رئيس مجلس الإدارة

عمــــر أحمــد سامى

رئيس التحرير

عبد اللطيف حامد

«أخلاقنا المحمدية» الصدق.. مفتاح البر


8-3-2025 | 15:19

.

طباعة
بقلم: د. محمد عبد الرحيم البيومى

الصدق من صفات الله وصفة أنبيائه والمؤمنين، فالصدق جوهر الحياة، ونور يضيء دروبنا، وهو ليس مجرد قول الحقيقة، بل هو منهج حياة، يتجسد في كل أفعالنا وأقوالنا، وفي سرائرنا وعلانيتنا، فهو سلوك إسلامي عظيم، يدل على إيمان صاحبه بالله، وعلى طهارة نفسه وسمو أخلاقه، ومن علاماته أن تكون كلمتك واحدة في الرغبة والرهبة، والطمع واليأس، واليسر والعسر، ثابتا على قيمك ومبادئك، لا تتغير ولا تتبدل أمام الفتن والصعاب والمدلهمات،

فتجد أن لك في الصدق عطاء ورجاء، ومنحا ونقاء، ونجاة وحياة، يكفيك هذا النداء الإلهي (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ).

 

أما عن الحال النبوي الشريف فلا تستطيع معاجم ومضامين اللغة أن تعبر عن الجناب المعظم الذي ما وصف طوال حياته إلا بالصادق المصدوق، والصادق الذي لا ينطق عن الهوى، فكان الجناب المحمدي، صادق الأقوال، صادق الأفعال، صادق التقريرات، صادق العطاء، صادق المنح، صادق التلطف مع الخلق، فكل أنفاسه الشريفة، وكلماته وأفعاله صدق تتحير أمامه الألباب.

 

فالصدق خلق الصدارة، وباب الوصول، ومفتاح البر، حاديك هذا البيان المحمدي (إن الصدق يهدي إلى البر وإن البر يهدي إلى الجنة ولا يزال الرجل يصدق ويتحرى الصدق حتى يكتب عند الله صديقا)، فكل بر في الحقيقة عنوانه الصدق، وأهل الجنة هم أهل الصدق، ومن عاش متحريا للصدق على كل حال ارتقي إلى مقام الصديقية مع أبو بكر الصديق الذي كان شعاره دوما إن كان رسول الله قد قال هذا فقد صدق.

 

فإذا ما أردت السعادة والطمأنينة، فإليك هذه الضمانة النبوية (الصدق طمأنينة والكذب ريبة).

 

فالصدق هو أساس الثقة، فبدونه، تتصدع العلاقات، وتنهار المجتمعات، وهو أيضًا أساس النجاح، فالصادق يثق به الناس، ويدعمونه في مسيرته، وهو قبل كل شيء، أساس السعادة، فالصادق يعيش بضمير مرتاح، ونفس مطمئنة ، والصدق مع النفس هو أصعب أنواع الصدق، وهو يتطلب شجاعة ومصارحة، فالصادق مع نفسه يعترف بأخطائه، ويتعلم منها، ولا يتجمل أو يتظاهر بما ليس فيه.

 

والصدق في التعامل مع الآخرين هو احترام لهم، وتقدير لعقولهم، فالصادق لا يكذب ولا يخدع، بل يتعامل مع الناس بشفافية ووضوح.

 

فشرط الإيمان الصدق، ويفقد الرجل إيمانه بالكذب (من الْمؤمنِين رِجال صدقوا ما عاهدوا اللَّهَ عليه فمنهم من قضى نحبه ومنهم من ينتظر وما بدلوا تبديلاً ليجزى اللَّهُ الصادقين بصدقهم ويعذب المنافقين إن شاء أَوْ يتوب عليهم إِنَّ الله كان غفوراً رحيماً) فقد قيل لرسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم: أيكونُ المؤمنُ جباناً؟ قال: نعم، فقيل له: أيكون المؤمنُ بخيلًا؟ فقال: نعم، فقيل له: أيكونُ المؤمنُ كذاباً ؟ فقال: لا.

 

لذلك أدرك الفاروق عمر حقيقة الصدق وواقعه في الحياة، فقال (عليك بالصدق وإن قتلك، ولأن يضعني الصدق - وقلّ ما يفعل- أحب إلىّ من أن يرفعني الكذب، وقلّ ما يفعل» ، وقد يبلغ الصادق بصدقه ما لا يبلغه الكاذب باحتياله).

 

الكذب أساس كل ذميم، ومفتاح كل فحش، ومبدأ كل رذيلة، وبداية كل خيانة، لذلك كان الوعيد المحمدي من الكذب (وإنَّ الكذبَ يَهدي إلى الفجورِ وإنَّ الفجورَ يَهدي إلى النَّارِ وإنَّ الرَّجُلَ ليَكذِبُ ويتحرَّى الكذِبَ حتَّى يُكتَبَ عندَ اللَّهِ كذَّابًا).

 

نعم الكذب هو الضياع والشقاء والحزن والخيانة، فالحذر الحذر، وليكن شهر رمضان أنشودة صدق مع الله حتى يتحقق فيك قول الله تعالى «من المؤمنين رجال صدقوا ما عهدوا الله عليه فمنهم من قضى نحبه ومنهم من ينتظر وما بدلوا تبديلاً» لتنال الجائزة الكبرى «ليجزى الله الصادقين بصدقهم ويعذب المنافقين إن شاء أو يتوب عليهم إن الله كان غفوراً رحيماً». فعنوان شهر رمضان الصدق.