بدأ بركان لابالما في الثوران منذ 19 سبتمبر الماضي وما زال مستمرًا، وخرج من البركان الكثير من الغازات واللافا، وهو ما يؤثر على البيئة المحيطة.
وأعلن المعهد القومي للبحوث الفلكية أن هذه الغازات ستصل مصر غدا بفعل حركة الرياح، ومن المتوقع أن يستمر البركان في ثورانه لعدة أشهر أخرى، ويوضح الخبراء مدى خطورة الغازات على مصر وتأثيراتها.
قال الدكتور جاد القاضي رئيس معهد القومي للبحوث الفلكية والجيوفيزيقية، إن غازات بركان لا بالما لم تصل إلى مصر منه أي غازات أو أتربة أو أدخنة حتى الآن، ولكن من المتوقع وصول بعض الغازات والأتربة بداية من الغد، وستكون بنسبة ضئيلة جدا، وهي نسبة ضعيفة غير مؤثرة على المواطن.
وأوضح في تصريح لبوابة دار الهلال أن هذه الغازات التي ستصل مصر ضعيفة جدا، ولن يكون هناك أي تأثير على المواطن المصري، وستتركز معظم الأبخرة القادمة من البركان في الصحراء الغربية، وهذا جيد بسبب أن الصحراء الغربية قليلة السكان، فلا يوجد خطر على المواطنين، وأن المعهد يتابع المشهد عن كثب في حالة حدوث أي تغييرات في نشاط البركان واتجاه الرياح.
مصادر الغازات
ومن جانبه، قال الدكتور عباس شراقي أستاذ الجيولوجيا والموارد المائية بجامعة القاهرة، إن بركان لابالما تسبب في إصدار كميات كبيرة من ثاني أكسيد الكبريت، وهو أحد الغازات السامة التي تصدر عن البراكين، ومن جانب آخر فإن مصدرها اليوم هو محطات توليد الكهرباء التي تعمل باستخدام الفحم أو البترول، وكذلك ينتج هذه الغاز من بعض الصناعات الأخرى.
وأضاف في تصريح خاص لدار الهلال، في الوقت الحالي أن غاز ثاني أكسيد الكبريت منتشر حاليا في العالم كله، ويرجع انتشاره الحالي إلى البركان، وقد انتشر إلى كل دول العالم بسبب حركة الرياح التي نقلت هذا الغاز إلى دول مختلفة، والكمية الأكبر من الغاز اتجهت من البركان المتواجد بجزيرة لا بالما الإسبانية وهي أحد جزر الكناري، بالقرب من شواطئ المغرب، وانتقلت الغازات إلى أوروبا، ثم إلى مصر.
وأوضح أن الغازات قد تصل إلى مصر غدا أو خلال هذا الأسبوع، ولكن لا يوجد ضرر من هذه الغازات سواء على أوروبا أو في مصر، بسبب أن هذه الغازات موجودة على ارتفاعات أعلى من 3000 متر، والبركان حاليا يملك أكثر من فوهة، فهذه الفوهات الجديدة نتجت بسبب نشاطه الحالي، ويخرج منها اللافا والغازاتِ.
وتابع بأن البركان نفسه يتواجد على ارتفاع 1300 متر، وهو ما جعل الغازات تتواجد في مناطق مرتفعة من الغلاف الجوي، أعلى من 3000 متر، وبالتالي أصبح تأثير الغازات محدود للغاية على الإنسان على سطح الأرض، وقد وصل الغاز إلى 70% من دول العالم، ومن المتوقع أن يستمر البركان في الثوران لعدة أشهر.
وأشار إلى أن السحابة المركزة ستأتي على إسكندرية بالدرجة الأولى، ثم تتحرك إلى مدينة أكتوبر، ومن المتوقع أن تختفي بعدها ويحدث لها انتشار، ويقل تركيزها، ولكن في جميع الأحوال لا يوجد تأثير للسحب الناتجة عن البركان لا في أوروبا ولا على الإسكندرية، مضيفا أن تركيز الغاز في الإسكندرية يعادل أقل من 15% من تركيز الغاز في أوروبا، بسبب ارتفاع هذه الغازات.
وأكد أن طالما هذه الغازات مرتفعة في الغلاف الجوي فإنها لا تمثل أي خطر، لكن لو وصلت إلى ارتفاع قريب من سطح الأرض، فسوف تسبب مشكلات كبيرة في الجهاز التنفسي، وخاصة على ذوي أمراض الصدر والحساسية، وهو ما قد يسبب لهم بعض الاختناقات، كما يسبب غاز ثاني أكسيد الكبريت التهابات في الأعين.
الأمطار الحامضية
وأوضح دكتور عباس أن غاز ثاني أكسيد الكبريت عندما يتفاعل مع الماء ينتج عنه حمض الكبريتيك، وهو ما يعرف باسم "مياه النار"، ولا يحدث ذلك حتى الآن بسبب ارتفاع الغاز، وقد تتأثر بعض مدن أوروبا، في حالة إن كان هناك سحب مائية مرتفعة، وهي ما قد يسبب أمطار في تلك المدن، وقد يحدث تفاعل بينها وبين سحب غاز ثاني أكسيد الكبريت، وذلك يؤدي إلى أمطار حمضية.
وأضاف أن الأمطار الحمضية هي عبارة عن اختلاط بخار الماء المسئول عن تكون سحب الأمطار مع غاز ثاني أكسيد الكبريت المتصاعد في الهواء، في وجود الأكسجين الموجود في الغلاف الجوي، والذي يؤدي إلى تكون حمض الكبريتيك، ويعد هذا الحمض من الأحماض القوية، وعند سقوط مياه الأمطار تكون محملة بالحمض، وذلك تسمى مياه حامضية، هذه المياه تضر النباتات والحيوانات بشكل خطير، وتحدث هذه الأمطار أيضا نتيجة التلوث البيئي.
وأكد أن الغازات الناتجة عن بركان لا بالما تأثيرها ضعيف جدا، ولا يوجد تأثير على مصر ولا على دول أوروبا في الوقت الحالي، مشيرا إلى أن مصر لا تملك كميات الأمطار الكافية لنزول أمطار حامضية، فمصر بلد جاف، فلا يمكن أن يحدث هذا في مصر، وهو لم يحدث أبدا من قبل، فلا داع للقلق لأن الأمطار في مصر تنتج عن سحب قريبة من سطح الأرض بينما الغاز بعيد عن السطح.
كما ذكر معهد البحوث الفلكية في بيان له اليوم بناءا على نماذج انتشار الانبعاثات من بركان لا بالما، الذي نشط منذ 19 سبتمبر الماضي وكذلك بركان ايتنا بجنوب إيطاليا الذي نشط مؤخرا في صباح يوم 21 أكتوبر، باستخدام أقصى انبعاث ممكن من بركان لا بالما واتنا.
تبين أن تأثير تلك البراكين خلال شهر أكتوبر علي الأراضي المصرية ضعيف للغاية وبتركيزات صغيرة، وفي الحدود الآمنة، حيث أنه وفقا لأسوء سيناريو، في حالة سقوط الأمطار، فإن أكبر التركيزات لن تزيد على 0.0010 جزء من ثاني أكيد الكبريت لكل مليون جزء هواء، وهو أقل بألف مرة من الحدود التي تمثل خطر على الصحة العامة. لذا ندعو وسائل الإعلام لتحري الدقة وعدم إثارة الذعر.