رئيس مجلس الإدارة

عمــــر أحمــد سامى

رئيس التحرير

عبد اللطيف حامد

«إحنا كبار قوى بس مش عارفين نشوف نفسنا»


13-1-2025 | 23:53

صورة أرشيفية

طباعة
بقلـم: أحمد النبوى

«- إحنا صغيرين اوى ياسيد

 

- لا إحنا مش صغيرين ياامه احنا كبار قوى بس مش عارفين نشوف نفسنا. أنا شلت النكسة فوق دماغى سنين طويلة ولفيت بيها البلاد لحد ما وقعت وانكسرت تحت رجليا لكن ماكنتش عارفة إن فيه نكسة تانية مستخبية»

 

حقيقة جسدها حوار صغير للعبقرى الراحل وحيد حامد فى فيلم اضحك الصورة تطلع حلوة على لسان الرائعة سناء جميل والعملاق أحمد زكى عام 1998

 

مشهد صغير يلخص حياة المصريين بصدق شديد.

إحنا مش عارفين نشوف نفسنا رغم إننا كبار قوى لأسباب كتيرة ؛ عارف إن الجيل الذى تربى على الجلوس أمام السوشيال ميديا ممكن يقول (اسمع كلام أمك ياسيد إحنا صغيرين قوى) وإللى هيقولك كلام أفلام ياعم مش موجود فى الواقع؛ والرد بكل بساطة نعم هو كلام أفلام ولكن من أين يستقى السيناريست الحوار؟ الإجابة من الواقع من المجتمع الذى يعيش فيه، فلا يستطيع سيناريست أن يجمل المجتمع بما ليس فيه لأن الجمهور لن يتقبل ذلك ولن يدعى المثالية فى مجتمع فاسد، فالفن مرآة للمجتمع بكل أحداثه وأخلاقه.

 

هل اقتنعت أم أنك مثل بقية رواد السوشيال ميديا لا تصدق إلا الغرب والإعلام الأمريكي؟ ورغم أنى لا أتفق معك ولكن سوف أثبت لك بمنطقك وبالاستعانة بالإعلام الأمريكى من خلال خبر تم الإعلان عنه وهو حصول مصر على الترتيب 19 عالميًا بمؤشر الدول الأكثر نفوذًا فى 2024.

 

حيث تتعدد المؤشرات التى يعتمد عليها عالميًا فى قياس قوة الدولة ومدى ما تتمتع به من نفوذ وحضور مادى بالداخل والخارج، من بين تلك المؤشرات مؤشر US-News & World Report الأمريكى، الذى يحدد سنويًا ترتيب الدول الأكثر نفوذًا على المستوى العالمى من خلال 5 معايير أساسية ومتعددة تشمل المجالات المرئية منهاـ القوة الصلبة وغير المرئيةـ القوة الناعمة، ضمن 73 مؤشرًا فرعيًا أبرزها: القيادة السياسية والقدرة على الاتصال مع بقية دول العالم وأن تكون دولة قائدة وذات نفوذ اقتصادى وسياسى وتملك حلفاء دوليين أقوياء، وجيشًا قويًا، ونسبة التأثير فى التفاعلات من حولها، بالإضافة لمصادر قوة الدولة الناعمة وتأثير ثقافتها خارجيًا؛ التأثير السياسى على المحيط الخارجى؛ القدرة على بناء التحالفات المؤثرة.

 

أتى ترتيب مصر فى العام الحالى بالمرتبة 19 بين دول العالم، فى حين أنها أتت بالمرتبة 24 فى عام 2023، والمرتبة 28 عام 2017، ما يكشف عن حيز التطورات الكبيرة الذى تشهده مكانة مصر الداخلية والخارجية على مستوى القوة الشاملة بمعنى القوة Power بما فيها عمليات تعظيم قوتها المادية وتحديدًا بالمجالات السياسية والعسكرية لمواجهة مخاطر التحديات من حولها، بالإضافة إلى النفوذ Influence بما ما يحمله فى مؤشرات للقوة الناعمة، وتعزيز الحضور وقوة التأثير فى المحيط الإقليمى والعالمى، وقدرتها على كسب معركة العقول والأفئدة من خلال الدبلوماسية السياسية وبناء التحالفات الداعمة للاستقرار والسلام.

 

هذا هو الخبر الذى نشره المركز الإعلامى لمجلس الوزراء المصرى وتناقلته الصحف كما هو فهل صدقت الآن عزيزى الذى يجلس خلف شاشة السوشيال ميديا أم أنك لم تصدق لأن الخبر لم يظهر عندك على الوول الخاصة بك، نظرًا لأنه خبر إيجابى عن مصر ولن تهتم به اللجان الإلكترونية المختلفة التى تبحث عن إبراز أى خبر سلبى عن مصر فقط.

 

ونعود للتساؤل مرة أخرى إحنا إزاى مش عارفين نشوف نفسنا؟ أسباب كثيرة وقبل أن أستعرضها يجب أن نذكر إحنا كبار إزاى؟ مصر عمرها تخطى 7 آلاف عام حضارة وما زالت مستمرة وموجودة كما هى، فآثار الأجداد الفراعنة لم يستطع الزمن ولا الاحتلال محوها وظلت صامدة كما صمدت مصر عبر تاريخها الطويل؛ أهمية مصر تبدأ مع موقعها الجغرافى المهم سواء فى خريطة العالم القديم أو الجديد فهى البوابة لكل شيء، وبسبب هذا الموقع كانت مصر وما زالت مطمعًا لكل الدول الكبرى، فهى بوابة الدخول لإفريقيا وآسيا، لذا كان قدر مصر مواجهة تلك الأطماع بأشكالها المختلفة، سواء احتلالاً عسكرياً أو احتلالاً فكريًا أو الاحتلال الاقتصادى، وبسبب الموقع أيضًا ظهرت الشخصية المصرية التى اهتمت بالعلم والثقافة والزراعة والموسيقى والفن منذ آلاف السنين وتوارثتها الأجيال مع الاطلاع على الثقافات المختلفة المكتسبة، سواء من خلال التجارة أو الاحتلال، وظلت الشخصية المصرية قائدة متمثلة فى قواها الناعمة ولم يستطع أحد محوها رغم كل المحاولات التى بُذلت من أجل محو الشخصية المصرية لإضعاف نفوذها على المستوى العربى أو الإفريقى أو العالمى فلو تحدثنا عن الاحتلال الفرنسى والبريطانى وحتى بعد ثورة 23 يوليو كانت مصر أول جمهورية بالمنطقة وساندت دولاً كثيرة فى محاربة الاحتلال حتى تنال الاستقلال وفى العدوان الثلاثى استطاعت المقاومة الشعبية مع الجيش صد العدوان، ومع نكسة يونيو تخيل العالم أن مصر انهارت ولكن الشخصية المصرية ظهرت وتجلت فى حرب الاستنزاف إلى أن تحقق النصر العسكرى الكبير فى 6 أكتوبر؛ ذلك النصر الذى كتب بأحرف من ذهب فى كتاب التاريخ العالمى وسط ذهول العالم من قدرة الجيش المصرى على إعادة البناء بسرعة لإبهار العالم بقدرته على فعل المستحيل.

 

مصر قدرها أنها كبيرة؛ نعم لذلك فهى دائمًا محط أطماع لإضعافها، ورغم فشل الاحتلال العسكرى بدأت مرحلة الاحتلال الفكرى تزامنًا مع سياسة الانفتاح وما تبعها من مرحلة فى عمر مصر انتشر فيها الفساد فى كل شيء، وهنا تجلت الشخصية المصرية مرة أخرى بثورة 25 يناير على الفساد فى مصر ولكن جماعة الإخوان الإرهابية استغلت عدم وجود قادة للثورة وقفزت على نجاح الثورة، ولولا وجود المجلس العسكرى لدخلت مصر فى دوامة فى الصراعات الداخلية كنا سنظل نعانى منها حتى اليوم، ومع سنة حكم الجماعة الإرهابية لم يتحمل الشعب المصرى البسيط من محاولة الهيمنة وأخونة مصر وتقسيمها، فكانت المفاجأة التى أحبطت كل المخططات بقيام ثورة 30 يونيو الشعبية ووقوف الجيش المصرى بقيادة الرئيس السيسى مع الشعب لاستعاده الوطن، وبدأت الحرب على الإرهاب حتى نجحت القوات المسلحة والشرطة من القضاء على الإرهابيين، كما قامت الدولة بمحاربة الفكر الإرهابى بالفكر ولم يكن القضاء على الإرهاب نهاية المطاف ولكنه نهاية مرحلة مخطط استطاعت مصر إيقافه وبداية مرحلة جديدة من الحرب على مصر بهدف إضعافها، سواء من خلال الحصار الاقتصادى أو من خلال فرض الحصار على جميع حدودها سواء من فلسطين وأحداث غزة أو الأحداث فى ليبيا وعدم إجراء انتخابات رئاسية حتى اليوم أو فى الجنوب وما يحدث فى السودان وما يحدث فى لبنان وأخيرًا فى سوريا، والتى أعتقد أنها ستكون بديلة مصر فى المخطط الجديد لإشعال المنطقة أكثر.