الخميس 20 يونيو 2024

وداعا.. صفاء حجازى

31-5-2017 | 11:47

بقلم –  أكرم السعدنى

فى الإذاعة كانت الإطلالة الأولى لصوت بدا منذ اللحظة الأولى أن له شخصية وعنده حضور ويدخل الأذن فينطلق إلى القلب دون استئذان ومن الإذاعة بعد أن فرض نفسه وأثبت جدارته، كان للشاشة أن تبحث صاحبة هذا البهاء، فإذا بها تتصدر لقراءة نشرة الأخبار فإذا بمارد جديد ينضم إلى السلسلة العظيمة من الرواد همت مصطفى وسناء منصور وبالفعل، كانت للجميلة صفاء حجازى كاريزما خاصة بها وجاذبية صوت وصورة معا ..

وأذكر أننا ذات يوم زارتنا فى التسعينيات من القرن الماضى الجميلة الصفات صفاء حجازى لكى تفوز بتسجيل للولد الشقى السعدنى الكبير فى حلقة لبرنامج إذاعى كانت صفاء تقدمه خلال شهر رمضان، والحق أقول إننى استمتعت إلى صوت يستطيع أن يمتع الأذن والروح معا، ثم صادفت وجها أشبه بالبدر عند بزوغه المشرق .. فقد كانت صفاء حجازى تشع ضياء ونوراً لا يمكن لأى مخلوق أن يقاومه .. وكان السؤال الأخير الثابت فى برنامج صفاء تقول للضيف فيه .. تحب تبعت برقية شكر لمين .. ودون تفكير وعلى الفور قال الولد الشقى لصفاء .. عاوز أبعت برقية شكر للست الوالدة .. وهنا سقط التسجيل من صفاء وانطلقت ضحكات مجلجلة لا تنتهى .. فقد أراد السعدنى الكبير أن يشكر بالفعل صاحبة هذا الإنتاج المكتمل البهاء والجمال وهذا الصوت المخملى وهى أمور لا يمكن أن تلتقى فى شخص واحد وهكذا سنجد أن صفاء هى واحدة، من بنات ماسبيرو القلائل الذين كانت الواسطة لديهم هى الموهبة والقدرة الخارقة على التميز فى كل مجال وكل مكان .. وفى مبنى ماسبيرو الذى كان مفرخة للمواهب والمذيعين والمذيعات على وجه الخصوص وجدت صفاء حجازى أن موهبتها وقدراتها هى بمثابة البلدوزر الذى سيمهد الطريق لكى تصل إلى أعلى المناصب وترتقى كل المراتب وتقفز فى الهواء قفزات خرافية لتبتعد كثيرا بالمسافات من هؤلاء الذين زاملوها ورافقوها خلال سيرتها ورحلتها القصيرة التى قطعتها فى مسيرتها العملية داخل أروقة ماسبيرو .. وذات عملية تصحيح للأوضاع صادت أهلها جاءوا بصفاء حجازى لكى تعيد إلى ماسبيرو رونقه الذى ضاع فى الكازوزة وبهاءه الذى انتهى بفعل فاعل وإشعاعه الذى انطفأ بفضل عملية تعمد وإصرار لا مثيل له، وحاولت صفاء حجازى أن تعيد للمكان بعضا مما كان وقد تكون صفاء حاولت فأخفقت فيكفيها شرف المحاولة وقد تكون نجحت فى بعض الأمور وهنا يصبح لها أجران .. وأيا كانت نتائج تجربة صفاء حجازى مع مبنى ماسبيرو بأنها انتهت برحيل هذا المارد الإعلامى الكبير الذى افتقدناه صوتا رائعا ومتميزا وجميلا يسافر إلى عالم مخملى عبر الأثير .. ووجها كان يحمل قسمات هى نواة للسماحة ومسكن للجمال وعنوان للمحبة وقد تعرضت الجميلة الصفات والخصال والشمائل صفاء حجازى لأزمة صحية أخفت كل ما يتعلق بها وحرصت على أن تدير هذا الجهاز الخطير فى ماسبيرو أيا كانت الأحوال وأصرت على الحضور إلى ماسبيرو، حتى بعد أن تمكن منها المرض وشكل عقبة عسيرة بالنسبة لعملية الحضور والمتابعة والمناقشة؛ ولكن صفاء العنيدة الصابرة صاحبة الإرادة الحديدية قهرت كل إحساس بالعجز وانتصرت لإرادتها وواصلت مشوارها مع ماسبيرو من أجل إتمام عملية الإصلاح؛ ولكن المرض تحول إلى غول ارتاد هذا الجسد النبيل وتمكن منه وإن لم يتمكن من الروح المتقدة الوثابة المرتفعة الباحثة عن الأمل رغم الحالة المرضية المتأخرة، وبالطبع كان ولابد للأمر من نهاية واستسلمت الروح الطيبة الودودة التى أحبت كل البشر وسعت إلى صالحهم ولم تعرف الكره أو العداوة نعم لم يكن لصفاء أعداء .. قد يكون لصفاء حساد .. ولكن حتى هؤلاء الحاسدين .. كانوا يعشقون هذه الطيبة النادرة المتجددة المدهشة الرائعة، صفاء حجازى التى غادرتنا بعد أن تركت فى داخل كل منا شيئاً سوف نظل نحتفظ به على الدوام، هذا الشيء الذى يبقى ويقوى مع الأيام حتى بعد أن يغيب صاحبه ويصبح عددا من عداد الأموات .. إنه السيرة الحسنة الطيبة الجميلة.

صحيح الإنسان يموت وتبقى السيرة وما أعطر ما تركت خلفك يا صفاء من مسيرة .. نسأل المولى عز وجل أن يرحمك رحمة واسعة كما كنت رحيمة بكل من صادفك وكل من اقترب منك، وداعا أيتها النبيلة الأخلاق الصافية القلب والنوايا الرائعة الحضور الجميلة الجوهر والمظهر معا.