بالرغم من الجهود المبذولة من مديرية الأمن بالقليوبية في القبض على الكثيرين من الأشخاص الذين ينقبون عن الآثار والحد من تلك الظاهرة ووفاة العديد منهم، خلال أعمال الحفر إلا أنه مازال هوس التنقيب عن الآثار والسعي لتحقيق حلم الثراء السريع يرواد العديد من الأهالي، سواء بالريف أو الحضر ويضحون بأنفسهم ويبذلون جهدًا كبيرًا في أعمال الحفر سواء فى منازلهم أو بالقرب من المناطق الأثرية القديمة لتحقيق حلمهم المزعوم في كسب الأموال.

في تصريحات خاصة لدار الهلال، أكد المهندس صلاح حسب الله من قرية سنديون بقليوب، وأحد المهتمين بشئون القرية أنه يوجد ما يقرب من 120 منزلًا أصبح مهددًا بالانهيار بسبب التنقيب عن الآثار أسفل المنازل وخاصة منطقة العلوة، موضحًا أن الدجالين يستغلون بعض الأهالي البسطاء، ويوهمونهم بوجود كنز أثري أسفل منازلهم ولطمع المواطنين وحلمهم في الثراء السريع يقومون ببيع ممتلكاتهم أو الاستدانة لبدء أعمال الحفر بحجة إخراج الكنز المدفون أسفل منازلهم بزعم الدجالين الذين حصلوا على أموال منهم واختفوا، وأضاف أن الدجالين وسماسرة التنقيب عن الآثار يوهمون المواطنين بشراء منازل بعينها بمبالغ طائلة أكثر من قيمتها السوقية وإيهامهم بتمكينهم عن طريق استخدام أجهزة رؤية بصرية يتم جلبها من الخارج، تعطي صورًا مجسمة لنقوش فرعونية ومقابر وهمية لخداع أصحاب المنازل لتشجيعهم على التنقيب عن الآثار وتحقيق حلم الثراء وهو ما يتضح أنه سراب خلال أو بعد أعمال الحفر ويتبخر حلمهم المزعوم بالسقوط في أيدي رجال الأمن.

وأشار مجدي نجاح رئيس مجلس مدينة قليوب إلى أن رجال الأمن تمكنت من إلقاء القبض خلال العاميين الماضيين على الكثير من الواهمين بوجود آثار بمنطقة العلوة بسنديون لحفرهم أسفل وداخل المنازل بعد أن اكتشف أن المنطقة بها سراديب، مما تسبب في تصدع الكثير من المنازل.

وأكد أن كارثة التنقيب عن الآثار تم اكتشافها منذ فترة كبيرة عندما أرسل أحد الاشخاص شكوى إلى محافظة القليوبية بأن هناك منزلا ينهار بمنطقة العلوة فأرسلت لجنة لبحث الأمر وتم خلالها اكتشاف الظاهرة التي تم القضاء عليها بالتنسيق مع مديرية الأمن ومفتشو آثار القليوبية.

ومن ناحيته، قال الدكتور محسن بدوي مدير عام هيئة الآثار بالقليوبية، إن الكوارث التي شهدتها قرى المحافظة جراء البحث والتنقيب عن الآثار أعقاب ثورة يناير والانفلات الأمني كانت قرى "كوتين والسيفا وكوم الأطرون والعمار وكفر العمار وكوم الأطرون والدير" بمركز طوخ وقها وقرى "طنان وبلقس ونوي وسنديون" بقليوب، مضيفا أن عمليات الحفر التي ظهرت في الآونة الأخيرة بقرى الدير بطوخ وعرب العليقات بالخانكة ومنطقة أتريب ببنها، مؤكدا أنه يتم الانتقال لمواقع الحفر بناء على بلاغ من الشرطة وكان من بينها 10 حالات شواهد أثرية وتم التعامل معها طبقا للقانون، بالإضافة إلى بلاغات المواطنين التي تظهر أنها كيدية لخلافات بين الأهالي والجيران.

وأكد بدوي أن لجنة من مديرية الآثار بالقليوبية، اكتشفت بقايا معبد من العصر الفرعوني الأسرة 29 بمنطقة اتريب ببنها خلال وجودها لمتابعة أعمال الحفر لتنفيذ أحد المشروعات وكان عبارة عن جدار من الطوب اللبن لمعبد أحمس الثاني ومجموعة من بقايا حمامات ومنازل حجرية من العصر الروماني، وتم على الفور تكثيف أعمال التمشيط بالمنطقة كلها للبحث عن بقايا المعبد وتم العثور على قطع من أعمدة المعبد متناثرة وليس مبنى أثريًا كاملًا.

وأضاف بدوي أن هذه المنطقة مملوكة لمواطنين ولكنها تخضع لقانون حماية الآثار وتم التحفظ عليها وتمشيطها للتأكد من وجود آثار أخرى قبل تسليمها لمالكها.

 وأشار إلى أنه تم وضع عدة إجراءات للحد من انتشار هذه الظاهرة التي تهدد آثارنا وأهمها قيام الوعي الأثري بمنطقة آثار المحافظة، بإطلاق حملات توعية للأهالي بهذه المناطق والمصالح الحكومية بخطورة عمليات التنقيب، وأنها محرمة من القانون لأنها ملك للدولة وليست لأفراد، بالإضافة إلى التنسيق مع الأمن بتكثيف الدوريات الأمنية على الأماكن الأثرية بمدن طوخ وشبين القناطر والخانكة وبنها.
وفي السياق ذاته، كان من أبرز الذين تم إلقاء القبض عليهم بواسطة رؤساء المباحث بالتنسيق مع مديرية أمن القليوبية خلال الفترات الماضية عصابة تقوم بالتنقيب عن الآثار مكونة من 8 أفراد بحارة درب السوق بجوار المسجد الكبير بقرية ميت حلفا بقليوب و5 أشخاص أثناء تنقيبهم عن الآثار داخل أحد المنازل القريبة من المنطقة الأثرية ببنها والمعروفة بحمامات اتريب الأثرية و5 أشخاص بينهم ربة منزل أثناء قيامهم بالتنقيب عن الآثار داخل منزل بقرية طحانوب مركز شبين القناطر وربة منزل بمنطقة الجراب ببطا لقيامها بأعمال الحفر والتنقيب أسفل منزلها وعمل أنفاق للبحث عن الآثار تسبب في تصدع 8 منازل و3 أشخاص خلال قيامهم بالتنقيب عن الآثار داخل أحد المنازل بعزبة الإصلاح بمركز القناطر الخيرية و9 متهمين لتنقيبهم عن الآثار بأحد المنازل بقرية عرب جهينة بشبين القناطر.

كما شهدت قرية الدير بطوخ مصرع شاب داخل إحدى الحفر أسفل منزله أثناء التنقيب عن الآثار وخلال البحث عن الجثة تبين أن هناك حفرا على عمق 10 أمتار ممتدة أسفل العشرات من منازل القرية وبعد يومين من تتبع الحفر وهدم 6 منازل تم التوصل إلى الجثة ودفنها. وفي قرية كفر العمار بطوخ انهار جزء من فناء مدرسة بسبب أعمال الحفر والتنقيب عن الآثار واكتشف الأهالي وجود سراديب أسفل المدرسة ممتدة إلى دار مناسبات ومسجد.

كما تم العثور على جثة شاب بالعقد الثاني من العمر ملقاة بحافة ترعة الإسماعيلية بدائرة قسم ثان شبرا الخيمة واكتشف اللواء حاتم حداد مدير المباحث الجنائية بالقليوبية في ذلك الوقت أن الجثة لشاب لقى مصرعه إثر تعرضه لصعق كهربائي أثناء التنقيب عن الآثار بأحد المنازل مع صديقه الذي قام بالتخلص من الجثة بإلقائها على حافة ترعة الإسماعيلية لإخفاء معالم الجريمة.