السبت 25 مايو 2024

«سيد» و«زين».. ٦٠ سنة «شقا وغُنا»!

2-2-2017 | 23:28

حاورته: إيمان رسلان

• ثلاث ساعات متواصلة وأنا أعبث فى كل دور النشر الحكومية والخاصة لكى أعثر على ديوان شعر واحد لسيد حجاب، لألقى منه قصيدة على المشاهدين والمستدعين فى حوار عنه، ولكنى لم أجد شيئًا هكذا بدأ سؤالى للشاعر الكبير زين العابدين فؤاد، الذى تعود معرفته الإنسانية والشخصية به لأكثر من ٣٥ عامًا ولكنه صحح لى المعلومة وقال لى: ولكن معرفتى بسيد حجاب عمرها الآن ٦٠ عامًا بالتمام والكمال.

 

 

فى البداية يقول: نعم التقينا أنا وسيد لأول مرة فى عام ١٩٦٠ فى كلية الهندسة بالإسكندرية، ومنذ ذلك التاريخ ونحن نعرف بعض قوى فقد كان بيننا أشياء كثيرة مشتركة ومن عام ١٩٦٠ إلى ١٩٦٦ كنا نلتقى يوميًا حتى إنه قرر التحويل من هندسة الإسكندرية إلى هندسة القاهرة، ولم يكن فيها مكان إلا بقسم التعدين، وهو عكس رغبته وهواياته، ولكنه قرر التحويل إليه حتى يتلم الشمل بدلًا من مشاوير القاهرة - الإسكندرية، وهكذا استقر سيد حجاب بالقاهرة نهائيا.

• زين لم ينتظر أن أسأله عن تفاصيل أكثر، بل شعرت من صوته أنه تذكر شيئا مهمًا، وقال تصوروا أننى وهو نشرنا أول دواوين لنا عند نفس الناشر وفى عمر متقارب والناشر كان الصحفى الجميل فوزى العنتيل، ونشر لنا وعمرنا ما بين ١٢ و١٤ عامًا وكان المحرر الأدبى لجريدة الرسالة الحديثة، واللافت أنه نشر لنا أشعارنا وكانت بالفصحى بدون أن يعرفنا أو حتى يلتقى بنا وحينما التقى بنا بعد ذلك بسنوات قال كان لازم أجيب لكم شوكولاتة وبونبونى هدية.

ويواصل: كنا نلتقى ثلاثة يوميًا من عام ١٩٦٢ إلى ١٩٦٦ أنا وسيد حجاب والأبنودى فى قهوة ايزاميتش الشهيرة فى ذلك الوقت بميدان التحرير، وكان الجرسون يحجز لنا “ترابيزة” محددة، هذا الجرسون اسمه عم جمعة والأبنودى “الله يرحمه” كتب عنه قصيدة كاملة فى أحد دواوينه.

ويضيف: ده كان عمر تانى، عمر جميل قضيته مع سيد حجاب، ولذلك أصررت النهاردة “الاثنين” قبل موعد العزاء فى عمر مكرم أن أذهب للمعرض لشراء ديوان له حتى نطبق المثل المصرى “تعيشوا وتفتكروا” فنعيش ونفتكر كلامه وأشعاره وأغانيه.

يصمت زين قليلا وأشعر به كأنه يتذكر شيئا ثم فجأنى بالقول تعرف اتصلت به منذ شهر تقريبا قبل أن أسافر إلى باريس لأسأل عليه وأسأله إن كان يريد شيئًا من باريس وسألته عن موعد الزيارة وفعلًا ذهبت إليه واتفقنا على اللقاء بعد عودتى وفور عودتى اتصلت به، وكتبنا رسائل لبعض اتفقنا فيها على أن أزوره يوم ٢٦ يناير الماضى، ولكنه كعادته يبادر دائمًا بتغيير الميعاد واللقاء فقد سبق الميعاد، ليكون ظهرًا بدل المساء، لنودع جثمانه ونصلى عليه.

سيد حجاب دائمًا منضبط فى كل مواعيده والمفارقة أنه حتى فى موته التزم بالحضور، وكأنه يقول لى أنا حضرت فى الميعاد!!

زين وسيد حجاب علاقة زمنية طويلة ما بين الشعر والسياسية والثقافة والإنسانية، وهذه المحطات كلها أخذت منهم أوقاتًا كثيرة للحوار بل والتنمية الإنسانية أيضًا.

ومن ضمن التنمية أن زين وسيد حجاب التقيا آخر مرة علنيًا أمام الشاشات كانت فى تأبين وفاة الشاعر الكبير أحمد فؤاد نجم، واستمر حوارهما ساعتين على الشاشة عن أحمد فؤاد نجم، الذى كان بينه وبين سيد حجاب بعض المشاكل وصلت إلى القضايا فى المحاكم وبالمناسبة سيد كسب القضية ضد نجم، ولكنه رفض أن يسجن أو يغرم نجم فتنازل عن القضية فى النهاية.

وهو سيد حجاب نفسه الذى ظهر فى وسائل الإعلام يطالب الدولة بمعاش استثنائى لأرملة أحمد فؤاد نجم وظل يناضل لذلك.

يصمت قليلًا ويضيف: تصورى أنه كلمنى لأذهب معه إلى مؤتمر كان سيحضره رئيس الوزراء فى ذلك الوقت وعندما تحفظت وقلت له إنى لا أحب “رموز السلطة دى” قال لى وأنا كمان أكثر منك ولكن سوف نذهب ونحرجه علنًا لإقرار معاش لأحمد فؤاد نجم وقد كان، ذهبنا ولكن لم يحضر رئيس الوزراء كالعادة وساعتها قال لى تعيشوا وتفتكروا.

وها نحن الآن نعيش ونفتكر سيد حجاب بأشعاره وكلمات أغانيه والذى ننتظر من الدولة أن تستمر فى الاتفاق، الذى تم معه قبل وفاته ولكنه لم يوقع نظرًا لمرضه ألا وهو طبع الأعمال الكاملة له.

حتى نعيش ونفتكر سيد حجاب، فوداعًا الشاعر الكبير سيد حجاب الذى بالمناسبة تعود معرفتى به إلى عام ١٩٨٦ من خلال أصدقاء ذهبنا له فى بيته بالمهندسين واستقبلتنا زوجته الأستاذة مرفت بابتسامة ومودة وكرم حاتمى وأمضينا أمسية جميلة فى منزله غنى فيها على الحجار فوداعًا شاعرنا الإنسان.

    الاكثر قراءة