الإثنين 3 يونيو 2024

د.شريف دلاور مصر قادرة.. وإرادة الإصلاح قوية

6-11-2020 | 21:09

 بعين خبير يضع الدكتور شريف دلاور يده على كلمة السر فى تحقيق المعجزة والخروج من أزمة مصر الاقتصادية، وهى الإصرار على استكمال خطوات الإصلاح.

دلاور يؤكد أننا فى مفترق الطرق، نكون أو لا نكون، لكن مصر قادرة على العبور لأن الإرادة السياسية للإصلاح موجودة، والدليل أن الرئيس يتابع الملف بنفسه ويقف على تفاصيله.

لكن دلاور له شروط، يرى أن الإصلاح لن يكتمل بدونها فى مقدمتها إعادة النظر فى الملف الضريبى، وأن تراعى الطبقات الميسورة ظروف البلد وتتخلى عن الإنفاق البذخى، وأن يقتنع المصريون بأن ما نواجهه الآن أقل صعوبة مما عاشته مصر أيام النكسة، وأن نحمى الصناعة المحلية ونفتح لها الأبواب.

الأهم كما يقول دلاور إلا نترك الساحة للكبار ليدهسوا الصغار، فحماية البقال الصغير والجزار الصغير لا تقل أهمية عن فتح الباب للاستثمار فى المولات.

حديث الخبير الاقتصادى وأستاذ الإدارة العامة الذى لم يخل من الأمل يكشف أيضًا عن مخطط عام يتم وضعه الآن لتحقيق الثورة التكنولوجية التى تشغل بال الرئيس، ويقول سيتم إطلاقها فى مؤتمر شرم الشيخ نوفمبر القادم.

ما تقييمك للوضع الاقتصادى الراهن باعتبار أن الحاضر يؤسس للمستقبل كما ذكرت بمؤتمر الشباب الأخير؟

قلتها فى السابق وأكررها مجددا "مصر قادرة" لا أقصد هنا الإصلاح الاقتصادى وإنما أقصد أن مصر قادرة بشبابها ومواردها غير المستغلة والقاعدة الصناعية والتدريبية، التى تشكلت خلال السنوات الماضية، مصر لديها إرث من العمل، ولذا فأنا أصر على رؤيتى لمصر وأنها قادرة على تحسين الحاضر وتطويره والانتقال لمستقبل أفضل.

وماذا عن واقع ومستقبل الإصلاح الاقتصادي؟

لابد أن نشرح بعض النقاط المتعلقة ببرنامج الإصلاح الاقتصادى؛ لنتعرف إذا ما كانت القاعدة الحالية صحيحة من عدمه، بالنسبة لتحرير سعر الصرف كان من المستحيل الاستمرار فى سوق العملة بسعرى صرف، السعر الرسمى بالبنوك وغير الرسمى بالسوق الموازية، لأن وجود سعرين للصرف خلق كتلة هائلة من العملة الأجنبية خارج القطاع المصرفى وجعل البنوك عاجزة تماما عن فتح الاعتمادات وعاجزة عن توفير مستلزمات المصانع، لذا فالوضع كان سيئا للغاية واستمراره كان حتما سيؤدى إلى كارثة وخاصة وأننا استهلكنا الاحتياطى من النقد الأجنبى فى دعم الجنيه منذ 2011، ولهذا فتحرير سعر الصرف لم يكن سوى بداية.

هل ترى أن زيادة سعر الفائدة استكمال لعملية الإصلاح وضبط إيقاع الجنيه فى السوق؟

تحرير سعر الصرف وتراجع قيمة الجنيه كان يستلزم زيادة فى أسعار الفائدة حتى ندعم الثقة فى العملة المحلية ونمتص جزءا من السيولة بالإضافة إلى أن رفع سعر الفائدة يجذب العملة الأجنبية للسوق المصرفى المصرى، ولا بد أن نعلم أن سعر الفائدة فى الولايات المتحدة الأمريكية فى النصف الثانى من الثمانينيات وصل إلى 20 % فما يحدث في مصر ليس بدعة.

.. وهل ترى أن ما تم من إجراءات إصلاحية كاف لتحسين الأوضاع الاقتصادية؟

بالطبع لا.. نحن إلى الآن لم نبدأ فى الإصلاح الاقتصادى وما تم مجرد إصلاح مالى ونقدى فقط .

و كيف نبدأ الإصلاح الاقتصادى بوجهة نظرك؟

الاصلاح الاقتصادى لا بد وأن يبدأ بإصلاح الجهاز الإدارى للدولة.

وما هى آليات إصلاح الجهاز الإداري؟

لدينا نحو 6 ملايين موظف بالجهاز الإدارى للدولة.. وهنا حتى يبدأ الإصلاح فلا بد من نقل تبعية 2.9 مليون من موظفى المحليات ماليا وإداريا للمحافظات من خلال حق التمويل المحلى والتشريع المحلى، بحيث تستطيع المحافظات إنشاء وتمويل المشروعات ذاتيا، وهو ما سيساعد على خلق قدرة على تمويل وظائف الـ 2.9 مليون موظف، وتجربة اللواء المحجوب محافظ الإسكندرية الأسبق فى مثل هذه النقطة واضحة جدا، لكن هذا يتطلب أن يكون لقطاع المحليات موازنات مستقلة متفرعة من الموازنة العامة للجهاز الإدارى فى المجمل, وعلى المحافظات الغنية أن تمنح فوائضها للمحافظات الفقيرة لسد العجز، وهذا يحدث فعلًا بالخارج، فمثلا ولاية بريطانى فى فرنسا تمول ولايات كثيرة فى فرنسا.

وهل ترى بدايات من الحكومة الحالية لإصلاح الجهاز الإدارى؟

أنا أثق بشدة فى الدكتورة هالة السعيد وزير التخيط والإصلاح الإدارى وأعلم جيدا أنها على دراية كاملة بما ينبغى عمله فى الجهاز الإدارى.

وماذا عن باقى محاور الإصلاح الاقتصادى بخلاف إصلاح الجهاز الإداري؟

التعامل الضريبى أهم خطوات الإصلاح الاقتصادى ولا أقصد هنا نسبة الضريبة وإنما تعقيدات البيروقراطية، وسوء التعامل الضريبى فى مصر يضر بالاستثمار والتسعير النهائى للسلعة وأيضا يسهم فى التهرب الضريبى، وبالتبعية خفض موارد الموازنة العامة، كما أنه غير جاذب للقطاع غير الرسمى للدخول فى المنظومة.

وكيف يتم إصلاح التعامل الضريبي؟

مشلكة المسئولين فى مصر أن كل تركيزهم ينصب دائمًا على نسبة الضريبة، وهذا أمر خاطئ وإذا ما أخدنا نماذج دولية، نجد أن دولًا مثل فرنسا وأمريكا وغيرها نسبة الضريبة تصل فيها إلى 40 % وبالرغم من ذلك فنسب التهرب الضريبى فيها متدنية، ويوجد بها أعلى معدلات الاستثمار، لذا فإن إصلاح التعامل الضريبى يتم من خلال إصلاح المنظومة الضريبية ككل، والاعتراف بكافة المصروفات التى ينفقها العميل، وهو ما يوسع قاعدة الممولين ويجذب القطاع غير الرسمى للانضمام للقطاع الرسمي، وهنا أشدد مجددًا أن إصلاح التعامل الضريبى يتطلب فقط إصلاحا تشريعيا لإزالة كافة التعقيدات البيروقراطية فى المنظومة، والتى جعلت مصر أعلى نسبة فى النزاعات الضريبية بالنسبة لعدد الممولين على مستوى العالم.

وماهى باقى محاور الإصلاح الاقتصادى التى يجب أن يتم التعامل معها لاستكمال البرنامج الإصلاحي؟

نحتاج بالطبع إلى إصلاح القاعدة الإنتاجية، بمعنى أن النمط الإنتاجى المحلى خلال العقود الماضية اعتمد فى الأساس على مدخلات مستوردة، وبالتالى تم اختصار التصنيع المحلى فى "التجميع" وهو ما ضغط على سعر الصرف بقوة، لأن معظم الهيكل الصناعى المصرى يعتمد على مدخلات مستوردة، لأن ما حدث فى التسعينات وأوائل الألفينيات أن الشركات متعددة الجنسيات دخلت السوق دون أى شروط، وهذا هو الخطأ الاقتصادى الذى أدى لتدهور هيكل التصنيع المحلي، حيث كان يجب وضع شروط مثل كوريا والصين وباقى الدول لدخول هذه الشركات.

وما هى الشروط التى كان من الواجب اتخاذها؟

مثلًا.. تحديد نسبة المكون المحلى فى منتجات هذه الشركات بنسب لا تقل عن 60 أو 70 %، أما دخول الشركات متعددة الجنسيات دون شروط فقد خلق ما نسميه باحتكار القلة وطرد صغار الصناع من السوق.

البعض يعتبر وضع شروط للاستثمار الأجنبى عامل طرد لمثل هذه الشركات؟

بالعكس نحن لسنا ضد الاستثمار الأجنبى، ولكن يجب أن نفرق بين الاستثمار الحميد والخبيث، فالاستثمار الخبيث هو الذى يستهلك العملة الأجنبية؛ لأنه مبنى على منتجات وخامات مستوردة، هو الذى يدخل التكنولوجيا للقاعدة الإنتاجية، ولذا يتطلب إصلاح القاعدة الإنتاجية الاعتماد على المدخلات المحلية، وهو أهم ما انتهى إليه مؤتمر الشباب الرابع الذى عقد مؤخرا، وهو ما طالب به الرئيس السيسي.

وهل هناك وسائل لجذب الاستثمار الحميد؟

طبعا, وفى مقدمتها الحوافز الضريبية المختلفة ودعم إدخال التكنولوجيا إلى الصناعات الصغيرة والمتوسطة، والهند من الدول التى يجب التعاون معها فى هذا المجال، لأنها استطاعت أن تأخذ تكنولوجيات لإنتاج حجم كبير إلى تكنولوجيات لإنتاج حجم صغير, أيضًا يجب دعم الاستثمار الذى يؤدى إلى التنمية والقيمة المضافة وليس الاستهلاك، الاستثمار الذى يؤدى إلى الاستهلاك لن يكون له دعم، والدعم هنا ليس فقط دعما ماليا.

وكذلك يمكن دعم الاستثمارات من خلال تنفيذ ما يسمى بالروابط الثلاثية بين الجامعات ومراكز البحوث والشركات, فنحن لدينا مثلا مركز البحوث يوجد به أربعة آلاف باحث ويعمل بكفاءة عالية، ولدينا كذلك مركز بحوث الفلزات وغيرها.

وهل ترى أن إصلاح القاعدة الإنتاجية يعتمد فقط على زيادة المكون المحلى فى عمليات التصنيع، أم أن هناك عوامل أخرى؟

بالطبع هناك عوامل أخرى لإصلاح القاعدة الإنتاجية أهمها القضاء على احتكارات القلة وحماية المنافسة ومنع الممارسات الاحتكارية، ومصر لا تعانى من الاحتكار بمفهوم القانون الحالى، ولكن مصر تعانى من احتكارات القلة؛ إذ نجد أن هناك 3 شركات تحتكر إنتاج الصابون مثلا وشركتين للشيكولاتة وغيرها، ولذا يجب أن يتم تعديل القانون الحالى ليشتمل على تجريم أو عدم السماح باحتكارات القلة وليس فقط الممارسات الاحتكارية، وإذا كان الاحتكار ناتجا عن الاستيراد فكيف يتم التعامل معه ودراسته بشدة لحماية السوق والمستهلكين.

هل يتطلب الإصلاح الاقتصادي، إصلاحا تشريعيا من وجهة نظرك؟

الإصلاح التشريعى هو المحور الرابع للإصلاح الاقتصادى، فنحن بحاجة إلى تعديلات فى قوانين العمل والتأمينات الإجتماعية وقانون النقابات العمالية، وهذه التشريعات ضرورية لعمل توازنات بين صاحب رأس المال والقوى العاملة, وبالمناسبة إصلاح التشريعات المتعلقة بالعمل ليس رفاهية دائمًا ضرورة ومنظمة العمل الدولية بجينيف تطالب به لأن مصر فى القائمة السوداء للعلاقة بين العامل وصاحب رأسال مال بالمنظمة, والإصلاح التشريعى فى المجمل يخلق توازنات داخل الوسط الاقتصادى والسياسي.

هل ترى أن الهيكل التجارى فى مصر بحاجة لإصلاح؟

بالتأكيد نحن سعداء بشدة أن لدينا مولات كبيرة وسلاسل تجارية متشعبة دون النظر إلى ما يباع بداخلها، لكن بنظرة متعمقة للسلع داخل هذه المراكز نجد أن أغلبها مستورد، وهو ما يتطلب إصلاحا من شقين أولا نوعية السلع داخل هذه المولات والسلاسل، وثانيا أماكن تواجدها حيث يجب وضع شروط للاستثمار فى المراكز التجارية الكبرى والسلاسل أهمها أن تكون نسبة السلع محلية الصنع لا تقل عن 60 % فيها ويجب ألا تنتشر هذه المولات داخل المدن وإنما تتواجد على أطراف المحافظات والمدن حتى لا نقضى على المحلات الصغيرة، ونترك لها فرصة للمنافسة والربح أيضا لا يجب أن نقضى على الجزار الصغير والبقال الصغير، الاقتصاد ليس منع وإنما خلق توازنات، وهيكل التجارة بهذا الشكل يساند هيكل الصناعة وكل هذه خطوات ولا نطلبها دفعة واحده لكن الوصول إليها ضرورة.

هل يتطلب الإصلاح الاقتصادى إعادة النظر فى الهيكل الزراعي؟

لابد أن نحقق الاكتفاء الذاتى من الغذاء ومصر قطعت شوطا واسعا فى ذلك والموضوع ليس صعبا، فالهند مثلا كانت بلد المجاعات والآن من كبار مصدرى المحاصيل والغذاء والنهوض بالزراعة حتما يعتمد على ترشيد استخدام المياه، ولا أتخيل ما يحدث فى مصر من إهدار للمياه، فمصر لديها نحو60 مليار متر مكعب من المياة ونحن 100مليون نسمة بما يعنى أن حصة الفرد 600 متر مكعب، وحد الفقر المائى 1000 متر مكعب، وهو ما يعنى أننا فى فقر مائى، وهو ما يتطلب خطة واضحة لتوفير المياه والعمل على تحسين وتطوير طرق الرى والانتقال إلى الرى بالأقمار الصناعية وليس فقط الرى بالتنقيط.

تحدثنا عن محاور الإصلاح الاقتصادى المختلفة ولكن هل ترى أن الحكومة بدأت فى تنفيذها أم أننا لازلنا فى مرحلة يجب وينبغي؟

دور الشخص من خارج الحكومة أن يقول يجب وينبغى لأننا نلعب دور المراقب، ولكن هناك بعض الإجراءات الإصلاحية أراها تأخذ طرق البداية نظرا لوجود كفاءات فى الحكومة الحالية مثل وزير التموين الحالى الدكتور على المصيلحى ووزيرة التخطيط هالة السعيد ووزيرة التعاون الدولى سحر نصر ووزير الإسكان واللواء أبو بكر الجندى رئيس الجهاز المركزى للتعبئة العامة والإحصاء؟

وماذا عن وزير الصناعة طارق قابيل كأحد وزراء المجموعة الاقتصادية؟

أنا لم أتحدث معه، ولا أعرف توجهاته ولكن أرى أنه لم يبدأ بعد فى إصلاح القاعدة الإنتاجية بالمفهوم السابق.

وهل ترى إرادة سياسية حقيقية للإصلاح الاقتصادى؟

أى إصلاح حقيقى اقتصادى أو سياسى أو غيره يتطلب إرادة سياسية، ويجب أن نعرف أنه لا يوجد شيء اسمه اقتصاد فى المطلق، وإنما هناك اقتصاد سياسي، فآدم سميث لم يكن اقتصاديا وإنما كان أستاذ اجتماع وكذلك كارل ماركس وغيرهم كلهم كانوا سياسيون.

وما تقييمك للسياسة التى تقود الاقتصاد حاليا؟

أرى أن هناك رغبة وإرادة حقيقية للتغيير والإصلاح بالإضافة إلى أن هناك نقطة إيجابية وهى أن الرئيس يتابع باستمرار الملف الاقتصادى ولديه من اللياقة البدنية والذهنية للمتابعة والإصلاح، لذا فإن هذه الطاقة بجوار الإرادة تسهل من عملية الإصلاح.

وهل هذه الإرادة السياسية هى التى عجلت بإجراءات الإصلاح المالى الأخيرة؟

الرئيس السيسى أخذ وقته فى هذه الإجراءات على أمل أن ينضبط الوضع ولكنه قرر اللجوء إلى هذه الإجراءات لأن الوضع المالى كان كارثيا.

اتفقنا على أن ما تم كان إصلاحا ماليا وكانت له تبعات اقتصادية.. هل ترى أن الجميع تحمل تكلفة الإصلاح؟

طبعا كل الناس متخيلة أن محدودى الدخل هم الأكثر تأثرا بالاصلاحات المالية، وأنا أرى أن محدودى الدخل لم يتأثروا بالاصلاح نظرا لان الحكومة اتخذت إجراءات حمائية قوية لصالحهم تمثلت فى رفع قيمة دعم السلع على البطاقات التموينية وكذلك زيادة الدخول من خلال العلاوات وايضا عدم المساس بشرائح استهلاك الكهرباء الصغيرة، وإذا كان هناك تأثر بالإجراءات الإصلاحية على محدوى الدخل فإنه محدود ولكن الطبقة المتوسطة هى الأكثر تأثرا من تبعات الإصلاح وعليها أن تتحمل من خلال الترشيد فى الإنفاق والاستهلاك، وأعترف أن هناك ضحايا للاصلاح من الطبقة المتوسطة، ولكننا عشنا أوضاعا أسوأ مما نحن فيها أيام النكسة وبعدها والحمد لله نحن الآن بعد ثورتين متتاليتين لم نصل لحد التقشف الذى عشناه فى الستينيات. ما نحن فيه الآن لا يبث إلا الأمل اذا ما قورن بظروف اقتصادية سابقة.

ولكن التضخم الناتج عن الإجراءات الإصلاحية أصاب كافة الطبقات؟

حقيقى ولكن بنسب مختلفة فأنا أرى أن هناك تضخمات فى السوق وليس تضخما واحدا وكنت أرى أن وزارة المالية كان عليها تثبيت الدولار الجمركى لتخفيف حدة ارتفاع الاسعار الناتجة عن تحرير سعر الصرف فى بلد مستوردة، واليوم لا يمكن البكاء على اللبن المسكوب، ولنتعامل مع الوضع الراهن، من خلال الإنتاج والانتاجية يتم تخفيف وطأة الإجراءات الإصلاحية، ويجب أيضا على الطبقات الميسورة الحد من مظاهر البذخ الترفى فلا يصح أن نكون فى حرب ضد الإرهاب وظروف اقتصادية صعبة، وتسعى بعض الطبقات وخاصة التى كونت ثرواتها بدون جهد للإسراف ببذخ.

على ذكر الأمل.. كيف ترى مستقبل؟

لا نستطيع رؤية المستقبل ولكن يمكن أن نقول إننا فى مفترق طرق "نكون أو لا نكون" وإذا تم اتخاذ خطوات الإصلاح التى تحدثنا عنها بشكل جدى سيكون المستقبل أفضل.

وهل مسئولية المستقبل مشتركة بين الشعب والجهات التنفيذية؟

المسئولية ليست مشتركة, المسئولية هنا للمسئولين، ولكن يجب أن يكون هناك تفهم ووعى من الشعب لما يحدث، وهذا التفهم لن يحدث إلا اذا اعتمدت الحكومة فى إجراءاتها على المكاشفة والشفافية بقدر كبير من الإقناع والحوار، والمسئولية هنا ليست مسئولية الرئيس وحده وانما المسئولية تمتد من أصغر موظف إلى رئيس الوزراء.

وهل ترى أن النخبة بمفهومها الواسع لها دور فى المرور للمستقبل بأمان؟

طبعا ولكن النخبة المصرية مازال أمامها الكثير لتمارس دورها الحقيقى ويجب عليها أن تغير من أسلوبها وادواتها وكذلك مفاهيمها، فمثلا 100 مليون مواطن 99منهم لا علاقة لهم بشيء ولكن هناك مليونا يقود التشريعات والثقافة والإعلام والاقتصاد, ليس المطلوب أن يكون كل الشعب نخبة ولكن يجب أن يكون هناك نخبة تقود وتفهم لغة العصر، عقلية النخبة المصرية تحتاج إلى تطوير من خلال الانفتاح على الأفكار الخارجية.

على ذكر التطوير، تضمنت كلمتك فى المؤتمر الرئاسى للشباب حتمية اللحاق بالثورة التكنولوجية للنهوض بمستقبل أفضل، فأين نحن من ذلك؟

الثورة التكنولوجية خلقت ثلاثة أنماط اقتصادية هى اقتصاد المعرفة والاقتصاد التشاركى والاقتصاد الدوار، وما أستطيع اختصاره فى هذه الجزئية أن هناك اهتماما رئاسيا بالغا بهذه الأنماط الثلاثة للانطلاق بالقاعدة الإنتاجية من مفهوم الإصلاح، وأؤكد وفقا لما ذكرته لى وزيرة التخطيط الدكتور هالة السعيد عقب المؤتمر الرئاسى للشباب أنه سيتم إعداد مخطط مصرى كامل يشارك فيه مجموعة من الشباب لوضع أسس ومؤشرات اقتصاد المعرفة والاقتصاد التشاركى والاقتصاد الدوار، وهذا المخطط هو ما سينطلق بهياكل الإنتاج المختلفة، المخطط ليس سهلا ولا يمكن الإفصاح عن تفاصيله حاليا ولكن كون المؤتمر ينتهى إلى مثل هذة النتيجة فهذا أمر غاية فى الإيجابية.

ما الخطة الزمنيه لإطلاق المخطط؟

إن شاء الله سيتم ذلك فى مؤتمر شرم الشيخ فى نوفمبر القادم.

هل يمكن إدراج هذا المخطط فى استراتيجية 2030؟

طبعا يمكن إدراجها فى الاستراتيجية.

تحدثنا عن المستقبل والنهوض وهو ما يجعلنا نتساءل بماذا تنهض الأمم المشروعات القومية الكبرى أم المشروعات الصغيرة؟

بالاثنين معا، لأن تواجد الدولة مطلوب بقوة فى مشروعات كبرى، فلم تخرج أمريكا من أزمة الكساد الكبرى فى 1933 إلا بتدخل الدولة، ولم تحل الأزمة المالية فى 2008 إلا بحزمة إنقاذ من الدول، لذا فتواجد الدولة بمشروعات كبرى يسهم بالطبع فى التنمية وخلق حراك اقتصادى، فالمشروعات الكبيرة تطلق أعمالا كثيرة، والعبرة فى المشروعات الكبيرة هو مدى مساهمتها فى التنمية وأرى أن المشروعات الكبرى التى تم اطلاقها مؤخرا تخدم التنمية، وتوفر فرص عمل، ويجب أن يسير معها جنبا إلى جنب المشروعات الصغيرة والمتوسطة وإيجاد مجمعات للصناعات الصغيرة والمتوسطة وربطها بالمشروعات الكبرى أهم عوامل نجاح المشروعات الصغيرة، مع العلم أن البنوك ليست المسئولة عن تمويل المشروعات الصغيرة وانما من خلال مؤسسات تمويلية متخصصة وهو ما يحتاج إلى بنية تشريعية يجب العمل عليها.

هل ترى أن القطاع العام بوضعه الحالى قد يسهم فى النهضة الاقتصادية التى نسعى إليها؟

بعض قطاعاته ستندثر وخاصة التى لم يمتد اليها التطور التكنولوجى وأرى أن إعادة الهيكلة من خلال طرح جزء من أسهم هذه الشركات فى البورصة سيسهم فى النهوض بالقطاع.

هل مشكلة القطاع العام فى الإدارة؟

لا إطلاقا, الإدارة فى القطاع العام من أقوى ما يمكن، ولكن المشكلة فى اللوائح والقوانين وتعقيدات العلاقة بين القطاع العام والجهاز المركزى للمحاسبات، ولو تعامل الجهاز المركزى للمحاسبات بشكل محاسبى صرف فى الإدارة سيؤدى إلى تكبيل الحراك والتطور داخل القطاع، المركزى للمحاسبات ذو كفاءة عالية ولكن عليه أن يتخلى عن النظرة المحاسبية الطلقة ويتم خلطها بأسس الإدارة.

وماذا عن القطاع الخاص هل يسهم فى التنمية بالشكل المطلوب؟

طبعا وهناك شريحة عالية الكفاءة من الرأسماليين ويعملون بجهد ونسبة 90 بالمائة من الاقتصاد قطاع خاص لكن المشكلة أننا اختزلنا القطاع الخاص فى 10 – 15 اسم من رجال الاعمال وهذا خطأ شديد، لأن مصر كلها القطاع الخاص.

كيف ترى علاقة مصر بالمؤسسات المالية الدولية وخاصة فى ظل حصول مصر على قرض من صندوق النقد الدولى مؤخرا؟

علاقتنا بالمؤسسات الدولية يجب أن نتعاون فيها مع الهند والبرازيل فى تعديل قواعد التجارة الدولية لدى منظمة التجارة، فيجب أن ننضم لهذه الدول لإرساء قواعد التجارة العادلة للدول النامية وليس التجارة الحرة، وعودة إلى صندوق النقد فالصندوق تغير ولم يعد صندوق الرأسمالية الطليقة والخصصة الكاملة واعترفوا بخطئهم وهم تفهموا انه يجب اضافة الأبعاد الاجتماعية على كافة محاور الإصلاح الاقتصادى للدول، وهو ما قامت به مصر من خلال البرنامج الإصلاحى الذى يتم تطبيقه حاليا.

من أهم شروط صندوق النقد تخفيض عجز الموازنة، كيف ترى توسع الحكومة فى الاستدانة الداخلية والخارجية لسد عجز الموازنة؟

لا توجد قاعدة اقتصادية على مستوى العالم تحدد نسبة الدين إلى الناتج العام فاليابان مثلا نسبة الدين للناتج 110 % ولكن هناك دينا حميدا وآخر خبيثا، فالدين الحميد هو الذى يتم اقتراضه للاستثمار والتنمية، ويسدد نفسه بنفسه وكذلك الدين قصير الأجل فهو دين خبيث فأنا قلق جدا من السندات الدولية التى تسعى المالية لطرحها باستمرار فى الخارج, ولذا حل مشكلة الدين العام فى زيادة الإيرادات من خلال استغلال الأصول غير المستغلة وتنظيم التمويل الضريبى وليس فى طرح السندات دولية.

من الواقع كيف ترى مستقبل الاقتصاد؟

أرى أن مصر قادرة والمستقبل ترسمه ويضع أسسه الحاضر.