شهدت فعاليات النسخة الـ26 لمهرجان الإسماعيلية السينمائى للأفلام التسجيلية والقصيرة، عرضًا خاصًا لعدد من الأفلام المختارة بالمهرجان، فى مركز شباب فنارة بمدينة فايد، وذلك للمرة الأولى فى إطار فعاليات الدورة الجديدة التى ضمت عروض مجموعة من الأفلام التى تعكس التنوع الفنى والموضوعى للمهرجان، حيث تناولت القضايا الاجتماعية والثقافية والإنسانية لتكون متاحة لكل مواطن فى الإسماعيلية.
واستضافت محافظة الإسماعيلية فعاليات الدورة الـ26 من مهرجان الإسماعيلية الدولى للأفلام التسجيلية والقصيرة خلال الفترة من 5 إلى 11 فبراير الجارى، بمشاركة 51 فيلمًا من 34 دولة من مختلف دول العالم، تضمنت مسابقة الأفلام التسجيلية الطويلة برئاسة مروان عمارة، التى شارك فيها 10 أفلام، عالجت موضوعات إنسانية واجتماعية مقدمة من مخرجين من مختلف أنحاء العالم. من بينها فيلم فدائى من فلسطين، وفيلم مصرى، ومسابقة الأفلام التسجيلية القصيرة برئاسة ماجى مرجان وتضمنت 24 فيلمًا من 20 دولة، بينها 12 فيلمًا من مصر والعالم العربى ضمن 2300 فيلم تقدمت للمشاركة فى المسابقة، ومسابقة النجوم الجديدة تركزت على دعم المخرجين الشباب بمشاركة سبعة عشر فيلمًا عكست رؤى إبداعية مبتكرة.
من جانبها، قالت المخرجة هالة جلال، رئيسة المهرجان: إن «خطوة العروض خارج قصر ثقافة الإسماعيلية تأتى ضمن استراتيجية تهدف إلى تعزيز انتشار المهرجان ليصل إلى فئات أوسع من الجمهور، وإن إقامة عروض فى مدينة فايد تعتبر خطوة مهمة فى إشراك المجتمعات المحلية فى الفعاليات الثقافية الكبرى»، مضيفة أن «المهرجان قدم تجربة سينمائية فريدة للجمهور فى الإسماعيلية وخارجها، حيث لم تقتصر العروض على قاعات السينما التقليدية، بل امتدت إلى المساحات العامة والمراكز الشبابية، بهدف تعزيز ثقافة السينما الوثائقية والتسجيلية فى مختلف أنحاء المحافظة».
وتفاعل الجمهور بشكل قوى مع الفيلم اللبنانى «خط التماس»، والذى انعكس تأثيره العميق على الحضور، سواء نقادًا أو مشاهدين، حيث تم تسليط الضوء على الحرب اللبنانية من منظور الأطفال الذين كانوا يواجهون ضغوطات الميليشيات وسط أحداث تتجاوز مجرد مشاهد الحروب، لتؤكد مخرجة الفيلم، سيلفى باليوت، أن الفيلم ليس فقط مجرد سرد تاريخي، بل هو دعوة لفهم انعكاسات الحروب وكانت تسعى خلال الأحداث إلى تسليط الضوء على القضايا الإنسانية والاجتماعية التى قد لا تكون معروفة أو مفهومة على نطاق واسع فى المنطقة وخارجها.
وأشارت «باليوت»، إلى أن الأطفال الذين عايشوا الحرب يجدون أنفسهم فى صراع دائم مع ماضيهم، الذى يؤثر بشكل كبير على بناء حياتهم المستقبلية، لذلك فريق عمل الفيلم عرض محاولة الأطفال لمواجهة هذا الماضى، وجعلهم يقبلون الماضى لتخطى الصدمة والبحث عن حياة أكثر سعادة.
وفى ذات السياق، شهد المهرجان عروضًا سينمائية تسجيلية متميزة ضمن برنامج «نظرة إلى الماضى»، والذى استهدف تسليط الضوء على مجموعة من الأفلام الكلاسيكية التسجيلية والوثائقية التى أثرت فى تاريخ السينما التسجيلية، مثل أفلام: «حياة جديدة» للمخرج أشرف فهمي، و«طبيب فى الأرياف» للمخرج خيرى بشارة، و«وصية رجل حكيم» للمخرج داود عبدالسلام، و«بناء ونضال»، و«ثورة المكن» للمخرج مدكور ثابت، و«دير سانت كاترين» للمخرج نبيه لطفي، و«عيد المايرون» للمخرج يوسف شاهين، و«المصرية فى 50 عامًا» للمخرج سعد نديم، و«معابد فيلة» للمخرج سعد نديم، و«جيوش الشمس» للمخرج شادى عبدالسلام، و«الفلاح الفصيح» للمخرج شادى عبد السلام، وفيلم «صلاة» للمخرج نبيه لطفي، و«شارع محمد علي» للمخرج نبيه لطفي، و«ناس 26 يوليو» للمخرج هاشم النحاس، و«يوم فى حياة أسرة ريفية» للمخرج هاشم النحاس، و«همس الأنامل» للمخرج حسام علي، و«الصباح» للمخرج السيد سلاموني، و«نحصد العدو» للمخرج صلاح تهامي، وغيرها من بعض الأفلام الكلاسيكية البارزة.
وحول هذه العروض، قالت رئيسة المهرجان: إن برنامج «نظرة إلى الماضى» هدف إلى إحياء التراث السينمائى وإعادة تقديم أعمال كلاسيكية مهمة للجمهور المعاصر، سواء على المستوى المحلى أو العالمي، حيث تم اختيار عروض متنوعة، منها ما تناولت قضايا سياسية واجتماعية وثقافية، وقضايا أخرى قدمت رؤى فنية متفردة أثرت فى تطور لغة الفيلم التسجيلي، مشيرة إلى أن إعادة عرض هذه الأفلام لا تأتى فقط بدافع الحنين إلى الماضى، ولكن أيضًا باعتبارها مرجعا فنيا مهما لصُناع الأفلام الشباب، الذين يسعون إلى فهم أساليب السرد البصرى وتطورها عبر العقود.
من جانب آخر، شهدت فعاليات المهرجان عروضًا للمشاريع السينمائية فى مسابقة «النجوم الجديدة»، التى شملت مجموعة من الأفلام التى عُرضت فى هذه المسابقة وتضمنت أعمالًا مثل «أنا الشمس» الذى يناقش قضية الهوية، و«غنوة» الذى يعكس تأثير الموسيقى على الوجدان، بالإضافة إلى «البر التاني» الذى سلط الضوء على معاناة المهاجرين، وتم عرضها على هامش الفعاليات.
وتعليقًا على دعم المواهب الشابة من خلال مسابقة «النجوم الجديدة»، أوضحت رئيسة المهرجان، أنهم لم يكتفوا فى هذه الدورة بعرض الأفلام فقط، بل استهدفوا منح المخرجين الجدد فرصة للظهور والتفاعل مع الجمهور بشكل حقيقى، حيث إن ما ظهر فى مسابقة «النجوم الجديدة» هو نضج فنى ورؤى سينمائية مميزة تبشر بمستقبل مشرق للسينما المصرية والعربية، وهذا هو هدف المهرجان دعم السينما وصُناع السينما فى جميع أنحاء العالم.
وعلى هامش فعاليات الدورة الـ26 من مهرجان الإسماعيلية السينمائى للأفلام التسجيلية والقصيرة، أُقيمت مناقشة حول «الفيلم التسجيلى خارج حدود العاصمة»، والتى شارك فيها بعض السينمائيين منهم المخرج مدحت صالح، وأشار إلى أهمية نشر الثقافة السينمائية فى المدن البعيدة عن العاصمة، بل أهمية مناقشة التحديات التى تواجه السينمائيين، وأهمها عدم وجود دعم مادى كافٍ.
بينما أكد الكاتب حمادة زيدان، السعى نحو خلق مجتمع فنى مغاير عن النمطية السائدة، لصناعة الأفلام القصيرة والمستقلة، وتطرقت لأبرز المشكلات التى تواجه السينمائيين فى الوطن العربى.
وأكد المخرج طارق نظير، مدير العروض والورش الفنية فى الدورة الـ26 من المهرجان، أن مهرجان الإسماعيلية سعى إلى أن يكون هناك منصة للحوار والتفاعل بين السينمائيين من مختلف الأجيال والمناطق، كما أن العروض والفعاليات والورش سعت لدعم وتشجيع المواهب الشابة، وتوفير الفرص لهم للتعبير عن أنفسهم وعرض أعمالهم، وذلك بهدف نشر الثقافة السينمائية فى جميع أنحاء مصر، وتوفير الدعم اللازم لصُناع الأفلام المستقلة، الذين يساهمون فى إثراء المشهد السينمائى المصرى.
وأشار «نظير»، إلى استحداث تنفيذ ورشة صناعة الفيلم الروائى القصير من الفكرة حتى التصوير، ومحاضرة سيناريو محمود خليل، ومحاضرة تصوير مصطفى نبيل، ومحاضرة إخراج مهند دياب، وورشة الحكى للأطفال بطريقة السايكو دراما، فضلا عن ورشة صناعة سينما الأطفال، التى تعلم الأطفال من خلالها أسس صناعة الأفلام من خلال الألعاب والتجارب العملية، مما ساهم فى تنمية وعيهم السينمائي.
بدورها، عبّرت المخرجة والمنتجة مريان خوري، عن سعادتها بالمشاركة فى الأفلام التسجيلية وتجربتها فى الأفلام الذاتية، مشيرة إلى أن أول فيلم ذاتى لها، «زمن لارا»، وعُرض لأول مرة فى مهرجان الإسماعيلية، ونال إعجاب المخرج يسرى نصر الله، لتقدم بعد ذلك أفلامًا أخرى مثل «عاشقات السينما» و«ظلال»، حيث وثّقت فيه تجربتها داخل مستشفى للأمراض العقلية، وأشارت إلى تناول فيلمها المصرى المشارك فى المسابقة الرسمية للأفلام التسجيلية للمهرجان «احكى لي» لثلاث قصص لنساء من عائلتها، من أول جدتها إلى ابنتها، وأنها سعيدة بعرضه على جمهور المهرجان.
وأوضح المخرج عمرو بيومى أنه سعيد بتجربته فى فيلمه المصرى «رمسيس راح فين»، الذى يتناول مسيرة نقل تمثال الملك رمسيس الثانى من ميدان رمسيس إلى المتحف المصرى الكبير، مشيرا إلى أن الفيلم يوثّق صورة الرؤساء والملوك فى الذاكرة الجمعية المصرية، وكيف جسّدتهم الشعوب فى صورة الأب القائد الذى يؤدى واجبه تجاههم، موضحا أهمية السينما الذاتية فى توثيق التجارب الشخصية، ومدى قدرتها على التأثير فى الجمهور، خاصة فى ظل تزايد الاهتمام بالأفلام الوثائقية، كوسيلة للتعبير الصادق عن الذات والمجتمع.
كما شهدت فعاليات المهرجان عرضًا مثيرًا للمشاريع السينمائية فى مسابقة «النجوم الجديدة»، التى أظهرت تنوعًا كبيرًا فى الموضوعات والأساليب الفنية بين مخرجيها الشباب. وقد استقطبت هذه العروض تفاعلًا ملحوظًا من الجمهور والنقاد بعد عرض مجموعة من الأفلام التى عرضت فى هذه المسابقة التى أُقيمت مسابقة برئاسة مخرج الأفلام التسجيلية أحمد نبيل وضمت 19 فيلمًا من أسوان والإسكندرية والقاهرة، إضافة إلى مسابقة أفلام من العالم خارج المسابقة الرسمية، برئاسة حنان راضي، وضمت 25 فيلمًا من عدة دول وتتراوح مدتها من 5 إلى 70 دقيقة، إلى جانب برنامج «نظرة عن التاريخ» والذى يستهدف عرض أفلام لم تُعرض قبل ذلك.
وتحدثت هالة جلال، عن أنّه تم استحداث «ملتقى الإسماعيلية» بالدورة الحالية والذى أقيم للمرة الأولى بهدف فتح مجال لقاء شركات الإنتاج بصُناع الفيلم التسجيلى لدعم المواهب الجديدة، حيث تولت إدارة الملتقى هذا العام مجموعة من المتخصصين فى مجال السينما، بقيادة مصطفى يوسف وماجى مرجان، حيث ضم الملتقى لجنة تحكيم تضم هادى زكاك، ومنى أسعد، وإيمانويل دوموريس، إلى جانب مستشارى المشاريع السينمائية محمود عزت، وتغريد العصفوري، وماريون شميت، وعبدالفتاح كمال، فضلا عن استقبال لجنة التحكيم لـ15 مشروعًا فنيًا مكونة من أفلام وثائقية وروائية قصيرة، وسلطت الضوء على مختلف جوانب المجتمع، فى سياق طموح لصناعة أفلام مصرية واعدة، لتقرر اللجنة منح عدد من الجوائز الإضافية لدعم بعض المشاريع المتميزة، منها فيلم «بعودة يا بطل» لجينا صفوت، وفيلم «البهلول» لعمر الفيشاوى، وفيلم «إيلي» من إخراج نايرى عبدالشفيع، ومنحت تنويهًا خاصًا لفيلم «ذراع أبى اليمنى» لمحمد هاني.
ضمت قائمة الجوائز، جائزة الإشراف على الكتابة للأفلام الروائية القصيرة، وحصل عليها فيلم «آخر أيام الربيع» للمخرج محمد ربيع حسن، وفيلم «هاجي» للمخرج خالد فارس، بينما فاز بجائزتى الاستشارة فى مونتاج الأفلام الوثائقية، فيلم «بنات الجزيرة الخضراء» للمخرجة روجينا طارق، كما حصد جائزة الاستشارات الفنية للأفلام الوثائقية، فيلم «بيت فى مكان ما» للمخرجة رانيا زهرة، وحصد جائزة دعم المشروعات السينمائية وقيمتها 30 ألف جنيه، وفيلم «حكايات الحب الأربع» للمخرج ماجد عطا، وذهبت جائزة دعم المشروعات السينمائية وقيمتها 50 ألف جنيه لفيلم «حكاية الكهف» للمخرجة ناهد نصر، وهو الفيلم الذى فاز أيضا بجائزة دعم المؤلفين السينمائيين وقيمتها 50 ألف جنيه، وفاز بالجائزة الكبرى وقيمتها 150 ألف جنيه كأفضل فيلم روائى قصير، فيلم «كفر الدوار أثينا» للمخرج محمد إبراهيم.
وأشارت «جلال»، إلى أن ملتقى الإسماعيلية منصة لدعم المواهب السينمائية الناشئة، فقد أتاح للمشاركين فرصة الحصول على التمويل والاستشارات من خبراء الصناعة، مما يسهم فى تعزيز السينما المستقلة ودعم صُناع الأفلام فى تحقيق مشاريعهم الفنية.
شهدت فعاليات النسخة الـ26 لمهرجان الإسماعيلية السينمائى للأفلام التسجيلية والقصيرة، عرضًا خاصًا لعدد من الأفلام المختارة بالمهرجان، فى مركز شباب فنارة بمدينة فايد، وذلك للمرة الأولى فى إطار فعاليات الدورة الجديدة التى ضمت عروض مجموعة من الأفلام التى تعكس التنوع الفنى والموضوعى للمهرجان، حيث تناولت القضايا الاجتماعية والثقافية والإنسانية لتكون متاحة لكل مواطن فى الإسماعيلية.