رئيس مجلس الإدارة

عمــــر أحمــد سامى

رئيس التحرير

عبد اللطيف حامد

رئيس قسم جراحة القلب بمركز أسوان: د. مجدى يعقوب فى رحلة بحث علمى لا تنتهى


21-1-2025 | 19:39

صورة أرشيفية

طباعة
حوار أجراه: أحمد جمعة

من قلب أسوان ومن داخل مركزه الرائد لعلاج آلاف مرضى القلب سنويًا، يتابع فريق د. مجدى يعقوب باهتمام كبير حالة الاحتفاء الواسعة بالدراسة التى يعكف على تنفيذها بمساعدة باحثين من مركزه بمصر ومعهده بجامعة إمبريال، متطلعين للمرحلة الحاسمة منها بإجراء «التجارب الإكلينيكية» على البشر.

 

فى حديث لـ«المصوّر»، كشف الدكتور أحمد عفيفى، رئيس قسم جراحة القلب بمركز أسوان للقلب التابع لمؤسسة مجدى يعقوب، عن تفاصيل تلك الدراسة، وإلى أين وصلت، موضحًا أن «يعقوب» يعمل منذ عقود طويلة على إحداث نقلة نوعية فى تغيير صمامات القلب للمرضى، وبالتالى فالدراسة الجديدة تقوم على فكرة تطوير صمامات قلب حية تُزرع فى جسم المريض، مصنوعة من خلايا الجسم نفسه، وبالتالى لا يكون هناك حاجة لإجراء جراحات جديدة لتغيير الصمامات التقليدية.

 

«عفيفى» اعتبر أن الدراسة الجديدة باتت فرصة لتجديد الامتنان والتقدير للسير د. مجدى يعقوب، وإسهاماته التى ألهمت الملايين، كما أن الاحتفاء به محليًا ودوليًا يُبرز حجم الجهد المبذول من فريقه تحت قيادته، سواء فى مصر أو على مستوى العالم، مؤكدًا أنه يذكرهم دائمًا بأن البحث العلمى «رحلة لا تنتهى» ويجب الاستمتاع بها فى كل مراحلها.. وإلى نص الحوار:

ما فلسفة الدراسة التى يعكف السير مجدى يعقوب وفريقه عليها.. وكيف يمكن أن تمثل اختراقًا علميًا لإنقاذ آلاف المرضى؟

 

فى البداية، فكرة صمامات القلب تقوم على اعتبارها عضوًا حيًا مثل بقية أعضاء الجسم، وليست مجرد صمامات ميكانيكية تُسهم فقط فى توجيه السائل فى اتجاه واحد.

 

والصمام كائن حى يعنى أنه يتمتع بالقدرة على مقاومة الالتهابات الميكروبية والتكيف مع التغيرات الفسيولوجية التى تطرأ على جسم الإنسان، مثل تلك التى تحدث عند ممارسة الرياضة، أو أثناء النوم، أو حتى فى حالات خاصة مثل الحمل.

 

وبالإضافة إلى ذلك، يتمتع الصمام بقدرته على النمو، ما يجعله مناسبًا للجسم الذى ينمو، وباعتبار أن هذا الصمام عضو حى داخل جسم الإنسان، فإن السير مجدى يعقوب كان على مدار عقود طويلة يسعى لتصدير هذه الفكرة إلى المجتمع الطبى، مؤكدًا أن هناك حلولًا أفضل يمكن تقديمها للمرضى بدلًا من الاكتفاء باستبدال الصمامات بأخرى مصنّعة.

 

ومن هنا، يعمل السير مجدى يعقوب وفريقه على أكثر من محور لتحقيق هذا الهدف، سواءً فى مركز أسوان للقلب أو فى معهد مجدى يعقوب التابع لجامعة إمبريال كوليدج فى لندن.

 

ما طبيعة المحاور التى يعمل عليه «يعقوب» وفريقه بهذه الدراسة؟

 

المحور الأول: يتمثل فى إصلاح الصمامات الطبيعية؛ لأن الصمامات الطبيعية هى الأفضل على الإطلاق، وفى حالة وجود أى عيوب أو تشوهات، يكون العمل فى البداية على إصلاحها.

 

وهذا يشمل تقنيات مثل تصحيح الصمام الميترالى، التى يقوم الفريق بتعليمها فى مختلف أنحاء العالم، ومن أبرز الأمثلة على ذلك «يعقوب أوبريشن» التى ابتكرها الدكتور مجدى يعقوب فى أوائل الثمانينيات، والتى شهدت مؤخرًا تطويرًا بمستشفى مجدى يعقوب أُطلق عليه اسم «يعقوب 2»، وأثارت هذه التطورات ضجة كبيرة فى مجتمع جراحة القلب نظرًا لشهرة العملية وأهميتها.

 

المحور الثاني: إذا اعتبرنا أن الصمامات الحية هى الأفضل للإنسان، فإن هناك خيار استبدال صمام القلب المَعيب بصمام آخر حى من داخل جسم الإنسان نفسه، مثل استخدام أنسجة حية.

 

ومن أشهر العمليات التى انتشرت عالميًا وأثبتت فائدتها للبشرية عملية استبدال الصمام الأورطى، والتى تُعتبر العملية الوحيدة التى تمنح المرضى جودة حياة مماثلة للأشخاص الأصحاء الذين لا يعانون من مشاكل فى الصمامات، وقد أُجريت عليها تعديلات أصبحت تدرّس عالميًا.

 

كما يشمل هذا المحور علاج عيوب القلب أحادى الشريان، إضافة إلى عمليات أخرى تعتمد على أخذ أنسجة حية من جسم الإنسان لصناعة صمامات جديدة.

 

المحور الثالث: الذى أحدث الضجة الأكبر هو الصمامات المصنّعة بتقنية هندسة الأنسجة.

 

الكثير من الأمور العلمية دائمًا ما تكون معقدة بالنسبة لغير المتخصصين.. كيف يمكن ببساطة شرح هذه الدراسة؟

 

بالفعل، الموضوع معقد للغاية، ولكن لتبسيطه يمكن تلخيصه فى عدة محاور أساسية:

 

الأول: تصنيع هيكل من الألياف التى تذوب تدريجيًا مع مرور الوقت داخل جسم الإنسان، إذ يتم تركيب خلايا مأخوذة من جسم الإنسان على هذا الهيكل باستخدام تقنية مشابهة لتقنية الخلايا الجذعية، حيث نحول خلية من جسم الإنسان إلى خلية مشابهة للخلية الجذعية، ومن ثم نحولها إلى خلية قلب أو خلية صمام، ويتم تثبيت هذه الخلايا على الهيكل قبل زرعه داخل جسم الإنسان.

 

المحور الآخر: يتمثل فى كيفية ضمان بقاء هذه الخلايا على الهيكل بعد زراعته داخل الجسم، وأيضًا قدرتها على التكاثر وتكوين صمام جديد خلال الوقت اللازم لتحلل الهيكل البيولوجى، مما يترك وراءه صمامًا طبيعيًا مصنعًا خصيصًا لجسم المريض.

 

هذا الصمام يتمتع بخصائص الصمام الطبيعى، مثل مقاومة الالتهاب، التكيف مع العوامل الفسيولوجية، والنمو خاصةً عند الأطفال.

 

هذه الأبحاث تُجرى تحت إشراف الدكتور مجدى يعقوب فى معهد مجدى يعقوب التابع لجامعة إمبريال كوليدج بلندن، ومستشفى هارفيلد، وبالتعاون مع قسم الأبحاث فى مركز أسوان للقلب.

 

مؤخرًا، وبعد أكثر من 15 عامًا من العمل داخل المعمل، تم قبول هذه الدراسة لبدء التجارب الإكلينيكية. تُعد هذه الخطوة من أهم الخطوات فى المجتمع العلمى، إذ تعنى أن جميع الدراسات التى أُجريت فى المعمل أصبحت مؤهلة للانتقال إلى التجارب الإكلينيكية على المرضى، تمهيدًا لتعميمها عالميًا.

 

وفق الدراسة، فإن الصمامات المُصنعة بالتقنية الجديدة زُرعت فى الأغنام وتمت مراقبتها لمدة تصل إلى 6 أشهر.. ما مردود هذه المرحلة؟

 

جميع التجارب العلمية تمر بمراحل مدروسة وموثقة بحثيًا، المرحلة الأولى تبدأ داخل المعمل دون تجارب على البشر أو الحيوانات، تليها المرحلة الثانية التى تشمل التجارب على الحيوانات من الفئة الأولى، ثم الفئة الثانية.

 

وإذا أثبتت التجارب نجاحها بنسبة 100فى المائة، يُسمح حينها بالانتقال إلى مرحلة التجارب الإكلينيكية على البشر.

 

بالنسبة لهذه الدراسة، فإن التجارب الإكلينيكية لا تُجرى حاليًا فى مصر، بل تتم فى إنجلترا تحت إشراف الجهات والهيئات الممولة لهذه الأبحاث، مع الالتزام بالمعايير الدولية.

 

متى تبدأ التجارب الإكلينيكية على البشر وكم تستغرق؟

 

تم الحصول على موافقة الجهات التنظيمية لبدء التجارب الإكلينيكية، لكن تحديد موعد بدء هذه التجارب وآلية تنفيذها يتطلب وضع بروتوكولات وإجراءات علمية دقيقة، وهو أمر يستغرق بعض الوقت، لذا، لم يُحدد حتى الآن الموعد الدقيق لبدء هذه التجارب.

 

كيف تابعت حالة الاحتفاء الواسعة بالدراسة الجديدة للدكتور مجدى يعقوب سواءً دوليًا أو محليًا؟

 

بالطبع، كمصريين نشعر بفخر شديد بالدكتور مجدى يعقوب.. هذا الفخر ليس وليد اللحظة أو الدراسة الحالية، بل هو نتيجة سنوات وعقود طويلة من العطاء العلمى والطبى الذى قدمه للبشرية جمعاء.

 

الدراسة الجديدة باتت فرصة لتجديد الامتنان والتقدير لشخصية د. مجدى يعقوب، ولمساهماته التى ألهمت الملايين، كما أن الاحتفاء به محليًا ودوليًا يُبرز حجم الجهد المبذول من فريقه تحت قيادته، سواء فى مصر أو على مستوى العالم، ويُعد مركز أسوان للقلب جزءًا لا يتجزأ من هذا النجاح، وكيف أن هذا الجهد به الكثير من العطاء من مركز أسوان كشريك فى هذا النجاح.

 

ما رسالة د. مجدى يعقوب للفريق الذى يعمل معه، بالنظر لدأبه فى هذا العمر على استكمال مسيرة البحث العلمى الرائدة؟

 

الدكتور مجدى يعقوب دائمًا ما يكرر أن البحث العلمى هو المحرك الأساسى لتطور الشعوب، وأنه رحلة مستمرة للبحث عن الحقيقة، كما يقول لنا إن هذه الرحلة «لا تنتهى أبدًا»، فكل حقيقة مكتشفة تفتح أبوابًا أمام المزيد من الحقائق التى تنتظر من يكتشفها، وبالتالى فرحلة البحث العلمى لا نهاية لها، ومستمرة طوال العمر.

 

كما يشجعنا على أن نستمتع برحلة البحث العلمى وأن نعتبرها جزءًا من حياتنا اليومية، مع التأكيد على أهمية الاحتفال بالنجاحات كخطوات نحو الوصول إلى حقائق علمية عظيمة.

 

أخيرًا.. ما أحلامكم فى مؤسسة مجدى يعقوب بمصر؟

 

حلمنا الكبير الذى نعمل عليه بشغف هو افتتاح فرع جديد لمركز مجدى يعقوب بالقاهرة، والذى سيكون أكبر بأربع مرات من المنشأة الحالية، وبإذن الله، سيمكننا هذا المركز من تقديم خدمات طبية لأعداد مضاعفة من المرضى.

 

كما سيضم المركز الجديد أكبر مركز أبحاث متخصص فى أمراض القلب بالمنطقة، ما يعزز ريادتنا فى مجال تشخيص وعلاج أمراض القلب، سواء بالجراحة، أو القسطرة، أو باستخدام أحدث التقنيات العلمية.