رئيس مجلس الإدارة

عمــــر أحمــد سامى

رئيس التحرير

عبد اللطيف حامد

ملحمة المصريين فى رفح


24-1-2025 | 22:58

ملحمة المصريين فى رفح

طباعة
تقرير يكتبه: وليد عبدالرحمن

رسمت مصر الفرحة من جديد على وجوه الفلسطينيين، بعد أشهر من الدمار والخراب والقتل والجوع والألم بسبب الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة المستمرة منذ أكتوبر 2023.

 

وصورت مشاهد نقل المساعدات الإنسانية والإغاثية إلى الشعب الفلسطينى فى قطاع غزة، بعد دخول اتفاق وقف إطلاق النار حيز التنفيذ، الأحد، ملحمة جديدة للمصريين، فى رفح، لنصرة الشعب الفلسطيني، تثبت استمرار الدعم المصرى اللامحدود للقضية الفلسطينية، ومسارعة مصر فى تقديم أى دعم أو موقف لخدمة أهل غزة.

سيطرت حالة من البهجة على أجواء الموجودين أمام معبر رفح، بعد السماح لأكثر من 300 شاحنة بالمرور عبر معبر «كرم أبو سالم» ضمن الدفعة الأولى من المساعدات المقدمة إلى الفلسطينيين، وتحمل مساعدات إنسانية متنوعة ووقودا، فشاحنات المساعدات الإنسانية التى عبرت لأهالينا فى غزة كانت مصرية مائة فى المائة، وهى شهادة جديدة لدور مصر الكبير فى إنهاء «حرب غزة» وحصول الفلسطينيين على حقوقهم المشروعة وإقامة الدولة الفلسطينية.

 

اليوم الأول فقط شهد مرور 300 شاحنة، والأيام المقبلة سوف تشهد المزيد والمزيد نظرًا لحاجة القطاع إلى آلاف من شاحنات المساعدات. ووفق برنامج الأغذية العالمى فإنه يستهدف إيصال 150 شاحنة محملة بالطعام إلى غزة يوميًا لمواجهة الاحتياجات الهائلة للفلسطينيين.

 

كما أعلن فيليب لازارينى، المفوض العام لوكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا)، أن الوكالة لديها 4000 شاحنة محملة بالمساعدات، نصفها تحمل غذاءً ودقيقا، جاهزة لدخول قطاع غزة.

 

مصدر فلسطينى مطلع تحدث عن أن اتفاق وقف إطلاق النار يشمل السماح بدخول 600 شاحنة محمَّلة بالمساعدات الإنسانية إلى غزة، كل يوم من أيام وقف إطلاق النار، 50 منها تحمل الوقود، مع تخصيص 300 شاحنة لشمال القطاع.

 

د. طارق فهمى، أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة، رئيس وحدة الدراسات الفلسطينية والإسرائيلية بـ«المركز القومى لدراسات الشرق الأوسط»، قال إن مصر تقود إدخال المساعدات إلى قطاع غزة من خلال معبر رفح ومعبر «كرم أبو سالم»، وحتى الآن، معبر رفح جار إعادة تأهيله وتطويره من جديد خلال الفترة المقبلة، ربما يأخذ هذا أسبوعًا أو 10 أيام، واليوم الأول لتنفيذ اتفاق وقف إطلاق النار، دخلت مساعدات عبر معبر «كرم أبو سالم».

 

وبحسب «فهمى» فإن المساعدات تأتى من مصر وعدد من الدول العربية، لكن المساعدات التى تقف أمام معبر رفح الآن هى مصرية-إماراتية وسوف تدخل تباعًا، وبالتالى فإن إدخال أكبر قدر من المساعدات للفلسطينيين سيكون مرتبطًا بالسلوك الخاص بالجانب الإسرائيلى، وهناك اتفاق سوف يتم خلال الأسابيع المقبلة للاتفاق على تسريع وتيرة عبور الشاحنات إلى قطاع غزة، وهناك إجراءات إسرائيلية سوف تتبع فى هذا الشأن.

 

عدد كبير من سائقى الشاحنات تحدثوا عن عدم وجود «عراقيل» من الجانب الإسرائيلى فى تفتيش الشاحنات ووصولها للفلسطينيين، عكس الأشهر الماضية التى كانت إسرائيل تضع «عراقيل» وصعابات كبيرة أمام عبور أى شاحنات، وكانت الشاحنات تصطف بالأيام والأسابيع انتظارًا للدخول إلى القطاع مع تشديد الإجراءات الإسرائيلية.

 

ومع تعثر إدخال المساعدات الإغاثية برًا إلى قطاع غزة عبر المعابر بسبب المعوقات الإسرائيلية خلال الأشهر الماضية، عمدت مصر وغيرها من الدول العربية، إلى تكثيف أعمال الإسقاط الجوى لعشرات الأطنان من المساعدات على سكان القطاع، خصوصًا فى المناطق الشمالية، لتقوم مصر بدور كبير للتخفيف عن المعاناة فى القطاع، بتقديم الإغاثات برًا وجوًا وبحرًا، وهو ما أشادت به وفود دولية كثيرة زارت مصر أخيرًا، حيث أكدت على محورية الدور المصرى فى إغاثة الفلسطينيين وفى جهودها للتوصل إلى وقف إطلاق النار فى القطاع، لتفادى جر المنطقة إلى «حرب مفتوحة».

 

وكانت حركة مرور المساعدات الإنسانية قد توقفت فى معبر رفح منذ مايو الماضى، بعد استيلاء القوات الإسرائيلية عليه من الجانب الفلسطينى، ورفض مصر التنسيق مع إسرائيل لعودة العمل بالمعبر. وفى نوفمبر الماضى استضافت مصر مؤتمرًا وزاريًا لحشد المساعدات الإنسانية إلى قطاع غزة بمشاركة جميع وكالات الأمم المتحدة ومن بينها (الأونروا)، واستطاعت أن تضع الصورة كاملة أمام العالم بأن الفلسطينيين فى حاجة إلى المساعدات الفورية، وسلطت الضوء على الأوضاع المعيشية القاسية لأهل القطاع.

 

وذكر «فهمى» أن أكثر من 80 فى المائة من المساعدات، التى قدمت لغزة خلال الأشهر الماضية، كانت من مصر، وبالتالى يظهر دور مصر كدور قيادى ومهم ودور مُعتبر فى تقديم المساعدات الإنسانية، وبعد فتح معبر رفح سوف يبقى فيه إمكانية لإدخال مساعدات من دول أخرى متعددة، ويمكن أن نبنى عليها، وأعتقد أن هناك تصورًا مهمًا قد يبنى عليه خلال الفترة المقبلة سواء من الدول العربية أو الإسلامية.

 

«فهمى» يرى أن المرحلة الأولى لاتفاق وقف إطلاق النار سوف تبنى عليها المرحلتين الثانية والثالثة، فمصر تريد أن ينجح الاتفاق فى مرحلته الأولى، وأن تتزايد إجراءات الثقة بين الطرفين إسرائيل وحركة «حماس»، لكن علينا أن نأخذ الحذر من أن هناك قوى متربصة لا تريد إنجاح هذا الاتفاق، وبالتالى نتوقع دائمًا أن التفاؤل يكون بحذر لأنه مرتبط بكثير من الإجراءات.

 

وينفذ اتفاق وقف إطلاق النار فى قطاع غزة وتبادل الأسرى والمحتجزين بين إسرائيل وحركة «حماس» على ثلاث مراحل؛ بوساطة مصر وقطر والولايات المتحدة الأمريكية. ويتم خلال المرحلة الأولى من الاتفاق ومدتها 42 يومًا منذ بدء سريان الاتفاق؛ انسحاب وإعادة تموضع القوات الإسرائيلية خارج المناطق المكتظة بالسكان، وتبادل الأسرى والمحتجزين، وتبادل رفات المتوفين، وعودة النازحين داخليًا إلى أماكن سكناهم فى قطاع غزة، وتسهيل مغادرة المرضى والجرحى لتلقى العلاج.

 

وتتضمن المرحلة الأولى أيضا تكثيف الإدخال والتوزيع الآمن والفعال للمساعدات الإنسانية على نطاق واسع فى جميع أنحاء قطاع غزة، وإعادة تأهيل المستشفيات والمراكز الصحية والمخابز، وإدخال مستلزمات الدفاع المدنى والوقود، وإدخال مستلزمات إيواء النازحين الذين فقدوا بيوتهم بسبب الحرب.

 

د. جهاد الحرازين، أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس، أشار إلى حرص مصر على التحرك سريعًا بمجرد دخول وقف إطلاق النار حيز التنفيذ، الأحد، لنقل المساعدات الإنسانية والإغاثية للشعب الفلسطينى، وأضاف أن مصر وشعبها لم يدخروا جهدًا فى تقديم الدعم والتبرعات لصالح الشعب الفلسطينى، لافتا إلى أن مصر ستظل رمزًا للتضامن والعطاء، وركيزة أساسية لدعم القضايا العادلة فى العالم العربى.

 

وتحدث «الحرازين» عن الملحمة التى تقدمها الحكومة المصرية وفرق الهلال الأحمر والمتطوعين ومنظمات المجتمع المدنى لنقل المساعدات إلى قطاع غزة وإغاثة الشعب الفلسطينى، قائلًا: «هى بالفعل ملحمة شاهدناها مع دخول وقف إطلاق النار حيز التنفيذ، الأحد، وهذه الملحمة ليست بجديدة على مصر وشعبها ومؤسساتها».

 

وقبل «ملحمة الأحد» لإدخال المساعدات لأهل غزة، كان هناك تحرك حكومى لافت، السبت، حيث زار وفد حكومى كبير برئاسة د. خالد عبد الغفار، نائب رئيس الوزراء وزير الصحة والسكان، ود. مايا مرسى، وزيرة التضامن الاجتماعى، نائب رئيس «الهلال الأحمر المصري»، محافظة شمال سيناء، ومعبر رفح، واطمأنوا على جاهزية دخول المساعدات الإنسانية إلى الأشقاء فى غزة؛ تنفيذًا لتكليفات القيادة السياسية بتكثيف الجهود الإنسانية لتسريع وتيرة دخول المساعدات الإنسانية للقطاع.

 

عودة إلى طارق فهمى الذى تحدث عن دور مصر فى إدخال المرضى والجرحى للعلاج فى المستشفيات المصرية، لافتًا إلى أن فتح معبر رفح سوف يسهل من عبورهم للعلاج فى مصر.

 

إلى جانب ذلك تراقب غرفة العمليات التى تشكّلت فى القاهرة بمشاركة مصرية- قطرية - إسرائيلية - فلسطينية – أمريكية، متابعة تنفيذ اتفاق وقف إطلاق النار و«معالجة أى خلل».

 

و«غرفة العمليات» التى أعلن عنها، هى استمرار للجهود التى بذلتها مصر خلال الأشهر الماضية لوقف الحرب فى قطاع غزة وعدم التصعيد فى المنطقة، حيث عقدت مصر لقاءات متعددة مع الأطراف كافة لتقريب وجهات النظر، إلى أن تحققت «الهدنة الثانية» فى غزة، حيث كانت «الهدنة الأولى» فى نوفمبر عام 2023.