رئيس مجلس الإدارة

عمــــر أحمــد سامى

رئيس التحرير

عبد اللطيف حامد

حزم «تحصين» الفقراء


7-3-2025 | 03:19

.

طباعة
تقرير: محمود أيوب

لم تكن حزم الحماية الاجتماعية مجرد قرارات اقتصادية، بل أصبحت طوق نجاة لملايين المصريين فى مواجهة التحديات الاقتصادية المتلاحقة، فمنذ تولى الرئيس عبدالفتاح السيسى مقاليد الحكم فى 2014، وضعت الدولة دعم الفئات الأكثر احتياجًا على رأس أولوياتها، وأطلقت سلسلة من الحزم الاجتماعية التى تعكس التزام الحكومة بتحقيق العدالة الاجتماعية، وتعزيز الاستقرار المعيشى للمواطنين.

 

وخلال السنوات الأربع الأخيرة فقط، تم تنفيذ ست حزم اجتماعية بتكلفة تجاوزت 600 مليار جنيه، بهدف التخفيف من آثار الأزمات العالمية، مثل جائحة كورونا، والتضخم العالمى، والأزمة «الروسية - الأوكرانية»، وأخيرًا، جاءت الحزمة السابعة التى أُعلنت فى فبراير 2025، لتضيف المزيد من الإجراءات الداعمة لمحدودى الدخل والأسر الفقيرة، فى خطوة جديدة تعكس إصرار الدولة على توفير حياة كريمة لكل مواطن.

 

ولمواجهة الضغوط الاقتصادية، أعلنت الحكومة عن الحزمة السابعة، التى تمثل نقلة نوعية فى سياسات الدعم الاجتماعي، حيث تتضمن زيادة كبيرة فى مخصصات الدعم النقدي، ورفع الأجور والمعاشات، وتوسيع دائرة المستفيدين من برامج الحماية الاجتماعية، وفقًا لما أعلنه رئيس مجلس الوزراء الدكتور مصطفى مدبولي، فإن هذه الحزمة تشمل إجراءات مباشرة لدعم أصحاب بطاقات التموين، حيث يحصل الفرد الواحد على 125 جنيهًا إضافيًا شهريًا، بينما تحصل الأسر التى تضم فردين أو أكثر على 250 جنيهًا إضافيًا، مع تكرار الدعم فى عيد الفطر المبارك لمساعدة الأسر على تلبية احتياجاتها.

 

كما شملت الحزمة تعزيز برنامج «تكافل وكرامة»، حيث سيتحصل 5.2 مليون أسرة على دعم إضافى بقيمة 300 جنيه فى رمضان، مع زيادة الدعم الشهرى بنسبة 25 فى المائة اعتبارًا من أبريل المقبل.

 

وفى إطار دعم القطاع الصحي، سيتم تمويل علاج 60 ألف حالة حرجة تحتاج إلى تدخل جراحى عاجل، مع زيادة ميزانية العلاج على نفقة الدولة، لضمان تغطية عدد أكبر من الحالات. كما خصصت الحكومة 1.5 مليار جنيه لدعم العمالة غير المنتظمة، من خلال صرف منحة بقيمة 1500 جنيه لكل عامل غير منتظم تُوزع على 6 دفعات سنوية، بالإضافة إلى دعم الفلاحين عبر رفع أسعار توريد القمح المحلى ليصبح أعلى من السعر العالمي، وتخصيص 6 مليارات جنيه لدعم زراعة القطن وتثبيت الحد الأدنى لسعر المحصول.

 

أما على مستوى الأجور والمعاشات، فاعتبارًا من يوليو المقبل، سيرتفع الحد الأدنى للأجور فى الحكومة إلى 7000 جنيه شهريًا، مع صرف علاوات إضافية تشمل زيادة بنسبة 10 فى المائة للمخاطبين بقانون الخدمة المدنية، و15 فى المائة لغير المخاطبين، بحد أدنى 150 جنيهًا، إضافة إلى علاوة غلاء معيشة تصل إلى 1000 جنيه لكل العاملين بالدولة، وزيادة أخرى بقيمة 300 جنيه للعاملين، مع التركيز على الدرجات الوظيفية الأدنى، كما تم رفع المعاشات بنسبة 15 فى المائة، ليستفيد منها 13 مليون أسرة.

 

وفى خطوة تهدف إلى تحسين مستوى الخدمات التعليمية والصحية، تم توفير التمويل اللازم لتعيين كوادر جديدة فى قطاعى التعليم والصحة لسد العجز، مع تخصيص 500 مليون جنيه لزيادة حافز الجودة لأعضاء هيئة التدريس بالجامعات، و500 مليون جنيه إضافية لتحفيز المعلمين وتحسين أوضاعهم المالية.

 

كما تضمنت الحزمة السابعة إجراءات لتمكين الشباب اقتصاديًا، من خلال إنشاء صندوق بقيمة 10 مليارات جنيه لدعم المشروعات الصغيرة وتوفير فرص عمل جديدة، وهو ما يعكس رؤية الحكومة لتعزيز دور المشروعات الناشئة فى تحقيق التنمية الاقتصادية.

 

ومن جانبه، أكد الدكتور مصطفى مدبولى، رئيس مجلس الوزراء، أن الدولة مستمرة فى اتخاذ كل الإجراءات الممكنة لحماية المواطنين من تداعيات الأزمات الاقتصادية العالمية، مشددًا على أن هذه الحزمة ليست الأخيرة، وإنما تأتى فى إطار خطة شاملة تهدف إلى تحقيق العدالة الاجتماعية، وضمان وصول الدعم إلى مستحقيه.

 

فى السياق، أشاد الخبراء الاقتصاديون والاجتماعيون بهذه الحزم، معتبرين أنها تشكل عنصرًا أساسيًا فى دعم الفئات الأكثر احتياجًا خاصة فى ظل التحديات الاقتصادية التى تواجهها البلاد، مؤكدين أن هذه الحزم تمثل إحدى أبرز أدوات الدولة فى مواجهة الأزمات الاقتصادية وتعزيز العدالة الاجتماعية، وتحقيق استقرار اقتصادى ينعكس إيجابيًا على المجتمع بأسره.

 

من جانبه، سلّط الدكتور صلاح هاشم، مستشار وزيرة التضامن الأسبق للحماية الاجتماعية ورئيس منتدى «دراية»، الضوء على منظومة الحماية الاجتماعية فى ظل برنامج الإصلاح الاقتصادى الذى تنفذه الدولة منذ عام 2016، مشيرًا إلى التطورات التى شهدها الحد الأدنى للأجور خلال 11 عامًا من 2014 حتى 2025، ومخصصاتها فى الموازنة العامة للدولة، إلى جانب واقع منظومة المعاشات خلال السنوات العشر الماضية، وذلك فى ضوء توجيهات القيادة السياسية المستمرة للحكومة باتخاذ التدابير اللازمة لحماية المواطنين، خاصة محدودى ومتوسطى الدخل، من تبعات موجات التضخم وارتفاع الأسعار المتعاقبة، وتوفير سبل الحياة الكريمة لهم.

 

«هاشم» أكد أن «القيادة السياسية وجهت بتنفيذ سبع حزم حماية اجتماعية، وذلك فى إطار حرص الدولة على توسيع مظلة الحماية الاجتماعية وتطبيق سياسات فاعلة لدعم الفئات الأكثر احتياجًا والأولى بالرعاية»، مشيرًا إلى أن «هذه الحزم جاءت لتخفيف تبعات برنامج الإصلاح الاقتصادى على الفئات الأقل دخلًا، والآثار السلبية للأزمة الاقتصادية العالمية والعدوان الإسرائيلى على قطاع غزة، فضلًا عن الاضطرابات السياسية فى العديد من دول الجوار».

 

وأضاف أن «الحزمة الأخيرة التى وجّه بها الرئيس عبدالفتاح السيسى فى فبراير 2025 تُعد الأكبر فى تاريخ الدولة المصرية، حيث تستهدف تخفيف آثار موجة التضخم العالمية وغلاء الأسعار على المواطنين، وتشمل حوافز وزيادات فى الأجور والمعاشات بتكلفة تتراوح بين 35 إلى 40 مليار جنيه، فى حين بلغت تكلفة الحزمة الخامسة التى أُقرت فى سبتمبر 2023 نحو 60 مليار جنيه سنويًا، بينما شملت الحزمة الرابعة التى أُعلنت فى أبريل 2023 زيادة مخصصات الدعم فى موازنة العام المالى 2023/2024 من 358.4 مليار جنيه إلى 529.7 مليار جنيه بنسبة زيادة بلغت 48.8 فى المائة».

 

وأوضح أن «الحزمة الثالثة التى تم تطبيقها فى مارس 2023 استفاد منها نحو 37 مليون مواطن بتكلفة بلغت 150 مليار جنيه سنويًا، فيما بلغت تكلفة الحزمة الثانية التى أُطلقت فى أكتوبر 2022 نحو 67 مليار جنيه سنويًا، بينما كانت الحزمة الأولى التى بدأ تنفيذها فى يوليو 2022 بتكلفة بلغت 11 مليار جنيه».

 

وفيما يتعلق بملف الأجور، أكد «هاشم»، أن «الدولة تولى اهتمامًا كبيرًا بتحقيق التوازن بين الأجور والأسعار لضمان تحسين مستوى معيشة المواطنين»، لافتًا إلى أن الحد الأدنى لأجور العاملين فى الدولة شهد تسع زيادات متتالية خلال 11 عامًا، حيث ارتفع من 1200 جنيه عام 2014 إلى 6000 جنيه عام 2024 بنسبة زيادة بلغت 600 فى المائة، ومن المقرر أن يصل إلى 7000 جنيه فى مارس 2025.

 

كما أشار إلى أن «الدولة رفعت حد الإعفاء الضريبى من 12 ألف جنيه عام 2014 إلى 65 ألف جنيه عام 2025 بنسبة زيادة بلغت 600 فى المائة، وذلك بهدف تخفيف الأعباء الضريبية عن محدودى الدخل وتحقيق العدالة الاجتماعية فى توزيع عبء الضريبة وفقًا لمستويات الدخول».

 

رئيس «دراية»، أكد أن «أجور العاملين بالدولة والهيئات الاقتصادية ستشهد زيادة جديدة فى يوليو 2025 بحد أدنى يتراوح بين 1000 إلى 1200 جنيه حسب الدرجة الوظيفية، حيث سيحصل الموظفون فى الدرجات من السادسة إلى الرابعة على زيادة بقيمة 1000 جنيه، ومن الثالثة إلى الأولى على 1100 جنيه، ومن درجة مدير عام حتى وكيل أول وزارة على 1200 جنيه، كما سيتم صرف العلاوة الدورية للمخاطبين بقانون الخدمة المدنية بنسبة 10 فى المائة من الأجر الوظيفى، و15 فى المائة من الأجر الأساسى لغير المخاطبين، وبحد أدنى 150 جنيهًا، بالإضافة إلى صرف حافز إضافى يبدأ من 1500 جنيه للدرجة السادسة ويصل إلى 1500 جنيه للدرجة الممتازة، وذلك بتكلفة إجمالية تبلغ 11 مليار جنيه».

 

«هاشم»، انتقل بعد ذلك للحديث عن منظومة المعاشات، مشيرًا إلى أنها شهدت تطورًا كبيرًا خلال السنوات العشر الأخيرة، حيث اتسمت خريطة المعاشات بالتشعّب والتنوّع، وشملت المعاش التأمينى القائم على الاشتراكات، ومعاش الضمان الاجتماعي، ومعاش العمالة غير المنتظمة، والمعاشات الاستثنائية، ومعاش القطاع الخاص، بالإضافة إلى معاش «تكافل وكرامة»، لافتًا إلى أن منظومة المعاشات شهدت 12 زيادة متتالية منذ عام 2014 وحتى مارس 2025، مما يعكس الاهتمام غير المسبوق من القيادة السياسية بتحسين الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية لأصحاب المعاشات.

 

كذلك، أوضح «هاشم»، أن «الزيادات الأخيرة فى المعاشات شملت زيادة بنسبة 15 فى المائة لنحو 13 مليون مواطن من أصحاب المعاشات، و25 فى المائة لمعاشات «تكافل وكرامة»، مما رفع إجمالى الزيادة فى معاشات «تكافل وكرامة» إلى 80 فى المائة خلال ثلاث سنوات، حيث تم تطبيق زيادة بنسبة 25 فى المائة فى أبريل 2023، تلتها زيادة بنسبة 15 فى المائة فى أكتوبر 2023، ثم زيادة جديدة بنسبة 25 فى المائة بمارس 2025، ليصل إجمالى المخصصات لمعاشات «تكافل وكرامة» إلى 41 مليار جنيه».

 

بدوره، ثمّن الدكتور أشرف غراب، الخبير الاقتصادى، نائب رئيس الاتحاد العربى للتنمية الاجتماعية، منظومة العمل العربى بجامعة الدول العربية لشؤون التنمية الاقتصادية، حزمة الحماية الاجتماعية التى أقرّتها الحكومة بتوجيهات الرئيس السيسى، فكلها إجراءات تعكس توجه الدولة نحو التخفيف من وطأة الأزمة الاقتصادية العالمية على المواطنين.

 

«غراب»، شدد على أن توقيت الإعلان عن هذه القرارات مهم للغاية، لا سيما فى ظل ارتفاع معدلات التضخم عالميًا، وتأثر الاقتصاد المصرى بالعوامل الخارجية، مشيرا إلى أن هذه الحزمة ستساهم فى تحسين مستوى معيشة المواطن المصري، وتساعده فى تلبية احتياجاته الأساسية وسط تحديات اقتصادية معقدة.

 

وأوضح «غراب»، أن «زيادة الدخول الاجتماعية لا تؤثر فقط على تحسين الوضع المعيشى للأفراد، بل تمتد إلى تحسين الأداء النفسى للعامل، مما ينعكس على رفع الإنتاجية، وخلق بيئة استثمارية جاذبة، وتعزيز الطلب على المنتجات المحلية، وبالتالى دفع عجلة الإنتاج إلى الأمام»، مضيفًا أن «زيادة دخول العاملين تعزز القوة الشرائية، حيث يصبح المواطن قادرًا على الإنفاق بشكل أكبر، مما يحفز الدورة الاقتصادية ويزيد الطلب على المنتجات والخدمات المحلية، وهو ما يعود بالنفع على السوق المصرى بأكمله».

 

كذلك، لفت، نائب رئيس الاتحاد العربى للتنمية الاجتماعية، إلى أن هذه الإجراءات ليست جديدة، فقد شهدت السنوات الأخيرة زيادات متتالية فى الحد الأدنى للأجور، ومن المقرر أن ترتفع للمرة السابعة فى يوليو المقبل إلى 7000 جنيه، ما يعكس حرص الدولة على أن يتناسب دخل المواطن مع الالتزامات المالية المتزايدة فى ظل ارتفاع الأسعار، مؤكدًا أن «هذه القرارات تعكس اهتمام الرئيس السيسى المستمر بأحوال المواطنين، وسعيه لرفع مستوى معيشتهم، من خلال آليات حماية اجتماعية فعالة، تعينهم على مواجهة تحديات الاقتصاد العالمى والتضخم المستورد».

 

وشدد «غراب» على أن رفع الفئات المالية الممنوحة لمستفيدى «تكافل وكرامة»، الذين يتجاوز عددهم خمسة ملايين أسرة، يساهم فى تعزيز قدرتهم على تحمل تكاليف المعيشة، خاصة أن هذه الفئات تمثل الطبقات الأكثر احتياجًا فى المجتمع»، مشيرًا إلى أن هذه المساعدات لا تمثل فقط دعمًا ماليًا، لكنها أيضًا تعزز الشعور بالانتماء والولاء للوطن، حيث يشعر المواطنون أن الدولة تقف بجانبهم فى أوقات الأزمات.

 

كما أوضح أن معدلات التضخم تشهد تراجعًا ملحوظًا خلال الأشهر الثلاثة الماضية، ومن المتوقع أن يستمر هذا الاتجاه نحو الانخفاض خلال الأشهر المقبلة، مما سيخفف الضغوط الاقتصادية على الأسر المصرية، مضيفًا أن المبادرات الحكومية مثل «معارض أهلاً رمضان» و«كلنا واحد» تلعب دورًا محوريًا فى توفير السلع الأساسية بأسعار مخفّضة مقارنة بالسوق الحر، مما يسهم فى تقليل الأعباء المالية على المواطنين وتحسين قدرتهم الشرائية، وهو

ما يصبّ فى النهاية فى مصلحة الاقتصاد المصرى ككل.