السبت 1 يونيو 2024

فى الدورة الـ 16 من ملتقى الأقصر الدولى لفن التصوير: «سيدتى.. أستحق الحياة» لوحات فنية تخاطب ضمير العالم برس

ملتقى الأقصر

27-11-2023 | 21:00

تقرير تكتبه: أمانى عبد الحميد
بأبيات شعرية وألوان علمها البيضاء والخضراء والحمراء وبكوفية فلسطينية حضرت «غزة» بقوة ضمن فعاليات الدورة السادسة عشرة من ملتقى الأقصر الدولى لفنون التصوير. لم تغب عن لوحات الفنانين المشاركين برغم حالة التأثر الشديدة بحضارة مصر القديمة. الكل وقف دقيقة حدادا على أرواح شهداء الحرب الإسرائيلية الوحشية ضد الأبرياء. وكادت أعينهم تفيض بالدمع على حال الضحايا والمصابين والأطفال المشردين على أرض فلسطين الحرة. 17 فنانا وفنانة حضروا يحملون مشاعرهم وقناعاتهم وثقافة بلادهم وتراثها الإنساني. جاءوا ليتفاعلوا مع حضارة مصر القديمة الباقية بين جدران معابد الأقصر. فخرجت أعمالهم الفنية كمزيج فنى صادق عما تحمله ثقافات العالم القديم والجديد. وإن أبدت أعمالهم الفنية حالة من التعاطف الإنسانى مع معاناة أهالى غزة وما يتعرضون له من جرائم حرب غير مسبوقة. وبينهم وقفت د. نيفين الكيلانى وزيرة الثقافة وهى ترتدى ملابس مستوحاة من التراث السيناوى الذى لا يختلف كثيرا عن تراث أهالينا فى فلسطين. تجولت بين أعمال الفنانين المشاركين قبل أن تدعو الجميع إلى الوقوف دقيقة فى صمت حدادا على أرواح شهداء غزة. ثم أبدت امتنانها لكل المشاركين فى فعالية الملتقى الذى تحتضنه مدينة الأقصر منذ نشأته منذ 16 عاما. واصفة الملتقى بأنه: «فرصة سانحة أمام فنانى مصر والعالم كى يستمتعوا بما تزخر به الأقصر من طبيعة ساحرة معبرة عن حضارة مصر العظيمة وتاريخها العريق..». واصفة إياها بأنها محرك بصرى وفكرى لأعمالهم الفنية وتعبيراتهم الحُرة. وبنهاية كل دورة من دورات الملتقى «نستمتع بأعمال فنية امتزجت فيها كل المقومات المصرية الأصيلة بثقافات دول العالم المختلفة..» على حد تعبير «الكيلاني». التى قالت: «نسعى إلى تنمية الحوار بين الشعوب عبر فنانيها ومبدعيها..». وهو ما ينتج عنه حصيلة ثرية من الأعمال الإبداعية تصبح ضمن مقتنيات وزارة الثقافة المصرية فى نهاية كل دورة من الملتقى. لذا دعت الفنانين المشاركين أن يكون فنهم رسولا ورسالة لثقافة مصر حول العالم وأن يمثل امتدادا للتاريخ الذى سجل من قبل منتجا فنيا وحضاريا صنعه الأجداد ومازال حتى اليوم شاهدا على فصول التاريخ المصرى المتعاقبة..» على حد قول وزيرة الثقافة. وهو ما يمثل أيضا «رسالة إبداع فنى وسلام للعالم أجمع..» على حد تعبير د. وليد قانوش رئيس قطاعى صندوق التنمية الثقافية والفنون التشكيلية. حيث يعتبر الملتقى من أهم الفعاليات الدولية الذى تنظمه وزارة الثقافة المصرية وتدعو فيه مجموعات من الفنانين والمبدعين من مختلف الدول العربية والأجنبية إلى جانب الفنانين التشكيليين المصريين. الأمر الذى يدعم الحركة الفنية بقوة داخل مصر ويسمح لها بالتنوع والانفتاح على حركات الفن التشكيلى العالمي. وكما أكد «قانوش» فالملتقى «ميدان تواصل بين المبدعين..» يحمل رسالة سلام ويخلق حوارا إيجابيا يؤثر بشكل فعال على الحركة التشكيلية ويدعم تنمية الحياة الثقافية فى مصر». هذا ما بدا جليا على لوحة الفنانة الأرمينية لوزين تومانيان التى رسمت أحد تماثيل الملك رمسيس الثانى ليلا حيث ينسدل على وجهه ضوء القمر وبجوار قدمه الضخمة يجلس حارس المعبد بزيه الصعيدي. صورة تبدو تقليدية عن الحضارة المصرية القديمة شاهدنا تفاصيلها داخل كتب التاريخ لكنها كما تراها «لوزين» «تراثا إنسانيا متصلا بين الأحفاد والأجداد لا يزال يعيش بالرغم من مرور آلاف السنين..». وهو التراث الممتد داخل عقل الفنان المصرى محمد عبدالهادى الذى جاء عمله الفنى ليجسد حالة التواصل والمعركة المحتدمة بين الخير والشر منذ بداية الخليقة. حيث جسدها برموز مصرية موروثة تكشف عن قبح الشر وصمود الخير فى وجهه عبر الزمن. وبالتأكد جاءت غزة فى أعمال الفنان محمد عبدالهادى لتحمل ويلات تلك الحرب المستعرة. وهو ما جعله يستعين بأبيات من قصيدة الشاعر أمل دنقل «لا تُصالح» كما جسد الملك يحمل على صدره نقشا لبعض أبيات قصيدة الشاعر الفلسطينى محمود درويش «أم البدايات أم النهايات.. كانت تسمى فلسطين.. وصارت تسمى فلسطين.. سيدتي: أستحق..لأنك سيدتي.. أستحق الحياة..». وجاءت لوحة الفنان القطرى محمد عتيق لتجسد حالة الصراع فى الشرق الأوسط وما يموج بها من أطماع وأوجاع طالت كل بقعة تطل على البحر المتوسط. وإن آثر لون البحر والسماء ليدلل على نقاء تلك المنطقة النقية بالرغم مما يحيط بها من شرور. فى حين اكتفت الفنانة نهى إلهامى بتجسيد رموز الحضارة المصرية القديمة فى لوحتين «ابن آوى وبقرة حتحور حاملة قرص الشمس». وإن جاءت ألوانها ساخنة إلى حد الاشتعال وكأنها تحمل بين جوانبها مشاعر الحرب والدم والألم الذى يعتصر مصر والعرب جميعا. نفس المشاعر بدت جلية فى لوحة الفنان المصرى محمد تيسير حامد، وجاءت كتعبير صادق عن تراث مصر وحضارتها الإنسانية التى تكونت عبر التاريخ والتتابع الزمنى بشكل متصل بين أهلها بلا انقطاع. وهو ما بدا فى أعمال الفنانين المصريين المشاركين والبالغ عددهم تسعة فنانين ينتمون لمختلف المدارس الفنية وهم: محمد كمال عبد الهادي، سلام يسرى، عاليا عيسى، عمر سناده، محمد تيسير حامد، مروة ناجى، مهاب السيد أحمد، يسرا محمود، نهى الهامى. كما بدت حالة التأثر والتمازج فى أعمال الفنانين العرب خاصة الفنان القطرى محمد عتيق والفنانة السعودية أمل فلمبان. كذلك جاءت المشاركة الأجنبية لتكشف عن قوة تأثير مصر على حركة الفن والإبداع بتواصل حضارتها القديمة. وهو ما بدا فى عمل الفنان الروسى اليكساندر زيرنوكلييف الذى قام بتصوير حركة المراكب الشراعية التى تتميز بها المراسى النيلية فى الأقصر. وكذلك فعل الفنانون الأجانب الذين استحوذت عليهم تفاصيل طيبة القديمة وما تحويه من تاريخ طويل من التراث الحضارى الإنسانى غير المسبوق ومنهم الأمريكى أتوسا رحمانيفار ومثله من اليابان ياكو سومايا، ومن نيبال سانجى شريستا. ولا تزال فعاليات ملتقى الأقصر الدولى لفن التصوير تتواصل فى القاهرة، حيث يقوم صندوق التنمية الثقافية بتنظيم معرض لجميع الأعمال الفنية نتاج الملتقى مع بدايات شهر ديسمبر المقبل وسط حفل لتكريم الفنان المصرى حلمى التونى.