في ظل التطور التكنولوجي المتزايد يوما بعد يوما، ومع انتشار التطبيقات الإلكترونية، أصبحت المراهنات الإلكترونية ظاهرة متزايدة في العالم أجمع، والأمر الذي حدى بالبعض للنظر إليها من الناحية الدينية، فبينما يرى البعض أنها صورة حديثة من المقامرات القديمة، ويرى آخرون أطر قانونية وتنظيمية تحدد طبيعتها وشروطها لأجل تقويدها. 

أنواع المقامرة الإلكترونية على الإنترنت 

تتخذ المقامرة على شبكات الإنترنت عدة أشكال مختلفة، بحيث تختلف في آلياتها وأهدافها، لكنها تشترك دائما في نقطة أساسية معروفة وهي الرهان على الأموال أو المكاسب الافتراضية، ومن ضمن أبرز أشكالها الآتي: 

الكازينوهات الإلكترونية 

تعد أشهر أماكن المقامرات على الأموال الافتراضية، هي مواقع الكازينوهات الإلكترونية، والتي تحاكي الكازينوهات التقليدية، ولكنها توجد على الشبكة العنكبوتية وتتشمل: 

• ألعاب الورق: البوكر، والبلاك جاك، وماكينات القمار – وتعتمد بشكل أساسي على الحظ.
• المراهنات الرياضية: المراهنات على نتائج المباريات في كرة القدم، السلة، التنس، ورياضيات أخرى مختلفة، والمراهنة على تفاصيل أخرى مثل عدد الأهداف وغيرها.
• المراهنات على الرياضات الإلكترونية: أشبه بالمراهنات الرياضية السابقة ولكنها مخصصة للألعاب الإلكترونية التنافسية، مثل League of Legends،إذ أن بعض اللعبين يشترون حسابات نادرة بعناصر عشوائية مقابل أموال حقيقية، وإذا كان الشراء يتم بناء على الحظ فقد يشه أيضا القمار، وهذا ما يحدث، فضلا عن المراهنات على مباريات اللعبة  نفسها. 
• صناديق الغنائم: حيث يقوم اللاعبون بدفع أموال لشراء صناديق تحتوي على عناصر عشوائية مثل أسلحة وملابس وشخصيات، وهي تعد شكلا غير مباشرة للمقامرة لأنها تعتمد على العشوائية، مثل لعبة FIFA، Overwatch، Call of Duty، 
• مواقع التداول المختلفة: تسمح بتبادل عناصر نادرة مقابل أموال حقيقية مثل تجارة الأسلحة. 
• ألعاب الشطرنج والورق: والتي تعتمد على كسب الأموال عن طريق الحظ أحيانا.
• مراهنات البث المباشر: وتعد أشهرها في الوقت الحاضر، حيث يراهن مجموعة من اللاعبين على ألعاب القمار. 

المراهنات المنتشرة في مصر 

في مصر، شهدت بالسنوات الأخيرة، انتشارا كبيرة للمراهنات الإلكترونية، خاصة في نتائج كرة القدم، وتعد هذه الممارسات غير قانونية في الأصل، حيث لا يوجد أي قانون يسمح بأنشاء المواقع التي تتقامر بتلك الطرق

رأي الأزهر في المقامرات الإلكترونية 

تتعدد الفتاوى والاجتهادات من علماء الأزهر الشريف في تناول مسألة الحكم الشرعي في المراهنات الإلكترونية، ما بين التحريم المطلق والاستناد إلى معايير محددة للحكم عليها، 
فكيف ينظر الفقه الإسلامي إلى تلك الظاهرة، وما هو موقف المؤسسات الدينية والتي على رأسها الأزهر الشريف منها، فضلا عن توضيح الفرق بين أشكال المقامرة الإلكترونية المختلفة، وهذا ما سوف توضحه بوابة "دار الهلال" خلال الأسطر التالية: 

عميد كلية الشريعة والقانون الأسبق: الإسلام يدعو إلى الكسب بالجهد وليس بالحظ

قال سيد رجب قزاميل، عميد كلية الشريعة والقانون جامعة الأزهر الأسبق، إن المقامرة والمراهنة، وبالرغم من الفرق البسيط بينهما، إلا أن في أصلها عمل لا جدوى منه، إذ أن الشريعة الإسلامية في مجملها حرمت هذه الأشياء جملة وتفصيلا. 

وأضاف قزاميل في تصريح خاصة لبوابة "دار الهلال" أن الإسلام حث على تعمير الأرض بالجهود تبعا لإمكانيات كل فرد، وطبقا لما خصص الله به عباده من خصائص فردية مميزة، لا عبر الحظ والمكاسب السريعة التي لا يوجد بها أي جهد أو تمييز يذكر، إذ أن الحظ لا يتساوى مع من بذل جهدا للحصول على شيء ثمين. 

واستكمل: أن الله سبحانه أكد ذلك في كتابه بقوله في سورة البقرة" يا أيها الذين أمنوا كلوا من طيبات ما رزقناكم " وفي أية أخرى في سورة هود "وهو الذي أنشأكم من الأرض واستعمركم فيها"، حتى أن البيع نفسه في بعض الأوقات يحرم إذا كان في أوقات الصلاة بقوله  في سورة الجمعة "يا أيها اللذين آمنوا إذا نودي للصلاة من يوم الجمعة فاسعوا إلى ذكر الله وذروا البيع".

المراهنات التي لا يشارك فيها المال لا تعد من المحرمات 

أشار  رجب قزاميل، إلى أن هناك فرق بين المراهنات التي يشارك فيه عدد من الناس، مقابل أمواله محددة مسبقا، والمراهنات التي لا يكون المال بها عنصر مشاركا، لافتًا إلى أن المراهنات التي تقع تحت البند الثاني، لا تعد أبدا من المحرمات. 

وشدد على أن المسابقات الخاصة بكرة القدم، والتي انتشرت على بكثرة هذه الأيام، والتي تعتمد على التوقع العشوائي لنتائج مباريات أو تسجيل للأهداف، تقع أيضا تحت بنت "المقامرات والمراهنات".

واختتم  سيد رجب قزاميل، حديثه: إن الدين الإسلامي، لا يحرم ممارسة الرياضة، بل يؤكد على أهميتها باتفاق الفقهاء، حيث يحث الإسلام المسلمين على الحفاظ على صحتهم، وتعد الرياضة وسيلة فعالة لتحقيق ذلك، وأن الإنسان المسلم إذا وجه أمواله إلى أحد أشكال المراهنات، فإن ذلك يعد تغيير لوجهته الصحية.

وكيل كلية أصول الدين: المقامرات والمراهنات كلها محرمة في الإسلام

قال الدكتور عطية مصطفى، وكيل كلية أصول الدين والدعوة، أن المقامرات والمراهنات في الشريعة الاسلامية كلها محرمة إلا في حالة واحدة فقط وهي في قوله تعالى " وإن كنتم على سفر ولم تجدوا كاتبا فرهان مقبوضة".  

وأضاف عطية في تصريح خاص لبوابة "دار الهلال" أنه من نتائج انتشار المراهنات الإلكترونية على الأجيال الحالية هو الابتعاد عن الله والشرعية فضلا عن حدوث فراغ في العبادات، فضلا عن الابتعاد عن أوامره.  

وأشار أنه إذا استفاق المسلم من هذه المعاملات وأراد التوبة، فيجب عليه أولًا أن يتطهر من جميع ماله الذي اكتسبه من حرام أي من هذه المراهنات لأن الله طيب لا يقبل إلا طيب. 

واختتم حديثه: في حالة استمر المؤمن على المقامرات التي وطبقا للفقهاء والمفسرين محرمة تحريما قطعيا، فلن يقبل له صلاة ولا دعاء، إلا عند ابتعاده عن هذه المنكرات.