رئيس مجلس الإدارة

عمــــر أحمــد سامى

رئيس التحرير

عبد اللطيف حامد

«تنمية الصعيد».. تجربة مصرية ترسم «خارطة طريق» إقليمية


21-1-2025 | 01:27

تنمية الصعيد .. تجربة مصرية ترسم خارطة طريق إقليمية

طباعة
تقرير: نور عبد القادر

حققت مصر فى السنوات الأخيرة نقلة نوعية فى جهود التنمية المستدامة من خلال برنامج التنمية المحلية فى صعيد مصر الذى انطلق عام 2018، بتمويل مشترك بين الحكومة المصرية والبنك الدولى، واستهدف البرنامج تحقيق تنمية شاملة فى محافظتى سوهاج وقنا - كنموذج أولى قبل أن يمتد ليشمل محافظتى أسيوط والمنيا.

اليوم، وبعد سلسلة من الإنجازات، تضمنت تحسين البنية التحتية وتطوير الخدمات، وتحفيز الاستثمار المحلى، تحظى التجربة المصرية بإشادة دولية واسعة، حيث أدرجت الأمم المتحدة البرنامج، كواحد من أفضل الممارسات التنموية على مستوى العالم، كما نال جائزة أفضل مشروع تنموى فى منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا لعام 2023.

 

فى ظل هذا النجاح، تدرس الحكومة توسيع نطاق البرنامج ليشمل المزيد من محافظات الجمهورية، مدعومة بإرشادات دولية لتعزيز الحوكمة المحلية، دعم اللامركزية، وتحقيق التنمية الاقتصادية.

 

فى هذا التقرير، نستعرض التجربة، الإنجازات المحققة، ودور البرنامج فى رسم ملامح مستقبل تنموى شامل، بالإضافة إلى كيفية الاستفادة من الإرشادات الدولية لعرض التجربة وتكرارها، كنموذج يحتذى به فى الدول النامية.

 

الصعيد يحظى بأهم البرامج التنموية الوطنية

 

بداية، أكدت الدكتورة منال عوض، وزيرة التنمية المحلية، أن برنامج التنمية المحلية فى صعيد مصر، يعد واحدًا من أهم البرامج القومية التى تحظى برعاية رئيس الجمهورية، عبدالفتاح السيسى، ومتابعة دورية من الدكتور مصطفى مدبولى رئيس مجلس الوزراء، رئيس لجنة تسيير البرنامج، فضلًا عما يحظى به البرنامج من إشادات دولية جعلته واحدًا من أهم البرامج التنموية التى يتم الاسترشاد بها على المستوى الوطنى لدعم التنمية المحلية المتكاملة، من خلال تكامل مشروعات البنية التحتية وتنمية وتطوير سياسات وآليات عمل الإدارة المحلية وتعزيز التنمية الاقتصادية المحلية.

 

وقالت وزيرة التنمية المحلية، إن الفترة المقبلة ستشهد مضاعفة تعظيم الاستفادة من مخرجات البرنامج الحالية والتكامل مع المبادرة الرئاسية «حياة كريمة» بشكل كبير، وذلك من خلال تحقيق التنمية الإقليمية المتوازنة عبر تعزيز الروابط الحضرية - الريفية، وتمكين مستويات الإدارة المحلية الأدنى من تقديم الخدمات العامة، والاستجابة لاحتياجات المواطنين بكفاءة وفاعلية، عن طريق التنمية الاقتصادية المحلية متعددة المستويات؛ وتيسير وتحفيز الاستثمار بالمناطق الصناعية.

 

وأشادت «د. منال»، بالنتائج الإيجابية التى حققها البرنامج على أرض المحافظات المستهدفة، خلال فترة الست سنوات الأخيرة، مشيرة إلى أن عدد المستفيدين من تدخلات برنامج التنمية المحلية بصعيد مصر بلغ قرابة (8.2) مليون مواطن فى أربع محافظات هى قنا وسوهاج وأسيوط والمنيا، حيث أسهمت تدخلات البرنامج فى تحسين البنية التحتية والخدمات المقدمة بنسبة (82.6 فى المائة) فى المتوسط للأربع محافظات بزيادة عن المستهدف (70 فى المائة).

 

تحسين جودة حياة «أهالى قبلى»

 

وأوضحت وزيرة التنمية المحلية، أنه سيتم تعزيز الاستثمارات فى صعيد مصر، من خلال هذا البرنامج، حيث نجح الأخير فى تحسين جودة حياة المواطنين وتعزيز كفاءة البنية التحتية فى الوجه القبلى، حيث تم الانتهاء من 5023 مشروعًا بتكلفة استثمارية إجمالية تبلغ 21.28 مليار جنيه، من إجمالى استثمارات جارية ومنتهية تصل إلى 27.05 مليار جنيه لعدد 5215 مشروعًا فى مختلف القطاعات، أهمها: (الصرف الصحى، الطرق والنقل، مياه الشرب، الكهرباء والإنارة، تحسين البيئة، التطوير الحضري)، كما تم دعم مشروعات التنمية الاقتصادية المحلية، وتطوير ورفع كفاءة الوحدات المحلية، ودعم وتطوير المراكز التكنولوجية.

 

ولفتت إلى تنفيذ 7 مشروعات صرف صحى متكامل، بالإضافة إلى مد وتدعيم خدمات الصرف الصحى لـ 11 مشروعًا إضافيًّا.. كما تم إقامة 4 محطات مياه شرب جديدة وإحلال وتجديد 34 شبكة مياه شرب.. وشملت المشروعات أيضًا تطوير المناطق الحضرية، حيث تم تغطية 14 ترعة فى 13 قرية ومدينة، فضلًا عن تطوير ورفع كفاءة 95 ميدانًا وحديقة عامة، وبلغ إجمالى الاستثمارات فى هذه المشاريع ما يقرب من 6.95 مليار جنيه خلال العام المالى 2024/2025.. بالإضافة إلى ذلك، تم تنفيذ 732 مشروعًا ممولًا من قرض البنك الدولى، مما يعكس التزام البرنامج بتعزيز التنمية المستدامة وتحسين البنية التحتية فى صعيد مصر.

 

من جانبه، أكد الدكتور هشام الهلباوى، مساعد وزيرة التنمية المحلية للمشروعات القومية، ومدير برنامج التنمية المحلية بصعيد مصر، أنه يتابع الموقف التنفيذى للبرنامج، الذى يعتبر أهم مكوناته، هو تطوير البنية التحتية، باعتباره حجر أساس التنمية الصناعية، مشيرًا إلى أن المكتب التنسيقى للبرنامج سيقدم كل الدعم اللازم خلال المرحلة المقبلة، تنفيذًا لتوجيهات الوزارة، وذلك لاستكمال التنسيقات اللازمة مع الوزارات والجهات المعنية للانتهاء من المشروعات المستهدفة، لاسيما مكونات الصناعة والتكتلات الاقتصادية وتحسين الخدمات المقدمة، فضلًا عن دعم تشغيل وصيانة المشروعات المنتهية ضمن البرنامج.

 

وكشف «الهلباوي»، أنه تم تنفيذ 294 جلسة تشاور بحضور 15 ألف مواطن لوضع الخطة الاستثمارية للعام المالى 2025-2026، فى المحافظات الأربع التى يستهدفها البرنامج بمعدل 204 جلسات على مستوى الوحدات القروية، 45 جلسة متخصصة للمرأة بالإضافة إلى 45 جلسة عامة على مستوى المراكز والأحياء، وشارك فى الجلسات نحو 15 ألف مواطن ومواطنة من كافة قرى ومدن محافظات قنا وسوهاج والمنيا وأسيوط.

 

فى السياق ذاته، كشف اللواء عبد الفتاح سراج محافظ سوهاج، أن برنامج التنمية المحلية بصعيد مصر، ساهم فى زيادة القدرة التنافسية فى محافظة سوهاج نتيجة زيادة الطرق، التى تم رصفها وتمهيدها، مثل طريق السلام - نجع حمادى بطول حوالى 45 كيلو مترا، وبتكلفة 8 مليارات جنيه.

 

وأضاف أنه - خلال العشر سنوات الأخيرة، تمكنت المحافظة من تغطية بنسبة 100 فى المائة لمشروعات الصرف الصحى والمياه والكهرباء، مؤكدًا أن «سوهاج» لم تعد بعيدة عن كافة محاور التنمية، حيث تضم 9 مناطق صناعية، منها 4 فقط تابعة للمحافظة، ما يؤكد وجود العديد من المقومات، التى تدعم تنافسية محافظة سوهاج.

 

وواصل حديثه قائلًا إن «أبرز ما يميز برنامج التنمية المحلية بالصعيد، هو المشاركة المجتمعية، حيث يتم إشراك المواطنين فى اختيار أولويات المشروعات التى يحتاجونها لبلدهم، وهو ما أثرى البرنامج وعظّم استفادة الأهالى منه، بل وإنهم استطاعوا التغلب على التحديات التى واجهتهم أثناء تنفيذ البرنامج، وعلى رأسها تمكين الوحدات المحلية، ودعم جهود اللامركزية، وبناء القدرات، ومتابعة تنفيذ المشروعات القائمة والقادمة».

 

ومن ناحية أخرى، أكدت سنايت عاسفة، مدير التنمية الاجتماعية والشمول الاجتماعى بالبنك الدولى، وأكدت أن ما حققه برنامج التنمية المحلية بصعيد مصر، يمثل نموذجًا جيدًا يمكن استفادة البنك الدولى منه فى دول أخرى ذات سياقات مشابهة، معربة عن تطلع البنك الدولى لاستمرار دعم وزارة التنمية المحلية فى دمج الممارسات البيئية والاجتماعية لبرنامج تنمية الصعيد فى النظام الوطنى، وتمكين الإدارة المحلية من أداء أدوارها بكفاءة وفاعلية فى هذا الصدد، وذلك من أجل البناء على النجاحات التى حققها البرنامج.