رئيس مجلس الإدارة

عمــــر أحمــد سامى

رئيس التحرير

عبد اللطيف حامد

توطين صناعة السيارات.. استثمار «الفرص الذهبية»


26-1-2025 | 17:29

توطين صناعة السيارات.. استثمار الفرص الذهبية

طباعة
تقرير: محمد رجب

خطوات كبيرة تخطوها الحكومة نحو تعظيم القطاعات الصناعية واستغلال كافة الفرص من أجل الوصول بها بما يحقق أهداف التنمية الشاملة، تجلى ذلك بوضوح فى قطاع توطين صناعة السيارات، بعد أن نجحت الحكومة فى عقد شراكات مع شركات صينية كبرى لنقل خطوط إنتاجها إلى مصر، استغلالاً لقرار فرض الولايات المتحدة ضريبة 100 فى المائة على الصناعات الصينية، هذا التوجه اعتبره خبراء صناعة السيارات خطوةً كبيرةً تُسهم فى تحقيق التنمية الاقتصادية، وتوفير فرص عمل جديدة، وتعزيز مكانة مصر كوجهة صناعية عالمية، خاصة أن مكاسب تصنيع السيارات تتضمن التصدير لدول الشرق الأوسط وإفريقيا، وتوفير عمالة مدربة، وتقليل الفاتورة الاستيرادية، مؤكدين أن عام 2025 سيتضمن توقيع العديد من البروتوكولات والتعاقدات مع شركات أجنبية رائدة فى صناعة السيارات، بما يُسهم فى إحداث طفرة كبيرة فى السوق المصرية، خاصة أن مجلس الوزراء أبرم خلال العام الماضى العديد من مذكرات التفاهم واتفاقيات توطين صناعة السيارات بالسوق المحلى مع عدد من الشركات العالمية.

وتسعى مصر من خلال برنامج «AIDP» الوطنى لتنمية صناعة السيارات، إلى خفض الفاتورة الاستيرادية للسيارات بأنواعها، وزيادة الإنتاج المحلى لتلبية احتياجات السوق المحلى والتصدير للخارج، وتستهدف مصر بحسب المعلن من مجلس الوزراء أن تصل أعداد السيارات التى يتم إنتاجها محليًا بحلول عام 2030 ما بين 400 إلى 500 ألف سيارة، بنسب مكون محلى تصل إلى 80 فى المائة ولا تقل عن 60 فى المائة.

 

وخلال الأيام الماضية افتتح الدكتور مصطفى مدبولى مصنع سيارات جيلى فى مصر، حيث أكد خلال زيارة تفقدية لخطوط الإنتاج بمصنع تجميع وإنتاج سيارات «جيلى» فى مصنع «البافارية» بمدينة السادس من أكتوبر، أن الدولة تعمل جاهدة على دعم هذا القطاع الحيوى من خلال تنفيذ برنامج وطنى لتنمية صناعة السيارات، والذى يهدف إلى جذب الاستثمارات وتوطين هذه الصناعة فى مصر.

 

فى هذا السياق أكد أسامة أبوالمجد، رئيس رابطة تجار السيارات، أن مصر نجحت فى استغلال تداعيات الصراع الأمريكى الصينى، لتطوير صناعة السيارات، موضحًا أن فرض الولايات المتحدة ضرائب بنسبة 100 فى المائة على صناعات الصين دفع الشركات الصينية إلى البحث عن أسواق بديلة لنقل خطوط إنتاجها، وكانت مصر خيارًا مثاليًا بفضل موقعها الجغرافى واتفاقياتها التجارية والبنية التحتية المتطورة، مشيرًا إلى أن الصين تُنتج ثلث حجم الإنتاج العالمى من السيارات، وهى شريك استراتيجى مثالى لمصر فى هذه المرحلة، خاصة أن مصر تمتلك مناخًا استثماريًا آمنًا يدعم ويحفز الشركات الأجنبية، ما يجعل هذا التوقيت مناسبًا لاستقطاب الشركات الصينية الأم لنقل خطوط إنتاجها إلى مصر.

 

«أبوالمجد»، أشار إلى أن رئيس الوزراء حدد ملامح الرؤية الاستراتيجية للدولة والتى تقوم على دعم ملف توطين صناعة السيارات، ولم يكتفِ بالقرارات والتوجيهات فقط، بل حرص على الوجود بنفسه فى افتتاحات خطوط الإنتاج، ما يعكس الجدية الكاملة فى تحقيق هذا الهدف الوطنى، مشيرًا إلى أن ملف توطين صناعة السيارات يُعد من أهم الملفات المطروحة على طاولة القيادة السياسية خلال الفترة الحالية، متوقعا أن يشهد عام 2025 توقيع العديد من البروتوكولات والتعاقدات مع شركات صينية رائدة فى صناعة السيارات، ما سيُحدث طفرة كبيرة فى السوق المصرى، خاصة أن مصر تسير بخطوات واثقة نحو استغلال الفرص الاقتصادية الناتجة عن الصراع الأمريكى الصينى.

 

من جانبه، اعتبر خالد سعد، الأمين العام لرابطة مصنعى السيارات، أن توطين صناعة السيارات فى مصر خطوة استراتيجية نحو تقليل الاعتماد على استيراد السيارات تامة الصنع، مشيرًا إلى أن فاتورة الاستيراد خلال السنوات الماضية تجاوزت 8 مليارات دولار، ما استدعى ضرورة تحجيم الاستيراد والبحث عن بدائل محلية، مضيفًا أن تعطّل عمليات استيراد السيارات خلال الفترة الماضية أسهم بشكل كبير فى تشجيع التصنيع المحلى، وهو ما ظهر من خلال الجهود المبذولة لدعم الصناعة الوطنية.

 

وأضاف «سعد»، أن الدولة أظهرت اهتمامًا غير مسبوق بالصناعة المحلية، وقدمت دعمًا كبيرًا لهذا القطاع من خلال وضع خطط واضحة لتحقيق أهداف التوطين، خاصة أن الاهتمام البالغ الذى يوليه رئيس الوزراء بصناعة السيارات، إلى جانب الجهود المبذولة من قبل وزير الصناعة والاتفاقيات الدولية المبرمة مؤخرًا كلها مؤشرات إيجابية تدعم مسار التصنيع المحلى، مشددًا على أن التصدير يجب أن يكون الهدف الأساسى فى الفترة المقبلة، إذ تستهدف الدولة تعزيز صادرات السيارات، ما يُسهم بشكل مباشر فى رفع قيمة الجنيه المصرى وتحسين الوضع الاقتصادى بشكل عام.

 

ولفت «سعد»، إلى أن التوجه نحو التصدير فى قطاع السيارات ليس فقط خطوة اقتصادية مهمة، بل ركيزة أساسية لتحقيق التنمية المستدامة وتعزيز مكانة مصر كوجهة صناعية على المستويين الإقليمى والدولى، خاصة أن صناعة السيارات تُعد من الصناعات التى تتطلب استثمارات ضخمة تُقدر بملايين الدولارات، إلى جانب الحاجة لعمالة مدربة ومحترفة لضمان توافر عوامل الأمان والجودة فى السيارات المصنعة، ومصر اتخذت خطوات جادة وجاذبة لدعم صناعة السيارات وتعزيز الصناعات المغذية لها، وخلال الفترة الأخيرة توجه معظم وكلاء السيارات فى مصر نحو تصنيع السيارات محليًا بدلًا من استيرادها، وهو ما كان يُكلف الدولة مبالغ طائلة من العملة الصعبة، مشيرًا إلى أن هذا التوجه نحو التصنيع المحلى لا يقتصر على توفير ملايين الدولارات، بل يتجاوز ذلك ليشمل توفير مليارات الدولارات مع تعميق تصنيع أجزاء السيارات المنتجة محليًا، كما أكد أن كل خطوة إضافية نحو التصنيع المحلى تقلل من الاعتماد على الاستيراد، ما يُسهم فى وقف نزيف الدولار الذى كان يُستهلك فى استيراد السيارات الكاملة.

 

وأضاف أن توطين صناعة السيارات فى مصر لا يقتصر على الجوانب الاقتصادية فقط، بل يمتد تأثيره الإيجابى ليشمل خلق فرص عمل جديدة وزيادة الطلب على العمالة المدربة، ما يُسهم فى تقليل معدلات البطالة.

 

بدوره، شدد المهندس جمال عسكر، خبير السيارات، على أن «وجود توجيهات رئاسية منذ عام 2022 بافتتاح المجلس الأعلى لصناعة السيارات برئاسة رئيس الوزراء إلى جانب 5 وزراء معنيين و4 خبراء فى عالم السيارات خطوة أسست لما وصلت إليه مصر الآن من خطوات كلمسة فى قطع صناعة السيارات والتى تعد قاطرة التنمية بالنسبة للشعوب، إضافة إلى أن مصر تسبق كوريا واليابان فى مجال صناعة السيارات منذ إنشاء شركة النصر لصناعة السيارات فى عام 1960 وكانت الشركة تنتج العديد من «الموديلات» التى تناسب الشعب المصرى.

 

وأشار خبير السيارات، إلى أن جميع الدول تتجه إلى صناعة السيارات الكهربائية، لذلك يجب أن تهتم الدولة المصرية بهذا الأمر؛ لتقليل الانبعاثات الكربونية والتصدى لتغير المناخ، موضحًا أن صناعة السيارات لها مقومات فى العالم كله، فهى تحتاج إلى الإنسان المؤهل وشبكة طرق ممهدة وبلد آمن، إضافة إلى أن سوق بيع السيارات فى مصر حقق 135 ألف سيارة على الرغم من أن التعداد السكانى لمصر يبلغ 110 ملايين نسمة، لافتًا إلى أن هذا الرقم يعد زهيدًا وكان عام 2010 هو أفضل عام باعت فيه مصر سيارات، فبلغ عدد السيارات المبيعة خلال العام المذكور 300 ألف سيارة.

 

وأوضح أن مصر ستقوم بتصدير 30 ألف سيارة لإفريقيا، مشيرًا إلى وجود شراكة مصرية – أوروبية لتصدير السيارات من أوروبا بدون جمارك ويجب استخدام هذه الشراكة بما يعود بالنفع على قطاع السيارات فى مصر، خاصة إذا نظرنا إلى وجود 10 ملايين سيارة تسير فى السنة فى حدود 25 ألف كيلو مما يؤدى لاحتياج كل سيارة لـ5 إطارات فى العام، لذلك مصر بحاجة لعدة مصانع لصناعة الإطارات لاحتياج الملايين من إطارات السيارات وهذا حجم كبير جدًا لإهدار العملة الصعبة.

 

وعن المكاسب الاقتصادية التى سوف تحصل عليها مصر من توطين صناعة السيارات محليًا كشف «عسكر»، أن صناعة السيارات تُعتبر قاطرة التنمية فى مصر، مشيرًا إلى أن شركة النصر للسيارات التى أُعيد افتتاحها بعد حوالى 15 عامًا من التوقف، تعمل على خفض معدلات البطالة فى الدولة، وكفاية السوق المحلى من السيارات المتوسطة التى تناسب استخدام المواطن المصرى البسيط، وتوفير العملة الصعبة.

 

المهندس شادى الصفتى خبير استراتيجيات صناعة السيارات، أشار إلى أن القيادة السياسية تقدم كل الدعم اللازم لتوطين وتطوير صناعة السيارات فى مصر، وفقًا لرؤية مصر 2030 وأبعادها التنموية والاقتصادية والبيئية من خلال تطوير البنية التحتية اللازمة وتوفير البيئة التشريعية والحوافز الاستثمارية واعتماد آليات تحفيز الطلب على المركبات الكهربائية، وتلك التى تعمل بالغاز الطبيعى من خلال الاستراتيجية الوطنية لتنمية صناعة السيارات، موضحًا أن مصر استطاعت تطوير وتعميق الصناعات المغذية الصناعة السيارات من خلال جذب العديد من الشركات العالمية فى مجال صناعات الضفائر الكهربائية المغذية لصناعة السيارات للاستثمار فى المدن الصناعية كمدينة العبور، والعاشر من رمضان والفيوم وتصدير جميع منتجاتها للأسواق العالمية، وخلال السنوات القادمة ستكون مصر من الدول المحورية فى تصنيع الضفائر الكهربائية على مستوى العالم لانخفاض تكاليف التصنيع مقارنة بدول شرق أوروبا وجنوب شرق آسيا.

 

وأضاف أن هناك خطوات مهمة اتخذتها الحكومة لدعم توجه توطين الصناعة المصرية خاصة السيارات على رأسها المجلس الأعلى لصناعة السيارات، وأبرز مهامه العمل على توطين الصناعات الوطنية المغذية لصناعة السيارات لاستيعاب حجم التصنيع المحلى، مشيرًا إلى أن النسبة المضافة للمكون المحلى تجعل الاقتصاد فى تقدم، وبالتالى تقليل حجم الاستيراد ودعم الصناعة المصرية وتشغيل المصانع، وهناك 19 مصنعًا تعمل حاليًا فى صناعة السيارات، وهناك تطور فى صناعة السيارات وتحقيق نسبة عالية من التصدير.