رئيس مجلس الإدارة

عمــــر أحمــد سامى

رئيس التحرير

عبد اللطيف حامد

293 إصلاحا حكوميا ينهض بمؤشرات أداء القطاع الخاص


17-2-2025 | 00:18

293 إصلاحا حكوميا ينهض بمؤشرات أداء القطاع الخاص

طباعة
تقرير : مروة سنبل

سجل نشاط القطاع الخاص غير النفطي أفضل أداء له منذ ما يزيد على أربع سنوات خلال يناير المنصرم، مدفوعا بزيادة قوية في حجم الإنتاج والمبيعات، حيث ارتفعت قراءة المؤشر إلى 50,7 نقطة في يناير من48,1نقطة في ديسمبر الماضي لتصبح هذه المرة الثانية التي ينمو فيها نشاط القطاع الخاص غير النفطي فوق حاجز 50 نقطة منذ نوفمبر 2020 وذلك حسب مؤشر مديري المشتريات الصادر عن «إس آند بي غلوبال»، تزامنت تلك التقارير مع الجهود الحكومية المستمرة في زيادة دور ومساهمة القطاع الخاص المحلي والأجنبي في الاقتصاد خاصة مع ترشيد الإنفاق الاستثماري العام، لدفع حركة الاستثمارات الخاصة في عملية التنمية الشاملة والمستدامة، مما ساهم في ارتفاع نسبة مساهمة القطاع الخاص في إجمالي الاستثمارات إلى 37 في المائة خلال العام المالي «2023-2024» ومن المخطط زيادتها إلى 48 في المائة وفق الخطة الاقتصادية للدولة للعام المالي «2024 - 2025» ، كما كشف تقرير حديث لمركز معلومات مجلس الوزراء إن إجمالي الإجراءات الإصلاحية خلال الفترة من مايو 2022 حتى يونيو 2024 بلغ نحو 293 إجراء داعما للقطاع الخاص.

تدرك الحكومة أن القطاع الخاص شريك رئيسي في تحقيق التنمية، لذلك تولي اهتماما كبيرا لتهيئة مناخ استثماري يقوم على الشفافية وجاذب للاستثمارات المحلية والأجنبية، وعملت الحكومة خلال السنوات الماضية على توفير البيئة المؤسسية والتشريعية وتبسيط الإجراءات وتذليل العقبات التي تواجه المستثمرين لتعزيز دور القطاع الخاص كشريك رئيسي في التنمية.

 

وحرصت الحكومة على تنفيذ العديد من الإصلاحات للسياسات المالية والنقدية والإجرائية بهدف التيسير على المستثمرين ودعم بيئة الاستثمار واتخذت العديد من الإجراءات لجذب الاستثمارات مثل إصدار قانون ضمانات وحوافز الاستثمار وقانون الضرائب الموحد، وأيضا إصدار قانون الجمارك وتعديل قانون المحاكم الاقتصادية وذلك لتقديم حوافز وضمانات للمستثمرين وتبسيط الإجراءات الإدارية، ومن الإجراءات التي اتخذتها الحكومة أيضا إصدار «وثيقة سياسة ملكية الدولة» والتي تضم القطاعات والصناعات التي تخطط الحكومة للتخارج منها، وتستهدف تمكين القطاع الخاص وتوفير فرص متنوعة لتواجده في كافة الأنشطة الاقتصادية ورفع نسبة مساهمته الاقتصادية في الناتج المحلي الإجمالي.

 

كما شهدت البنية التحتية تطويرا كبيرا من خلال تطوير شبكة الطرق والمرافق وتحديث الموانئ والمطارات من أجل تحقيق منظومة استثمارية متكاملة لتعزيز بيئة جاذبة للاستثمار، وأيضا تنمية قناة السويس، التي تعد مركزا لوجسيتيا وصناعيا عالميا، وكذلك مشروعات إنتاج الطاقة الجديدة والمتجددة، وإنشاء مدن ذكية جديدة تصل إلى 23 مدينة منها العاصمة الإدارية الجديدة ومدينة العلمين الجديدة، ويرى الخبراء أن تلك الجهود تدعم الاستثمارات وتعزز مشاركة القطاع الخاص.

 

ونجد أيضا برنامج الطروحات الحكومية الذي يهدف إلى تنويع قاعدة الملكية وتنظيم تواجد الدولة في النشاط الاقتصادي من خلال طرح حصص في الشركات التابعة للحكومة للمستثمرين المحليين والدوليين، حيث تستهدف الحكومة من برنامج الطروحات تعزيز دور القطاع الخاص وتعزيز الشفافية وجذب الاستثمارات.

 

ومن الإجراءات التي اتخذتها الحكومة لدعم بيئة الاستثمار إصدار «الرخصة الذهبية» والتي تعد إحدى المبادرات التي أطلقتها الحكومة لتشجيع الاستثمارات وتهدف إلى تسهيل وتيسير إجراءات تأسيس الشركات الاستثمارية وتوفر مزايا خاصة للمستثمرين من تسريع الإجراءات الإدارية والجمركية، مما يسهم في جذب المزيد من الاستثمارات الأجنبية والمحلية ، كما قامت الحكومة بتشكيل لجان استشارية من رجال الأعمال بهدف تعزيز دور القطاع الخاص في وضع السياسات الاقتصادية.

 

وتقوم السياسة الاستثمارية للحكومة على عدة ركائز وهي: الاستثمار من أجل التصدير ودعم النمو، تحسين بيئة الاستثمار، واستهداف الاستثمارات في القطاعات ذات الأولوية، وتعد أهم القطاعات التي تستهدف الحكومة جذب الاستثمارات لها هي قطاعات الطاقة الخضراء، وصناعة السيارات، والصناعات الدوائية، والأجهزة المنزلية، والسياحة، والاتصالات وتكنولوجيا المعلومات، والصحة، وريادة الأعمال، وتتميز تلك القطاعات بقدراتها التشغيلية الكبيرة ومساهمتها التنموية بالإضافة إلى إنتاج المنتجات والخدمات التي تعد مصادرا للنقد الأجنبي.

 

كما تعمل الحكومة على تعميق التصنيع المحلي وهو برنامج حكومي يستهدف الارتقاء بتنافسية الصناعة المصرية وإحلال المنتجات الوطنية محل المستوردة وتستهدف الاستراتيجية الوطنية للتنمية الصناعية تحقيق 5 أهداف أساسية بحلول عام «2026-2027» وهي تحقيق نسبة 8 في المائة لمعدل النمو الصناعي، وزيادة نصيب الصناعة إلى 20 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي، مع الوصول إلى معدل نمو للصادرات ما بين 18 إلى 25 في المائة سنويا، والتوسع في التحول نحو الصناعات الخضراء والاقتصاد الدائري، وذلك من أجل تحقيق الهدف المنشود للحكومة في الوصول بحجم الصادرات إلى 145 مليار دولار.

 

ويرى الخبراء أن تلك الجهود تسهم في تعزيز الثقة في الاقتصاد المصري وتجعله وجهة جاذبة للاستثمارات.. حيث يؤكد دكتور أشرف غراب، الخبير الاقتصادي نائب رئيس الاتحاد العربي للتنمية الاجتماعية بمنظومة العمل العربي بجامعة الدول العربية لشئون التنمية الاقتصادية، أن الدولة حريصة على تعزيز مشاركة القطاع الخاص في التنمية الاقتصادية وزيادة نسبة مساهمته، وفقا لوثيقة سياسة ملكية الدولة والتي تستهدف رفع مشاركة القطاع الخاص بنسبة 65 في المائة خلال السنوات المقبلة، موضحا أن زيادة مشاركة القطاع الخاص بالاقتصاد الوطني تسهم في رفع معدلات النمو وخلق فرص العمل وتقليل معدلات البطالة، إضافة إلى زيادة حجم الإنتاج والتشغيل وزيادة الناتج المحلي الإجمالي، إضافة إلى زيادة حجم الصادرات المصرية وتعميق التصنيع المحلي وتعظيم الصناعة الوطنية وتقليل فاتورة الواردات وتقليل عجز الميزان التجاري، إضافة إلى أن إفساح المجال أمام القطاع الخاص يسهم في جذب المزيد من الاستثمارات الأجنبية في شرايين الاقتصاد المصري.

 

وأضاف غراب: أن الحكومة وضعت سقفا للاستثمارات العامة الكلية للدولة لا يتجاوز تريليون جنيه بمشروع الموازنة العامة للعام المالي « 2024-2025»، مضيفا أن الاستثمارات العامة للدولة تشمل الاستثمارات في كل جهات الدولة والوزارات والهيئات الاقتصادية وشركات قطاع الأعمال وغيرها، مؤكدا أن الهدف من ذلك إفساح المجال أمام القطاع الخاص ليكون هو المساهم الأكبر في إجمالي الاستثمارات الكلية بالدولة، موضحا أن الدولة قامت بالتخارج من بعض القطاعات الاقتصادية والشركات ومستمرة في تنفيذ برنامج الطروحات الحكومية لإفساح المجال للقطاع الخاص لزيادة نسبة مساهمته، وأوضح أنه لتحفيز مناخ الاستثمار أمام الاستثمار المحلي والأجنبي قدمت الدولة العديد من المحفزات منها التوسع في إصدار الرخصة الذهبية، وتقديم مبادرات تمويلية بفائدة مخفضة وميسرة، وتقديم تيسيرات ضريبية وجمركية وإصدار برنامج جديد لدعم الصادرات، إضافة لتوفير الأراضي الصناعية، هذا بالإضافة للبنية التحتية والتشريعية والمناطق الاقتصادية التي أقامتها الدولة لتحفيز مناخ الاستثمار المحلي.

 

ويشير غراب إلى أن استكمال الحكومة برنامج الطروحات الحكومية في البورصة أو الاستثمار المباشر عن طريق مستثمر استراتيجي وتخطيطها لطرح 10 شركات خلال عام 2025، والتي بدأت بطرح نسب من المصرف المتحد، ثم يتوالى طرح نسب من البنوك كبنك القاهرة والإسكندرية ، وحصص في شركات منها مشروع محطة رياح جبل الزيت، شركة الأمل الشريف للبلاستيك، مصر للصناعات الدوائية، شركة سيد، شركة صافي، شركة سايلو، شركة وطنية، شركة تشيل أوت، لافتا إلى أن هذه الطروحات تأتي في إطار تنفيذ وثيقة سياسة ملكية الدولة.

 

ويرى غراب أن هذه الطروحات الحكومية تعد إيجابية للسوق وستسهم في زيادة السيولة المالية بشكل كبير وستعطي مزيدا من الزخم، موضحا أن البورصة متعطشة لهذه الطروحات الحكومية، وقد أعطت عملية طرح المصرف المتحد تفاؤلا كبيرا خاصة في ظل الحركة الإيجابية التي تشهدها البنوك وتقديمها أداء إيجابيا، مؤكدا أن الطروحات الحكومية ستسهم في جذب استثمارات جديدة للبورصة، إضافة لدورها في جذب رؤوس الأموال لتمويل المشروعات الوطنية وتحقيق نمو اقتصادي مستدام ويسهم في تحسين مؤشرات الاقتصاد الكلي.

 

ويؤكد على أن الطروحات ستسهم في تعزيز جاذبية سوق المال المصري، لأنها تعد فرصة حقيقية أمام المستثمر الأجنبي والمحلي للمشاركة في أسهم الشركات الحكومية المطروحة، ما يسهم في زيادة نشاط التداول وتحسين بيئة الاستثمار، مشيرا إلى أن برنامج الطروحات عند بداية تنفيذه حقق نجاحا كبيرا وحقق مكاسب ملحوظة للبورصة، وعمل على تعزيز رأس المال السوقي للبورصة، موضحا أن الطروحات مهمة وتعد وسيلة لتوفير السيولة الدولارية فيخف الضغط على موارد الدولة المالية، إضافة إلى أن زيادة عدد الشركات الحكومية بالبورصة يحقق تنوعا أكبر بالسوق. مشيرا إلى أن الطروحات تزيد من القيمة السوقية للبورصة ما يجعل السوق المالية قوية في جذب الاستثمارات وتوسيع قاعدة المستثمرين، إضافة إلى أن الطروحات الحكومية تشجع على الشفافية والانضباط المالي داخل هذه الشركات المطروحة، بالإضافة إلى أهميتها في جذب المؤسسات الاستثمارية ويعزز من الاستثمار المؤسسي بالبورصة المصرية.

 

من جانبه يقول دكتور محمد البهواشي الخبير الاقتصادي إن برامج الإصلاح الاقتصادي التي نفذتها مصر في السنوات الأخيرة وضعتها في الاتجاه الصحيح لجذب التدفقات الاستثمارية وانعكس ذلك على تحسن مؤشرات الاقتصاد، حيث شهدنا خلال السنوات الأخيرة طفرة في الحوافز والضمانات التي قدمتها الدولة للمستثمرين، مشيدا بالخطوات الجادة التي تتخذها الدولة لتحسين مناخ الاستثمار منها الإصلاحات التشريعية مثل قانون ضمانات وحوافز الاستثمار وتعزيز الحياد التنافسي و تبسيط الإجراءات الإدارية والقضاء علي البيروقراطية وتفعيل المنظومة الإلكترونية من خلال الشباك الواحد وصولا للرخصة الذهبية، لافتا إلى أنه تم أيضا حل العديد من العقبات التي تواجه المستثمرين، تحديدا التي تخص سعر الصرف والقضاء على السوق الموازية وهي خطوات دعمت بالفعل جذب الاستثمارات وكان لها مردود إيجابي.

 

وأضاف «البهواشي» أنه تم إطلاق العديد من المبادرات لدعم المستثمرين وتطوير البنية التحتية الاقتصادية مثل مبادرة ابدأ والتي تهدف إلى توطين الصناعة الحديثة وتقليل الفجوة الاستيرادية وتوسيع الاستثمارات وتوفير فرص عمل وتعزيز تنافسية الصناعة المصرية ، مشيرا إلى أن هذه الإجراءات دعمت تعزيز دور القطاع الخاص وتهيئة بيئة جاذبة للاستثمارات، حيث تلعب الاستثمارات الأجنبية دورا مهما في تحفيز النمو الاقتصادي وتنمية مصادر الدولة من العملة الصعبة ودفع عجلة الإنتاج والتنمية الاقتصادية.

 

مشيرا إلى أن الدولة تولي أهمية كبيرة بتعزيز الشراكة مع القطاع الخاص كونه يمثل شريكا أساسيا في دعم نمو الاقتصاد ومشروعات التنمية ، ويؤكد «البهواشي» على أن برنامج الطروحات الحكومية سيجذب مزيدا من التدفقات الاستثمارية ويعظم دورالقطاع الخاص.