السبت 1 يونيو 2024

بسبب المجازر فى غزة بايدن فى مواجهة الشعب الأمريكى

صورة أرشيفية

28-11-2023 | 17:05

تقرير: يمنى الحديدى
أعلن بايدن دعمه الكامل لإسرائيل منذ البداية، فاتهمه الكثير بإعطائه الضوء الأخضر لتلك المجازر التي ارتكبها الاحتلال في قطاع غزة، بل وخصص جزءاً من أموال الضرائب لمساندة حكومة نتنياهو في الحرب المزعومة على حماس، بجانب الترسانة العسكرية الأمريكية التى حركها لنفس السبب، ظنا منه أنه يرضى الشعب الأمريكى، لكن المفاجأة أن الأمر لم يجر كما اعتاد أن يكون، فصور الأطفال تحت الركام كانت كفيلة أن تقلب الأمريكان على بايدن و على الكيان. فى أحدث استطلاعات للرأى قامت بها عدة مؤسسات إعلامية وبحثية أمريكية، ونشرتها شبكة “ايه بى سي” نيوز الأمريكية عن كيف يتفاعل الأمريكيون مع ما يحدث فى غزة، وجدت أن هناك تغيرا حادا فى موقف الأمريكيين الذين اعتادوا دائما إعلان التعاطف ومساندة إسرائيل، وزاد هذا التباين مع مرور عدة أيام واستمرار القصف على قطاع غزة، وبدأ التحول التدريجى من التعاطف مع إسرائيل إلى التعاطف مع فلسطين من اليوم الأول حتى العشرين من الشهر الماضى، لينتهى الأمر بأن أغلب من كان يؤيد إسرائيل فى السنوات السابقة أصبح الآن يتعاطف مع الشعب الفلسطيني. الأمر ليس مقصورا على استطلاعات الرأي، فمواقع التواصل الاجتماعى مملوءة بالعديد من الفيديوهات التى يتحدث فيها الأمريكيون عن كيف قام الإعلام فى بلدهم بتضليلهم، وبتزييف الحقائق حتى يظلوا دائما سندا لإسرائيل، ويعطوا الحكومات الحق فى دعمها ماديا وعسكريا، وحقيقة لم ينتشر هذا الشعور فى الشعب فقط، ففى الأوساط الدبلوماسية والإدارية كان هناك خط موازٍ رفض ما يقوم به بايدن لدعم إسرائيل، وأعلن بلينكن صراحة أن هناك معارضة داخل وزارة الخارجية وغيرها لما يقوم به بايدن،و استقال على إثرها عدد من الدبلوماسيين. ولم يكتفوا بذلك فقد قام البعض الآخر بإرسال عدة رسائل داخلية للوزارة عبر القناة الداخلية التى أنشئت أعقاب حرب فيتنام –حيث تمكنهم من تسجيل الاعتراضات على السياسة العامة للوزارة-، ورغم أن بعض هذه المخاطبات لم تكن مصحوبة بالأسماء، إلا أن البعض الآخر أصر على تسجيل اعتراضه باسمه، حيث يقول ديفيد ميللر الذى يعمل مستشارا للعلاقات العربية الإسرائيلية منذ 25 عاما أنه لم ير شيئا مثل هذا من قبل، وأن هذه الأحداث قد أذهلته. مشاهد ومواقف لم تكن معهودة فى الولايات المتحدة، وإن دلت على شيء تدل على أن هذه المرة ليست كسابقتها، وأن الجميع لن يقعوا بعد الآن فى فخ الإدارة الأمريكية، الأمر الذى دفع بايدن لتغيير لغته قليلا، وبإطلاق تصريحات بضرورة حماية المدنيين وغيرها التى تقول فى ظاهرها أن بايدن يدعم المدنيين الفلسطينيين، لكن فى حقيقية الأمر تظل مجرد كلمات والحقيقة أن الولايات المتحدة هى من تدعم إسرائيل وتساندها حتى الآن. وهو ما يثير غضب الكثير من الأمريكيين، والأكثر بالطبع هم العرب الأمريكيون، فهؤلاء أعلنوا صراحة أن أصواتهم لن تكون لبايدن فى انتخابات العام القادم، وبالأخص ولاية ميشيغان التى تسمى بعاصمة العرب حيث يوجد بها أكبر جالية عربية وإسلامية ينحدر أغلبها من الشرق الأوسط، والتى لعبت دورا رئيسيا فى وصول بايدن للحكم فى 2020. فهناك وفى مدينة ديربورن أطلق الزوجان نادية ومحمد أيوب نداءات عبر وسائل التواصل للبحث عن الطفل الفلسطينى محمد رياض أبو حسين، الذى استضافته الأسرة خمسة أشهر فى عام 2018، حيث كان يتلقى العلاج لساقه المبتور، وكان الزوجان على التواصل معه حتى الأسبوع الأول من نوفمبر، حيث أرسل لهم رسالة بأنه ذاهب لمخيم للاجئين فى جباليا، ومن بعدها انقطعت كل أخباره، وزاد من قلقهم هو استباحة إسرائيل لمخيمات اللاجئين ومدارس الأونروا وقصفها بالطائرات، فيخشى الزوجان الآن أن يكون محمد راح ضحية لواحدة من هذه الغارات. نادية وغيرها من العرب فى هذه الولاية أصبحوا متأكدين أن بايدن الآن يده ملطخة بدماء إخوانهم من الفلسطينيين، وأن من أعطاه صوته المرة الماضية، خسره إلى الأبد هذه المرة، كما نشرت صحيفة “عرب أمريكان نيوز” المحلية صورة لبايدن مرفقة بعنوان “لقد خسرت أصواتنا”. وستكون هذه الولاية المتأرجحة ولاية حاسمة فى انتخابات 2024، كما كانت دائما، ففى انتخابات 2016، حصل ترامب على هذه الولاية بفارق 10 آلاف صوت، وحصل بايدن عليها فى 2020 بفارق 154 ألف صوت، ويعتقد البعض أن هذا لن يتكرر مرة أخرى، فالجميع فى ميشيغان يشعرون بأنه قد تمت خيانتهم من قبل إدارة بايدن، فبالرغم من أنهم يعلمون مدى دعم الولايات المتحدة لإسرائيل ولم يتعجبوا من موقف بايدن فى البداية لكن أن يزور تل أبيب فى وقت تأجج الحرب وقتل المدنيين الفلسطينيين على مرأى ومسمع منه، فهذا لم يتقبله العرب. وصرح المعهد العربى الأمريكى بأن تأييد العرب للحزب الديمقراطى قد تراجع منذ بداية الأزمة ليتحول من 59 فى المائة فى 2020 إلى 17 فى المائة الآن، وهى أول مرة منذ 30 عاما لن يكون فيها تأييد العرب للحزب الديمقراطى فى الانتخابات الرئاسية.. المشكلة لدى البعض فى ديربورن أن البديل هو دونالد ترامب وهو خيار غير محبب لكثير من المسلمين هناك، لأنه منع مهاجرين من سبع دول إسلامية من دخول أمريكا لفترة من الوقت، كما أنه كان أكثر تحيزا لإسرائيل ونقل العاصمة للقدس، وهو ما قد يدفع الكثير من المسلمين العرب للذهاب لمرشح آخر. والغريب أن عددا كبيرا من اليهود الأمريكيين أنفسهم نظموا العديد من المظاهرات لمطالبة بايدن بالتدخل لوقف المجازر التى تحدث فى غزة، واعلان عدم موافقتهم عما تقوم به إدارة نتنياهو هناك، مما يفقد بايدن جزءا كبيرا آخر من المعادلة، ليصبح فى مأزق حقيقى فى الانتخابات القادمة.