دخول الجنة بغير حساب ولا سابقة عذاب، هدف وغاية كل إنسان، وسعي الحياة والناس دائما بحساب القرب من الجنة والبعد عن النار، ومن ينسي ذلك الهدف يتوه ويبتعد ولابد من محفزات دائما للعودة والانتباه.
وفي هذا السياق تعرض "دار الهلال" في السطور التالية صفات السبعين الف الذين يدخلون الجنة بغير حساب ولا سابقة عذاب.
الذين لا يسترقون
الرقية هي قراءة القرآن الكريم على من وقع عليه فعل الحسد وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم قال: "من استطاع منكم أن ينفع أخاه فلينفعه" وكان النبي صلى الله عليه وسلم يرقى، ويرقى، لكن الأمر المقصود، والغرض المعنى هنا ليس أن يرقي شخص غيره.
الغرض هنا أن يذهب شخص لآخر يطلب منه أن يرقيه، والطلب هنا هو المعني، وذلك لأنه يطلب الشفاء من الله بكلام الله وآياته، وبين المسلم وربه لا يوجد حجاب، ولا حاجز، ولا واسطة، ولا كهنوت، ليكون لشخص الوسيلة الأقرب من الله، فعلى من يحتاج الرقية أن يؤدي ذلك بنفسه أو لنفسه، دون طلب من بشر.
الذين لا يتطيرون
كان الناس في الجاهلية وقبل الإسلام يتطايرون، والمقصود بها يعلقون على الطير مصيرهم، فإذا كان الشخص يريد السفر ورأى غراب أو بومة، كان ذلك بالنسبة له نذير شر، وكذلك أيضاً إذا رأوا بومة أو غراب فوق المنزل، أو بالقرب منه يعتقدون بحدوث المصائب لأهل هذا الدار، وغيرها من الأمور المشابهة.
وكان البعض منهم يربط مصير تحركاته بالطير وحركته فإذا أراد الإقدام على أمر ورأى طير يتجه لليمين فهذا معناه بالنسبة له أن هناك خير قادم من هذا العمل، أما لو اتجه الطائر للشمال فإنه يتشائم، وقد كان رجل مع ابن عباس ورأى غراب فحاول أن يبث التفاؤل وقال خير خير، على اعتبار دفع التشاؤم عن النفس، فأخبره ابن عباس أنه لا شر ولا خير، ولا علاقة للطير أي كان نوعه بومة أو غراب أو غيرهما، بالخير والشر وما شابههم.
الذين لا يكتوون
كذلك أيضاً فإن من الذين يدخلون الجنة بغير حساب من لا يكتوي طلب للعلاج بالنار، مادام هناك متاح العلاج بغيره، ولعل الكي بالنار والله أعلم من حكمة الله فيه لاستخدام النار التي هي عذاب أهل جهنم، المهم هنا بعيداً عن الغرض هو أنه منهي عنه إلا للضرورة وبعد طلب سبل العلاج الأخرى فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم
بمحرم، والنبي ﷺ قال: الشفاء في ثلاثة: شربة عسل، وشرطة محجم، وكية نار، وأنهى أمتي عن الكي.
الذين على ربهم يتوكلون
أما الذين على ربهم يتوكلون، وهو معنى هنا بالتوكل على الله في كل أمر من أمور الحياة وشؤون المسلم، و التوكل عمل قلبي، وليس فعل وتحرك محسوس، ولا يعلم عنه شيء سوى الله سبحانه وتعالى، والذي يتوكل على ربه، هو الذي يسعى بالأسباب، ويعلم أن الخير كله وما يرجوه بيد الله سبحانه وتعالى.