الأربعاء 5 يونيو 2024

ميراث النساء في الإسلام

6-11-2020 | 19:53

 إثراء الحياة الفكرية يفسح مجالاً واسعاً لاختلاف الرؤى ، و طرح وجهات النظر بجدية دون حجر على رأي أو مصادرة فكر ، بشرط ارتباط تلك الحرية بالمسئولية الجادة لضبط الأمور ، فلا تحدث تجاوزات جاهلة أو تعصب أعمى ، فالإسلام أكرم المسلمين فرفعهم إلى مقام العزة فقال تعالى ( ولله العزة و لرسوله و للمؤمنين ) (المنافقون:8) ، فتمارس كافة الحقوق و الواجبات وفقاً لمقاصد الشريعة التي مقصدها الأسمى مصالح العباد فتوضح لهم سبل الرشاد للفوز بالدنيا و الآخرة ، و لكن يجب مواكبة مستحدثات العصر الثقافية و الإجتماعية ، فالأمة في حاجة ملحة لتضافر جهود علمائها لتوضيح بعض الأمور التي تتعلق بالشبهات التي يحيكها المبطلون حول الإسلام ، لذا يجب اظهار دلائل الإقناع و الحجة القطعية بجميع الوسائل المتاحة لتعليم الدين الصحيح ، فبعض الناس كما لهم نفوس مؤمنة صافية نجد فيهم من يجهل عن دينه أكثر مما يعلم ، فلا يستطيع البعض الرد على تلك الشبهات المضللة ، فيعجز عن مجادلة المبطلون في افتراءاتهم و بهتانهم فلا يملك اقحامهم بالحجة اليقينية على أساس منهجي سليم ، و كذلك لمواجهة طوفان الغزو الثقافي الغربي الذي يجتاح الجميع ، فنفاجأ في العديد من اللقاءات الثقافية و الندوات بالجدل المثار و المقصود حول حقوق المرأة ، و كأنها موطن ضعف أكيد يمكن إلحاق الضرر بالإسلام و المسلمين من خلاله ، و خاصة ما يتعلق بحقها في الميراث ، و أنه يشرع لها بنصف رصيد الرجل فقط وهذا ما أشيع بين الجهلاء ، و الصحيح أن الإسلام دين العدل فلا يعطي المرأة في ميراثها نصف نصيب الرجل في كل الأحوال ، بل يعطيها في بعض الحالات مثل نصيب الرجل و أحياناً أكثر منه ، فمثلاً تأخذ المرأة مثل الرجل عندما يتوفى رجل كلالة ( ليس له أبناء و لا والدين ) و له أخ و أخت ، فيأخذ كل منهما السدس بلا تفرقة بين رجل و امرأة مصداقاً لقوله تعالى ( و إن كان رجل يورث كلالة أو امرأة و له أخ أو أخت فلكل واحد منهما السدس ) (النساء:12) ، و من الحالات التي تأخذ فيها المرأة أكثر من الرجل مع كونها في درجة واحدة من المتوفي فيكون ذلك في حالة موت امرأة ليس لها ولد و تركت أماً و أباً و زوجاً ، ففي هذه الحالة تأخذ الأم أكثر من الأب ، لأن الزوج يأخذ النصف ، و تأخذ الأم الثلث ، و يأخذ الأب الباقي ، و الذي لا يزيد عن نصف ما تأخذه الأم مصداقاً لقوله تعالى ( فإن لم يكن له ولد و ورثه أبواه فلأمه الثلث ) (النساء:11) ، أما في حالة كون المرأة ترث نصف نصيب الرجل فليست الحالة الغالبة في ميراث المرأة في الإسلام فكما رأينا في الأمثلة السابقة و غيرهامن الأمثلة الكثيرة التي يختلف فيها توزيع الأنصبة في الميراث بين الرجل و المرأة ، فلكل منهما حقه العادل على قدر مسئولياته ، فالإبن الذي يرث ضعف أخته عليه من الأعباء التي يتحملها ، فتلقى على كاهله الإنفاق على نفسه و والديه و زوجته و أولاده ، و أيضاً أخته التي ورثت معه إذا تعسر بها الحال ، أما تلك الأخت فليس عليها واجبات الإنفاق على كل هؤلاء و لا حتى على نفسها بل جميعهم عليهم واجب الإنفاق عليها ، إلا إذا تطوعت هي بذلك ، إذاً فالإسلام أنصف المرأة و أكرمها و رفع شأنها ، فلا تعارض في شرع الله بين الحقوق و الواجبات في إطار التكليف و عدم الخلط بين بعض الموروثات الثقافية الخاطئة أحياناً و المدسوسة أحياناً أخرى لتعميم الفهم الخاطئ للدين ، و أن كل ما يؤكده الشرع هو الحرص على سلامة المجتمع الإسلامي خاصة أن للمرأة على مدى التاريخ الإسلامي مشاركاتها و اجتهاداتها العلمية ، و الفقهية ، والسياسية المشرفة .