رئيس مجلس الإدارة

عمــــر أحمــد سامى

رئيس التحرير

عبد اللطيف حامد

«البكالوريا».. نظام «يستحق»


26-1-2025 | 23:44

البكالوريا .. نظام يستحق

طباعة

«صنم الثانوية العامة»، من هنا يمكن المضى قدمًا لمحاولة البحث عن الأسباب التى تقف وراء حالة الغضب التى استقبل بها البعض إعلان وزير التربية والتعليم، محمد عبداللطيف، عن نظام الثانوية العامة الجديد «البكالوريا»، لا سيما أن ردود الفعل التى ضجت بها وسائل التواصل الاجتماعي، وبعض البرامج الحوارية، وحتى الجلسات الشخصية، كانت جميعها تشير إلى أن الغالبية أصبحت تتعامل مع نظام تعليمى كونه «صنمًا» لا يجب الاقتراب منه أو محاولة «تجميله» أو «تحسينه» أو حتى هدمه، والغريب هنا أن أصحاب هذا الاعتقاد هم أنفسهم الذين ظلوا لسنوات ضحايا لـ«بعبع الثانوية»، يسددون «فاتورة» باهظة على «الدروس الخصوصية»، ويطالبون بـ«التعديل والتغيير»، لكن عندما هبّت رياح التغيير فإنها جاءت بما لا تشتهى سفنهم.

 

ما الداعى لوضع نظام جديد للثانوية العامة؟.. سؤال جوهرى يمكن أن ينهى حالة الخلاف من «البكالوريا»، غير أنه رغم تقديم وزارة التربية والتعليم إجابة «نموذجية» عن السؤال هذا، لم يلتف أحد إليه، ولا تزال هناك نيران مشتعلة فى ثوب «النظام الجديد»، فـ«التعليم» أكدت أن مواكبة سوق العمل هى الهدف الأساسى من تطوير المنظومة التعليمية، والعمل من أجل الوصول إلى طالب مؤهّل بالجدارات والمهارات اللازمة لمواكبة التطورات التى شهدها سوق العمل المحلى والدولي، ومتابعة المستجدات التى طرأت فى مختلف المجالات المهنية والتخصصات التكنولوجية الحديثة.

 

ولم يتوقف الأمر عند هذا الحد، فوزير «التعليم»، وخلال جلسات الحوار المجتمعى التى عقدتها الوزارة، سواء مع مجالس الأمناء والأباء والإعلاميين ورؤساء مجالس الإدارة ورؤساء تحرير الصحف، تحدث عن «وجوب التغيير»، والأسباب التى دفعتهم للبحث عن «نظام جديد»، وجاءت توضيحات الوزير مشفوعة بأرقام وإحصائيات لا تقبل الشك. فعلى سبيل المثال، أكد «عبداللطيف»، أنه تم تحديد المشكلات التى تواجه العملية التعليمية، واتخاذ إجراءات سريعة لحل هذه المشكلات، كاشفًا أن «الوزارة نجحت فى وضع حلول إيجابية وبناءة للتحديات المزمنة للعملية التعليمية والتى استمرت حوالى 30 عامًا، ومن بينها الكثافات الطلابية والتى كانت تصل إلى 120 طالبًا بالفصل الواحد وحاليًا وصلت إلى أقل من 50 طالبًا، وكذلك علاج مشكلة العجز فى أعداد المعلمين خاصة فى المواد الأساسية، فضلًا عن نسبة حضور الطلاب والتى تصل حاليًا إلى أكثر من 85 فى المائة، بعد أن كانت لا تتعدى 9 فى المائة».

 

التوضيح الوزارى لم يتوقف عند هذا الحد، فـ«عبداللطيف»، أوضح أيضا أنه تم النظر أيضًا إلى المرحلة الثانوية والتى يتم فيها تدريس عدد 32 مادة، لذا كان الدافع لاتخاذ قرارات دمج المواد قبل بدء العام الدراسى للتخفيف عن 3 ملايين طالب يدرسون فى المرحلة الثانوية، مشيرًا إلى أنه كان هذا إجراءً مؤقتًا لحلّ مشكلة على أرض الواقع بشكل سريع، لحين الانتهاء من تصور متكامل للتطوير.

 

كما أكّد وزير التربية والتعليم، أن «خطوات إعادة الهيكلة كانت نتاج مجموعة من الأبحاث والدراسات، من خلال المركز القومى للبحوث، ولقاءات مع خبراء، ودراسة تجارب ومقترحات الوزراء السابقين، ولقاءات مكثفة مع أساتذة كليات التربية وعمدائها السابقين والحاليين، وتم الانتهاء إلى ضرورة أن يكون هناك تصور للتطوير يخفّف عن أبنائنا الطلاب الذين يدرسون 32 مادة مقابل أقرانهم فى نفس المرحلة يدرسون فى نفس الفترة بين 8 لـ10 مواد فقط».

 

يُشار هنا إلى أن نظام البكالوريا المصرية الجديد يشمل 7 مواد مقسمة على عامين دراسيين، وبه 4 مسارات علمية تخصصية هى (مسار الطب وعلوم الحياة - مسار الهندسة وعلوم الحاسب - مسار الأعمال - مسار الآداب والفنون)، وتم وضع بعض القواعد العامة داخل نظام البكالوريا المصرية، وهى أن للطالب فرصتين لدخول الامتحان خلال العام الدراسى دور مايو ويوليو ودور يونيو وأغسطس، ويتضح هنا أن النظام الجديد المقترح يؤهّل خريجًا له قدرات ومهارات لدخول الجامعة تساعده على رسم مستقبله واختيار مساره المهنى فى المستقبل مع إمكانية تعديله، هذا فضلًا عن أنه يرفع الضغوط عن كاهل أولياء الأمور والطلاب، ويمنح الطالب أكثر من فرصة ويخفف العبء النفسى والمادى كل عام بسبب الثانوية العامة بشكلها التقليدى لذا فهو نظام يستحق.

 

وهنا من الواجب الإشارة أيضا إلى أن وزارة التربية والتعليم لا تعتبر الطرف الوحيد الذى يدير منظومة «النظام الجديد»، فالحكومة الحالية منذ يومها الأول أعلنت -على لسان رئيسها الدكتور مصطفى مدبولى- أنها لا تعمل بمنطق «الجزر المنعزلة»، وهو ما كشفته جلسات الحوار المجتمعى التى أدارها -ولا يزال- وزير التربية والتعليم حول «البكالوريا»، حيث يجلس إلى جواره خلال الجلسات الدكتور أيمن عاشور، وزير التعليم العالي، والذى قدم هو الآخر رؤية وزارته لـ«النظام الجديد»، واستعرض مكاسب النظام التعليمى المصري، وسوق العمل أيضا، من تطبيقه.

 

«عاشور»، أكد أن الحوار المجتمعى ممتد لمشاركة كل الأطراف فى وضع رؤية تكاملية حول تطبيق مقترح «البكالوريا المصرية»، مشيرًا إلى استمرار التكامل وتنسيق العمل بين الوزارتين لتحقيق الترابط بين مرحلتى التعليم الأساسى والتعليم الجامعى.

 

وأوضح أن مواكبة سوق العمل هى الهدف الأساسى من تطوير المنظومة التعليمية، والعمل من أجل الوصول إلى طالب مؤهل بالجدارات والمهارات اللازمة لمواكبة التطورات التى شهدها سوق العمل المحلى والدولى، ومتابعة المستجدات التى طرأت فى مختلف المجالات المهنية والتخصصات التكنولوجية الحديثة.

 

وأشار وزير التعليم العالى إلى ما قامت به الوزارة من استحداث العديد من البرامج البينية والعابرة للتخصصات فى التعليم الجامعى المصرى، وتطوير البرامج الدراسية لتناسب ما حدث من تداخل فى التخصصات العلمية الحديثة، واستيعاب التقدم الهائل فى المجالات التكنولوجية.

 

واستعرض وزير التعليم العالى تقسيم المسارات التعليمية، مشيرًا إلى وجود أربعة مسارات رئيسية يمكن للطالب الالتحاق بها فى الجامعات، وهي: (قطاع الطب وعلوم الحياة، قطاع العلوم الطبيعية والهندسة والتكنولوجيا، قطاع إدارة الأعمال والعلوم الاجتماعية، وقطاع الآداب والعلوم الإنسانية)، وما يندرج تحت كل منها من كليات ومعاهد، والوظائف المرتبطة بكل مسار.

 

وأوضح «عاشور» أن اختيار هذه المسارات يأتى مواكبًا لاحتياجات سوق العمل الحالية والمستقبلية، حيث يتم تطوير البرامج الدراسية بشكل مستمر وفقًا لأحدث النظم التعليمية لتأهيل الطلاب فى التخصصات العلمية المستقبلية، والتى من بينها: (الذكاء الاصطناعي، والبيانات الضخمة، والنقل الذاتي، والطاقة النووية، وإنترنت الأشياء، والاقتصاد الرقمي، والطب الجينومي، علوم الفضاء)، منوهًا إلى التكامل مع قطاع الصناعة لتلبية احتياجاته، والتنسيق مع مختلف الوزارات المعنية فى كل تخصص دراسى.

 

كما أشار إلى التوسع الكبير الذى نفذته وزارة التعليم العالى فى مسار التعليم التكنولوجي، من خلال إنشاء الجامعات التكنولوجية تطبيقًا لسياسات الدولة فى تعظيم الاهتمام بالتعليم الفني. لافتًا كذلك إلى زيادة أعداد الطلاب الملتحقين بالتعليم التكنولوجى والتخصصات الدراسية الحديثة، وبخاصة الذكاء الاصطناعي، مما يعكس وعى الأسرة المصرية بأهمية الالتحاق بالتخصصات الحديثة المطلوبة فى سوق العمل.

 

وأوضح «د. عاشور»، توجه الوزارة نحو زيادة تقديم برامج إعداد الكوادر المتخصصة؛ لسد الاحتياج المتزايد للمعلمين المؤهلين فى التخصصات العلمية المستحدثة.

 

وأشار إلى نظام السنة التأسيسية، مؤكدًا أنه يشكّل إضافة فى المنظومة التعليمية، ويتّسم بالمرونة ويعتمد على نظام الساعات المعتمدة، ويهدف إلى توفير فرص القبول فى مختلف الجامعات الخاصة والأهلية والتكنولوجية، كما لفت الوزير إلى تحديث نظم التقييم بالجامعات، والاعتماد على الاختبارات الإلكترونية بالتعاون مع المجلس الأعلى للجامعات.