أود أن أوجه رسالة إلى كل ذوى الهمم: «بالإرادة نصنع الحياة. يجب عليك أن تسعى وتبنى حياتك وتنمى مهاراتك. أنت لديك القدرة على أن تكون شخصًا ناجحًا. يجب أن يكون هدفك كل يوم أن تكون أفضل من اليوم السابق. كل يوم فى حياتك هو فرصة جديدة لك لتحقيق ذاتك. أنت قادر على تجاوز كل الصعوبات والشدائد، فكل وقت صعب تعقبه إنجازات رائعة. يجب أن تكون لديك ثقة فى الله ثم فى نفسك، والعمل والإصرار على الوصول إلى هدفك وتحقيق ذاتك. نحن ذوو الهمم طاقات وليست إعاقات.
قصتى بدأت عندما أصبت بشلل أطفال وأنا فى عمر سبعة أشهر. وبالتأكيد كانت صدمة كبرى لوالدىّ. وبدلًا من أن أعيش طفولتى، دخلت دوامة رحلة العلاج التى استمرت عدة سنوات، وكانت حصيلتها النهائية السير باستخدام عكازين أو كرسى متحرك. كل ذلك لم يمنعنى من الذهاب إلى المدرسة والتفوق الدراسى وحصولى على المراكز الأولى فى مراحل التعليم المختلفة. قررت أن أعيش حياتى بصورة طبيعية وأن أتحدى كل الظروف والعقبات، وأن أركز كل طاقتى فى النجاح والتفوق العلمى.
كان والدى -رحمة الله عليه- صاحب الفضل فيما وصلت إليه، فقد كان يقف بجانبى منذ البداية ويدعمنى بكل قوة. وكان لطبيعة عمله مديرًا فى التربية والتعليم دور كبير فى تكوين شخصيتى وتربيتى وتنشئتى على حب العلم والدراسة، واستطاع أن يجعل من إعاقتى نقطة تحول فى حياتى، وكان يقدم لى كل الدعم.
وتأقلمت مع إعاقتى ولم أشعر يومًا أن لدىّ مشكلة فى الحركة، ويرجع ذلك إلى قناعتى الشخصية بأن الإعاقة ليست فى الجسد، لكنها إعاقة فكر وثقافة. فى مرحلة الدراسة ما قبل الجامعة، لم أشعر أننى أختلف عن زملائى فى المدرسة، وذلك يرجع إلى معاملة زملائى والمدرسين الذين كان لهم الفضل فى تفوقى الدراسى من خلال تشجيعهم لى باستمرار، الأمر الذى انعكس بالإيجاب على كل حياتى.
وحصلت على الثانوية العامة بتفوق، والتحقت بكلية الصيدلة جامعة المنصورة، حلم حياتي. واستمر دعم والدى لى، فقد أهدانى سيارة مجهزة طبيًا هدية لتفوقى العلمى فى الثانوية العامة، وكانت سيارات المعوقين فى ذلك الوقت يتم استيرادها من إيطاليا. فى مرحلة الدراسة الجامعية فى كلية الصيدلة، كان تشجيع أساتذتى له دور كبير فى تفوقى فى الكلية. وأثناء دراستى الجامعية تم اختيارى طالبة مثالية بكلية الصيدلة جامعة المنصورة. وحصلت على درجة البكالوريوس فى العلوم الصيدلية بتقدير ممتاز أول الدفعة، ثم تم تعيينى معيدة بقسم الكيمياء العضوية الصيدلية بكلية الصيدلة جامعة المنصورة، واستطعت الحصول على درجة الماجستير وتم تعيينى مدرسًا مساعدًا، ثم سجلت لدرجة الدكتوراه وحصلت على بعثة إشراف مشترك من البعثات المصرية إلى الولايات المتحدة الأمريكية، جامعة جورجيا بمدينة أتلانتا بولاية جورجيا، لعمل الأبحاث العلمية الخاصة بدرجة الدكتوراه. وكان المشرف الأمريكى على رسالة الدكتوراه منبهرًا بتفوقى العلمى فى معمل الأبحاث، واستطعت الحصول على درجة الدكتوراه وتم تعيينى مدرسًا بالكلية. ثم عملت أبحاثًا علمية بعد ذلك لترقيتى إلى درجة أستاذ مساعد بكلية الصيدلة جامعة المنصورة عام 2019.
وفيما يخص نشاطى الجامعى: أنا عضو مجلس قسم الكيمياء العضوية الصيدلية، وعضو مجلس كلية الصيدلة جامعة المنصورة، وعضو الجمعية الصيدلية المصرية، وعضو تحكيم فى مجلات علمية دولية عالمية، بالإضافة إلى الإشراف على رسائل علمية، حيث أشرفت على 7 رسائل ماجستير و6 رسائل دكتوراه، وتم نشر 16 بحثًا علميًا فى مجال الكيمياء العضوية الصيدلية فى مجلات علمية دولية، وحضرت مؤتمرات دولية لتطوير التعليم بجامعة المنصورة، وحصلت على دورات فى التخطيط الاستراتيجى والإدارة الجامعية، وتم اختيارى من إدارة الكلية أمًا مثالية عام 2022. وشرفت أن أكون رائدة لعديد من الأسر الطلابية بكلية الصيدلة، وعضوًا فى لجنة المناقشة والحكم لعدد 2 رسائل دكتوراه.
تم اختيارى شخصية عام 2024 بمحافظة الدقهلية «ذوو همم تحدوا الصعاب فأصبحوا قادرين باختلاف».
فى فترة عمل أبحاث الدكتوراه فى الولايات المتحدة الأمريكية، قابلت مجموعة قالت لى إنهم مجموعة دولية نشاطهم مساعدة الفئات المهمشة فى بلادهم، وعرضوا علىّ عملًا وبيتًا وجنسية أمريكية، وقالوا لي: «أنت مهمشة فى بلدك، فلماذا ستعودين إلى هناك؟». رددت عليهم قائلة: «من قال إنى مهمشة فى بلدى؟ أنا هنا فى الولايات المتحدة الأمريكية على حساب البعثات المصرية، والكرسى المتحرك الذى أستخدمه على حساب البعثات المصرية. قلت لهم: ما أجمل الرجوع للوطن». ورجعت إلى وطنى الحبيب، الوطن أمان، وربنا يحفظ مصر ويحميها.
رجعت بلدى مصر الطيبة وبداخلى حلم الاهتمام بذوى الهمم فى مصر الغالية. وبالفعل تحقق الحلم فى عهد الرئيس عبد الفتاح السيسى. الحلم تحقق على أرض الواقع، الحلم تحقق بالأفعال وليس بالأقوال. الدولة المصرية حاليًا غيرت نظرة المجتمع لذوى الهمم، وغيرت نظرتنا لأنفسنا.
الرئيس عبد الفتاح السيسى قدم للأشخاص ذوى الهمم ما لم يقدمه أى رئيس آخر. ففى عهده، انتهى التهميش لذوى الهمم وتم دمجهم فى المجتمع، وكان إعلان عام 2018 عامًا لذوى الهمم بمثابة انطلاقة لهم حتى نحصل على حقوقنا وإقرار قوانين وتشريعات مهمة لهم.
لى نشاط فى مجال ذوى الهمم، ودائمًا أقول للأطفال والشباب من ذوى الهمم: «أنتم جيل محظوظ لأنكم عشتم اهتمام الدولة المصرية بكم فى سن الطفولة والشباب، بينما أنا عشت اهتمام الدولة المصرية بى وأنا فى سن أكبر».
وأخيرًا، بالإرادة نصنع الحياة. أنا بنت مصر، أنا ضد الكسر. لم أسلّم يومًا، ولم استسلم، ووقعت ثم قمت، و«أمس غير اليوم». فعلًا، «أمس غير اليوم». شكرًا فخامة الرئيس عبد الفتاح السيسى على الاهتمام بذوى الهمم ورعايتهم، وتغيير نظرة المجتمع لهم، وتغيير نظرتنا لأنفسنا. شكرًا فخامة الرئيس عبد الفتاح السيسى.