الخميس 6 مارس 2025

أخبار

المراهنات الإلكترونية.. خطر متصاعد يستهدف القيم والأمن المجتمعي

  • 5-3-2025 | 11:22

الدكتور محمد الجندي

طباعة
  • أِ ش أ

حذرت المؤسسات الدينية والتوعوية من الانتشار الواسع للمراهنات الإلكترونية، واعتبرتها إحدى الظواهر الخطيرة التي تستهدف الأفراد، لاسيما الشباب والفئات الناشئة، بوهم الثراء السريع.. مشيرة إلى أن هذه الظاهرة لم تعد مجرد لعبة حظ، بل تحولت إلى إدمان رقمي يهدد الاستقرار المالي والنفسي والاجتماعي، حيث يدخل اللاعب في دوامة من الخسائر، محاولا تعويض ما فقده، لينتهي به المطاف مثقلا بالديون أو حتى ضحية للاحتيال الإلكتروني.

كما حذرت المؤسسات الدينية ورجال الدين من خطورة القمار الإلكتروني وتأثيره المدمر على الأفراد والمجتمعات، سواء من الناحية الشرعية أو الاقتصادية أو النفسية.

فمن جانبه، أكد الأمين العام لمجمع البحوث الإسلامية الدكتور محمد الجندي أن القضايا المجتمعية والمستجدات الفكرية باتت محورية في العمل الدعوي.. مشددا على ضرورة التصدي للحملات التي تهدد استقرار المجتمع وقيمه الأخلاقية قبل تفاقم آثارها السلبية.

وأوضح الجندي - في تصريح لوكالة أنباء الشرق الأوسط اليوم /الأربعاء/ - أن مجمع البحوث الإسلامية، باعتباره أحد قطاعات الأزهر المعنية بالدعوة، أطلق حملة توعوية بعنوان "حلالا طيبا"، للحد من انتشار المراهنات الإلكترونية التي تعد شكلا من أشكال القمار المحرم شرعا.

وقال "إن الحملة تهدف إلى توعية المجتمع بمخاطر هذه الظاهرة من الناحيتين الاقتصادية والاجتماعية، حيث يشارك وعاظ وواعظات الأزهر في نشر الوعي الميداني لمواجهة الظاهرة التي تهدد الأمن القيمي والاجتماعي".

وفي السياق ذاته، أكد الدكتور خالد عمران، أمين الفتوى بدار الإفتاء المصرية - في تصريحات خاصة لوكالة أنباء الشرق الأوسط - أن المراهنات الإلكترونية ليست إلا صورة من صور "الميسر" المحرم شرعا، حيث تعتمد على المخاطرة والمقامرة دون بذل جهد حقيقي أو تقديم منفعة ملموسة، مما يؤدي إلى خسائر مالية فادحة، وقد يتعرض اللاعبون لعمليات احتيال ممنهجة.

وأضاف عمران أن القمار الإلكتروني يشكل خطرا مباشرا على المجتمع، نظرا لانتشاره السريع عبر الإنترنت واستهدافه الفئات الشابة من خلال الألعاب الرقمية والتطبيقات التفاعلية، مما يؤدي إلى الإدمان المالي والسلوكي، حيث يعتقد اللاعب بإمكانية تعويض خسائره، لكنه في الواقع يغرق في دوامة الديون والخسائر المتكررة.

كما نبه إلى الأثر النفسي المدمر لهذه الممارسات، إذ تؤدي إلى القلق والتوتر والإحباط، وقد تصل في بعض الحالات إلى الاكتئاب أو الانتحار.

أما الدكتور محمود شلبي، أمين الفتوى بدار الإفتاء المصرية، فقد سلط الضوء على التأثير السلبي للقمار الإلكتروني على الأسر، إذ يؤدي إلى التفكك العائلي والمشاكل الزوجية، خاصة عند تراكم الديون بسبب الإدمان على المراهنات.

وأشار إلى أن بعض اللاعبين يلجأون إلى الاقتراض أو حتى الاحتيال لتمويل إدمانهم، مما يزيد من معدلات الجرائم المالية في المجتمع.

وعلى الصعيد الاقتصادي، أوضح شلبي أن ضخ الأموال في مواقع قمار غير قانونية تديرها شركات خارجية يؤدي إلى استنزاف الاقتصاد المحلي، حيث يتم تحويل مبالغ ضخمة خارج البلاد، مما يؤثر سلبا على دورة الاقتصاد الوطني، ويهدد الاستقرار الاجتماعي بسبب تفاقم المشكلات المرتبطة بالبطالة والتشرد والاضطرابات النفسية.

وكان الدكتور نظير محمد عياد، مفتي الجمهورية، قد حذر سابقا من مخاطر المراهنات الإلكترونية، مشيرا إلى أنها تختلف عن التجارة المشروعة، حيث تنطوي على محاذير شرعية جسيمة، وتلحق أضرارا بالأموال العامة والخاصة، مما يعرض الأمن الفكري والقومي للخطر.

وأكد أن هذه الممارسات تستغل مشاعر الناس وأموالهم بطريقة غير شرعية، مما يؤدي إلى خسائر مالية ضخمة.

بدورها، قالت عبير أنور واعظة بوزراة الأوقاف - في تصريحات لوكالة أنباء الشرق الأوسط - إن القمار الإلكتروني خطر يهدد المجتمع ويسلبه موارده ويضعف مكوناته فيتحتم على الجميع التصدي له بالتوعية وبالقوانين الرادعة.

وأضافت أن الله تعالى عندما يحرم شيئا إنما يحرمه لخير البشرية والحفاظ على قوام حياة الإنسان وإعلاء قيمة العمل وبذل الجهد وعلى مر الأزمنة رأى الناس أضرار ممارسة القمار على من يمارسه وكيف فقد ماله وانقلب حاله فابتعد الناس عن تلك الممارسات.

والآن وفي رحاب الثورة الإلكترونية وجد الشيطان ضالته وأضيفت له أدوات حديثه ليعود برجسه متسربا من خلال ذلك العالم الافتراضي في صور عديدة مثل المراهنات الإلكترونية والألعاب التي تعتمد على المخاطرة، وهذا النوع من القمار لا يقل خطرا في تأثيره السلبي المدمر على حياة الأفراد فالبعض يفقد ماله ويفلس والبعض يتعرض لضغوط نفسية تفقده السلام بل قد تتجاوز ذلك إلى بعض حالات الانتحار، فضلا عن ضياع الوقت والجهد اللذين هما بمثابة رأس مال الإنسان يوجههم إلى ما يفيده في الدارين.

وأوضحت واعظة الأوقاف أن الرغبة في الحصول على المال دون بذل جهد تقود كثير من الشباب إلى هذا الدمار الإلكتروني فيصبح ذلك الشاب طاقة معطلة بعد أن أدمن هذه الألعاب وسيطر عليه حلم الثراء السريع، فضلا عن ما يلحق به من أضرار في دينه ونفسه وماله، يضطر بعض الشباب ممن وقعوا في فخ القمار الإلكتروني إلى السرقة والاحتيال وربما القتل طمعا في المكسب أو تعويضا للخسائر محققين بذلك هدف الشيطان كما أرشدتنا الآيات: ( إِنَّمَا يُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَنْ يُوقِعَ بَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاءَ فِي الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ..)

وأشارت إلى أنه أصبح الآن واجب الوقت أن تتضافر جهود جميع المؤسسات المعنية كل بأدواته من أجل التصدي لهذا الخطر والقيام بدور توعوي للأبناء وكذلك لذويهم لأن مثل هذه المراهنات والألعاب قد يقوم بها الإبن وهو بجوار والده دون أن يشعر الوالد أو يشك.

وخلص العلماء إلى أن الانتشار الواسع للقمار الإلكتروني عبر الهواتف الذكية والتطبيقات الرقمية، دفعت المؤسسات الدينية والتعليمية إلى تحرك عاجل ومتكامل لمواجهة هذه الظاهرة، من خلال حملات توعوية شاملة تهدف إلى تعزيز ثقافة "تحري الحلال" في الكسب والرزق، إلى جانب تشديد الرقابة على المنصات التي تروج للمراهنات عبر الإنترنت.

وأكد العلماء أن هذه الظاهرة تتطلب تعاونا بين الجهات المختصة، لحماية المجتمع من هذه الآفة الرقمية التي تهدد القيم والأخلاق، وتؤدي إلى نتائج مدمرة على الفرد والأسرة والاقتصاد.

أخبار الساعة

الاكثر قراءة