السبت 4 مايو 2024

انهيار جسر بالتيمور يهدد صناعة التأمين البحرى فى العالم

صورة أرشيفية

7-4-2024 | 00:48

تقرير: سلمى أمجد
بأقل من نصف دقيقة، انهار جسر «فرانسيس سكوت كى» وهو الجسر الرئيسى فى نهر باتابسكو بمدينة بالتيمور ويمتد على مسافة 2.57 كيلومتر، بعدما اصطدمت به سفينة حاويات ضخمة، مما أدى لوفاة ستة أشخاص؛ فيما توقع المحللون خسائر مالية بصناعة التأمين الأمريكية تصل إلى 4 مليارات دولار وضغوطًا تصاعدية على أسعار التأمين البحرى على مستوى العالم. أعلن ويس مور، حاكم الولاية حالة الطوارئ فى ماريلاند وإغلاق أحد أكثر الموانئ ازدحامًا على الساحل الشرقى الأمريكى مما سيؤثر على الاقتصاد المحلى إذ توقع المحللون وصول الخسائر إلى 4 مليارات دولار، مما سيجعل المأساة خسارة قياسية فى صناعة التأمين على الشحن، وفقًا لما صرح به ماركوس ألفاريز، المدير الإدارى لتصنيفات التأمين العالمية فى “مورنينجستار دى بى آر إس”، مشيرًا إلى أن مدة الإغلاق ستضع ضغوطا تصاعدية على أسعار التأمين البحرى على مستوى العالم. ومع إغلاق الميناء وتوقف عمليات الشحن توالت التحذيرات حول إمدادات السلع الثقيلة والفحم، خاصة أن بالتيمور هى أكبر ميناء للتعامل مع المركبات فى البلاد وتعد الوجهة الأولى لشحن السيارات وآلات البناء والفحم وفول الصويا، ويذكر أن الميناء تعامل مع أكثر من 847 ألف سيارة العام الماضي. وبالرغم من أن موقعه ليس جذابًا؛ إلا أنه يلعب دورًا حاسمًا فى سلسلة التوريد الأمريكية حيث تعامل مع 52.3 مليون طن من البضائع الأجنبية بقيمة تقارب 81 مليار دولار فى عام 2023، وفقًا لبيانات الولاية. ومع إغلاق الميناء سيتعين الآن إعادة توجيه البضائع إلى موانئ أخرى، وتقدر وزارة النقل الأمريكية أن هناك ما بين 100 و200 مليون دولار من قيمة التجارة الواردة تأتى عبر الميناء يوميا، مع حوالى مليونى دولار من الأجور كل يوم. وفى تصريحاته، حذر حاكم ولاية ماريلاند من الخسائر الاقتصادية المحلية التى ستلحق بسكان ولايته، إذ يوظف ميناء بالتيمور بشكل مباشر أكثر من 15 ألف عامل ويدعم بشكل غير مباشر ما يقرب من 140 ألف شخص آخرين، حيث من المتوقع أن يتم منح إجازة مؤقتة لموظفى ميناء بالتيمور، أو يشهدوا انقطاعًا فى ساعات عملهم وسط الإغلاق. وصرح الخبير الاقتصادى رايان سويت، من جامعة أكسفورد إيكونوميكس، بأن المستقبل القريب سيشهد صدمة محدودة؛ إلا أن الحادث لن يؤثر بشكل كبير على التضخم الأمريكى للسلع الاستهلاكية أو الناتج المحلى الإجمالى. وبينما أعلنت إدارة الميناء عن احتمالية تحويل البضائع المتجهة إلى بالتيمور جزئياً إلى ميناء نيويورك ونيوجيرسي؛ حذر الخبراء من حدوث أزمة كبيرة بتلك الموانئ نظرًا لتراكم السفن منذ وقوع الحادثة، وهى أزمة جديدة تواجه وزارة النقل الأمريكية خاصة بعدما كشفت وكالة موديز للتصنيف الائتماني، فى مذكرة مستعجلة عقب الحادثة، أن استبدال الجسر المنهار من المرجح أن يستغرق شهوراً أو حتى سنوات. فى أعقاب الحادث، أوردت التقارير أن سفينة الحاويات الضخمة التى اصطدمت بالجسر هى “السفينة دالى” الحاملة لعلم سنغافورة والمملوكة لشركة جريس أوشن، يصل طولها لنحو 984 قدمًا، أى ما يعادل طول ثلاثة ملاعب كرة قدم تقريبًا. وفى وقت وقوع الحادث، كان وزن السفينة يبلغ 95 ألف طن إجمالى وتم استئجارها لنقل البضائع من قبل شركة الشحن الدنماركية العملاقة ميرسك. وقبل دقائق فقط من الاصطدام بالجسر، كان هناك انقطاع كامل للتيار الكهربائى على السفينة، مما يعنى فقد محرك السفينة للطاقة. وأظهرت لقطات فيديو الأضواء على السفينة وهى تومض وتضىء - على الأرجح بسبب مولد الطوارئ الذى تم تفعيله بعد انقطاع التيار الكهربائى الأولى؛ لكن محركات السفينة لم تعمل مرة أخرى وبدلًا من العبور أسفل منتصف الجسر، انجرفت السفينة إلى اليمين واصطدمت به. وقد أكدت هيئة الملاحة البحرية والموانئ فى سنغافورة أن “دالى” فقدت قوة المحرك بالفعل مما تسبب فى انحراف مسارها لتضرب الجسر الذى يحمل اسم “فرنسيس سكوت كي” نسبة لمؤلف كلمات النشيد الوطنى الأمريكي، ويربط الجسر بين نيويورك وواشنطن كما يعد واحداً من ثلاث طرق لعبور ميناء بالتيمور، وتمر عليه 31 ألف سيارة يوميًا و 11.3 مليون مركبة سنويًا. ويعد الجسر محوراً أساسياً بين الشمال والجنوب للمواصلات، والاقتصاد فى الساحل الشرقى للولايات المتحدة. لذلك سيكون لانهيار الجسر تأثير خطير على سلاسل التوريد المهددة بالفعل، بالإضافة إلى تعطيل ممر تجارى رئيسى، ونقلاً عن الإدارة الفيدرالية للطرق السريعة، إن الجسر هو واحد من 17,468 جسرًا شديد الخطورة فى الولايات المتحدة من أصل 615,000 جسر إجمالى، وآخر فحص له كان فى مايو 2023. ومنحت الحكومة الأمريكية الولاية مبلغ 60 مليون دولار فى إغاثة اتحادية طارئة كدفعة أولية لإعادة بناء الجسر، حيث عكفت فرق الإنقاذ على رفع أول جزء من حطام الجسر المنهار. وعلى الرغم من أن تكلفة إعادة البناء لا تزال غير واضحة، إلا أن هناك العديد من الآليات التى يمكن للحكومة الفيدرالية الاستفادة منها لدفع التكاليف وهى عملية قد تتطلب فى النهاية مشاركة الكونجرس. وحسبما ذكر رئيس شركة الاستشارات الهندسية والمعمارية COWIfonden، ديفيد ماكنزى، لشبكة “سكاى نيوز” البريطانية، فإن الحاجة لإعادة البناء بسرعة ستؤدى إلى رفع التكلفة إلى عشرة أضعاف السعر الأصلى فى السبعينيات – إذ يعود افتتاح الجسر إلى عام 1977، أى ما يعادل 600 مليون دولار. وفى الوقت الذى شهد فيه عدد من الدول حوادث اصطدام السفن التجارية الضخمة على رأسهم الأرجنتين والصين والولايات المتحدة، بدأ الحديث عن طرق منع تلك الكوارث أو على الأقل تقليل الضرر، ومن بين هذه التدابير “الدلافين والمصدات”، وهى هياكل تهدف إلى إعادة توجيه حركة السفن وحماية الجسر من خلال امتصاص تأثير الاصطدام، وعادة ما تكون مصنوعة من الخشب أو الفولاذ. وأشار الخبراء إلى أن الجسر الرئيسى فى بالتيمور يبدو أنه يحتوى على دلافين، فى حين تشير الصور الملتقطة قبل انهيار الجسر إلى عدم وجود مصدات، والتى من شأنها حماية الأعمدة نفسها. كذلك إلى جانب معالجة و تحسين الجسور القديمة لتلبية المتطلبات الحديثة، هناك حاجة إلى تطوير البنية التحتية الأمريكية للوصول إلى المستوى المستهدف من السلامة والكفاءة.