الأحد 28 ابريل 2024

استراتيجيات تقديم الصورة الإعلامية للرئيس السيسى (2)

مقالات24-10-2021 | 14:39

استهدفت الدراسة المهمة والرصينة التى أعدتها د. غادة شكرى محمود مدرس الصحافة بأكاديمية أخبار اليوم والمعنونة "التسويق السياسى واستراتيجيات تقديم الصورة الإعلامية للرئيس عبدالفتاح السيسى فى الصحافة المصرية ومواقع التواصل الاجتماعي" رصد وتحليل الاستراتيجيات والتكنيكات التى استخدمتها صحيفة "الأخبار"، وموقع "اليوم السابع" وصفحة "الفيس بوك" الرسمية للرئيس للتسويق السياسى لصنع الصورة الإعلامية للرئيس خلال المؤتمريْن السابع والثامن للشباب، وذلك للتعرف على مواطن الضعف ومن ثم تعديلها مستقبلًا، وكذلك التعرف على نقاط القوة فى التسويق وتدعيمها، وبالتالى العمل على وضع قواعد وأسس تطبيقية لعملية التسويق السياسى الصحيح داخل البيئة المصرية.

 

وقد توصلت الدراسة إلى نتائج مهمة نرصدها فى هذه السلسلة من المقالات:

أولاً: فيما يتعلق بالقضايا التى تناولها مؤتمرا الشباب السابع والثامن:

جاءت قضايا (التنمية) فى الترتيب الأول بنسبة إجمالية (61,4%) بواقع (67%) للمؤتمر السابع للشباب، (50,8%) فى المؤتمر الثامن.

بينما جاءت قضية (التمكين) فى الترتيب الثانى بنسبة إجمالية (52,6%)، حيث جاءت فى المؤتمر السابع بنسبة (61,6%)، وفى المؤتمر الثامن (35,6%)، كما جاءت قضايا (التغيير) فى الترتيب الثالث بنسبة إجمالية (52%) وذلك بنسبة (60,7%) فى المؤتمر السابع، و(35,6%) فى المؤتمر الثامن.

وجاءت قضايا (الأمن القومي) بنسبة إجمالية (43,3%) فى الترتيب الرابع فجاءت فى المؤتمر السابع بنسبة (22,3%)، وفى المؤتمر الثامن بنسبة (83,1%)، ويرجع بروز قضايا (التنمية، والتمكين، والتغيير) إلى توجه وتحول هدف الرئيس السيسى فى فترته الرئاسية الثانية إلى التنمية والتطوير وتغيير الحياة وإقامة المشروعات وتمكين الشباب والأسرة المصرية من تحقيق حياة كريمة، وذلك بعد تحقيق الأمن والاستقرار بنسبة كبيرة فى الفترة الرئاسية الأولى، وهو ما تم وضعه فى البرنامج الانتخابى الرئاسى للرئيس، وتتفق هذه النتيجة مع دراسة (محمد الراجي، 2014) الذى أكد أن الاستقرار والأمن كان ملفًا مستعجلاً فى البرنامج الانتخابى للرئيس السيسى وبالموازاة معه كانت ملفات عديدة تحظى بالاهتمام ضمن إطار المشروع التنموى لتحقيق نهضة مصر.

هذا بالإضافة إلى أن شعار المؤتمر السابع هو (أبدع – انطلق)، ومن ثم فإن هدف المؤتمر السابع هو التركيز على القضايا التى تحمل بشائر الأمل، والانطلاق نحو مستقبل أفضل والترويج السياسى لشخصية الرئيس السيسى من خلال التركيز على النقاط الإيجابية للتركيز على أنشطته، وذلك لتحقيق استراتيجية (تكوين دعم للرئيس)، ويتفق هذا التفسير مع دراسة (Jeffery Cohen, 2002) التى توصل فيها إلى ارتفاع شعبية الرئيس الأمريكى بيل كلينتون من 60% إلى 69% بسبب تقييم الناس للأداء الاقتصادى الجيد فى عهد كلينتون.

وفى حين تراجعت بروز قضايا (التنمية، التمكين، التغيير) فى الترتيب، برزت قضايا (الأمن القومي، ومكافحة الإرهاب) فى ترتيب متقدم على مستوى القضايا التى تم مناقشتها فى المؤتمر الثامن، ويرجع ذلك إلى وجود ظروف محددة أدت إلى إقامة المؤتمر الثامن التى كان من أسبابها انتشار مزاعم المعارضة الخارجية على مواقع التواصل الاجتماعي، فظهر الرئيس السيسى لتفنيد تلك المزاعم وإظهار خطورة الشائعات والانسياق وراءها على الأمن القومي، وبالتالى يتضح أن السياق المحيط بالحديث يؤدى إلى ظهور قضايا واستخدام أطر محددة، وهو ما ينعكس بدوره على النص الصحفى فى وسائل الاتصال محل الدراسة، ويتفق مع هذه النتيجة دراسة (حسين ربيع، 2018) الذى أكد أن كل نص صحفى سبقته أحداث سياسية واجتماعية واقتصادية وثقافية ودينية سابقة عليه كانت سببًا فى ظهوره.

 

ثانيًا: فيما يتعلق بأهداف التسويق:

جاء هدف (التركيز على أنشطة الرئيس) فى الترتيب الأول بنسبة إجمالية (87,7%)، وذلك بواقع (93,8%) فى المؤتمر السابع للشباب، و(76,3%) فى المؤتمر الثامن، بينما جاء هدف (التفسير والتوضيح) فى الترتيب الثانى بنسبة إجمالية (59,1%)، بواقع (49,1%) فى المؤتمر السابع، و(78%) فى المؤتمر الثامن.

وجاء هدف (تكوين الرأى العام) فى الترتيب الرابع بنسبة إجمالية (86%)، وذلك بنسبة (86,6%) فى المؤتمر السابع، و(84,7%) فى المؤتمر الثامن، وتتفق هذه النتيجة مع دراسة (فاطمة عبد الكاظم، حنان حيدر، 2019) التى توصلت إلى بروز (التركيز على الأنشطة التى قام بها السياسي) فى الترتيب الأول لصفحات الفيس بوك الخاصة رئيس الوزراء ومجلس النواب العراقى بنسبة (34%)، يليها فى الترتيب الثانى (الشرح والتفسير) بنسبة (21,4%) كأهداف تسويقية.

وقد يرجع بروز الهدف التسويقى الخاص (بالتركيز على أنشطة الرئيس) فى الترتيب الأول للحصول على التقييم الجيد من جانب الجمهور لشخصية الرئيس، ومن ثم الحصول على الدعم وتكوين الصورة الإيجابية، ويتفق هذا التفسير مع دراسة (شيماء ذو الفقار، 2000) التى توصلت إلى أن تقييم الحكومة كان أكثر إيجابية من جانب طلاب الجامعة فى المرحلة التى تم تركيز الدعاية على إنجازات الحكومة فى التليفزيون المصري، وأن وسائل الإعلام بتركيزها على الأنشطة الحكومية لها دور كبير فى تقييم الأفراد بشكل إيجابي.

 

ثالثًا: فيما يتعلق بآليات التفاعل مالصفحة الرسمية للرئيس على فيس بوك:

جاءت المنشورات المقترنة بصور معها فى الترتيب الأول خلال مؤتمرى الدراسة بنسبة (42.9%)، وجاء (البث المباشر) فى الترتيب الثانى بنسبة (28.6%)، يليه فى الترتيب الثالث بنسبة (14.3%)، وبالنظر إلى النسب الإجمالية نجدها تتسم بضعف التكرارات مما يدل على ضعف الاهتمام بصفحة الفيس بوك الرسمية للرئيس.

 

رابعًا: فيما يتعلق بالعلاقة بين السمات الشخصية للرئيس ونمط ملكية وسائل الاتصال:

  1. بالنسبة للمؤتمر السابع للشباب:

جاءت سمة (الكفاءة) فى الترتيب الأول كسمة شخصية للرئيس السيسى بنسبة إجمالية (69,6%)، وبالنسبة للوسائل كانت النسب (54,9% الأخبار، 94,3% موقع اليوم السابع، 100% صفحة الفيس بوك).

كما جاءت (الرؤية الثاقبة) فى الترتيب الثاني، تليها (الإنسانية)، ثم (الإخلاص) فى الترتيب الخامس، وجاءت جميعها علاقات دالة. وقد يرجع تركيز وسائل الاتصال محل الدراسة إلى استخدام سمة الكفاءة فى التسويق السياسى للصورة الإعلامية للرئيس لأن سمة (الكفاءة) تتضمن داخلها المهارة والدراية وقدرة الرئيس على إدارة القضايا والمشكلات الخاصة بالدولة المصرية، وهو ما يخلق بدوره اطمئنانًا داخليًا لدى المواطن المصرى تجاه مستقبله، والثقة فى قدرة رئيسه بحل مشكلاته والتصدى لقضاياه، وتتفق هذه النتيجة مع (أحمد الزغبي، 1994) الذى أكد أن الجماعات تعمل على الاختيار والاطمئنان للقادة القادرين فعلًا على حل مشاكلهم والعمل على تحقيق غاياتهم وأهدافهم.

بينما جاءت سمة (الرؤية الثاقبة) فى ترتيب متقدم لأن ذلك قد يرجع إلى تركيز وسائل الاتصال فى التسويق السياسى على تمتع الرئيس بوجهة نظر ورؤية بعيدة تجاه القضايا والمشروعات المستقبلية التى يرغب بتحقيقها للوطن. وبالرغم أن سمة (الأمانة) جاءت فى الترتيب الأخير فى المؤتمر السابع للشباب بنسبة ضعيفة وهى (2,7%)، إلا أنها جاءت دالة. وقد يرجع ذلك إلى عدم تركيز وسائل الاتصال على تلك السمة فى المؤتمر السابع للشباب بسبب طبيعة القضايا التى تم مناقشتها فى المؤتمر التى ركزت على تمكين الشباب والأسرية المصرية، وذوى القدرات الخاصة، بالإضافة إلى أن الهدف التسويقى من هذا المؤتمر كان التركيز على أنشطة الرئيس، وبالتالى فإن سياق وطبيعة المؤتمر يؤدى إلى إبراز سمات معينة، وعدم التركيز على سمات أخرى.

 

2. بالنسبة للمؤتمر الثامن للشباب:

جاءت سمة (الإخلاص) فى الترتيب الأول للسمات الشخصية للرئيس بنسبة إجمالية (72,9%) وبنسبة تفصيلية (67,6% للأخبار، 88,2% لموقع اليوم السابع، 72,9% للفيس بوك)، كما جاءت سمة (مرن وديمقراطي) فى الترتيب الثانى بنسبة إجمالية (71,2%) وبنسبة تفصيلية (61,8% للأخبار، 82,4% لموقع اليوم السابع، 71,2% لصفحة الفيس بوك)، بينما جاءت سمة (واضح) فى الترتيب الثالث بنسبة إجمالية (64,4%) وبنسبة تفصيلية (41,2% للأخبار، 100% لموقع اليوم السابع، 64,4% لصفحة الفيس بوك).

وكانت العلاقات دالة لسمات الرئيس السيسى من حيث (الوضوح، الثقة، الرؤية الثاقبة، تحدى الصعاب، الكفاءة، الزعامة، التركيز على الهدف، السمات المتنوعة، الحزم).

ويرجع ظهور سمة (الإخلاص) فى ترتيب مرتفع إلى تركيز وسائل الاتصال محل الدراسة على السمات الأخلاقية للرئيس من أجل تفنيد مزاعم المعارضة الخارجية باتهامها للرئيس السيسى بالإشراف على المشروعات القومية التى وضعها الرئيس هدفًا لخطة التنمية المستدامة (2030)، بالإضافة إلى أنها إحدى السمات الأخلاقية للقادة والمستمدة من الثقافة العربية التى تهتم بالجانب الأخلاقي، حيث يرى الجمهور العربى أن البُعد الأخلاقى هو المتحكم فى تصرفات وسلوكيات الزعماء بجانب سمة الكفاءة، وتتفق هذه النتيجة مع دراسة (John, L. Sullivan, et al., 1990) التى توصلت إلى أن البُعد الأخلاقى هو المحرك أو العنصر المؤثر على سلوكيات القادة.

ويرجع ظهور سمة (مرن وديمقراطي) فى الترتيب الثانى وفى علاقة دالة بسبب إظهار مرونة شخصية الرئيس ومناقشته الاتهامات التى وجهتها له المعارضة فى الخارج بالرغم من مطالبات الأجهزة المختلفة للدولة بعدم مناقشة الرئيس وتجاهله لتلك الاتهامات.

إلا أن الرئيس ناقش تلك الموضوعات على الملأ مع الشباب، بالإضافة إلى القضايا الخاصة بالوعى والإرهاب الإلكترونى والشائعات التى تم طرحها فى المؤتمر الثامن للشباب، وتتفق هذه النتيجة مع دراسة (إيناس محمد مسعد، 2018) التى توصلت إلى بروز سمة (العقل المنفتح واحترام الآخرين) كسمة شخصية للرئيس السيسى فى الترتيب الثالث بنسبة (8,1%).

ونستكمل الأسبوع المقبل استعراض مزيد من نتائج هذه الدراسة المهمة.

Dr.Randa
Dr.Radwa