كانت الدورة 56 من معرض القاهرة الدولى للكتاب والذى افتتحه وزير الثقافة أحمد فؤاد هنو تحت رعاية الرئيس عبد الفتاح السيسى، والذى بدأ يوم الخميس 23 يناير 2025 وانتهى يوم الأربعاء 5 فبراير 2025 من أنجح الدورات التى عقدها هذا المعرض الذى ربما يُعد من أقدم معارض الكتب فى الدنيا كلها. وقد شهد الجميع بذلك سواء الأشقاء العرب، أو الضيوف الأجانب أو المترددون من المصريين الذين وصلت أعدادهم 5.5 مليون زائر.
وقد قامت السيدة هبة صادق رئيس مجلس إدارة روزاليوسف بتكريم الدكتور أحمد بهى الدين رئيس الهيئة لجهوده المهمة فى تنظيم المعرض والنجاح المبهر الذى حققه على المستوى الجماهيرى وعلى مستوى اتساع نطاق دور النشر والدول المشاركة فى هذا المعرض. مما جعله يُشكِّل منصة صادقة ذات حسٍ وطنى لكل المصريين وشعورٍ قومى لكل الناطقين باللغة العربية.
وإن كانت السيدة هبة صادق رئيسة مجلس إدارة مؤسسة روزاليوسف قد بادرت بتكريم الدكتور أحمد بهى الدين رئيس الهيئة والمسئول عن المعرض، والذى نفذه هذا العام بدقة نادرة، فإن كل من شارك فى المعرض سواء كان ناشراً أو مؤلفاً أو عارضاً لنتاجات غيره، أو متردداً على المعرض سواء مرة واحدة أو أكثر من مرة، فالجميع شعر بأن هذا المعرض يختلف عن كل السنوات السابقة، سواء فى عدد دور النشر المشتركة، أو الدول التى تمثلها، أو القارات التى جاءت منها. وقبل كل هذا وبعده الفعاليات الثقافية التى شهدها المعرض. والبعض منها جديد تماماً.
وخلال زياراتى للمعرض شاركت فى أكثر من ندوة من الندوات الثقافية التى تُقام بمناسبة المعرض. ناقشت خلالها بعض الأعمال الأدبية الجديدة والظواهر الثقافية الطارئة. ولاحظت كثافة الحضور الجماهيرى، فلم يكن بالقاعة مقعد واحد خالٍ من الجمهور، وحتى جمهور هذا العام اختلف عن الأعوام السابقة تماماً لأنه لا يدخل القاعة محكوماً بالفضول ومحاولة معرفة ما يجرى والاستماع إلى بعض ما يُقال. لكنه يقضى وقته بأكمله فى الاستماع والمشاركة بالجدل والنقاش فى المطروح من الأعمال الأدبية.
من الأمور الجميلة فى هذه الدورة أن سلطنة عُمان كانت ضيف شرف المعرض. وبالنسبة لى فإن سلطنة عُمان تِلك البلاد التى لا حد لجمالها. وأيضاً لا تساويها دولة أخرى ليس على مستوى الوطن العربى فقط، ولكن ربما على مستوى العالم كله، واهتمامها بالثقافة مسألة مؤكدة. وتصدر منها مجلة تُعتبر من المجلات الرائدة فى الوطن العربى كله هى مجلة نزوى. وقد صدرت بشكل فصلي، أى كل ثلاثة أشهر. وأتمنى أن تكون شهرية. ويرأس تحريرها الشاعر العربى الكبير سيف الرحبي.
أما سفير سلطنة عُمان فى مصر فهو السفير النشط الهُمام عبد الله الرحبي، الذى أشعرنا بالكثير عن عظمة وحيوية ودور بلاده.
كتاب عن عُمان
فى سلسلة تاريخ المصريين التى يرأس تحريرها الدكتور محمد صابر عرب المثقف العربى الكبير ووزير الثقافة الأسبق لمرتين، ونائب رئيس التحرير الدكتور أحمد زكريا الشِلِّق المؤرخ العربى الكبير. ويدير التحرير الدكتورة أمل فهمي.
وجاء فى مقدمة هذا الكتاب المهم:
- تحظى عُمان بتاريخ عريق يمتد عبر الزمن، صنعه شعبها، وقد تميزت هذه البلاد التى لا حد لجمالها بجغرافيتها.
وفى هذا الكتاب الذى يقع فى أكثر من ثلاثمائة صفحة من القطع المتوسط. وكان يُباع بخمسة وثلاثين جنيهاً. والكتاب يدرس السلطنة فى عمان بين عامى 1868 و1920، والمؤلف هو الدكتور محمود عبد الله غُزلان أستاذ التاريخ المعاصر بجامعة عين شمس، ويُعد من المؤرخين الواعدين.
وهذا العمل هو باكورة إنتاجه من الكُتب المنشورة، وقد استمر فى دراسة التاريخ العُمانى المُعاصر، فقدم دراسة علمية عن الجيش ودوره فى عُمان 1913 – 1975، وكان له نشاط مهم فى دراسة تاريخ الخليج العربى والوطن العربي. حيث إن له 25 بحثاً التزم فيها كلها بالمنهج العلمى فى كتابة التاريخ.
هذا التنوع الفريد
إحدى الندوات التى شاركت فيها كانت لمناقشة كتاب: العريش سنوات الحب والحرب، للدكتور صلاح سلام، ابن سيناء التى أحبها وكتب عنها أكثر من كتاب، ويعتبرها قضية عُمره الأساسية. خلال المناقشة التى أعقبت من تحدثوا فى الندوة بدا الاهتمام واضحاً جداً بسيناء الحبيبة الغالية التى عادت لنا بعد حروبٍ ونضالات سيسجلها التاريخ.
ومن يذهب إلى مثل هذا المعرض لابد أن يعود مُحمَّلاً بالكُتُب، التى أتمنى من الله سبحانه وتعالى أن يمتد بى العمر حتى أقرأها وأعيش مع الأجواء التى يقدمها. فقد عُدتُ ومعى مجلد عن جيش مصر عنوانه: الجيش المُنتصر خمسة آلاف عام من الجهاد فى سبيل الله والوطن. وهذا المجلد يمثل عدداً خاصاً بمناسبة اليوبيل الذهبى لانتصار أكتوبر 1973، وقد أشرف عليه وقدمه الزميل أيمن عبد المجيد رئيس تحرير الكتاب الذهبى بروزاليوسف.
ويهدى المجلد إلى شعب مصر الكريم، والرئيس عبد الفتاح السيسى القائد الأعلى للقوات المسلحة، وإلى قواتنا المسلحة قادة وضباطاً وجنوداً الذين يرابطون على الثغور درعاً وسيفاً. والفصل الأخير وهو الفصل الثالث عشر من الكتاب عنوانه: ولا تزال الحرب مستمرة بطولات الأحفاد فى معركتى التطهير من الإرهاب والتعمير.
أحمد زكى
عدت ومعى كتاب الزميل محمد توفيق الناقد الفنى والصحفى المصرى ويُهدى كتابه إلى قلب أحمد زكي، وشجاعة وحيد حامد، ورؤية عاطف الطيب. وأحمد زكى كما وصفه زميلنا المرحوم خيرى شلبي، وكما كتب المؤلف فى مقدمة كتابه خامة نادرة من الأحجار الكريمة كالياقوت والعقيق واللؤلؤ والمرجان والزمرد. وصاحب مدرسة فى تشخيص تلك المدرسة التى تجعله يبدو بين الممثلين على أنه مُشخِّص، ويتميز بين المُشخِّصين وهم قِلة نادرة بأنه نحَّات.
ورغم النجاحات التى حققها لم يتملكه يوماً إحساس النجم. فالناقد الرابط بداخله لم يرض عنه أبداً. ولم يجعله يشعر بالراحة، ولم يشعره بأنه نجم مطلقاً. أما أهم أفلام الفنان أحمد زكى حسب ما نشرت الصُحف عندما رحل عن الدنيا فهي: يوم قُتِلَ الزعيم – جبل ناعسة – رجل من الحى السادس – سليمان الحلبى – الباب الأخضر – سمك لبن تمر هندى – الراقصة والسياسى – صفحة من كتاب الحب، وغيرها من أفلامٍ أخرى كثيرة من الإنتاج الغزير للفنان أحمد زكي.
دار الهلال
كان من الصعب الدخول جناح دار الهلال من شدة الزحام عليه. ولأن مجلات الدار وكُتبِها تحظى بقبولٍ غير عادي، خاصة أعداد مجلة الهلال وكان آخرها عددا يحمل صورة فيروز والمانشيت المكتوب عليه: سلام على لبنان.
أما مجلة “المصور” وخاصة العدد التاريخى الذى صدر منه، وكان الإقبال عليه غير عادي. ورحَّب به القُرَّاء ولم يُبالوا بسعره المرتفع. فقد كان يؤرخ لمصر من الملكية إلى الجمهورية الجديدة. وكان مانشيت غلافه: مصر سيرة وطن عظيم ومسيرة شعبٍ أصيل. وكان يقع فى حوالى 460 صفحة من القطع الكبير.
إنه عدد لابد أن يقتنيه كل قارئ مصرى وعربى وأجنبي.