رئيس مجلس الإدارة

عمــــر أحمــد سامى

رئيس التحرير

عبد اللطيف حامد

حتى لا نتأثر بخطط ترامب فى الزيت الخام والغاز الطبيعى.. مصر مركز دولى وإقليمى قوى للطاقة


2-2-2025 | 04:39

حتى لا نتأثر بخطط ترامب فى الزيت الخام والغاز الطبيعى.. مصر مركز دولى وإقليمى قوى للطاقة

طباعة
بقلم: غالي محمد

هذا الأسبوع حافل بأحداث مهمة جدًا فى قضية الطاقة سواء على المستوى العالمى أو المستوى الإقليمى أو المستوى المحلى.

 

فعلى المستوى العالمى، أربك الرئيس الأمريكى ترامب، كافة دوائر صناعة الطاقة، خاصة الصناعة البترولية، حينما أعلن حالة الطوارئ فى قضية الطاقة، لتكون الولايات المتحدة الأمريكية أكبر منتج ومصدّر للزيت الخام والغاز الطبيعى على المستوى العالمى، متفوقة فى ذلك على دول الخليج العربى وروسيا، وغيرها من الدول المنتجة فى أنحاء العالم.

ليس هذا فقط، بل إنه فى الوقت الذى يؤكد فيه على ذلك، وتكثيف عمليات الحفر والإنتاج من البترول الصخرى الذى تتميز به الولايات المتحدة الأمريكية، فإنه يطالب كافة الدول المنتجة للزيت الخام بخفض سعر البرميل إلى ما بين 25 و30 دولارا للبرميل، دون اعتبار لتكاليف الاستخراج وتكلفة الإنتاج وبشكل يهدد هذه الصناعة على مستوى العالم، والإضرار بالشركات العالمية، التى تأتى فى مقدمتها الشركات الأمريكية.

 

وفى الوقت الذى لم تعلن فيه الدول الخليجية أى ردة فعل على تصريحات الرئيس ترامب، ومخاطر ذلك على الصناعة البترولية، فإن الرئيس الروسى بوتين حذّر من خطة الرئيس ترامب تجاه الصناعة، وقال إن رفع أو خفض أسعار الزيت الخام بالشكل العشوائى الذى ينويه الرئيس ترامب سوف يضر بروسيا والولايات المتحدة الأمريكية، على حد سواء.

 

وإن كنت أعتقد أن خطة الرئيس ترامب تستهدف ابتزاز الدول الخليجية وحصار صادرات روسيا من الزيت الخام والغاز الطبيعى، فإن خفض الأسعار بالشكل الذى يريده ترامب، سوف يصبّ فى مصلحة الصين كأكبر دولة صناعية الآن، وأكبر مستورد للزيت الخام والغاز الطبيعى، وكذلك دول مثل الهند واليابان وغيرهما من الدول الصناعية، لتكون أقوى على المستوى العالمى فى مواجهة أمريكا.

 

كما أن خفض أسعار الزيت الخام، بالشكل الذى يريده الرئيس ترامب، سوف يؤثر بالسلب على عوائد الدول الخليجية، وبصفة خاصة السعودية، ومن ثم لن تتمكن بسهولة من توفير مبلغ التريليون دولار التى يطلبها ترامب من السعودية كاستثمارات فى أمريكا أو مشتريات من الشركات الأمريكية.

 

وإن كان ولى العهد السعودى محمد بن سلمان قد أبدى استعداده لضخّ نحو 600 مليار دولار استثمارات فى أمريكا، فإن هذا قد يصرف الرئيس ترامب إلى حد كبير مؤقتا إلى موجة مطالب مالية أخرى فى توقيت تالٍ من السعودية ودول خليجية أخرى.

 

وإن كان هناك مَن يرى أن الرئيس ترامب سوف ينفذ ما يقوله بشأن تخفيض أسعار الزيت الخام والغاز الطبيعى، فإننى أرى أنه سيواجه معارضة لأن كبريات الشركات العالمية بما فيها الشركات الأمريكية التى تعمل على مستوى العالم بتكاليف مرتفعة، سواء فى إيجار الحفارات، أو ارتفاع تكاليف الحفر والإنتاج فى المياه العميقة، سوف تتصدى له، حتى لا تنهار الصناعة البترولية على مستوى العالم.

 

وسواء نجح الرئيس ترامب أو لم ينجح فى خطته تجاه الصناعة البترولية وخفض أسعار الزيت الخام والغاز الطبيعى، فإن الصناعة البترولية على مستوى العالم، لن تقف انتظارا لخطة ترامب وسوف تواصل أعمالها دون أدنى خسائر، وإلا شهد العالم أزمات خطيرة فى إمدادات الزيت الخام والغاز الطبيعى، دون أن يستطيع الإنتاج منهما من الزيت والغاز الصخرى الوفاء باحتياجات العالم.

 

وعلى هذا وكما أوضحت فى مقال الأسبوع الماضى على صفحات مجلة «المصور» أن كافة الدول فى منطقة شرق البحر المتوسط، استعدت بخطط عاجلة للبحث والاستكشاف والحفر لتحقيق اكتشافات كبيرة للغاز الطبيعى.

 

وطالبت بأن يكون لدى مصر خطط استباقية وعاجلة فى شرق وغرب المتوسط لجذب الشركات العالمية لتحقيق المزيد من الاكتشافات الكبيرة.

 

كما طالبت بتفعيل عاجل وكسر الجمود الذى أصاب منتدى دول غاز شرق المتوسط، ولم أطالب بذلك بشكل عشوائى، ولكنها أهداف أخرى عاجلة تتعلق بوضوح رؤية جديدة لتكون مصر مركزا إقليميا ودوليا للطاقة.

 

وعندما أقول الطاقة، فإننى لا أركز فقط على تجارة وتداول الزيت الخام والغاز الطبيعى، لأن مصر لديها قدرات كبيرة فى مجال الطاقة الجديدة والمتجددة، والتى تؤهلها لأن تكون من أكبر منتجى ومصدّرى الكهرباء من الطاقة الشمسية، ومن ثمّ، فإننى عندما أقول أن تكون مصر مركزا دوليا وإقليميا للطاقة، فهذا ليس من فراغ.

 

فهذا الأسبوع وجه الرئيس عبدالفتاح السيسى، دعوة رسمية للرئيس القبرصى لحضور مؤتمر ومعرض مصر الدولى للطاقة (EGYPES) المقرر انعقاده فى شهر فبراير المقبل.

 

وقد نقل الرسالة الشخصية والدعوة الرسمية، المهندس كريم بدوى، وزير البترول والثروة المعدنية، خلال زيارته الرسمية للعاصمة القبرصية «نيقوسيا»، حيث استقبله الرئيس القبرصى نيكوس كريستودوليدس.

 

ومن المتوقع أن يشهد معرض ومؤتمر مصر الدولى للطاقة (EGYPES) توقيع اتفاقيات هامة لتنمية حقلى «كرونوس» و«أفروديت» الواقعين بالمنطقة القبرصية الخالصة وربطهما بالتسهيلات المصرية، ربما يساهم فى تعجيل إنتاج الغاز الطبيعى من الحقلين، وضمان وصوله إلى الأسواق المحلية والعالمية عبر البنية البترولية المصرية المتطورة فى مجالات المعالجة والنقل والإسالة.

 

ومن المنتظر أن يتم ربط هذين الحقلين بتسهيلات حقل «ظهر» القريبة من الحقلين القبرصيين، لنقل إنتاجهما من الغاز الطبيعى إلى مشروع الإسالة فى دمياط، لتصدير الغاز القبرصى إلى أوروبا وأية أسواق عالمية، خاصة أنه من المتوقع أن تحقق قبرص اكتشافات غازية كبيرة خلال الفترة القادمة.

 

كما أنه يمكن توجيه جزء من الغاز القبرصى إلى السوق المحلى، إذا تفاقم الاحتياج إليه، عبر الشبكة القومية للغازات الطبيعية التى تديرها شركة «جازكو» ، ولعل تلك الخطوة الاستراتيجية تعد أحد مكونات أن تكون مصر مركزا دوليا وإقليميا للطاقة، وذلك على أرض الواقع.

 

ويُضاف إلى ذلك شبكة خطوط الغاز الطبيعى المصرية التى تمتد من قبل إلى الأردن وسوريا وإسرائيل.

 

بل يمكن لهذه الشبكة أن ترتبط مستقبلًا عند الأردن بخط الغاز الذى يمكن أن يمتد من قطر وحتى أوروبا، مرورًا بالسعودية والأردن وسوريا، كما أنها يمكن أن ترتبط بشبكة خطوط الغاز فى العراق أيضًا.

 

وإذا ما استقرت الأوضاع السياسية فى ليبيا، فإنه لشبكة خطوط الغاز المصرية أن تتجه لترتبط بخطوط الغاز فى ليبيا ثم الجزائر، بل من الممكن أن تكون هناك شبكة لخطوط الزيت الخام تتجه غربًا لترتبط بشبكة خطوط الزيت الخام فى ليبيا فى توجه مهم نحو الشمال الإفريقى، ولا سيما أن مصر لديها «ميناء الحمرا» على البحر المتوسط، الذى يعد من أكبر الموانئ العالمية لتجارة الزيت الخام، خاصة أنه يستقبل الزيت الخام الخليجى الذى يأتى إليه عبر خط سوميد.

 

إذًا، تستطيع مصر بكل ما تملكه من بنية بترولية أساسية أن تكون أحد المكونات المهمة فى أن تكون مصر مركزا دوليا للطاقة، ويكمل ذلك بكل المشروعات التى تتم الآن فى مجال إنتاج الطاقة الجديدة والمتجددة، أن تصبح مصر من أكبر منتجى ومصدّرى الكهرباء الشمسية إلى أوربا بصفة خاصة.

 

وبالفعل وفقًا للرؤية الاستراتيجية للرئيس عبدالفتاح السيسى، تشهد مصر الآن تنفيذ أكبر عدد من المشروعات العملاقة لإنتاج الكهرباء من الطاقة الشمسية وطاقة الرياح.

 

كما أنه وفقًا لتحرك الدكتور مصطفى مدبولى رئيس الوزراء، والمهندس محمود عصمت وزير الكهرباء، سوف تشهد الفترة القادمة جذب المزيد من الاستثمارات العالمية لإقامة الكثير من المشروعات العملاقة لإنتاج الكهرباء من الطاقة الشمسية وطاقة الرياح، وذلك بعد تخصيص 50 ألف فدان فى الأراضى الصحراوية، وبشكل عاجل لهذه المشروعات.

 

وإذا نظرنا إلى مشروعات الربط الكهربائى مع العديد من دول المنطقة، والذى يأتى فى مقدمتها الآن مشروع الربط الكهربائى مع السعودية والذى سوف ينتهى منه أكثر من 70 فى المائة فى يونيو القادم وقبل فصل الصيف، فإنه يمكن القول بكل قوة إن مصر يمكن أن تكون بالفعل مركزا دوليا وإقليميا للطاقة بكل مكوناته من زيت خام وغاز طبيعى وكهرباء وطاقات جديدة ومتجددة.

 

لكن هذا يحتاج إلى المزيد من الإجراءات والتى يأتى فى مقدمتها ضرورة تحرير تجارة الغاز الطبيعى، استيرادا وتصديرا، بمعرفة القطاع الخاص، ولا سيما أننا ندعو أن يرتبط بعملية تحرير تجارة الغاز الطبيعى، أن يقترن بذلك التوسع فى تصنيع الغاز الطبيعى، سواء فى مشروعات البتروكيماويات والأسمدة بفتح الباب للاستثمار العالمى فى تلك النوعية من المشروعات التى تزيد القيمة المضافة للغاز الطبيعى، ومن ثم تحقيق موارد كبيرة من خلال تصدير إنتاج هذه المشروعات.

 

ووفقًا لتلك الرؤية الواقعية، فإن مصر سوف تكون بالفعل مركزا دوليا وإقليميا للطاقة.

 

ولا بديل لتحقيق ذلك عن رؤى جديدة لتحقيق هذا الهدف الاستراتيجى بعيدًا عن التصريحات والتنظير الذى لا يسمن ولا يغنى من جوع خاصة أن إسرائيل فى الجانب الآخر مع بعض دول المنطقة تخطط لإنشاء شبكة خطوط لنقل الزيت الخام من ميناء إيلات إلى عسقلان فى شمال إسرائيل.

 

بالفعل، أصبح لدى مصر وعلى أرض الواقع كل المقومات التى تؤهلها، لأن تكون مصر مركزا دوليا وإقليميا للطاقة بكل أنواعها.

 

ولا بديل عن ذلك عاجلًا حتى لا نجد حدوث متغيرات خطيرة فى سوق الطاقة، إذا ما نفذ الرئيس الأمريكى رؤيته وخططه فى الطاقة.

 

لا بديل عن يقظة لما يمكن أن يشهده العالم من متغيرات خطيرة فى قضية الطاقة، بعيدًا عن المحاور الستة التى يتحدث عنها دائمًا المهندس كريم بدوى وزير البترول والثروة المعدنية، لأنها لا ينبغى أن تكون محاور جامدة، بعد الذى أعلنه الرئيس الأمريكى ترامب مؤخرًا بخصوص قضية الطاقة خاصة فيما يتعلق بالزيت الخام والغاز الطبيعى.

 

ومن ثم لا بد أن تتفاعل المحاور الستة لعمل وزير البترول مع تلك المتغيرات العالمية، والتى يأتى فى مقدمتها أن تكون مصر مركزا دوليا وإقليميا للطاقة بكل مكوناتها.

 

كلام ترامب بشأن تخفيض أسعار الزيت الخام والغاز الطبيعى سيواجه معارضة لأن كبريات الشركات العالمية بما فيها الشركات الأمريكية سوف تتصدى له، حتى لا تنهار الصناعة البترولية