أكد المشاركون فى ندوة "الأمن المائى العربى في ظل ندرة المياه ..التحديات والفرص"، بضرورة الإسراع في انخراط إثيوبيا ومصر والسودان في مفاوضات للوصول لاتفاق قانوني ملزم حول ملء وتشغيل سد النهضة، والدعوة لإنشاء "تحالف عالمي لدول المصب" للعمل على حماية الحقوق المائية والدفاع عنها.
وطالب السفير محمدى أحمد النى الأمين العام لمجلس الوحدة الاقتصادية العربية بضرورة رسم رؤى واستراتيجيات جديدة تتماشى ومتطلبات توفير المياه وترشيدها ومعالجتها وطرح الحلول البديلة والمنسبة لمعالجة مشاكل وتحديات ندرة المياه ومساعدة متخذى وصناع القرار فى البلاد العربية على تنفيذ الخطط والاستراتيجيات فى مجال الأمن المائى العربى.
وشدد د. محمود أبو زيد، رئيس المجلس العربي للمياه، ووزير الري الأسبق، بضرورة مواجهة الأخطـار الناجمـة عـن نـدرة الميـاه والعجـز المائي الشـديد , مشيراً أن أكثـر مـن نصـف مصـادر الميـاه المتجـددة فـي المنطقـة العربية تنبـع مـن خارجهـا، ممــا يفاقــم مــن حدة التوتــرات ويدعم اضطــراب الاســتقرار القائــم .
وشدد الدكتور حسين العطفى الأمين العام للمجلس العربى للمياه, ورئيس الجلسة, على ضرورة توافر إرادة سياسية لدى إثيوبيا، ولدى المجتمع الدولي للعمل على إبرام اتفاق قانوني ملزم وعادل حول ملء وتشغيل سد النهضة، بما يضمن لإثيوبيا تحقيق التنمية المنشودة ولمصر والسودان الحفاظ على حقوقهما المائية.
ونوه أن المنطقة العربية تتعرض لمخاطر الصراع حول المياه، فإلى جانب مصر والسودان, هناك العراق وسوريا وتحكم تركيا في نهري دجلة والفرات، إلى جانب الصراعات في أنهار الأردن واليرموك، مشيرًا إلي أن الوضع المائي العربي علي المحك لا سيما وأن 65% من المياه فى الدول العربية تنبع من خارج أراضيها.
وأكد د. خالد أبو زيد مدير البرامج الفنية بالمجلس العربى للمياه والمدير الإقليمى للموارد المائية بمنظمة سيدارى: أن أثيوبيا لديها حوالى 14 حوض نهر يصل متوسط حجم الأمطار عليها 936 مليار م3 في العام، تمثل حجم المياه الخضراء والزرقاء «الامطار والمياه الجوفية والسطحية»، على الأراضى الأثيوبية، منها 450 مليارا سنويًا داخل حوض النيل فى أثيوبيا، موضحًا ان حساب الاستخدام العادل والمعقول للمياه يعتمد علي حساب المياه الخضراء والزرقاء.
وأوضح أن ما تروج له إثيوبيا بأن مصر تستأثر بمياه النيل ليس صحيحا؛ موضحا أن 1660 مليار متر مكعب من مياه الأمطار تسقط سنويا داخل حوض نهر النيل، منهم 450 مليارا داخل نطاق إثيوبيا وتحديدا من الهضبة الأثيوبية ، وهي كمية ضخمة جدا لا يصل لمصر منها إلا قدر قليل جدا حيث تستخدم مصر 55.5 مليار متر مكعب فقط من مجموع ما يسقط من أمطار عل حوض النيل بأكمله والذي يمثل متوسطه ١٦٦٠ مليار متر مكعب سنويا.
ونوه خالد أبو زيد إلى أن إثيوبيا تساهم بنحو 85% من مياه نهر النيل الواصلة لمصر والسودان , وأن لديها أكبر ثروة حيوانية في القارة، وتكفي زراعتها المطرية لغذاء أكثر من 100 مليون نسمة ومراعيها المطرية لغذاء أكثر من 100 مليون رأس حيوانية.
كما أشارإلى أن نصيب الفرد من المياه المتجددة في إثيوبيا 8100 متر مكعب سنويا ,وهذا يعني 8 أضعاف حد الفقر المائي الذي يبلغ 1000 متر مكعب سنويا، بينما في مصر يبلغ نصيب الفرد من المياه المتجددة 570 مترا مكعبا، وهو ما يعني نصف الرقم المحدد للفقر المائي.
وحذر خالد أبو زيد من خطورة تشغيل سد النهضة بكامل طاقته على مصر والسودان مستقبلا, حيث تشير التقديرات باحتمال انخفاض حصة البلدين من المياه أثناء سنوات الجفاف بشكل يهدد التنمية المستدامة.
ومن جانبه أكد السفير شريف عيسى مساعد وزير الخارجية للشئون الأفريقية أن الدبلوماسية المصرية والعربية مكلفة من قبل الحكام بحماية حقوق الشعوب العربية من المياه العابرة للحدود, واطلاع العالم أجمع على المخاطر التي تنجم عن القرارات الأحادية التي تتخذها دول المصب تجاه دول المنبع, مبينا انه لا سيادة مطلقة على أى مورد مائى عابر للحدود.
وأضاف أن مصر ومنذ إعلان الرئيس السيسي في سبتمبر 2019 خلال اجتماعات الأمم المتحدة عن التزام مصر بحماية حقوقها المائية، بدأت مسارا دولياً جديداً قائماً على إطلاع المجتمع الدولي بكافة جوانب التفاوض وحقيقة الموقف الإثيوبي المتعنت والغير ملتزم باتفاق المبادىء الموقع عام 2015.
وتبلور عن المسار الدولي تدخل الولايات المتحدة كوسيط بين الدول الثلاثة ممثلة في وزارة الخزانة الأمريكية والبنك الدولي، لتعقد عدة جولات من المفاوضات في أديس أبابا والخرطوم وواشنطن تمحورت في المقام الأول حول قواعد ملء وتشغيل سد النهضة.
ورغم ذلك، فقد تم الخروج بتوافق مبدئي على خارطة طريق كان أهم بنودها لمصر هو تنظيم ملء السد خلال فترات الجفاف والجفاف الممتد، بل كانت هناك رؤية متكاملة حول تعاون شامل وربط كهربي ومنفعة متبادلة بين الدول الثلاثة ولكن لم تشارك أثيوبيا في الاجتماع النهائي الذي كان مخطط له ابرام الاتفاق.
وشدد الدكتور محمد حجازى مساعد وزير الخارجية الأسبق علي أن سد النهضة خطر وجودى على شعبى مصر والسودان, مبينا ضرورة التوافق بين الدول المعنية علي الأنهار الدولية عند تنفيذ مشروعات مائية وإبرام إتفاق رسمى قبل الشروع فى الإنشاء، لمنع حدوث أى نزاعات بسبب الأضرار التى قد تحدث لدول المصب، وطالب حجازى بأن يكون التعاون بين الدول الثلاث مصر والسودان وأثيوبيا بديلا عن الصراع, مبينا ان مصر تؤكد دائما على تحقيق المصالح المشتركة وتقاسم المنافع والاستخدام العادل والمنصف في أحواض الأنهار الدولية المشتركة .
وقال الدكتور أيمن سلامة أستاذ القانون الدولى :إن استمرار أثيوبيا فى بناء سد النهضة، بل والإسراع فى الإنتهاء منه لفرض الأمر الواقع على مصر، يخالف إتفاق إعلان المباديء حول مشروع السد الموقع بالخرطوم مارس 2015 وعرقلتها فى إستكمال دراسات المكتب الإستشارى الدولى لإصدار الدراسات الخاصة بالآثار المائية والبيئية يعد إخلالا جسيما بمباديء التعاون والسلامة الإقليمية وحسن النية، بل هو تهديد مباشر وصريح لأمن مصر المائى.
وأوضح أن سلطات الدول على الأنظمة المائيـة الدوليـة سلطات مقيدة، وأن استغلال الدول للجزء الواقع فى أراضيها من النهر الدولى مشروط بعدم الإضرار بباقى دول النظام وضرورة الإتفاق على جميع شئون الاستخدام التى تنال من حقوق الآخرين، وتم تتويج تلك القواعد الدولية المستقرة بإتفاقية قانون إستخدام المجارى المائية الدولية في الأغراض غير الملاحية،أوما يطلق عليها بإتفاقية ( قانون الأنهار الدولية ) الموقعة بالأمم المتحدة فى مايو ١٩٩٧، التى نقلت عنها أغلب نصوصها الإتفاقية الإطارية المسماة بإتفاقية عنتيبى .