الخميس 16 مايو 2024

محمد فوزى.. «السيد البدوي» أوقد شعله نجاحه ومرض نادر أوقف مسيرته

محمد فوزي

فن20-10-2021 | 21:44

محمد أبو زيد

أغانى سابقة لعصره وأفلام سينمائية بسطت له السيطرة على سلم المجد، كما أن وفاته منحته أيضًا خلودا في مجال الطب، إذ سمى الأطباء المرض النادر الذى أصيب به باسمه، لعدم معرفته ماهيته أو كيفية علاجه، هو ملخص لحياة المطرب الراحل محمد فوزي الذى تحل ذكرى وفاته اليوم. 


كان محمد فـوزي أحد أهم المجددين في الموسيقى، وصنع لنفسه المجد والشهرة وفرد بساطه على عرش السينما الغنائية والاستعراضية، فلم يكن يدرك أحد أن الشاب الريفي القادم من قرية بطنطا سوف يكون سابق عصره في الموسيقى و"نجم شباك" في السينما يتهاتف عليه المخرجون ويغير مجرى الموسيقى بتفرده بين أبناء جيله، وبات الأنجح في الغناء والتلحين والتمثيل، يخطف الكاميرا بموهبته ويدخل القلوب بخفة ظله وتقف أمامه أبرز نجمات السينما. 

ولد محمد فوزي في 15 أغسطس 1918 بقرية كفر الجندي، وكان أكبر أشقائه الخمسة -من بينهم الفنانتان هند علام وهدى سلطان- ولم يواصل تعليمه بعد المرحلة الابتدائية، حيث خطفته نداهة الفن والغناء وبات يتردد علي موالد طنطا، ومن بوابة فرقتهاالموسيقية تعلم أصول الموسيقى العربية وتتلمذ على يد عضو يدعى محمد الخربتلي، الذي كان يعمل في نفس الوقت جنديًا بالمطافئ، يذهب معه من الأفراح إلي مولد السيد البدوي أشهر موالد طنطا، حتى اتخذ قراره بالنزوح إلي القاهرة بحثًا عن الشهرة، وهو ما قابله غضب شديد ومعارضة من والده الفلاح البسيط الذي يرفض أن يمتهن أحد أبناءه الفن. 

سافر محمد فـوزي إلى القاهرة في 1938، والتحق بفرقة بديعة مصابني، تعرف في طريقه على محمد عبد المطلب وفريد الأطرش، ومحمود الشريف الذي شجعه على دخول امتحان الإذاعة  لكنه نجح ملحنًا بينما رسب كمطرب، كان حلم الغناء يراوده كل يوم، حتى جاءت الفرصة ليقوم بالتمثيل والغناء في مسرحية "شهرزاد" مع الفرقة المصرية للتمثيل والموسيقى وليعيد إحياء أعمال سيد درويش من جديد ولكن  في العرض الأول لم يكتب له النجاح. 

كانت المحطة الثانية مع  فرقة فاطمة رشدي، إذ بدأ مشواره معها لفترة وكان لها الفضل وزوجها المخرج الكبير عزيز عيد، في اكتشاف موهبة محمد فوزي كملحن، ومع عمله بالفرقة كان يدرس بمعهد الموسيقى العربية، ابتسمت له الدنيا عندما وقع اختيار الفنان يوسف وهبي في دور صغير في فيلم "سيف الجلاد"، وهو من أطلق عليه اسم محمد فوزي، وبعد الفيلم شارك  في أول بطولة مطلقة له في  فيلم "أصحاب السعادة" للمخرج محمد كريم ولاقى الفيلم نجاحا كبيرا وبعده فيلم "قبلة في لبنان" للمخرج أحمد بدر خان. 


فتحت له السينما ذراعيها ليقدم العديد من الأفلام الغنائية والاستعراضية، وبلغ رصيده 36 فيلما أبرزها "فاطمة وماريكا وراشيل، ورد الغرام، دايما معاك، ليلى بنت الشاطئ، بنات حواء، حب وجنون، العقل في أجازة، كل دقة في قلبي، ثورة المدينة"، كان "فـوزي" في أفلامه يخرج، ويلحن ويغني ويؤدي جميع الأدوار الرومانسية والتراجيدية والكوميدية معتمدا علي خفة ظله، ووقفت أمامه أبرز  نجمات السينما "ليلى مراد، شادية، فاتن حمامة، صباح، سامية جمال، فايزة أحمد" وكان أكثر المطربين مشاركة في السينما، وبعد أن حقق شهرة كبيرة اعترفت به الإذاعة كملحن ومطرب واعتمدته بعد أن غنى نفس الأغنية التي رفضتها في البداية  وهي "كلمني ". 


أسس محمد فوزي  شركة إنتاج سينمائية في 1947، وكان أول فنان ينتج أفلام ملونة من خلال فيلمي "الحب في خطر" مع صباح، و"نهاية قصة" مع مديحة يسري في 1951، ولكنه عانى من الخسارة المادية، وكان له تجربة في التأليف إذ اشترك مع السيناريست علي الزرقاني في تأليف فيلم "من أين لك هذا" 1952. 


مع نهاية الخمسينيات، أسس بكل ما يملك شركة لإنتاج الأسطوانات الفنية وهي "مصر فون"، كأول شركة للأسطوانات فى الشرق الأوسط، إذ كان إنتاج وصناعة الأسطوانات الموسيقية حكرا على الأجانب،  وافتتح الشركة الدكتورعزيز صدقي وزير الصناعة في 30 يوليو 1958، وكانت الشركة توفر العملة الصعبة، إذ كانت الأسطوانة تستورد بجنيه وتستوعب أغنية واحدة بينما في شركة "مصر فون" كانت تنتج بتكلفة أقل وتستوعب أغنيتين، أنتجت الشركة أغاني أم كلثوم ونجاة. 

لم يكن فـوزي فنانا عاديا في اختياره للألحان والأغاني ولكنه كان سابق عصره بأغاني عاشت طوال الأبد وهي "شحات الغرام، ماله القمر ماله، حبيبي وعنيا، اللي يهواك أهواه، يا جميل ياللي هنا، يا جارحة القلب بعيونك، ليا عشم وياك يا جميل، تعب الهوى قلبي" بينما تبقى أغنية " طير بينا يا قلبي" هي أيقونة أغانيه التي يتم سماعها حتى الآن، كان يحب الأطفال وغنى لهما عدة أغاني أبرزها "ماما زمانها جاية" كلمات حسين السيد، وغناها فوزي ضمن أحداث فيلم "معجزة من السماء" 1965، وأغنية "ذهب الليل" التي نالت نفس الشهرة وكتبها أيضا حسين السيد وتعد من أول الأغانى المصورة في التلفزيون المصري، وبلغ رصيده نحو 400 أغنية. 

 لحن "فوزي" النشيد الوطني للجزائر "قسمًا" ولعدد من أبرز مطربي الزمن الجميل محمد عبد المطلب، ليلى مراد، نجاح سلام، وشقيقته هدى سلطان والتي أنتج لها فيلم "فتوات الحسينية". 
 تزوج  3 مرات، الزيجة الأولى في 1942 من جارته السيدة هداية يوسف،  وأنجب منها "منير، محمد، سمير" وانفصل عنها بعد 6 سنوات، وكانت الزيجة الثانية من الفنانة مديحة يسري وقدمت معه 7 أفلام، وأنجب منها "وفاء" وتوفيت وهي طفلة و"عمرو" وكان بطل مصر في الكاراتيه، وتوفي في حادث سيارة ، والزيجة الثالثة من الممثلة كريمة والتي استمرت معه حتى وفاته ولم ينجب منها.

لم يتركه المرض يهنأ بنجاحه ومجده إذ أصيب بنوع نادر، وسافر إلى لندن للعلاج، وبعدها بشهرين سافر إلى ألمانيا ولم تتوصل المستشفى الألماني  إلى معرفة مرضه الحقيقي وكيفية علاجه، ووصل وزنه إلى 36 كيلو فقط، وصدر قرار بعلاجه على نفقة الدولة، ولكن الموت كان أقرب له من النجاة ورحل عن عالمنا في مثل هذا اليوم  20 أكوبر 1966 رحل "فـوزي" وبقيت ألحانه المبهجة تعيش بيننا وفي قلوبنا.