الأربعاء 15 مايو 2024

في ذكرى المولد النبوي.. «عروسة المولد» مصرية خالصة

عروسة المولد

ثقافة18-10-2021 | 19:23

عائشة مفتاح

تؤكد الشواهد التاريخية أن عروسة المولد مصرية خالصة يرجع ظهورها بشكلها المعروف إلى العصور المصرية القديمة، وقد كانت بداية ظهور حلوى المولد في العصر الفاطمي؛ حيث كان الفاطميون ينتهزون المناسبات الدينية والعامة لاستمالة المصريين، فكانوا يعدون الولائم أثناء المولد النبوي، وتتضمن صنع الحلوى وتوزيعها على الحاضرين، ومنذ ذلك العصر اتخذ المصريين حلاوة المولد عادة للتعبير عن الفرح والاحتفال بالذكرى، وكانت العروسة كانت تصنع من السكر على هيئة حلوى منفوخة، وتجمل بالأصباغ، وتزين بالأوراق الملونة والمراوح الملتصقة بظهرها.

أما عن ظهورها في العصور المصرية القديمة فيذكر أنه تم العثور على نماذج مصنوعة من العاج والخشب فى مقابر المصريين القدماء، حتى أنه عند تجريد رأس العروسة من زينتها نجدها شبيهة بشكل الإله حتحور، ربة الحب والجمال والغناء عند القدماء، وأشار البعض إلى أنها تعود إلى العصر الرومانى، حيث تشبه عرائس "التناجرا" التي ترتدي رداء رومانيًا اسمه "الهماتيون".

وتباينت القصص حول عروسة المولد وأصل ظهورها فى مصر، وتقول إحدى الروايات أن الحاكم بأمر الله كان يحب أن تخرج إحدى زوجاته معه فى يوم المولد النبوى، فظهرت فى الموكب بثوب ناصع البياض وعلى رأسها تاج من الياسمين، فقام صنّاع الحلوى برسم الأميرة والحاكم فى قالب الحلوى على هيئة عروس جميلة، والحاكم تم صنعه فارسًا يركب جوادًا، وأمر الحاكم بأمر الله أن تتزامن أفراح الزواج وعقد القران مع مولد النبي، مما يفسر سر العروس التى تُصنع فى موسم المولد بشكلها المزركش وألوانها الجميلة، وفسر أحد المؤرخين ظهور عروسة المولد إلى بأن الحاكم بأمر الله قرر منع إقامة أي من الزينات أوالاحتفالات بالزواج إلا فى المولد النبوى، لذلك كان الشباب وعامة الناس ينتظرون أيام المولد لإتمام زواجهم، وكانت العروسة المصنوعه من الحلوى والمزينه بأبهى الألوان بمثابة الإعلان عن قرب الزواج وإقامة الأفراح، وكانت عروسة المولد هدية أهل العريس لعروسه.

وتقول الرواية الأخرى إن الخليفة الفاطمي، كان يشجع جنوده المنتصرين على أعدائه بتزويجهم بعروس جميلة، فأصبحت عادة وقت احتفالات النصر كل عام أن يقوم ديوان الحلوى التابع للخليفة بصناعة عرائس جميلة من الحلوى، لتقديمها هدايا إلى القادة المنتصرين وعامة الشعب والأطفال.

وقد فسّر "إبراهيم عناني" عضو اتحاد المؤرخين العرب، فى دراسته عن عروسة المولد إن الربط بين المولد النبوي وعروسة المولد يرجع إلى المعتقد القديم، ونوع من الفن الإسلامي، حيث أن شكل العروس يؤكد جمالية المرأة، وفقًا لما اشتهر في العصر الفاطمي، كما استقى الفنان شكل العروس مما شاع في الشعر العربي من مواصفات الجمال المعهودة، مؤكدًا فى نفس الدراسة أن الزخارف فى عروس المولد تشير إلى الإسراف في زخرفة النسيج وسقوف الجوامع والأطباق، وغيرها مما اشتهر به معمار العصر الفاطمي، مضيفًا أن ألوان العروس تشير إلى الغنى اللوني في التراث الفني، والأزياء الإسلامية المزركشة، ومراوح العروس هى نفسها التي كانت تلازم الولاة والحكام كما رسمها المصورون في الكتب.

 

 

وترتبط عادة حلوى المولد بفلسفة حب العطاء عند المصريين، خاصة فى المناسبات الدينية، فكانوا يتصدقون بإعطاء الحلوى للمساكين فى ذكرى المولد النبوي، ولايزال التقليد موجودًا لدى عدد كبير من العائلات المصرية، ومع اختلاف الروايات نجد أن عروسة المولد ليست لعبة للأطفال أو غيرها من الروايات، لكنها شاهد تاريخي على تغير الحقب والثقافة الشعبية عبر العصور، فنجد صناعتها بدأت بالسكر والماء والنشاء، وبيعها لتؤكل، وأصبحت الآن للزينة فقط، وتٌصنع من البلاستيك كما يدل اختلاف مظهرها وملابسها على اختلاف الزمن والثقافات، أما الحصان الحلاوه فقد اعتبره المصريون رمز الرجولة، وروح القتال، وكان يُصنع على شكل حصان يمتطيه فارس، وخلفه علمه، والعلم يتغير بتغير الدول، وهو شكل يثير روح الفروسية والبطولة لدى الأطفال والكبار.