السبت 4 مايو 2024

«حياة كريمة» حلم مصر الحقيقى لتطوير الريف هل عرفنا الآن ماذا يعنى فقه الأولويات؟

صورة أرشيفية

6-4-2024 | 22:46

بقلـم: د.وفاء على
نحن نحب مصر ولكن هل نحبها بالقدر الذى تستحقه، فكلنا مصريون حتى النخاع وتحتاج منا اليوم أن نكون يدًا بيد نبنى ونعمر ونطور ونعمل جاهدين على ازدهارها فهى أغلى ما نملك.. واليوم والقيادة السياسية تجدد العهد واليمين للعبور إلى المستقبل فإننا يمكن أن نعتبرها لحظة جديدة للتوحد الوطنى والشعور بالانتماء إلى هذه الأرض الطيبة. ‎معلوم أن المصريين لا يسلمون مفاتيح حياتهم لأحد إلا عندما تتوافر الثقة فيه وهو ما حدث بالفعل، حيث استطاع الرئيس السيسى أن يقدم للمصريين كل مصادر التأكيد لهذه الثقة ونجح بالفعل فى أن يرسو بنا على بر النجاة من براثن المؤامرات من خلال حكمة الرأى وصواب الرؤية لقيادة واعية ورشيدة تعرف قدر مصر، ولذلك ذهب بها إلى مربع القوة واقتحم مربعات المنافسة العالمية فى سباق مع الزمن، وكأنه يقرأ الأحداث قافزًا على السنوات بالدبلوماسية الرئاسية التى ابتكرها لنفسه بإدراك بمصلحة مصر وكيف يخاطب الجميع وكيف يحترمنا العالم، فاحترام العالم هو الأهم والحديث عن الإنجازات الاقتصادية للقيادة السياسية خلال هذا المسار الذى تبنته الدولة أمر مهم.. ‎فالمشروعات القومية مثلت نقطة توحيد أطياف الشعب برغم اختلاف الأيديولوجيات واستطاعت القيادة السياسية أن تحقق المصلحة العامة ووضعها على رأس أولويات الدولة لرسم خريطة لتنفيذ الأهداف بشكل صحيح.. إن فكر القيادة السياسية وفلسفتها دائمًا هو الانتصار لأصحاب البيت المصرى فأسهمت المشروعات القومية بشكل عام لتصبح شرايين للحياة المصرية فى إحداث نقلة اقتصادية واجتماعية، وقد أصبح للدولة المصرية مقياسا ومؤشرا للأداء واستراتيجية تتميز بالحداثة وكذلك الاستدامة وبمقارنة بسيطة بين الماضى بالحاضر فقد فرضت الحالة السياسية والاقتصادية التى شهدتها البلاد خلال الفترة من 2011 حتى 2013 أن يكون هناك دور للدولة ومتخذ القرار ووضع الرئيس السيسى هذه الآلية. ‎لقد كان الرئيس السيسى يمتلك القوة الدافعة للتعامل مع التحديات وليس سهلًا أن تواجه الدولة أزمات متتالية بدأتها بتحديات فترة ما بعد 2011 حين كانت معاناة الاقتصاد المصرى وخسارته لـ400 مليار دولار على كل المناحى، وهو ما أثر على نظرة العالم والمؤسسات المالية لمصر كدولة غير مستقرة.. و‎استطاع الرئيس السيسى أن يقود بلاده خلال الفترة الماضية رغم كل التحديات، ولم يتوقف العمل ولم تتوان الجهود وسعى بالدولة إلى مربع من مربعات القوة، وهو فكر الاكتفاء الذاتى كأحد تجليات التنمية المستدامة والاكتفاء الذاتى كمبدأ اقتصادى بأبعاده الإنسانية التى تكفل حياة كريمة لكل أفراد المجتمع، وقام فكر القيادة السياسية على فكرة الاكتفاء بالأساس لتكون سبيلًا لتقليل الواردات وتطوير الإمكانات الذاتية، بما يدعم السيادة الوطنية، فالاكتفاء حماية وطنية تقلل الضغط على ميزان المدفوعات بما يحقق إضافة للناتج المحلى مع وضع المعادلة أو الوصفة السحرية التى أوجدتها حنكة الرئيس وهو كيف تكتفى مصر فى الغذاء والدواء والتعليم والصناعة وهو امتدادًا للاستقلال الوطنى والعمل على تحرير الدولة المصرية من التبعية واستعدال البوصلة الداخلية، وأن نخرج دومًا منتصرين رغم كل الظروف. ‎وكلما كانت القواعد راسخة وعلى أساس علمى سليم كان البناء ثابتًا بدون تهويل أو تهوين، بناء غير قابل للهدم، بل بناء أكثر قدرة على الاستدامة للأجيال القادمة غير ملتفت لآراء الهادمين بثباته الانفعالى. هذه الفلسفة جعلت الجميع يدرك أن هناك ضلعا من القوة أنجزه وبسرعة تمثل فى شبكة طرق هى الأكبر فى الشرق الأوسط بتكلفة تجاوزت الــــ377 مليار جنيه، وقد أدركنا مؤخرًا أهمية نظرية الاستباق والميزة التى منحتها هذه الشبكة للدولة.. ‎وفكرت الدولة سريعًا كيف توجه الاستثمارات وتدبر مواردها ورأت أن الجزء الأكبر لابد أن يكون ومن خلال إعمار البنية التحتية ورفع مستوى الخدمات، فالبنية التحتية قبل 2014 كانت متهالكة (صرف، كهرباء، مياه) ولم تكن فى معدلها الطبيعى الذى يجب أن يكون 21 بالمائة من إجمالى الاستثمارات، أما قطاع النقل والتخزين فيجب أن يستحوذ على 16 بالمائة، ويأتى قطاع الاستخراجات بنسبة 15 بالمائة والصحة والتعليم بنسبة 8 بالمائة والصناعات التمويلية بنسبة 7 بالمائة واستحوذت باقى القطاعات على نسبة 33 بالمائة. وجعلت القيادة السياسية حجم هذه المشروعات وانعكاسها على قائمة أولوياتها عن طريق استهداف المشروعات الكبرى باستثمارات فاقت الـ7 تريليونات جنيه فى المرحلة الأولى بهدف تعزيز التنمية الاقتصادية المستدامة، وهنا أتت آلية المشاركة لتسمح للقطاع الخاص بتنفيذ ما قيمته 60 بالمائة من هذه المشروعات، مما يعنى أن القطاع الخاص تحديدًا قد استفاد من هذه المشروعات. ‎وكان لابد أن تبدأ الدولة المصرية بمد شرايين الحياة لإمكانية تحقيق النمو وجلب الاستثمارات فقبل 2014 كانت البنية التحتية والفوقية فى حالة لا تسمح بجذب أى مستثمر، وجاءت مشروعات الطرق والكبارى التى تعتبر من أهم المشروعات التى ترتبط بالتنمية الاقتصادية فهى التى تمد وتوفر إمدادات الطاقة وتوفر فرص العمل الكبيرة والتنمية المحلية. ‎فهذه المشروعات لم تأت من أجل الرفاهية، وإنما هى ضرورة بحتة وملحة فى تشكيل جغرافيا جديدة لمصر وتسهم بشكل مباشر فى تحسين جودة حياة المواطنين، وتعزيز قدرات الدولة فى مواجهة التحديات الاقتصادية. ‎وتظهر الأرقام والإحصائيات أن الاستثمار فى هذه المشروعات قد أتى بنتائج إيجابية، حيث ارتفع تطور البنية التحتية فى الدولة، ومن ثم زادت فرص الاستثمار والتنمية، ولذلك كان لزامًا على الدولة التى تسعى للتقدم وجلب الاستثمارات أن تهتم بهذه المشروعات القومية، وأن يكون من أولوياتها هذه المشروعات وهو ما لم يستوعبه من يتحدثون عن فقه الأولويات. ‎لقد أسهمت هذه المشروعات فى إنشاء مدن عمرانية جديدة جاذبة لفرص العمل والسكن والإقامة، وأصبحت قادرة على استيعاب حجم الزيادة السكانية فى المناطق الكثيفة بالسكان والمساعدة على الاستغلال الأمثل لثروات مصر القومية مثل التعدين والسياحة. ‎وضعت القيادة السياسية على رأس أولوياتها مبكرًا أننا يجب أن نمضى فى طريقنا ويكون لدينا تحول لأحلامنا كمركز دولى للتجارة العالمية والطاقة، ولم تترك هذا الملف تبعًا للظروف الدولية أو الأحداث الراهنة، فوسط كل هذا الضجيج العالمى والأحداث المتصارعة والتوترات المشحونة بالتغيرات الجيوسياسية وصراع الكبار كانت مصر تخطط وتعمل وفق قرارات سديدة فالقاعدة أنه عندما تأتى الرياح فاغتنمها، وهذا ما سعت مصر أن تفعله. ‎لقد وضعت القيادة السياسية فى اعتبارها منذ اليوم الأول لتولى المسئولية استغلال كل الأدوات الجيو اقتصادية لمصر للحفاظ على تأمين الجبهة الداخلية وتعزيز سياستنا الخارجية، والتف الجميع حول القيادة لتوسيع قناة السويس وتعميقها لندخل نادى الكبار للتجارة العالمية وكمنصة للتصدير للأسواق العالمية والإقليمية وتعزيز تقديم الخدمات البحرية وتموين السفن لتحقق حلماً طال انتظاره.. واستطعنا العمل على مصادر عدة شملت ممرات لوجستية زراعية وصناعية وخدمية وتعدين وإنشاء وشبكة طرق وشرايين مواصلات ضخمة للربط بين الممرات والموانئ وانشاء وتطوير موانئ جافة ومناطق لوجستية وزيادة الأعماق فى الموانئ بجانب مركز إقليمى للطاقة وكسرت الدولة المصرية أحلام الطامعين فى ترند الحيازة الدولية للتجارة العالمية، فلدينا ظهير قوى يعتبر بمثابة نقطة الارتكاز للتجارة وزيادة حجم الصادرات المصرية لتصل إلى 145 مليار دولار. ‎لقد مدت مصر شرايين الحياة على المساحة الكونية لمصر واستكملت دورها فى الربط البرى والبحرى والسككى، وذلك لاستكمال منظومة عناصر القوة الضاربة أو الشاملة، لذلك رصدت الدولة المصرية من خلال وزارة النقل تكلفة تقديرية منذ 2014 حتى عام 2024 تصل إلى نحو 1,58 تريليون جنيه فى نهج تكتيكى استهدف الموانئ الجافة والبرية والمناطق اللوجستية وكل مشروعات النقل المستدام. كان فكر القيادة السياسية هو تغيير شكل الجغرافيا واختيار أماكن ونماذج حية لعبقرية المكان وشخصية مصر، وكانت مشروعات غرب مصر من أهم المشروعات التى حولت الأرض من أرض الألغام لأرض الأحلام فى تشخيص لهذه الدولة التى حباها الله بهذه البقاع الرائعة الوصف والتى أهملت كثيرًا وحولتها الدولة إلى واقع ملموس وطبقت فيها نظريات النسق المعمارى بمنتهى الأريحية فى هذه المناطق التى تتمتع بالبعد الاستراتيجى المصرى والقوة الشاملة الضاربة، فمشروع مصر الوطنى يعمل على عدة محاور، ومنها خلق مجتمعات عمرانية جديدة تنير العقول وتخلق وسطا جديدا بعيدا عن التطرف والإرهاب، وربط التعليم بسوق العمل وإنشاء مدن الجيل الرابع لتكوين نافذه على العالم وللعالم، وأهم المدن السياحية فى الشرق الأوسط العلمين الجديدة وظهير فعال لتطويع الصحراء. ‎فالجمهورية الجديدة ليست شعارا أو «ترند»، وإنما انطلقت نحوها الدولة بخطى سريعة وواثقة لتغير وجه مصر على كل الحيز الجغرافى لجمهورية مصر العربية. جبر معدلات البطالة ‎عكفت الدولة المصرية منذ 2014 حتى الآن على وضع استراتيجية قومية لمواجهة شبح البطالة لأنها مشكلة اقتصادية تتعلق بالإنسان المصرى وليست كأى مشكلة اقتصادية أخرى، فهى تتعلق بالهوية والكرامة والشرف، ولها أبعاد اجتماعية واقتصادية وتنموية تتشابك كلها بهدف مصر المستقبل، ففى الوقت الذى يمر به العالم بظروف شديدة التعقيد كانت الدولة المصرية لا تركز على قطاع بعينه دون الآخر، وإنما تسير بالتوازى مع كل القطاعات بما يضمن استدامة منظومة التشغيل. ‎وقفزت مصر وحملت معها أحلام وطموحات شبابها بعد أن خرجت بأفكارها لرؤية واستراتيجية لا تعتمد على التوظيف التقليدى وأعطت المفتاح السحرى نحو استغلال طاقات الشباب، واحتواء مجهوداتهم فى مشروعات التنمية العملاقة، سواء صناعية أو زراعية أو التشييد والبناء ومشروعات الطاقة والتوسعة السككية، كذلك المشروعات الصغيرة والمتوسطة متناهية الصغر ولم تترك الشباب للإحباط واليأس، وإنما سعت إلى توفير فرص عمل لمليون خريج سنويًا. ‎وذلك بتنظيم الإنفاق وكل الأوجه الخاصة بالاستثمارات التنموية ليصل معدل البطالة طبقًا لإحصائية وبيان الجهاز المركزى للتعبئة والإحصاء إلى 7,1 بالمائة، بعد أن كانت 13,4 بالمائة قبل 2014 وجاءت المشروعات القومية بفلسفتها التى تحمل أمرين تنمية اقتصادية، وأيضًا نمواً حقيقياً بزيادة فرص التشغيل والقضاء على البطالة، خصوصًا المشروعات كثيفة العمالة والتى أدت دورًا هامًا فى الحفاظ على سريان عجلة الاقتصاد والإنتاج وتحسين سوق العمل، فضلًا عن تحقيق التمكين الاقتصادى للشباب والمرأة، وهو الأمر الذى أسهم فى رفع معدلات التشغيل وتراجع معدلات البطالة، وتمكين الاقتصاد المصرى من الصمود، وتحمل أعباء مرحلة عدم اليقين التى تمر بها مختلف الاقتصادات حول العالم، وتأتى التقارير من المؤسسات المالية الدولية مثال «فيتش» لتتوقع استمرار انخفاض معدل البطالة خلال السنوات المقبلة، وأن مصر ستكسر شبح البطالة حتى عام 2026 لتصل إلى 6,8 بالمائة وعام 2027 إلى 6,4 بالمائة. ‎حياة كريمة ‎هذا هو حلم مصر الحقيقى لتطوير الريف المصرى بمشروع حضارى الذى كانت تنتظره مصر منذ زمن بعيد ليفتح فرص العمل لأكثر من 500 ألف شاب وزادت استثماراته لتقترب من التريليون جنيه، واعتبرتها القيادة السياسية من القضايا الأساسية التى انتصرت للمصريين ورفع كفاءة القرى المستهدفة، التى تسع حوالى 60 مليون مواطن مصرى وتوفير ورفع كفاءة خدمات البنية التحتية، وتوفير ورفع كفاءة التنمية الاجتماعية والاقتصادية، فقد كان الهدف الأسمى هو الإصلاح لكى يتوافر للإنسان المصرى حياة يستحقها بالفعل، بلا غربة أو معاناة، وحقق مشروع التواصل المستدام بين أجهزة الدولة والمواطن، وأن تكون هناك فلسفة جديدة لجودة الحياة والتطوير نحو الرقمية والشمول المالى كانت المنهجية تغيير الجغرافيا الحياتية، فالحاجة والعوز جائحة تدمر الحاضر والمستقبل وتدخل الدولة فى متاهة يصعب الخروج منها كالتخلف والجهل، ولابد من العمل بإخلاص وجد وإتقان، وجاء تكافل وكرامة ليشمل المصريين بدلًا من الحاجة. ‎نجحت الدولة المصرية فى السيطرة على الفائض والهدر من كميات القمح التى كنا نفقدها خلال السنوات الأخيرة ووصلت الدولة بجهدها الغنى والاستراتيجى إلى معادلة حول احتياجات الدولة المصرية لتوفير المخزون الاستراتيجى من سلعة القمح، ولذلك كان المشروع القومى للصوامع بنية أساسية لتداول الحبوب عالميًا لتحقيق السيادة الغذائية لتوفير طاقة تخزينية تصل إلى 7,2 مليون طن سيتم إدارتها بطريقة احترافية للوصول إلى حجم التداول المتوقع لأنظمه النقل متعدد الوسائط بالمشروع إلى حوالى 65 مليون طن سنويًا. آمنت القيادة السياسية بفكر الاستقلال الوطنى والاكتفاء، لذلك اهتمت بإنشاء المجمعات الصناعية «147 منطقة» حتى عام 2022 وأيضًا المناطق الخاصة بالمطورين وصلت إلى ما يزيد على 17 منطقة صناعية، بالإضافة لمجمعات المستثمرين وعددها 17 مجمعًا فى 15 محافظة بتكلفة تصل إلى 10 مليارات جنيه بإجمالى 5046 وحدة صناعية توفر 48 ألف فرصة عمل، بالإضافة للمساندة التصديرية التى بلغت 56,7 مليار جنيه لنحو 2700 شركة والترويج بالمعارض الدولية والتحفيزات الضريبية وقوانين الاستثمار، وتغيير خريطة الصادرات لتتواكب مع الوضع العالمى مع الاهتمام بالصناعات التمويلية من خلال المنطقة الواعدة بمحور قناة السويس والتى جلبت المزيد من الاستثمارات من أجل توطين صناعة الهيدروجين والطاقة النظيفة. ‎لقد آلت الدولة المصرية وقيادتها على توفير الاحتياجات الزراعية بزيادة المساحة المزروعة بالتوسع الأفقى والرأسى بمشروعات جعلت صادراتنا الزراعية تصل إلى 7 ملايين طن، فتوشكى ودلتا مصر ومستقبل مصر ومحور الضبعة كلها تلعب دورا هاما فى السيادة الغذائية. ‎ختامًا لما سبق لن تستطيع الأوراق أن تجمل كل الإنجازات، وإنما كنا فى حاجة إلى فكر خارج الصندوق، وبدأت طريقها للعمل والبناء والإصلاح لاقتصاد وطنى تنافسى قادر على تحمل الصدمات والأزمات العالمية المتتالية لنخطو نحو المستقبل من قيادة واعية إلى النمو المستدام، الإنجازات مستمرة، ولنا حديث طويل عنها، فإذا نجحت مصر نجح الآخرون.