الخميس 23 مايو 2024

ما تحقق خلال عشر سنوات يدفعنا للمشاركة فى الانتخابات الرئاسية.. الحفاظ على المكتسبات الوطنية

الكاتب الصحفي طه فرغلى

6-12-2023 | 11:30

بقلـم: طه فرغلى
أن تعيش فى وطنك آمنًا مطمئنًا واثقًا أن لديك دولة كبيرة ومؤسسات قوية قادرة على حماية الأمن القومي، والحفاظ على تراب الوطن، فهذا مكتسب وطنى كبير من جملة المكتسبات الوطنية التى تحققت خلال العشر سنوات الماضية. لا يستطيع أن ينكر ذلك وطنى محب لوطنه لديه عقل يفكر وقلب يتدبر، وما كان ذلك ليتحقق لولا قيادة حكيمة واعية رشيدة استطاعت أن تنقذ الوطن من الضياع وتحميه من السقوط وتنتشله من براثن الفوضى التى كان يخطط لها أهل الشر. المكتسبات الوطنية التى تحققت خلال السنوات الماضية - تفوق الحصر والعد ظاهرة ومتحققة على الأرض- تؤكد أن الحفاظ عليها واجب وفرض، والمشاركة فى الانتخابات الرئاسية تضمن الحفاظ على هذه المكتسبات لتستمر الدولة القوية فى مسيرة التنمية والبناء والتطوير والتحديث والانطلاق نحو آفاق الجمهورية الجديدة. الأحداث المتتالية خلال الفترة الماضية منذ بداية العدوان على الأراضى الفلسطينية المحتلة فى غزة تؤكد أن الدور المصرى القوى والحاسم والخطوط الحمراء التى أعلنت عنها مؤسسات الدولة وحذرت من تجاوزها، هو أحد المكتسبات الوطنية الكبيرة التى تحققت خلال السنوات الماضية، وظهر ذلك جليًا فى دولة قوية تحمى مقدراتها وقادرة على الردع وفرض كلمتها وثوابتها عالميًا وإقليميًا. والمؤتمر الحاشد الذى عُقد الأسبوع الماضى فى ستاد القاهرة لدعم غزة وشرفه بالحضور الرئيس عبدالفتاح السيسى تأكيد على الدور المصرى القوى وتجديد للتأكيد على خطوط مصر الحمراء فى القضية الفلسطينية، وفى مقدمتها الرفض القاطع لمخططات التهجير القسرى للفلسطينيين من أرضهم، وأن هذا بمثابة خط أحمر لن تسمح به مصر مطلقًا. والحقيقة المجردة أنه لولا مواقف مصر المؤيدة والداعمة للحق الفلسطينى وإقامة الدول الفلسطينية المستقلة وفق حل الدولتين والجهود المتواصلة والاتصالات المكثفة على مدار الساعة خلال أيام العدوان لما تحققت الهدنة على الأرض ولما صمدت عملية تبادل الأسرى والتى كانت معرضة للتعثر فى ثانى أيام الهدنة، لولا التدخل المصرى الذى نجح فى إنهاء الأزمة وتم تنفيذ المراحل التالية من تبادل الأسرى بنجاح بفضل التدخل المصرى والوساطة المصرية. أزمة غزة كاشفة لحجم وقوة الدولة المصرية على المستويين الأقليمى والدولي، منذ اللحظة الأولى امتلكت مصر زمام القيادة من أجل البحث عن مخرج سريع من الأزمة الطاحنة التى تنذر بتحول المنطقة بأسرها إلى ساحة صراع، لم يكن يدرك العالم حقيقة الأوضاع فى الأرض المحتلة، حظى المحتل فى البداية بتعاطف غربى كبير كان واضحًا فى الخطاب السياسى والإعلامى الأوربى والأمريكي، ولكن استطاعت مصر بمهارة فائقة وبسرعة قصوى أن تظهر الحقيقة للعالم، حقيقة شعب يتعرض لاعتداء غاشم، وأن المحتل تجاوز فكرة الدفاع عن النفس إلى الاعتداء الوحشي. وجاء مؤتمر القاهرة للسلام ليضع الأساس العالمى للتعامل مع القضية الفلسطينية وتغيير مفاهيم العالم نحو هذه القضية التاريخية، وإعادتها للواجهة مرة أخرى مع التأكيد على الثوابت المصرية فى التعامل مع الأزمة، والبيان المصرى الذى خرج عن هذه القمة كان هو الأساس الذى تعامل به العالم بعد ذلك حيال الأزمة، كما كان أساس ما خرج عن القمة العربية الإسلامية التى عُقدت بعد ذلك. ومنذ البداية كان الموقف المصرى واضحًا ومدركًا لأبعاد المؤامرة التى تحاك من أجل التهجير القسرى للفلسطينيين من أهالى غزة نحو سيناء، لذلك كان التحذير مبكرًا برفض المخطط وعدم مناقشته، بل والتعامل بحسم وحزم شديدين تجاه هذا الطرح، وكان هذا جليًا فى اللقاءات الرئاسية التى عقدها الرئيس السيسى مع ضيوفه من مختلف قادة العالم، وأدرك الجميع أن مصر لن تقبل بمجرد طرح التهجير كفكرة قابلة للنقاش، وأن الدولة المصرية قادرة على حماية أمنها القومى ليس بمجرد الكلام ولكن بالفعل على الأرض، وأن مؤسسات الدولة القوية جاهزة للتعامل الفورى مع كل ما يمس الأمن القومي، وأن التراب الوطنى المصرى لا تفاوض حوله ولا نقاش. وفرضت مصر كلمتها ورؤيتها على العالم بأسره، واستمع العالم لصوت الدولة المصرية وقيادتها القوية، حتى الدول الغربية التى كانت تتبنى وجهة النظر الإسرائيلية تغيرت مواقفها، وأعلنت الولايات المتحدة الأمريكية أنها ترفض بشكل قاطع التهجير القسرى للفلسطينيين خارج أراضيهم، وأن هذا الملف غير مطروح للنقاش من أساسه، بل وعاد الحديث الأمريكى مجددًا عن ضرورة حل الدولتين وإقامة دولة مستقلة تعيش جنبًا إلى جنب مع إسرائيل، وأن هذا هو السبيل الوحيد لحل الأزمة فى الشرق الأوسط ونهاية الصراع التاريخى الذى عانت منه المنطقة لعقود طويلة. كما فرضت مصر رؤيتها وكلمتها فى ضرورة إدخال المساعدات الإنسانية والإغاثية العاجلة إلى أهالينا فى قطاع غزة وسرعة نجدتهم، صنعت الدولة المصرية ملحمة شاملة فى معبر رفح، كانت جاهزة ومتأهبة، ومشهد أساطيل سيارات المساعدات وهى تصطف على المعبر تنتظر الدخول سيظل محفورًا فى ذاكرة العالم، يؤكد أن مصر سارعت لنجدة أشقائها وأجبرت العالم كله على الاصطفاف خلفها من أجل إدخال المساعدات الإنسانية للمدنيين العزل من أهلنا الذين تعرضوا لأبشع أنواع الاعتداء. ضربت الدولة المصرية المثل فى ملحمة المساعدات وقدمت لأهالى غزة أضعاف ما قدمه العالم مجتمعًا، ليس منًا – لا سمح الله – ولكنه واجب مصر وقدرها دائمًا مساعدة ونجدة الأشقاء وفقًا لدورها التاريخى الموكل لها والذى تؤديه دائمًا دون انتظارها جزاءً ولا شكورًا، لا تفعل ذلك من باب «الشو» أو أن تحجز لنفسها مكانًا، ولكنها تسارع لأداء دورها المفروض عليها. قدمت مصر ما نسبته 80 بالمائة من إجمالى المساعدات العالمية المقدمة لقطاع غزة، وكان معبر رفح مفتوحًا على الدوام لنجدة الأشقاء، تدخل منه المساعدات ويستقبل الجرحى والمصابين لعلاجهم فى المستشفيات المصرية. وبالتأكيد ستستمر مصر فى دورها التاريخى حيال القضية الفلسطينية، وسياستها نحو القضية ثابتة كما ثوابتها لا تتغير ولا تتبدل، هى الحصن والملاذ دائمًا للأشقاء الفلسطينيين، لا تنظر لمصالح ضيقة ولا تقف عند ألاعيب صغيرة، تتحمل همهما القومى والعربى بوصفها كبيرة العرب والشقيقة الكبرى. الاستطراد السابق كان لازمًا، فجميع الأوراق متصلة، والملفات متشابكة، والموقف المصرى القوى حيال الأزمة الفلسطينية والاعتداء الغاشم على غزة فى رأيى المتواضع أحد أهم المكتسبات الوطنية الكبيرة التى تحققت خلال العشر سنوات الماضية بفضل القيادة الحكيمة والرشيدة والقوية للرئيس البطل المنقذ عبدالفتاح السيسي. هل كان يمكن أن تفرض مصر كلمتها ورؤيتها ويسمع العالم لصوتها وهى ضعيفة، أو تعانى من انهيار مؤسساتها؟ بالتأكيد وبالقطع لا وألف لا، فمن يسمع كلمة الضعيف أو ينصت له، لذلك فعودة الدولة القوية بعد سنوات عانينا خلالها من الضعف والهوان مكتسب وطنى هام، بخلاف المكتسبات الوطنية الأخرى الكبيرة التى تحققت على مستوى التنمية والبناء والتعمير. مرة أخرى أقول إن ما سبق توطئة لأزمة للتأكيد على أن عودة الدولة المصرية القوية واستعادة مصر لدورها الرائد إقليميًا وعالميًا أحد المكتسبات الوطنية الهامة التى تحققت بعد 2014 والتى يجب المحافظة عليها، خاصة أن الذاكرة لا زالت بالتأكيد تحتفظ بتفاصيل السنوات الصعبة التى عاشتها مصر عقب أحداث 2011 وحتى ثورة المصريين العظيمة فى يونيو 2013، ولا زلنا نتذكر الفوضى التى كانت سائدة، ومخطط إضعاف وإسقاط مؤسسات الدولة الذى كانت تخطط له جماعة الإخوان الإرهابية وحلفاؤها. فى السنوات السوداء بعد 2011 فقدت الدولة هيبتها ومكانتها واعتقد المتربصون أن مصر اقتربت من النهاية وأن الدولة المصرية لن تقوم لها قائمة مرة أخرى، ولكن خيب الله ظنهم واستيقظ المارد المصرى ليحطم مخططات أهل الشر، وليكتب بداية جديدة لوطن أبى نهض سريعًا من كبوته واستعاد عافيته وتصدت مؤسساته لمخططات الجماعة الإرهابية، ويكتب التاريخ أن مصر وكما هى دائمًا الصخرة التى تحطمت عليها مخططات الشيطان. قصة المكتسبات الوطنية بدأت عقب نجاح ثورة الشعب المصرى العظيم فى الثلاثين من يونيو عام 2013 ورفضه لحكم جماعة الإخوان الإرهابية، وإصراره على إسقاط حكم المرشد وتمسكه بالحفاظ على هويته الوطنية والدينية والثقافية التى تشكلت عبر مئات السنين، حينها عادت لمصر روحها من جديد وبُعث الأمل من بين جدران اليأس بعد أن كانت تخطط الجماعة الإرهابية للاستمرار فى الحكم 500 سنة كما كان قادتها يخططون ويدبرون، ولكنها لم تتحمل فى يد المصريين سنة واحدة وهبوا لإنقاذ وطنهم من الضياع وأسقطوا حكم الجماعة الغاشم بفضل انحياز القوات المسلحة المصرية العظيمة لمطالب الشعب. حكايات المكتسبات الوطنى كثيرة ومتشعبة، وكل قصة وراءها حكاية وطن استعاد روحه ومكانته، وسنوالى قص حكايات المكتسبات، فكل حكاية تحتاج مجلدات لتوثيقها.