رئيس مجلس الإدارة

عمــــر أحمــد سامى

رئيس التحرير

عبد اللطيف حامد

المهندس طارق النبراوى.. نقيب المهندسين: «إعمار غزة» بدون تهجير فلسطينى واحد


6-3-2025 | 01:31

.

طباعة
حوار: أحمد جمعة

وسط الدمار الهائل الذى خلفه العدوان الإسرائيلى على قطاع غزة، تتصدر جهود إعادة الإعمار المشهد، لتعيد الأمل لسكان القطاع المحاصر، وتؤكد أن الحياة قادرة على النهوض من بين الأنقاض.. وبينما تتعدد المبادرات والخطط، تقدم نقابة المهندسين رؤية عملية تضع الإنسان فى قلب عملية الإعمار، عبر خطة تضمن عودة الحياة إلى طبيعتها، دون المساس بحقوق سكان غزة أو إجبارهم على التهجير.

 

المهندس طارق النبراوى، نقيب المهندسين، يكشف فى حوار لـ«المصوّر»، ملامح الخطة التى يجرى إعدادها بعد تشكيل لجنة استشارية متخصصة من الخبراء لإعمار قطاع غزة عبر وضع الاستراتيجية العامة طبقًا للمعايير الفنية العالمية سواء من الناحية التخطيطية أو الهندسية أو التنفيذية، مؤكدًا أن عملية إعادة الإعمار تشمل توفير بيئة عمرانية متكاملة تضمن حياة كريمة وآمنة لأهالى القطاع.

 

«النبراوى» تحدث عن خطة «الإيواء العاجل»، التى ستكون حجر الأساس فى إعادة الإعمار، لتأمين مساكن مؤقتة تتوافر فيها الخدمات الأساسية، كما تناول تفصيليًا الخطة الاستراتيجية التى ستعيد بناء القطاع بشكل شامل، مستعرضًا دور مصر المحورى فى توفير المواد الخام والمعدات والخبرات الهندسية، مع ضمان مشاركة المهندسين والشركات الفلسطينية فى عملية التنفيذ.. وإلى نص الحوار:

فى البداية.. ما الخطوط العريضة والمحاور البارزة لخطتكم لإعادة إعمار قطاع غزة؟

 

لدينا خطة نشرع فى العمل عليها تُسمى «خطة الإيواء العاجل»، وتستهدف الإيواء بجميع جوانبه، فالخطوة الأولى لإعادة الإعمار تتمثل فى وضع خطة متكاملة إنشائية وخدمية ومرافقية لإيواء سكان غزة والموجودين فى الشوارع بلا مأوى، وهى الخطة الأساسية التى سنباشر تنفيذها فى المرحلة الأولى.

 

ثم تأتى المرحلة الثانية، وهى الخطة الاستراتيجية التى ستُقدَّم إلى جميع الجهات، وتختص بشكل أساسى بإعادة الإعمار بالكامل، وتتطلب زيارات ميدانية والحصول على بعض المعلومات من داخل القطاع.

 

وما ملامح الخطة الاستراتيجية الخاصة بإعادة الإعمار؟

 

الخطة الأولى تتعلق بإنشاء أماكن تضم جميع المرافق التى تضمن حياة آمنة وكريمة لأهل القطاع إلى حين تنفيذ الخطة الاستراتيجية كاملة، وهى الخطة التى ستشمل جميع المحاور والطرق والمرافق والخدمات الأساسية والبنية التحتية اللازمة لإعادة الإعمار فى قطاع غزة.

 

كيف سيكون الدور المصرى فى تنفيذ هذه الخطة؟

 

مصر هى الجهة الوحيدة المُهيَّأة لتكون المصدر الرئيسى لجميع الخامات ومستلزمات الإعمار، سواء فى الخطة «المؤقتة» أو «الاستراتيجية»، إلى جانب تقديم جميع الخبرات المتخصصة، وفى المراحل التالية، سيكون هناك اعتماد كبير على أهلنا فى غزة، الذين سيتولون الدور الرئيسى فى تنفيذ الأعمال، أما فى المراحل الأولى، فسنحتاج إلى بعض المتخصصين فى الإعداد السريع للمنشآت والمرافق التى تتطلب سرعة التنفيذ وتوفير الخدمات المطلوبة، بمعنى أنه سيتم إنشاء مدن مؤقتة تتوفر بها الطرق والمحاور المؤدية إليها، وتضم شبكات متكاملة من المرافق، سواء المياه أو الكهرباء أو الصرف الصحي، إلى جانب مستشفيات مؤقتة وأماكن إقامة لائقة للمواطنين، وستبدأ اللجنة العمل عليها على وجه السرعة.

 

هناك تقديرات فلسطينية تشير إلى تجاوز حجم الركام 55 مليون طن.. كيف ستتعاملون مع هذا الكم الكبير؟

 

هناك العديد من الخطط للتعامل مع حجم الركام الكبير، وقد أُجريت عدة أبحاث فى هذا الملف، وجميعها جاهزة للتنفيذ، وسيتم التعامل مع الركام من خلال إعادة التدوير واستخدام أجزاء كبيرة منه فى جميع مراحل الإعمار، وسيُستخدم جزء منه فى الصبّات الخرسانية، وجزء آخر كطبقات للطرق، مما سيُقلّل من الكمية المتبقية، والتى سيتم لاحقًا وضع حلول للتعامل معها.

 

ولا يمكن لأحد تحديد الحجم الدقيق للركام الموجود فى القطاع، الذى عانى من القصف المتواصل على مدار عام ونصف العام، مما أدى إلى هدم أغلب المنازل والمنشآت والبنية التحتية، وبالتالى فإن حجم الدمار فى قطاع غزة خلّف كميات كبيرة من الركام تفوق جميع التقديرات الحالية، إلا أن التعامل معه سيكون سريعًا للغاية فور فتح باب إعادة الإعمار، كما توجد العديد من الدراسات المقدمة من جامعات وخبراء مصريين، إلى جانب خبراء فلسطينيين وأردنيين، وسيكون لهذا الملف دور بارز فى خطتنا لإعادة الإعمار، ولن يكون من العقبات التى تعطل التنفيذ.

 

ما الجدول الزمنى المتوقع للانتهاء من مراحل إعادة الإعمار، وهل سيتم التركيز على مشروعات معينة فى البداية؟

 

تنفيذ الخطة سيستغرق خمس سنوات، بدءًا من فتح باب الإعمار وفتح معبر رفح لدخول المعدات والمستلزمات والأفراد المتخصصين، وكما ذكرت، سننفذ الخطة العاجلة للإيواء الآمن واللائق – والتى يجرى العمل عليها – لنحو مليونى شخص فى قطاع غزة، ويتطلب ذلك فى المقام الأول تنفيذ منازل لائقة لحمايتهم، ثم تبدأ خطة إعادة الإعمار وفق الجدول الزمنى الذى سنضعه.

 

وكيف ستتعاملون مع تنفيذ خطة إعادة الإعمار فى ظل وجود سكان غزة وعدم تهجيرهم؟

 

لقد حُسم هذا الملف منذ فترة، وأكدنا أن إعادة الإعمار لا تتطلب على الإطلاق التهجير، فالتجارب العالمية فى هذا المجال قديمة وثابتة ولا تحتاج إلى نقاش، وبالتالى، عندما نطرح فكرة مدن الإيواء الآمنة والسريعة، فإننا نقصد توفير مساكن لائقة تتضمن جميع الخدمات الأساسية فى المرحلة الأولى، لحين البدء فى الإعمار الاستراتيجي، الذى سيشمل المرافق والطرق والمنشآت والمستشفيات وجميع وسائل الاستثمار فى قطاع غزة.

 

هل أُطلق اسم «فينيق غزة» على خطة إعادة الإعمار؟

 

لم يُطلق هذا الاسم على خطتنا لإعادة إعمار قطاع غزة، فـ«فينيق غزة» هى خطة أعدتها بعض المنظمات الفلسطينية. أما نقابة المهندسين، فهى تعد خطة تستفيد فيها من جميع الخطط والأبحاث المقدمة، سواء من مصر أو المنطقة العربية أو الخارج، وبالتالى، فإن «فينيق غزة» هى إحدى الخطط المقدمة للنقابة، ضمن الجهود الرامية إلى وضع الخطة الكاملة التى ستُقدَّم قريبًا.

 

الاحتلال دمَّر أغلب الآليات والمعدات الفلسطينية التى تساهم فى الإعمار.. هل ستعتمدون على الشركات المصرية فقط، أم أن الخطة تقترح الاستعانة بشركات دولية؟

 

فى المرحلة الأولى، سيكون العمل عبر الشركات الفلسطينية والمصرية، مع الاستفادة من جميع الخبرات والأفكار الفلسطينية، كما أن الشركات المصرية تمتلك خبرات طويلة وكفاءة عالية فى مجال إعادة الإعمار، ولدينا كفاءات هندسية كبيرة قادرة على التخطيط والتنفيذ بأسرع وقت وبأفضل جودة.

 

من التحديات التى تواجه إعادة الإعمار أيضًا عدم توافر بيانات دقيقة بأسماء ملاك الأراضى الفلسطينية.. كيف ستتعاملون مع هذه المعضلة؟

 

كانت هذه المشكلة حاضرة فى أذهاننا عند وضع محاور خطة إعادة الإعمار فى قطاع غزة، ولهذا أكدنا أن المرحلة الأولى ستشمل إنشاء مناطق إيواء مجمعة ولائقة، وستُقام على أراضٍ مفتوحة لا تخضع لملكيات خاصة، كما توجد بعض الأراضى الزراعية التى تم تبويرها فى فترات سابقة، بالإضافة إلى مناطق كانت تضم حدائق عامة أو شواطئ، وهذه الأراضى لا تقع تحت أى ملكية خاصة، مما يجعلها مناسبة لإنشاء مناطق الإيواء العاجلة فى المرحلة الأولى، أما المشكلة التى أشرتَ إليها، فستبرز خلال العمل على الخطة الاستراتيجية، وبالتأكيد ستكون لها حلول بالتنسيق مع الإدارة الفلسطينية.

 

كم عدد المنازل التى سيتم تشييدها فى مناطق الإيواء ضمن الخطة العاجلة لاستيعاب سكان غزة؟

 

القدرات المصرية تتيح تنفيذ آلاف المنازل فى أسرع وقت، بشرط أن تظل المعابر مفتوحة، ونحن جاهزون للتنفيذ، وسيتم تشييد مدن مؤمَّنة تتوفر بها جميع الخدمات الأساسية، لحين بدء مرحلة الإعمار الاستراتيجى فى غزة.

 

هل هناك تنسيق مع الجهات المعنية فى مصر بشأن تنفيذ خطة إعادة الإعمار؟

 

الجميع فى مصر مستعد للمشاركة فى جهود إعادة الإعمار، وقد تلقينا العديد من الأفكار المتعلقة بهذا الملف، كما أن نقابة المهندسين تذخر بالكفاءات والخبرات التى تُتيح لنا التحرك السريع والفعال، وفى المرحلة التالية، لا بد من التنسيق مع أجهزة الدولة لتسهيل دخول المعدات ومستلزمات البناء والعمالة المتخصصة، بالإضافة إلى دعوة الجهات المختلفة للمشاركة فى عمليات الإيواء العاجل والخطط الاستراتيجية.

 

هل تستطيع مصر توفير مواد ومستلزمات البناء اللازمة لمشروعات إعادة إعمار غزة؟

 

مصر تمتلك قدرات هائلة فى هذا المجال، إذ تستطيع الشركات المصرية توفير جميع احتياجات مشروعات إعادة الإعمار، إلى جانب تقديم الخبرات والأفكار والدراسات اللازمة، كما أن الخبراء المصريين مستعدون للتنفيذ، ومهما كان الوضع فى قطاع غزة، فإن ما تحقق فى العاصمة الإدارية الجديدة وسرعة تنفيذها بجودة عالية، بالإضافة إلى مشاريع تطوير العشوائيات وشبكة الطرق، يؤكد قدرة مصر على تكرار هذه التجربة مع أشقائنا فى غزة.

 

هل هناك خطط لدعم وتدريب المهندسين الفلسطينيين ضمن جهود إعادة الإعمار؟

 

نعم، سيتم إطلاق برامج تدريبية قريبًا للمهندسين المصريين والفلسطينيين، تتعلق بجهود إعادة الإعمار، وستُقدَّم «أون لاين» لتكون متاحة لكل من يرغب فى الاستفادة منها.

 

نقابة المهندسين شكلت لجنة متخصصة تضم قامات هندسية كبرى.. كيف استطعتم جمع هذه الكوكبة؟

 

نقابة المهندسين تُعبر عن الجميع، وهى مؤسسة عريقة ذات دور وطنى بارز، وعلى مر التاريخ، كان أعضاؤها مستعدين دائمًا لتقديم خبراتهم لخدمة الوطن، سواء فى الداخل أو الخارج.

 

عُقد لقاء مشترك بين الاتحاد المصرى لمقاولى التشييد والبناء واتحاد مقاولى فلسطين لبحث آليات إعادة إعمار غزة.. إلى ماذا انتهى هذا الاجتماع؟

 

تهدف هذه الاجتماعات إلى بحث الدراسات والخطط التى تخدم الأهداف التى حددناها، كما أن اتحاد مقاولى البناء فى مصر جاهز للتعاون معنا، حيث يمثل كافة الشركات المصرية، بينما نمثل نحن الخبراء المختصين بالتصميم والإشراف، أما اتحاد مقاولى فلسطين، فهو أحد المصادر الرئيسية للمعلومات التى نحتاجها، ويتعاون معنا فى هذا الإطار، ومع بدء مرحلة إعادة الإعمار، سيكون هناك تعاون وثيق بين جميع الجهات المعنية.

 

كيف كان رد الفعل الفلسطينى تجاه خطة إعادة الإعمار التى يجرى إعدادها؟

 

الجانب الفلسطينى عبَّر عن تقديره العميق للجهود المبذولة فى إعداد خطط إعادة الإعمار، وقد نقل لنا رئيس الوزراء الفلسطيني، د. محمد مصطفى، والوزراء المختصون، شكرهم واستعدادهم الكامل للتعاون معنا لتنفيذ الخطط الموضوعة.

 

«ترامب» دعا إلى تهجير سكان غزة لبدء التعمير.. كيف أكدت خطة نقابة المهندسين على مبدأ «عدم التهجير»؟

 

نحن نؤكد مجددًا أنه لا تهجير للفلسطينيين، وستتم إعادة الإعمار بوجود جميع سكان غزة، دون تهجير فرد واحد، وقد ذكرتُ فى أكثر من محفل أن الولايات المتحدة حينما ألقت القنبلة النووية على هيروشيما، لم يتم تهجير سكانها، واليوم تُعد هيروشيما من كبرى مدن العالم، مما يؤكد أن التهجير ليس ضروريًا لإعادة الإعمار.

 

إذن، من الناحية الفنية واللوجستية، فالتهجير «ورقة يراد بها باطل»؟

 

بالفعل، التهجير مجرد ذريعة طرحها ترامب بالتنسيق مع إسرائيل، بهدف السيطرة الكاملة على قطاع غزة واحتلاله من قِبل الاحتلال الإسرائيلي.