يصادف اليوم، يوم التلعثم "التأتأة" العالمي، وهو يوم يحتفل به العالم في 22 أكتوبر من كل عام رغبة في رفع مستوى الوعي العام بأمراض صعوبات الكلام، والتي يعاني منها الكثيرون في العالم، وتصل نسبة الذين يعانون من اضطرابات الكلام أو ما يعرف بالتأتأة إلى 1% من سكان العالم، أو ما يعادل 70 مليون إنسان، ويوضح استشاريون بعلم النفس كيفية الوقاية من هذا المرض، وعلاجه.
وقد بدأ الاحتفال باليوم العالمي للتلعثم منذ عام 1998م، بغرض رفع الوعي العالمي بمرضى اضطرابات الكلام، وتسليط الضوء عليهم من أجل مساعدتهم، وعلاجهم، وشعار اليوم العالمي للتأتأة، هو الوشاح ذو اللون أخضر البحر أو الأخضر المزرق، والذي تم اعتماده لأول مرة في عام 2009، حيث تم مزج اللونين لما لهما من دلالة على السلام والهدوء والحرية.
وقال الدكتور وليد هندي استشاري الصحة النفسية، إن تبديل الحروف، وتبديل الكلمات، عسر الكلام، واللجلجة، الكلام بخمخمة أي خروج الصوت من الأنف، التحدث بسرعة، كلها صعوبات للنطق يأتي على رأسها التأتأة "التلعثم"، وهي كلها اضطرابات تعيق الشخص عن التحدث بطلاقة، وهي حالة شائعة عند الأطفال، وخاصة عمر من سنتين إلى ست سنوات.
أنواع التلعثم
وتابع في تصريح لبوابة دار الهلال، بأنه في كثير من الأحيان يتلاشى اضطراب الكلام دون علاج، ولكن يتطلب الأمر زيارة طبيب إذا استمر إلى ما بعد مرحلة البلوغ، التلعثم له عدة أنواع، أهمها التلعثم النمائي، وهو الأكثير شيوعًا عند الأطفال خصوصًا من سن 18 إلى 24 شهرًا، ولو ظلت المشكلة مستمرة حتى سن سنتين ونصف السنة، يجب عرض الطفل على طبيب مختص.
وأشار إلى أن ثاني أنواع التلعثم هو التلعثم العصبي، وهو عبارة عن وجود مشكلة عصبية معينة تؤثر على مركز النطق في الدماغ، مثل حدوث أي إصابة في الدماغ، أو أورام المخ، وغيرها، وثالث نوع من التلعثم هو التلعثم الانفعالي، هو ما ينتج عن صدمة نفسية تعرض لها الطفل، أو تعرض الطفل لضغط مثل التوبيخ أو الخجل الاجتماعي بسبب إهانة في حضور آخرين أو التحقير من شأن الطفل، وهو ما يحدث كثيرًا عند دخول المدرسة لأول مرة دون إعداد نفسي.
وأوضح أن التلعثم له العديد من الأسباب، من أهمها الجينات الوراثية، كما اتضح أن الذكور أكثر إصابة بالتلعثم من الإناث، كما أن التلعثم قد ينتج عن اضطراب في النمو وعدم اكتمال الجهاز الكلامي، أو ارتخاء الشفتين، أو ارتخاء في سقف الحلق، فكلها مشكلات قد تصيب الطفل بالتلعثم.
هل يعاني ابنك من التلعثم؟
قال هندي عن كيفية معرفة إن كان الطفل مصابا بالتلعثم، إن كان الطفل يقوم بتكرار بعض المقاطع الصوتية بتكرار دائم، أو أن يتردد الطفل قبل نطق أي كلمة، وعند إدخال فواصل زمنية بين الكلمات، أو عند توقفه عن الحديث فجأة دون إنهاء الجملة، أو عند قيام الطفل بمط الكلمات والجمل، وكذلك عندما تجد الطفل يتشنج وخصوصا منطقة الوجه بشكل ملحوظ عند الكلام، وأيضا صعوبة بدء الكلمات وهو المعروف باسم التأتأة.
آثار التلعثم على نفسية الطفل
وأشار إلى أن الطفل الذي يعاني من التلعثم يكون من الصعب عليه التواصل مع الآخرين، ويكون دائم الشعور بالقلق، وكذلك يتجنب المواقف الهامة ويخاف التحدث أمام الآخرين، ويفتقر إلى المشاركة الاجتماعية، وقد يتأخر دراسيا ويكون عرضة للتنمر، مما يخفض ثقته في نفسه، ولذلك يجب الإسراع في علاج الطفل.
علاج التلعثم
وأوضح أن علاج التلعثم يجب أن يبدأ بتعود الطفل على القيام بأشياء، منها التمرين على التحكم بالتنفس، وهي ما يساعد على تحسين النطق، وتحسين مخارج الحروف، وكذلك علاج تعديل التلعثم والذي يعتمد على محاولة تقليل الجهد المبذول في الكلام، أو الجهد المبذول خلال محاولة النطق، أو بعض العلاجات الإلكترونية مثل استخدام سماعة أذن تكرر له ما يقول بحيث يحاول نطق الكلمة ثانية بشكل صحيح.
كما أن بعض الحالات قد تتطلب زيارة طبيب مختص، مثل علاجات التخاطب، والعلاج المعرفي السلوكي، وبعض الحالات تحتاج علاج نفسي إذا ما كان الطفل يعاني من صدمة نفسية، ولكن أهم ما في رحلة العلاج هو البيئة التي يعيش فيها الطفل، والتي يجب أن تعتمد على انخراط الوالدين مع الطفل لإزالة أي رهبة تؤدي إلى ضغط نفسي عليه أثناء الكلام، كما يحتاج الطفل إلى تهيئة نفسية ضرورية قبل التحاقه بالمدرسة.
التلعثم عضوي أم نفسي
ومن جانبه، قال الدكتور على النبوي استشاري الطب النفسي والأعصاب بجامعة الأزهر، إن من أكثر المشاكل التي تحضر عيادة الطب النفسي هي مشكلة التأتأة، وكثير من الآباء والأمهات يطلبون من الطبيب أشعة وتحاليل اعتقادا أنها حالة عضوية، فيجب أن نوضح أن هذه الأزمة لا تكون عضوية إلا إذا حدثت بعد حادث أو إصابة بالرأس، أو بعد تشنجات أو حمى، أو أن يكون الطفل طبيعيا إلا في بعض الأحيان.
وأوضح في تصريح لبوابة"دار الهلال" أنه فيما عدا ذلك فهي أزمة نفسية، وأكثر سببين لاحظتهما على الأطفال المصابين بذلك هما النكوص بسبب ولادة طفل آخر، والسبب الثاني هو القسوة وسوء معاملة الطفل بدلا من الحنان واللعب، الأب العصبي أو الأم العصبية كثيرة الانفعال وسريعة العقاب، تصيب الطفل بالخوف والفزع لذلك يلجأ الجهاز النفسي للتأتأة كي يستدر عطف من حوله.
وأوضح أن معدلات الإصابة بالتأتأة تزيد خلال السنوات الأولى من الدراسة، لأنها قد تكون عبء نفسي، وضغط عصبي على الطفل، خاصة مع التعليم القسري المبنى على تعبئة عقل الطفل بمعلومات ومحفوظات، ومقارنته بأطفال من نفس عمره.
نصائح للتعامل مع التلعثم
وأشار إلى أن أهم نصيحة للعلاج هي تهدئة الوالدين أو المحيطين بالطفل المضطرب، كي لا يصل إلى عقل الطفل أن التأتأة جعلتهم يهتمون به، لأن الطفل يقرأ لغة الجسد، أكثر من اللغة الكلامية، لذلك ننصح الآباء بالنظر لشيء آخر عندما يبدأ الطفل في التأتأة، والابتسام في وجهه عندما يرجع للكلام الطبيعي.
ونصح بأن بعض الحالات لا بد أن تُعرض على طبيب مختص، فجلسات التخاطب مفيدة جدا للطفل خاصة إذا كان المعالج أو المعالجة حنون على الطفل ويكون بمثابة صورة أخرى من الأم الحانية، ويجب معاملة الطفل بالحب والرعاية وعدم الصراخ والنقد المباشر.
وأكد أن من جانب آخر ممارسة الرياضة ستساعده كثيرا، حيث تنمي من ثقته بنفسه، فيفضل ممارسة الرياضة والتنبيه على الكابتن ألا يلتفت له حين يتعثر في الكلام، وتشجيعه المستمر، كما توجد أدوية كثيرة آمنة على الأطفال لعلاج القلق والاكتئاب، ولكن تكون بإشراف طبي، فالعلاج المبكر مهم جدا، لأن الطفل لو اعتاد على التأتأة فلن يتركها لأنه يعتبرها جزء من شخصيته.