الإثنين 1 يوليو 2024

في ذكراه.. جليل البنداري مطربًا وكيف نجا عبد الحليم من طول لسانه؟

30-11-2018 | 14:38

خمسون عاماً حلت على رحيل بديع الصحافة المصرية جليل البنداري، صاحب المدرسة المميزة في الصحافة الفنية، وبعد أيام تحل مائة عام على ميلاده ، وإن جهل البعض شخصية جليل البنداري فهو الحاضر الغائب المتغلغل في وجداننا دون أن نراه من خلال ما تركه من أعمال فنية منها أفلام الآنسة حنفي وتمرحنة والعتبة الخضراء وسوق السلاح ولوعة الحب، ومقالات صحفية أرست لمدرسة جديدة في النقد الفني مع سرد حياة النجوم، فهو من أطلق على أم كلثوم "معبد الحب" وعلى عبد الحليم حافظ "العندليب الأسمر" وأطلق على أغنية "انت عمري" لقاء السحاب .

 

جليل الأدب وبنداري عليه

كان جليل البنداري موسوعة صحفية وثقافية وفنية تسير على قدمين، فهو الكاتب الصحفي والناقد الفني والشاعر الغنائي والمنتج السينمائي وكاتب القصة والسيناريست أيضاً، وقد اشتهر جليل البنداري بطول لسانه في كل المجالات التي عمل بها، ولم يسلم من لسانه قريب أو بعيد، صحفي أو فنان، حتى زميلتنا الكاتبة الصحفية عائشة صالح عندما أجرت معه حديثاً للكواكب لأنه أصبح ظاهرة تتحدث عنها كل الأوساط فقد حذرها المقربون أنه سوف يشتمها، لكنها أكدت أن البنداري لم يشتمها .. إلا بعد ربع ساعة من لقائه بها .. وبعد أن شاع طول لسانه عرف البنداري بلقب "جليل الأدب .. وبنداري عليه" ونسب اللقب مرة لمصطفى أمين ومرة لتحية كاريوكا حيث كانت لها معارك مشهودة مع البنداري، وقد شخص البنداري نفسه تلك الحالة التي أصبحت جزءًا من تكوين شخصية، فأكد لصديقه محمد وجدي قنديل أنه " أبيح " أي طويل اللسان وليس قليل الأدب ، فالأول يمسح الدموع والثاني يجرح المشاعر.

 

حليم ينجو من طول لسانه

أكد مجدي العمروسي في مقال له نشر له في 22 ديسمبر 1998 أن الفنان الوحيد الذي استطاع أن يستفيد من جليل البنداري وينجو من طول لسانه كان عبد الحليم حافظ، فقد كان للبنداري باب أسبوعي باسم "ليلة السبت" وقد طلب من حليم أن يأتي إليه ليجري معه حواراً لنشره في ذلك الباب .. وكان حليم يعلم قيمة تلك المقابلة وأنها ستزيد من شهرته ونجوميته ولكنه كان يخشى شتائم جليل البنداري ، فتوجه حليم إلى الكاتب الكبير محمد حسنين هيكل وعرض عليه مشكلته، فهو يرغب في إجراء الحوار مع البنداري لكنه لا يحب أن يشتمه أحد، فقال له هيكل : أنت طبعاً تعرف قيمة حديث تجريه مع جليل البنداري في باب ليلة السبت بأخبار اليوم وإلا ما كنتش جيت لي، وأنصحك ألا تجعل هذه الفرصة تفوتك .. ولكني سوف أجد لك طريقة أمنع بها عنك شتائم البنداري.

 

شتائم البنداري الصامتة

أمسك الأستاذ هيكل بسماعة التليفون وطلب جليل البنداري وقال له : يا أستاذ جليل .. أنا عندي عبد الحليم حافظ، وهو سعيد جداً أنك سوف تجري معه حديثاً في ليلة السبت، وأنا نفسي أحضر هذا الحديث، فهل يمكنك إجراء الحوار في مكتبي؟ .. ووافق جليل البنداري بعد أن فهم الأمر، وحضر إلى مكتب هيكل وبدأ إجراء الحوار مع حليم بطريقة الكتابة، فكان أول سؤال مكتوب لحليم هو : "إنت جايبني عند هيكل علشان ما اشتمكش يا ابن الـ ..." وتظاهر حليم بأنه لم يقرأ الشتيمة وأجاب بمنتهى الجدية : "أنا اسمي عبد الحليم على إسماعيل شبانه الذي أصبح عبد الحليم حافظ بنصف اسمه فأصبح عبد الحليم حافظ " .. وتوالت الأسئلة والأجوبة بهذا الشكل الصامت وكان هيكل يدري بما يدور ، وقد مضى الحديث ممتعاً وأصبح حليم في منتهى السعادة بأن حواره سينشر في ليلة السبت ، ومن هنا أحب عبد الحليم حافظ جليل البنداري وأعجب البنداري بذكاء حليم وتصادقا وقد أصدر البنداري كتاباُ عن حليم باسم "جسر التنهدات".

  

البنداري مطرباً

لم ينج الموسيقار محمد عبد الوهاب نفسه من أسلوب جليل البنداري، فقد ألف البنداري كتاباً عن عبد الوهاب باسم " عبد الوهاب طفل النساء المدلل"، سرد فيه البنداري كل أسرار حياته وعلاقته بالنساء ومغامراته العاطفية وزيجاته وقصص الحب التي عاشها وألهبت خياله ونتج عنها مئات الألحان الخالدة ، وأصبح عبد الوهاب الصديق الأقرب إلى قلب البنداري، وكثيراً من كان يسهر في بيت عبد الوهاب، حتى حاول البنداري أن يجتاز فناً يضاف إلى مواهبه وهو العزف والغناء، فقد نشر بمجلة الجيل خبراً في 3 يوليو 1963عن لسان عبد الوهاب بعنوان "جليل البنداري مطربا" وأفاد الخبر بأن البنداري داوم العزف على العود والبيانو بمنزل عبد الوهاب وأيضاً قام بالغناء، واعترف عبد الوهاب بأن صوت البنداري جميل رغم الخشونة الواضحة فيه، ولا يقصد عبد الوهاب باعترافه هذا أن يحول البنداري من ناقد مهمته الشتيمة في عباد الله الفنانين إلى مطرب ، وإنما يؤكد أن البنداري عنده إمكانيات "مش موجودة عند حد تاني" .