الخميس 13 يونيو 2024

صناعة التعدين المصرية تنطلق إلى العالمية

صورة أرشيفية

30-10-2023 | 14:55

بقلم: غالى محمد
وفقاً لما يتم الآن من الاهتمام بصناعة التعدين، وتطوير هيئة الثروة المعدنية المسئولة عن هذا القطاع، فكل الاستراتيجيات التى بدأ تنفيذها فى السنوات العشر الأخيرة، منذ تولى الرئيس عبدالفتاح السيسى تؤكد أن صناعة التعدين سوف تكون أهم صناعة فى العقود القادمة، لتكون صناعة الأجيال القادمة فى مصر. وليس هذا كلاما نظريا مرسلا بل إن الذى تشهده الآن هيئة الثروة المعدنية من تطوير وتحديث، ويقوم به المهندس طارق الملا وزير البترول والثروة المعدنية، يشير إلى أن صناعة التعدين فى مصر سوف تنطلق إلى العالمية فى جذب الاستثمارات وإقامة المشروعات لاستغلال كافة الثروات المعدنية فى مصر الغنية بها، وفى صحاريها التى تزخر بالعشرات من الخامات ذات الجودة الاقتصادية ومنها على سبيل المثال، الذهب والحديد والفوسفات والألمنيت والرمل الزجاجى والرمال السوداء والجبس والكاولين وأحجار الزينة والفحم والمنجنيز والكبريت والنيوبيوم والتتالم وخامات الرخام، وغيرها من الخامات ذات المردود الاقتصادى الكبير، والتى يتميز بعضها بالندرة على مستوى العالم. وإذا كنا نقول إن صناعة التعدين فى مصر المحروسة، سوف تنطلق إلى العالمية فى ضوء خطط التطوير والانفتاح التكنولوجى والمعلوماتى عليها بأحدث الوسائل والتى سوف نتحدث عنها فى هذا المقال، فالأهم أنها سوف تنقل الصناعة المصرية بصفة عامة وصناعة التعدين بصفة خاصة إلى مرحلة التركيز على تصنيع الخامات المعدنية، لتحقيق قيمة مضافة أعلى للاقتصاد القومى، بدلاً من تصديرها كخامات منخفضة السعر، وهذا هو الذى أصر عليه الرئيس السيسى منذ أن تولى الحكم، عندما قرر الاتجاه والتركيز على تصنيع خامات الثروة المعدنية، ووقف تصدير أى خامات كمواد خام دون مراحل تصنيعية، تزيد من القيمة المضافة للاقتصاد القومى. وبالفعل، تم إنشاء العديد من المشروعات التصنيعية للخامات التعدينية، مثل مشروعات تصنيع الرخام والفوسفات والسيلكون والرمال السوداء وغيرها، وقبل هذا مشروعات الذهب. وإذا كانت هيئة الثروة المعدنية والمعروفة من قبل باسم هيئة المساحة الجيولوجية، قد أنشئت فى عام 1896، أى منذ نحو 127 عاماً، فإنها من أعرق وأقدم المساحات الجيولوجية فى العالم من حيث تاريخ الإنشاء فى إفريقيا والشرق الأوسط والعالم العربى. كان اسمها فى البداية “مصلحة المساحة المصرية” ثم تغير فى عام 1905 ليصبح “مصلحة المناجم والمحاجر المصرية” ثم تغير اسمها مرة أخرى إلى “مؤسسة التعدين” ثم “هيئة الأبحاث الجيولوجية” ثم “هيئة المساحة الجيولوجية” وحاليا اسمها “الهيئة المصرية العامة للثروة المعدنية” منذ عام 2005، ورغم تغير الأسماء منذ إنشائها فى عام 1896 إلا أن الهيئة استطاعت القيام بدور مهم فى اكتشافات خامات الثروة المعدنية وتوفيرها للصناعات المختلفة واستمرت بصفتها الجندى المجهول وراء نجاح كثير من الأنشطة الصناعية والزراعية والسكانية وغيرها. ورغم ذلك، فقد شهدت بعض السنوات من قبل إهمال دور الهيئة وعدم تطويرها وتحديثها بشكل أدى إلى عدم الاستغلال الأمثل للثروات المعدنية التى تزخر بها الصحراء المصرية، بل وإهمال الصناعات التعدينية فى مصر بشكل عام، وإلى تخلف القوانين الحاكمة لهذا النشاط المهم، الأمر الذى أدى إلى عدم جذب الاستثمارات العالمية، بالشكل الذى يحقق الاستغلال الاقتصادى الأمثل لتلك الثروات، والكنوز التى تزخر بها الصحراء المصرية. لكن الرئيس السيسى منذ تولى كان أحد أولوياته ضرورة الاهتمام وانطلاق صناعة التعدين والتركيز على تصنيع كافة خامات الثروات المعدنية. وكانت البداية، تغيير وتطوير التشريعات التى تحكم هذا النشاط الحيوى فى مصر، وبالفعل تم إعداد قانون جديد للثروة المعدنية، وبمجرد أن وافق عليه مجلس النواب، بدأت ثماره تظهر فى جذب الاستثمارات، لكن كان لابد من وضع استراتيجية لاستغلال الثروات المعدنية، وبشكل يؤدى إلى جذب الاستثمارات العالمية، وكان أن استعان المهندس طارق الملا وزير البترول والثروة المعدنية باستشارى عالمى فى عام 2018 لوضع استراتيجية شاملة مع الخبراء المصريين لاستغلال الثروات المعدنية بشكل عالمى، ودراسة أسباب عزوف الاستثمار عن صناعة التعدين بمصر فى السنوات السابقة. وأسفرت الدراسات التشخيصية عن وضع استراتيجية لتطوير قطاع التعدين، وتم الاتفاق على سبعة عناصر وهى “تحديث النظام المالى – تحديث نظام التراخيص، تحديث نظام الهيكلة – تحديث النظام التشريعى – وضع خطة التعدين الاستراتيجية طويلة الأمد حتى عام 2040 – إنشاء نظام التسويق وترويج الاستثمار – تجهيز الكوادر وبناء القدرات”. وعلى مسارات تلك العناصر بدأ العمل، لتطوير وتحديث هيئة الثروة المعدنية ورغم قانون الثروة المعدنية الجديد، كان من الصعب أن ينطلق قطاع التعدين دون الاهتمام بالعنصر البشرى الذى سوف ينفذ هذه الاستراتيجية خاصة بعد سنوات طويلة سابقة من إهمال هذه الهيئة التى كانت تنتقل فيما قبل السنوات العشر الأخيرة، ما بين وزارة البترول ووزارة الصناعة، حتى استقرت فى السنوات العشر من حكم الرئيس السيسى مع وزارة البترول. وخلال الأيام الأخيرة، ظهرت الثمار التى ركز عليها المهندس طارق الملا وزير البترول والثروة المعدنية فى تطوير العنصر البشرى، حين كرم مجموعة من الجيولوجيين الذين اجتازوا هذا العام، برامج التدريب العالمية المختلفة بالتعاون مع الكيانات المتخصصة فى استراليا واليابان والصين، والتى حرصت وزارة البترول والثروة المعدنية على إلحاقهم بها. وبالفعل أصبح لدى الهيئة أكثر من 40 جيولوجيا تدربوا على أحدث البرامج المتخصصة فى المعهد الاسترالى للتعدين من خلال ترشيحهم وحضور سيمنار الموارد التعدينية وتطوير الإدارة للبلدان النامية والذى أقيم فى يونيه الماضى بمقاطعة “جيا نفشى” بمدينة “نانتشانج” بالصين، وكذلك حضور البرنامج التدريبى التابع لمنظمة “الجايكا” اليابانية، تحت عنوان استخدام الاستشعار عن بعد فى الاستكشاف التعدينى. وخلال يوم العمل الكامل، الذى قضاه المهندس طارق الملا فى هيئة الثروة المعدنية مستمعا ومحاورا للجيولوجيين المتدربين، أكد على أن تطوير العنصر البشرى بقطاع التعدين من المحاور الأساسية ومن الأولويات من خلال اكتساب المعرفة العلمية والخبرات المتخصصة داخل مصر وخارجها، وبشكل ينعكس إيجاباً على جذب الاستثمار، وذلك بعد إعداد الكفاءات والخبرات القادرة على مواكبة أعمال ومشروعات شركات التعدين العالمية التى تستثمر فى مصر أو ترغب فى البدء فى ضخ استثماراتها بعد الإصلاحات التى تتم لتطوير مناخ الاستثمار التعدينى. وأكد الوزير على أن تنمية موارد الدولة التعدينية، وتعظيم العائد منها وتشجيع الاستثمار المحلى والعالمى، لم يتحقق إلا بانتهاج الأساليب العلمية والعملية المتطورة ووجود الكوادر المؤهلة لذلك. نعم، أصبح فى هيئة الثروة المعدنية - بعد إهمال طويل - كوادر متدربة قادرة على التعامل مع الشركات العالمية فى التعدين، وبما يؤدى إلى تحقيق الأهداف الكبرى للرئيس السيسى ومنها أن يكون لدى مصر، صناعة تعدين عالمية، تركز على تصنيع الخامات وتزيد من فرص العمل، وتزيد من صادرات مصر الصناعية. ولم يقف الأمر عند هذا، لكى تنطلق صناعة التعدين فى مصر إلى العالمية، بل يجرى العمل على تنفيذ مشروع إنشاء المنصة الرقمية للخامات التعدينية والذهب، والتى تأتى كجزء من مشروع إعادة هيكلة نظام التراخيص وتحسين إدارة قطاع التعدين والتغلب على العقبات التى تؤخر جذب الاستثمار وذلك بما سيتوافر على تلك المنصة الرقمية، من المعلومات الجيولوجية والخرائط المطلوبة من قبل المستثمرين، لتسهيل وعرض الفرص الاستثمارية فى مجال الثروة المعدنية بمصر. وهذه المنصة، المقرر انطلاقها تجريبيا خلال الأشهر القليلة المقبلة، سوف تقدم خدماتها بشفافية للمستثمرين المهتمين بالوصول إلى معلومات حول حقوق استكشاف واستغلال الموارد المعدنية المصرية، وبما يمكنهم من معرفة أية معلومات للمنطقة التى يستهدفون استغلالها. باختصار سوف تتيح هذه المنصة كافة فرص الاستثمار وتسهيل إجراءات التراخيص للبحث واستغلال الثروات المعدنية فى مصر، الأمر الذى سوف يعد نقلة كبرى لكى تصل صناعة التعدين فى مصر إلى العالمية، وتحقيق الهدف الأكبر وهو التوسع فى تصنيع الخامات المعدنية بالصحراء المصرية والوصول إلى أكبر عدد من المشروعات التى تقود تصنيع الخامات ونشرالعمران فى الصحراء المصرية وزيادة فرص العمل. ومن ثم سوف يكون هناك عمل مهم خلال الأيام القادمة لتبدأ هيئة الثروة المعدنية البحث عن الثروات التعدينية فى المثلث الذهبى فى صعيد مصر، وذلك بعد توقيع بروتوكول تعاون بين هيئة الثروة المعدنية والهيئة العامة للمنطقة الاقتصادية للمثلث الذهبى. ووفقاً لهذا البروتوكول الذى شهده الوزير، من المنتظر أن تكون منطقة المثلث الذهبى من أهم مناطق صناعة التعدين فى مصر والمنطقة العربية سواء من خلال الاستثمارات المحلية أو جذب الاستثمارات العالمية. وإقامة مشروعات تعدينية هو الهدف من كل هذا، والذى يكمله تطوير العمل بكل مكونات هيئة الثروة المعدنية والذى جاء من بينها، افتتاح معلومات هيئة الثروة المعدنية. لا خلاف أن ما تشهده هيئة الثروة المعدنية من تطوير وتحديث سوف يحقق انطلاق صناعة التعدين فى مصر إلى العالمية، ولكن لا يزال هناك بعد غائب ألا وهو تطوير القانون الذى يتم تعمل به الهيئة وبالتالى اللوائح التى تصل بها، لتكون هيئة اقتصادية مثل هيئة البترول وكذلك هيئة الاستثمار، لأن كل الذى يتم بها الآن من تطوير لن يحقق الفاعلية الكبرى، إلا إذا تم تخليص الهيئة والعاملين بها من الروتين واللوائح الحكومية. وأعتقد أن تلك الخطوة سوف تكون محل أولوية أيضاً من المهندس طارق الملا وزير البترول والثروة المعدنية.