يقارب 7 مليار دولار على استيراد المحاصيل، فإن زيادة 30% في السعر العالمي تعني حوالي 2 مليار دولار، وهو ما يمثل عبء إضافي على الدولة.

وأشاد بجهود الدولة في تحمل العبء الاقتصادي، حيث تتحمل زيادة الدعم من أجل تحقيق استقرار أسعار للمواطن البسيط، فالدولة تتحمل عبء ارتفاع السعر العالمي، ولا يشعر المواطن المعتمد على الغذاء المدعم مثل الخبز والسلع التموينية، أما بالنسبة للسلع الحرة فلا تملك الدولة التحكم في سعرها، ولكن تقوم فقط بالرقابة على الأسواق.

كما أكد على أهمية زيادة الإنتاج الزراعي المحلي، وهذا ما يتطلب العديد من السياسات المختلفة، وسيتطلب ضخ كميات كبيرة من الاستثمارات في المجال الزراعي، وقيام رؤية جديدة للسياسات الزراعية.

وعن أسباب الارتفاع العالمي في الأسعار، أوضح أن التغيرات المناخية الغير مسبوقة الذي يمر بها العالم يؤثر في السوق العالمي كله، خاصة الاحتباس الحراري وموجة الجفاف القادمة، فهناك موجة تضخم عالمي قادمة، بالإضافة إلى انخفاض الإنتاج العالمي في السنوات الأخيرة نتيجة للظروف المختلفة التي تمر بها الأرض.

وتابع: إن الصراع بين دول العالم الكبرى له تأثير سلبي كبير على ارتفاع الأسعار عالميا، فالصراع بين الصين وأمريكا أدى إلى زيادة الأزمة العالمية، ومن جانب آخر ارتفاع سعر الشحن، حيث أن تكلفة نقل المحاصيل من دولة لأخرى أدى إلى زيادة الأزمة، فمثلا ارتفاع سعر القمح الروسي أثر بشكل كبير على الأسعار في مصر، حيث يأتي 80% من القمح المستورد من روسيا.

وأضاف إن العوامل المناخية ستكون الأهم في الفترة القادمة، فالمستقبل يعتمد بشكل كبير على رؤية التيارات المناخية، وهو ما سيتم مناقشته في مؤتمر تغير المناخ قريبا، فزيادة الاحتباس الحراري تؤدي إلى انخفاض في الإنتاج العالمي، وبالتالي ارتفاعات أخرى في الأسعار والطلب، وكذلك زيادة التعداد السكاني العالمي يؤثر في زيادة طلب الغذاء، وستكون الدول المستوردة هي ضحية التضخمات القادمة، فالدول المصدرة تظل مستفيدة بارتفاع سعر منتجها.

أخبار الساعة

الاكثر قراءة