على هامش الاحتفالية نظمت كلية الإعلام معرضا كبيرا من أغلفة وموضوعات «المصور» البارزة عبر تاريخها قام بافتتاحه عميدة الكلية د. ثريا البدوى وعمر سامى رئيس مؤسسة دار الهلال وعبداللطيف حامد رئيس تحرير المصور ود. ليلى عبدالمجيد والكاتب والأديب يوسف القعيد، بالإضافة إلى افتتاح معرض صور لطلبة كلية الإعلام، كما شهدت عرض فيلم تسجيلى عن تاريخ مجلة «المصور» منذ إنشائها عام 1924.
ندوة واحتفالية كلية الإعلام بمئوية مجلة المصور أظهرت جوًا من الألفة بين صحفيى المصور وأساتذة «إعلام القاهرة»، الذين تبادلوا النقاش حول دور المصور التنويرى والثقافى والفكرى فى مائة عام فى عدد من الجلسات أدارها كل من الدكتور محمد منصور هيبة المستشار الإعلامى لجامعة القاهرة وأستاذ الصحافة بكلية الإعلام، والدكتورة ليلى عبدالمجيد والدكتور محمد حسام الدين أستاذ الصحافة بإعلام القاهرة.
فى بداية الجلسة الافتتاحية وصف الدكتور محمد منصور هيبة، مجلة المصور بقلب الوطن النابض وأيقونة الصحافة العربية، وقال: كان شعارها _ ولا يزال_ الولاء للوطن والانتماء لمصر، إنها مرت بكثير من الأحداث عبر قرن من الزمان، طافت فيه مدن مصر وقراها والعالمين العربى والأجنبى لترصد تاريخًا يبقى ذاكرة حية للأجيال، ومن ثم فإن «المصور» هى الذاكرة لتاريخ مصر، وحين تقرأ المجلة تكتشف أن الصحافة بالفعل تصلح لأن تكون مصدرًا للتاريخ بشرط توافر التعددية السياسية والتعددية المهنية والابتعاد عن كنف السلطة.
وأضاف «هيبة»: تشيب «المصور» ولا يشيب دورها، وعلى مدار تاريخها الطويل الممتد لمائة عام وأكثر وهى تتصدر المشهد السياسى والفكرى والثقافى، وهى أول من وثّقت للثورات المصرية ابتداء بالثورة العرابية وثورة 1919 ومرورا بثورة 23 يوليو ووصولاً إلى ثورتى 25 يناير و30 يونيو، كما وثّقت أدوار قادة وزعماء مصر.
وقال د. منصور إن مجلة المصور بدأت بلا خطوط حمراء وخير دليل على صحة ذلك صدور عددها الثانى رافضًا للاحتلال الإنجليزى ومساندًا للمقاومة والثورة المصرية بزعامة سعد زغلول، كما أنها لم تلعب دور المتفرج أو المشاهد، ولكنها دائمًا كانت تنصح وتحذر وتسلط الضوء على الجوانب الإيجابية والإبداعية.
الدكتور محمد منصور هيبة، سلط الضوء أيضًا على أحد الجوانب المهنية والتحريرية لمجلة المصور عبر تاريخها وهى عناوين أغلفتها وموضوعاتها، قائلاً «كثير من عناوين المصور يدرس»، ضاربًا المثل بمانشيتات العدد التذكارى مثل «طه حسين.. عبقرية العميد»، و«رفعت.. أسطورة التلاوة»، و«محفوظ.. نجيب الرواية»، و«حمدان.. مشوار اسمه حياة»، و«يعقوب الخلوق ملك القلوب»، و«جامعة القاهرة تتربع على عرش الجامعات المصرية والعربية».
وفى كلمتها، أشادت الدكتورة ثريا البدوى، عميدة كلية الإعلام جامعة القاهرة، بالدور التنويرى لمجلة المصور عبر تاريخها، ومعايير الحوكمة الإعلامية الموجودة بها، وهى مجلة حرة ومسؤولة فى نفس الوقت، وعبرت «البدوى» عن إعجابها عن الروح الطيبة السائدة بين صحفيى «المصور» وحرصهم على إخراجها دائمًا فى ثوب مهنى معبر عن هموم المواطن وقضايا الوطن، كذلك الشفافية فى التعامل فيما بينهم، والتكامل التام والدائم بين الجانب المهنى ممثلاً فى صحفيى «المصور»، والأكاديمى وممثلاً فى أساتذة الإعلام بالجامعات المصرية وفى مقدمتهم أساتذة إعلام القاهرة.
«د. ثريا»، أكدت أن حرص كلية الإعلام على الاحتفال بمجلة المصور، كان نابعًا من المهنية التى تتمتع بها «المصور» منذ عام 1924 وحتى الآن، موجهة الشكر للدكتورة ليلى عبدالمجيد، قائلة: «فخورة بأنها أستاذة لنا جميعًا ونسير على خطاها وخطواتها ونتعلم منها إنجازها للأفكار التى تتحمس لها على أكمل وجه».
بدوره، وجه عمر سامي، رئيس مجلس إدارة دار الهلال، فى كلمته، الشكر للدكتور محمد سامى عبدالصادق، رئيس جامعة القاهرة، والدكتورة ثريا البدوي، عميدة كلية الإعلام، على رعايتهم لاحتفالية مجلة المصور بمرور 100 عام، كما وجه الشكر للدكتورة ليلى عبدالمجيد عميدة الكلية الأسبق لإشرافها المتميز على خروج الاحتفال بهذا الشكل الذى يليق باسم جامعة القاهرة وكلية الإعلام من ناحية ودار الهلال ومجلة المصور من ناحية أخرى، والشكر المماثل للدكتور محمد منصور هيبة المستشار الإعلامى لجامعة القاهرة، ووجه التحية للكاتب الصحفى الكبير يوسف القعيد بسبب حرصه الشديد على حضور الاحتفالية، وقال إن «المصور منارة صحفية وإعلامية عريقة ساهمت على مدار قرن من الزمان فى توثيق تاريخ مصر وأحداثها المهمة، وشاهدًا على التطورات المتلاحقة التى شهدها الوطن وتحولاته فى كافة المجالات، وصوتًا للمواطن وذاكرة للوطن ومرآة للحقيقة دون تزييف».
ولم ينس «سامي» التعبير عن امتنانه وتقديره لكل من ساهم فى تاريخ المصور بدءًا من مؤسسيها الأوائل، بالإضافة إلى الصحفيين وكتاب الأعمدة والمقالات منذ الصدور الأول وحتى الآن، ونفس التقدير موصول للعمال والإداريين الذين لم يدخروا جهدًا لتبقى المصور علامة فى تاريخ الصحافة العربية، وعرض رئيس مجلس إدارة دار الهلال مقترحًا لتنظيم معرض لكتب ومطبوعات دار الهلال داخل كلية الإعلام، وهو ما رحبت به عميدة الكلية الدكتورة ثريا البدوى ووعدت بتنفيذه فى الوقت المناسب لظروف وطبيعة الدراسة والامتحانات بالكلية.
من جانبه وجه الكاتب الصحفى عبداللطيف حامد، رئيس تحرير «المصور»، الشكر لإدارة جامعة القاهرة ورئيسها الدكتور محمد سامى عبدالصادق لرعايته الكريمة لهذه الاحتفالية وحرصه على دعم المصور والتواصل الدائم معها، كذلك وجه الشكر للدكتورة ثريا البدوى عميدة كلية الإعلام، والدكتورة ليلى عبدالمجيد، قائلاً إنه «تعلم منها حرصها على إنجاز المهام والأعمال دون كلل أو ملل وحرصها الشديد على الإعداد للاحتفالية منذ صدور العدد التذكارى لمئوية المصور قبل ثلاثة أشهر».
رئيس تحرير «المصور»، وجه الشكر كذلك للدكتورة أمل السيد والتى ساهمت بجهد وفير فى تنظيم احتفالية المصور، قائلاً إن «المصور تفتح أبوابها للشباب المتميز من طلبة إعلام القاهرة للتدريب فيها»، وذلك قبل أن يضيف: «عندما تخرجت فى كلية الإعلام كنت أرغب فى العمل البحثى والأكاديمى، لكن الدكتور محمد منصور هيبة هو من نصحنى بالتوجه ناحية الصحافة»، مستعيدًا ذكرياته وهو طالب بالكلية، ومتعلم على أيدى الدكتورة نجوى كامل، وكيف ساهمت فى تعلقه بالمصور مبكرًا حينما كانت تلقى الضوء على موضوعات المصور وقصاصاتها المهمة، وكذلك الدكتور نور فرحات والدكتور محمود عبدالفضيل وعدد كبير من أساتذة الكلية ومن بينهم بالطبع أستاذة الأجيال الدكتورة ليلى عبدالمجيد، موضحًا أنه «تعلم المهنية على أيدى أساتذة الصحافة بكلية الإعلام».
رئيس تحرير «المصور»، استعاد سنوات بداياته الأولى فى مجلة المصور متدربًا بها عام 2005 وتعيينه بعد 3 سنوات ونصف السنة، وقال: «المصور» عملت منذ بداية صدورها على توثيق تاريخ مصر وأحداثه المهمة وشخصياته المؤثرة فى كافة المجالات وهى الآن متشابكة مع كل المنصات، فى فيس بوك واكس وإنستجرام، وتتخطى صفحة المصور على «فيس بوك» مليون زيارة كل شهر، وسوف يتم تدشين موقع المصور الإلكترونى فى احتفالية كبرى يوم 18 فبراير الجارى بدار الأوبرا المصرية والمصور تتعدد طرق وصولها للقراء والمعلنين من العدد الورقى والموقع الديجيتال والسوشيال ميديا، ونسعى دائمًا لكى نكون صحافة المواطن ودائماً مجلة المصور مجلة الدولة المدنية.
من جانبها، أكدت الدكتورة ليلى عبدالمجيد، عميدة كلية الإعلام الأسبق، أن دار الهلال وفى القلب منها مجلة المصور تميزت على مدار تاريخها برسالة التنوير، وذلك منذ أن أسس الدار جرجى زيدان وأسس أبناؤه من بعده «إميل وشكرى زيدان» مجلة المصور، كانت موجودة ومتشابكة فى كل قضايا الوطن السياسية والثقافية والاجتماعية، ودخلت فى معارك فكرية كثيرة بهدف التنوير، وكان منهجها «الرشد والعقلانية».
وتابعت «د. ليلى» إنه لـ«دار الهلال» اعتزاز خاص لدى منذ كنت طالبة بمدرسة السنية، فقد كنت أسير يوميًا فى شارع المبتديان وأمر من أمام مبنى دار الهلال العتيق الجميل وكان مصدرًا للإبهار والإلهام فى ذلك الوقت وبالطبع مجلة المصور، وتشاء الظروف أن أدخله فيما بعد كعضو جمعية عمومية بالدار لعدة سنوات، وكانت مجلة المصور وبقية إصدارات دار الهلال وبشكل دائم مصدرًا نعتمد عليه فى بحوثنا العلمية، وأثنت على التراث الصحفى لمجلة المصور، مطالبة بالحفاظ عليه، ورفعه على وسائط إلكترونية ورقمية، وتطرقت إلى الدور العظيم الذى لعبته أمينة السعيد فى الدفاع عن قضايا المرأة وقضايا الوطن بشكل عام، ولا سيما وأنها المرأة الوحيدة التى ترأست مؤسسة دار الهلال، وكانت أول سيدة تصبح عضوًا بمجلس نقابة الصحفيين، وهى رائدة من رواد النهضة الصحفية ونحن نعتبر أنفسنا من مدرسة أمينة السعيد.
وعن سبب اختيار عنوان الاحتفالية «المصور.. رحلة عبر الزمن قصص وحكاوى مصرية»، قالت «د. ليلى»، إن «المصور» عبر تاريخها كانت مهتمة ومهمومة بكل قضايا مصر، بدءا من قضية الاستقلال الوطنى والتخلص من الاستعمار الإنجليزي، وقضايا العدالة الاجتماعية وتحرير المرأة.
وفى كلمته، روى الكاتب الصحفى والأديب الكبير يوسف القعيد، مسيرته مع دار الهلال ومجلة المصور، وكيف التحق بها فى زمن الكاتب الصحفى الكبير أحمد بهاءالدين فى مطلع السبعينيات وتعيينه بقرار من الأديب يوسف السباعى، موضحًا أن «المصور» عبر تاريخها الطويل وهى تخوض معارك وطنية وتهتم بقضايا الفكر والتنوير وتناولت موضوعات وغطت أحداثًا بحرفية شديدة بالكتابة والصور، وأشار «القعيد» إلى أن المصور كانت المنبر الصحفى الثانى بعد الأهرام الذى اختاره نجيب محفوظ للتواجد على صفحاتها بعد فوزه بجائزة نوبل عام 1988.
أما، الكاتب الصحفى غالى محمد، رئيس مجلس إدارة دار الهلال، ورئيس تحرير المصور الأسبق، أكد أن «المصور» ليس تاريخًا فحسب، وإنما على مدار عمرها وأعدادها التى تخطت 5236 عددا وهى فى خندق الوطن والمواطن، تقود معارك الوطن الفكرية والسياسية، و«المصور» كانت لها دور فى الثورة الصناعية والطفرات الاقتصادية، وأعدت حملات عن الحفاة وضد الفقر والكوليرا وغلاء الأسعار قائلاً إن «دار الهلال ومجلة المصور تمتلك ثروات تصلح لعشرات ومئات السنين، معتبرًا أن تجربة الصحافة العربية نشأت فى بداياتها وكبرت من خلال كنوز المصور ودار الهلال».
وتابع «محمد»: واجهتنى تحديات كبيرة وأنا رئيس لتحرير المصور ورئيس لمجلس إدارة مؤسسة دار الهلال، تتمثل فى توفير الموارد رغم الدعم المستمر من الدولة والمجلس الأعلى للصحافة فى تلك الفترة، ولجأت بحكم سلطاتى كرئيس للمؤسسة إلى إصدار أعداد خاصة من مجلة المصور أحدثت حينها طفرة فى الإيرادات والتوزيع.
الكاتب الصحفى أحمد أيوب، رئيس تحرير المصور السابق، ورئيس تحرير الجمهورية حاليا استعرض تجربته فى رئاسة تحرير المصور ودور أستاذ الصحافة الراحل الدكتور محمود علم الدين فى دعم مجلة المصور بالرؤى والأفكار والمقالات والدراسات البحثية، وكتابته الدائمة عن «المصور» عبر صفحته الشخصية بفيس بوك وكيف كانت نصيحته بالابتعاد عن صحافة الخبر والتركيز على الملفات والتحليل العميق خطوة على الطريق السليم لمجلة المصور فى السنوات التى ترأس فيها تحرير المصور.
«أيوب» قال: رغم ابتعادى عن الدار العزيرة على قلبى «دار الهلال» ومجلة المصور التى شهدت أفضل أيام حياتى الصحفية لأكثر من ربع قرن فى مدرسة يُعتز بالتعلم فيها اسمها مدرسة «مكرم محمد أحمد»، لكنى أتشرف حاليا برئاسة تحرير الجمهورية وهى الجريدة الوحيدة التى صدرت لتعبر عن جمهورية مصر العربية بعد زوال الملكية والاحتلال الإنجليزى عام 1952.
وتابع: توليت رئاسة تحرير المصور فى عام 2017 وكان هدفى الأساسى هو الحفاظ على مجلة المصور بهويتها وتظل مستمرة بنفس قوتها من خلال التوثيق والتنوير ورؤاها المختلفة فى كل القضايا، فضلاً عن مخاطبة الجيل الجديد من الشباب وتعريفهم بالرموز الحقيقية لمصر فى كل المجالات والابتعاد بهم عن ما يفسد عقولهم ويشوه أخلاقهم، جيل حاولت أن أستقطبه لقراءة تجارب طه حسين والمازنى ورفاعة الطهطاوى وعبدالباسط عبدالصمد والبابا شنودة وعباس العقاد ومكرم عبيد وفريدالأطرش ومحمد عبدالوهاب وأم كلثوم وعبدالحليم حافظ، وكانت المصور تعد ملفًا كل شهر، الهدف منه إطلاع الشباب على النماذج الفكرية والأدبية والسياسية والاجتماعية الجادة وتقديم صحافة الوعى والتنوير وتقديم نصيحة لهم بالابتعاد عن أخد معلوماته وثقافته من جوجل والسوشيال ميديا، لأنهم فى كثير من الأحيان يمثلون ذاكرة كاذبة، وتاريخ الأمم لا يحفظ على جوجل وإنما فى الكتب والصحافة الورقية وأول من تعرض لحروب الجيل الرابع هى الصحافة الورقية ومن بينها مجلة المصور، ونفس المنهج عكفت عليه بعد تولى رئاسة تحرير الجمهورية من خلال إعداد صفحة ثابتة «وجوه لا تغيب» عن أعلام الوطن الحقيقيين وهو ما دعا السفير عبدالرؤف الريدى لتبنى فكرة الصفحة فى صالون مكتبات مصر العامة لتعريف الشباب برموز مصر وروادها.
وأكمل: كانت الصورة الصحفية داعمًا قويًا فى نجاح تجربة «المصور»، ليس فى فترة توليه رئاسة تحريرها، فحسب وإنما عبر تاريخها، بفضل الرصيد الكبير لمخزون الصور الضخم بدار الهلال وهو مخزون ذهبى لا يتوافر لأى مؤسسة صحفية على مستوى الصحافة المصرية والعربية.
بدورها، أكدت الكاتبة الصحفية نجوان عبداللطيف، مدير تحرير المصور الأسبق، أن «المصور» هى ذاكرة مصر المصورة، فقد اهتمت بالصور بشكل كبير جدًا، وأهم مصورين صحفيين فى البدايات الأولى وحتى سنوات قليلة مضت ظهروا فى المصور مثل محمد صبرى وشوقى مصطفى وغيرهم الكثير من نجوم التصوير فى دار الهلال وآخرهم بالطبع إبراهيم بشير، والذى لا يزال يمارس التصوير الصحفى بدار الهلال منذ 53 سنة وحتى الآن.
وتابعت: كما أن مجلة المصور أهم ما كان يميزها تيار الوسط أو اليسار الوسط، وصارت رسالة التنوير والدولة المدنية همها الأول، وكانت فى طليعة الصحف التى طرحت فكرة القومية العربية، وفكرى أباظة نادى فى عدد من المقالات على صفحات المصور بنشأة الجامعة العربية فى أربعينيات القرن الماضى، وأصدر عددًا سنويًا تحت مسمى (نحن العرب)، ولم يكن يأتى أى زعيم عربى إلى مصر، إلا وترافقه «المصور» فى كل جولاته بالتقاط الصور له.
وأضافت «نجوان»: أن «المصور» اهتمت بالدبلوماسية الناعمة فى مجال الفنون والآداب والعلوم والطب وتواجد نجومهم على صفحات المصور مثل على مشرفة وأحمد زويل ومجدى يعقوب ومحمود درويش، وعلى مدار تاريخ المصور الطويل كانت فيه ضد الإرهاب والتطرف.
الدكتورة نجوى كامل، أستاذ تاريخ الصحافة بكلية الإعلام جامعة القاهرة، قالت إن «المصور شاهدة على العصر فى قرن من الزمان، وحاضرة فى كل المناسبات والأحداث على كافة المستويات السياسية والثقافية والاجتماعية والفكرية، وتوافر لها 17 رئيس تحرير على مر تاريخها وكل واحد منهم له بصمته الخاصة، لذا من الضرورى جدًا عمل دراسة بحثية عن تأثير رئيس تحرير المصور، كل فى فترته على مضمون المجلة وطبيعة القضايا التى تناولتها».
وتابعت «د. نجوى»: «المصور» ظهرت فى فترة كانت فيها صحافة الرأى هى السائدة، الناس تشترى صحيفة البلاغ لكى تقرأ لعبدالقادر حمزة، وتشترى صحيفة السياسة لكى تقرأ ماذا يكتب محمد حسين هيكل وطه حسين ومحمود عزمى، لذا مؤسسو المصور لجأوا إلى ما يميزهم عن غيرهم وهى الصورة الصحفية، فمن خلالها قدمت المصور الجديد والجديد من التقارير المصورة، وتلك كانت ميزة «المصور»، النص والصورة وأحيانًا الاكتفاء بالصورة كونها خبرًا فى حد ذاته، لذا كانت الصورة البطل الأساسى فى التغطية الصحفية بمجلة المصور، حيث ساهمت فى توثيق الأحداث والأنشطة الفنية والرياضية والثقافية والدينية والفعاليات المختلفة والمظاهرات ووثقت اللحظات الأولى لقيام ثورة 23 يوليو وبطولات الجيش المصرى فى حرب 73 وأنشطة الفدائيين فى حرب 56.
كما أكدت أيضًا أن «المصور» هى بداية صحافة الخبر فى مصر وليس أخبار اليوم أو المصرى، وذلك بفضل اعتمادها على الصورة الصحفية، ويعد التحرر الوطنى من أبرز القضايا التى ركزت عليها مجلة المصور، وكذلك الدستور، والقضايا العربية والقومية العربية، واهتمت بانتفاضة البراق سنة 1929 وبأحداث سوريا، والقضية الفلسطينية منذ بدايتها مرورًا بالانتفاضة الفلسطينية بمراحلها المختلفة، اهتمت أيضًا بثورة الجزائر، كذلك قضايا العدالة الاجتماعية ومقاومتها للحفاة فى وقت من الأوقات، و«المصور» وثقت أيضًا لإنشاء الجامعة المصرية وقادت حملة للتطوع فى الجيش المصرى سنة 1936، وكانت من أوائل الصحف التى تنشر صور سيدات على أغلفتها، لعل أبرزهن صفية زغلول وهدى شعراوى ومنيرة ثابت وبنت الشاطئ.
الدكتورة إيمان عامر، أستاذ التاريخ الحديث والمعاصر بجامعة القاهرة، استعرضت خلال الندوة تاريخ مصر والحياة السياسية والفكرية فى مائة عام من خلال مجلة المصور، وأكدت أن مجلة المصور تُعتبر مرجعًا أساسيًا للباحثين والأكاديميين بما تملكه من أرشيف ذهبى، وقبل تأسيس المصور فى 24 أكتوبر عام 1924، كانت الصحافة كلمات متراصة، وبعدها صارت كلمات وصورًا وهذا ما يميز الانطلاقة الأولى للمصور ولا تزال حتى الآن، وصارت الصورة الصحفية بمجلة المصور بألف كلمة، غيرت المصور مفهوم الصحافة وشكلها وسجلت عبر صفحاتها سجلاً مصورًا لتاريخ الأمة المصرية، وعكست نبض الوطن فى مختلف مراحل تاريخه، كأحد أهم المنابر التنويرية فى العالم العربى.
وأضافت: «المصور» كانت حاضرة أيضًا فى توثيق ثورة 1919 والتحولات التى أعقبتها وصدور دستور 1923 مرورًا بتسجيل كامل للحقبة الملكية فى عهد الملك فؤاد والملك فاروق، ثم توثيق كامل لما بعد ثورة 52 والصراع المصرى والعربى والإسرائيلي، وكانت صفحات المصور مكانًا خصبًا ومؤثرًا لنشر مذكرات المشاهير، وكانت البداية فى نشر مذكرات الرافعى عام 1951 وحملت عنوانًا على لسان الرافعى «حملت نعش مصطفى كامل»، كذلك الصور النادرة التى نشرتها «المصور» عن معركة الإسماعيلية فى يناير 1952، كما أن الصحفى القدير الراحل فوميل لبيب اتفق مع أم كلثوم على أن تنشر مذكراتها بمجلة المصور، وتعرض كخواطر حياتية وليس سيرة ذاتية، ونشر على لسانها بـ«المصور» أن موسيقى الجاز الغربية هى عبارة عن زار أفرنجي، وزارت أم كلثوم دار الهلال وكتبت المصور حينها من أجل الخير فنانة الشعب فى دار الهلال.
وأكملت أستاذة التاريخ الحديث والمعاصر: الراحلة فاتن حمامة نشرت فى المصور كيف دخلت مجال الفن وهى طفلة صغيرة مع محمد عبدالوهاب فى فيلم «يوم سعيد» بعد أن رأى صورتها على غلاف المصور فى مسابقة ملكة جمال الأطفال، ورصدت المصور أيضًا أول فيلم مصرى يحتفى بثورة 1919 «برسوم يبحث عن وظيفة» كما كان للمصور دور بارز فى مكافحة الإرهاب والتطرف، وعندما شرعت فى إعداد عدد عن مئوية ثورة 1919، بدأت الكتابة بالملف الذى احتفت به «المصور» بثورة 1919، وشعرنا بنبض حقيقى للثورة باعتبارها أم الثورات المصرية ودور القمص سرجيوس فى الثورة واعتباره أيقونة الوحدة الوطنية.
بدوره، عبر الدكتور رامى عطا، أستاذ تاريخ الصحافة بأكاديمية الشروق، عن سعادته لوجوده فى ندوة كلية الإعلام بجامعة القاهرة للحديث عن «المصور» ودورها التنويرى على مدار مائة عام، قائلاً: المصور هى أقدم مجلة ثقافية عربية، والانتقال من الحالة المصرية إلى حالة مجلة المصور هو تجسيد حقيقى للانتقال من العام إلى الخاص، فالمصور ذاكرة حقيقية لتاريخ الأمة، وهى مَن عبَّرت وجسَّدت واقع الانتماء للوطن فى ثورات المصريين عام 1919 وثورة يوليو 1952 و25 يناير 2011 و30 يونيو 2013، كما أن «المصور» لعبت دورًا بارزًا فى تواصل الأجيال بعضها البعض، وركزت على قضايا الوطن حروبه ومشاريعه الكبرى عبر التاريخ، ويُحسب لها تخليد عدد من المناسبات الكبرى ومئويات بعض الأماكن والأحداث التى يعتز بها المصريون مثل احتفالها بمرور 100 سنة على حفر قناة السويس، و190 عامًا على تأسيس قصر العينى، ومئوية جامعة القاهرة، وكتب فى مجلة المصور كبار الكتاب والمفكرين مثل جمال حمدان وحسين مؤنس وفكرى أباظة وأحمد بهاءالدين وأمينة السعيد.
وأضاف «عطا»: «المصور» كانت موجودة بقوة أيضًا فى قضايا المرأة والتعليم وحروب مصر فى 48 و56 و67 وصولاً إلى نصر أكتوبر العظيم عام 73 ومن قبله حرب الاستنزاف، كما كانت حاضرة فى ملفات الإرهاب وحوادث اغتيال السادات وفرج فودة ورفعت المحجوب ومحاولات اغتيال نجيب محفوظ، اهتمت كذلك بالوحدة الوطنية وسردت بعمق تلاحم المسلمين والمسيحيين فى ثورة 1919 ضد الاحتلال الإنجليزى، ومَن ثَم فلا يمكن قراءة تاريخ الفكر المصرى دون الرجوع إلى المجلة.
ومن جهتها، وصفت الدكتورة شيرين سلامة، أستاذ مساعد تاريخ الصحافة بكلية الإعلام، المجلة بـ«الذاكرة الحقيقية» للأحداث المهمة فى مصر سياسيًا واجتماعيًا وفكريًا واقتصاديًا، وقالت: أعلم جيدًا قيمة المصور وغيرها من الصحف العريقة كوثيقة تاريخية، وأشادت بخطوة تحويل ثروات المصور الورقية إلى رقمية، ومَن ثم تصبح منهلاً خصبًا للباحثين، كما أن الاحتفال بالمئوية شيء جميل، ولكن الأجمل هو الاستمرار على نفس النهج الذى أوصلنا للقيمة المهمة للاحتفال بمئوية المصور من خلال استعادة شموخنا وقدرتنا الصحفية.
أما الدكتورة سحر مصطفى، أستاذ مساعد الصحافة بكلية الإعلام، فقد لخصت واقع وتاريخ «المصور»، قائلة: المصور اسم على مسمى، ويستطيع العالم كله رؤية الواقع المصرى وسياساته وعاداته وتقاليده عبر صفحات المصور، كونها أكثر المجلات قدرة على التعايش مع هذا الواقع المميز للمجتمع المصرى، كما أنها تمثل صحافة المواطن باقتدار، فضلاً عن تميزها بصحافة الملفات.
«د.سحر»، أكدت أن الصحف ومنها مجلة المصور وثيقة تاريخية «مصدر أولى»، ومن حسن حظ جرجى زيدان وأبنائه عندما جاءوا إلى مصر وأسسوا دار الهلال ومجلة المصور ونفس الشيء لبقية «الشوام» الذين أسسوا عددًا آخر من الصحف المصرية ومن بينها الأهرام، وأصبح للمصور ثروة حقيقية متمثلة فى أرشيفها وصورها، ومن الممكن استغلالها بشكل سليم لكى تُدر دخلاً كبيرًا عليها عبر التسويق لها بواسطة الوسائط الإلكترونية العصرية، ولفتت إلى أن «المصور» أول من مارس الصحافة التليفزيونية الصامتة غير متحركة مبكرًا وقبل مائة عام من خلال الصورة الصحفية.
هذا وقد شهدت ندوة واحتفالية كلية الإعلام بمئوية «المصور» تكريم رئيس مجلس إدارة دار الهلال عمر سامى، وعدد من القيادات الصحفية بمجلة المصور مثل الكاتب الصحفى عبداللطيف حامد رئيس تحرير المصور والكاتب الصحفى غالى محمد رئيس مجلس إدارة دار الهلال الأسبق ورئيس تحرير المصور الأسبق والكاتب الصحفى أحمد أيوب رئيس تحرير المصور السابق ورئيس تحرير الجمهورية الحالى، والكاتب الصحفى عبدالقادر شهيب رئيس مجلس إدارة دار الهلال الأسبق ورئيس تحرير المصور الأسبق، والكاتب الصحفى حمدى رزق رئيس تحرير المصور الأسبق، فضلاً عن الكاتب الصحفى والروائى يوسف القعيد، والكاتبة الصحفية نجوان عبداللطيف، كما تم تكريم اسم الراحل مكرم محمد أحمد رئيس المؤسسة الأسبق ورئيس تحرير المصور الأسبق وتسلم درع التكريم شقيقه سعيد محمد أحمد وتكريم اسم الراحل عزت بدوى رئيس المؤسسة الأسبق ورئيس تحرير المصور الأسبق وتسلمت درع التكريم ابنته أمانى عزت مساعد رئيس تحرير طبيبك الخاص، وتم أيضًا تكريم أشرف التعلبى المشرف على تحرير العدد التذكارى الخاص بمئوية المصور، كما تم توزيع جوائز مسابقة قصص وحكاوى مصرية للتصوير، وتكريم اللجنة التنظيمية للندوة والتى شملت عددًا من أعضاء هيئة التدريس والهيئة المعاونة بقسم الصحافة، وهم، د. نرمين الصابر، ود. رنا سمير، ود نانسى عادل، ود. مارى منصور، ود. كريمة طنطاوي، ود. أسماء رمضان، ود. الزهراء رشاد، ود. أميرة عزالدين، وأ. محمد خليل، وأ. لميس النجار،. وأ. شيماء السكري، وإ. إسراء العشري، وأ. سارة المشمشي، وأ.فاطمة فتحي.
احتفالية «المصور» شهدت أيضًا تكريم عدد من طلبة كلية الإعلام المتميزين فى مسابقات فنون العمل الصحفى بأشكاله المختلفة وهم عمر لطفى وأدهم ياسر وسارة رضا ونهاد عبدالكريم ومنة الله وهبة ويوآنا وهبة وردينة محمد عبدالغنى وسارة نبيل ومحمودالساعاتى ومحمد حسام ومريم جاب الله ومريم سمير وتقى عبدالمجيد وياسمين وليد، وفى مسابقة التصوير الصحفى ولجان تحكيمها الدكتور أحمد محمود والدكتور عيد رحيل، ومجدى إبراهيم رئيس شعبة التصوير بنقابة الصحفيين ورئيس