على غير العادة، اهتم أغلبية المصريين فى
كل مكان، فى الريف والمدن على حد سواء بالانتخابات الأمريكية، حتى لحظة إعلان رحيل
وسقوط «ترامب» وإعلان نجاح «جو بايدن» رئيسًا لأمريكا.
المصريون فى كل مكان، فى القرى والمدن،
كانوا يتابعون الانتخابات الأمريكية، لأنهم يعرفون أهمية العلاقات المصرية
الأمريكية منذ زمن بعيد، وتحديدًا منذ زمن الزعيم الراحل جمال عبدالناصر، ويعرفون
مدى التحيز الأمريكي، أيا كان من الرئيس لصالح إسرائيل، ويعرفون مدى قوة التأثير
الأمريكى على مسار الأحداث العالمية وبالتالى على مصر.
المصريون لا يعرفون أمريكا من أجل
المساعدات الأمريكية لمصر ولا يعرفونها من أجل الأسلحة الأمريكية لمصر، ولكنهم
يعرفون أمريكا التى وقفت ضد الزعيم الراحل جمال عبدالناصر، ومساندتها الدائمة
لإسرائيل فى كافة حروبها ضد مصر ويعرفون أمريكا أنها وقفت ضد بناء السد العالي.
المصريون يعرفون رئيس أمريكا الأسبق
«أوباما»، ويعرفون «هيلاري» اللذين وقفا ضد ثورة الشعب المصرى للإطاحة بحكم
الإخوان الإرهابيين، ويعرفون دور أمريكا فى عدم الرغبة فى حل واقعى لأزمة سد
النهضة، ويعرفون أن كلام «ترامب» فى أزمة سد النهضة، كان مجرد «طق حنك».
المصريون يعرفون مدى الانحياز الأمريكى لـ
«ترامب» فى نقل السفارة الأمريكية للقدس وغيرها من القرارات لصالح إسرائيل.
لكن المؤكد والذى يعرفه الجميع أنه على
مدار التاريخ ذهب من ذهب، وجاء من جاء من رؤساء أمريكا، وبقيت مصر وشعبها، وقاومت
مصر وشعبها.
وقاوم عبدالناصر، وواجه وتصدى السيسى
للغرور والتعنت الأمريكي، وسوف تبقى مصر، ويقاوم ويصمد شعبها، ويتصدى رئيسها
السيسي، إن حاول أى رئيس أو إدارة أمريكية العمل ضد مصر وشعبها.
ومع ذلك، لن نستبق الأحداث لأننى لست مع
الذين يشيعون فى الخفاء ولأغراض إخوانية خبيثة، بأن «بايدن» سوف ينحاز للإخوان.
كما قلت، أرى ألا نستبق الأحداث لأن
«بايدن» لن يكون «أوباما»، ليس لأن السيسي، استطاع أن ينجو بسفينة مصر ومن خلفه
الشعب المصرى فى ظل عنفوان «أوباما» ومساندته للإخوان، ولكن لأن مصر خلال سبع
سنوات من حكم الرئيس السيسى قد تغيرت وأصبحت دولة قوية إرادتها ليست مرهونة بأحد
وخاضت أقوى معاركها ضد الإرهاب، واختارت طريق التنمية والمشروعات سبيلًا.
مصر خلال سبع سنوات من حكم السيسي، عرف
شعبها جيدًا من هم الإخوان، وأستطيع أن أقول وأجزم جزمًا، إنه من المستحيل أن يقبل
الشعب المصرى بالإخوان أو برائحة الإخوان، وأعتقد أن «بايدن» هو ورجاله وفريقه
يعرفون ذلك جيدًا ويعرفون أن مصر قد تغيرت فى كل المجالات سياسيا واقتصاديا
وعسكريا بل وشعبيا أيضًا.
لا نستبق الأحداث، لأن «بايدن» يعرف مكانة
مصر كدولة قوية ومؤثرة، تخوض أكبر المعارك الآن، ويعرف مكانة مصر جيدًا بالنسبة
لمنطقة الشرق الأوسط، ويعرف مكانة مصر فى منطقة الشرق الأوسط، ويعرف من هو الجيش
المصري؟ ويعرف من هو الرئيس السيسى الذى استطاع أن يصمد ويفرض مكانته على «أوباما»
حينما كان «بايدن» نائبًا له بل يفرض مكانة مصر على العالم كله.
لا ننكر أن قوة مصر فى شعب قوى يقف خلف
رئيس قادر على مواجهة أى تحديات، والتاريخ يقول ذلك، بل يقول أكثر من ذلك.
نعم، تخوض مصر معاركها بقوة، فى مواجهة
الإرهاب، وفى مواجهة جماعة الإخوان الإرهابية، وفى الوقت نفسه تخوض أقوى معارك
التنمية، ومهما كانت الآثار الجانبية لمعارك التنمية ومعارك الإصلاح الاقتصادي،
وتبعات أزمة كورونا، فإن الرئيس السيسى يعمل جاهدًا على الحد من تلك الآثار، ليحقق
مفهوم حقوق الإنسان فى كافة المجالات، وليس مجرد المفهوم الضيق لحقوق الإنسان الذى
يروج له بالكذب فصيل الإخوان والمنظمات الممولة قطريا والمسيطر عليها إخوانيا،
بأنه يقف عند حدود حرية الرأى والتعبير.
فمصر تعرف جيدًا حقوق الإنسان التى يتشدق
بها البعض وتعرف معناها وكيف تحققها.
إننى أرى وكما رأيت على مر التاريخ، أنه
مهما عظمت انحيازات أمريكا، فإنه كلما قويت مكانة مصر على كل الأصعدة، كانت هذه
الانحيازات سرابًا.
لذلك فلا بديل عن استكمال العمل والجد حتى
تزداد قوة مصر اقتصاديا فى إنتاجها وصناعاتها وفى زراعتها، وفى تصديرها، وفى قوة
جيشها وفى تصنيع السلاح، أرى أن قوة مصر فى قوة شعبها خلف رئيسها.
ودون ترصد، وفى إطار من التعاون واحترام
السيادة ودون تدخل فى شئوننا الداخلية نقول أهلًا «جو بايدن» رئيسًا لأمريكا، دون
تحيز ودون تجاهل لطموحات مصر وشعبها، وتقديرًا لرئيسها.
أهلًا «جو بايدن» لأنك من المؤكد، تعرف من
هى مصر ومن هو الشعب المصرى ومن هو الرئيس المصري، وقبل كل هذا، تعرف التاريخ
المصري، وتعرف أن الشعب المصرى لم يعد ينتظر القرار من عواصم أخرى فقراره من داخل
دولته كما أن الشعب المصرى أسقط الإخوان من كل حساباته، وشأن مصر، هو شأن أهلها
وليس شأن رئيس أمريكا مهما كان هذا الرئيس.
وها هى تلك السطور أكتبها فى مجلة المصور، المجلة
العريقة التى سجلت على مدى 96 عامًا تاريخا مشرفا لمصر وشعبها تاريخا يقول أهلًا
بك «جو بايدن» رئيسًا لأمريكا فقط وصديقًا لمصر وشعبها ورئيسها، فى إطار من
التعاون لصالح البلدين.