رئيس مجلس الإدارة

عمــــر أحمــد سامى

رئيس التحرير

عبد اللطيف حامد

مداح الرسول د. أحمد الكحلاوى يروى ذكرياته فى رمضان: والدى كان مقرئًا.. والشيخ مصطفى إسماعيل منشدًا


14-3-2025 | 14:44

.

طباعة
حوار يكتبه: محمد رمضان - عدسة: إبراهيم بشير

«المداح وسيرة زين الملاح».. برنامج تليفزيونى يشرع فى تقديمه مداح الرسول الدكتور أحمد الكحلاوى مستوحيًا فكرته من الجلسات النورانية التى كان يقيمها والده شيخ المداحين الراحل محمد الكحلاوى داخل قاعة «المداح»

 

بمسجده بالإمام الشافعى، حيث يروى لنا الكحلاوى الابن طقوس والده أثناء شهر رمضان وعلاقته بكبار المشايخ أمثال مصطفى إسماعيل ومحمد الغزالى، وسر إطلاق يوسف وهبى عليه لقب «أبوالفوارس» وذكرياته مع عبدالمطلب وسيد مكاوى.. معبرًا عن ندمه لعدم تمكنه من تسجيل وقائع هذه الجلسات للكتيبة المحمدية التى كانت تجمع والده وبعض ضباط الجيش والشرطة بإحيائهم لفكرة المائدة المتنقلة وسر «الفتة الكحلاوية» والتى استلهم منها المصريون فيما بعد إقامتهم لموائد الرحمن.

ما ذكريات الطفل أحمد الكحلاوى داخل بيته فى حى الزمالك مع شهر رمضان؟

 

مع الأسف لم نعش مظاهر البهجة فى الاحتفال بشهر رمضان داخل حى الزمالك لأنه لا ينتمى لأحيائنا الشعبية وبيتنا يقع بجوار فندق الماريوت، لكننا كنا نعيش مباهج الاحتفال بالشهر الكريم عندما نذهب إلى مسجد الكحلاوى بالإمام الشافعى الذى أسسه والدى فى عام 1952، حيث نرى احتفال هذه الأحياء الشعبية الجميلة بالشهر المبارك.. أتذكر أننى لم أمتلك فى طفولتى فانوس رمضان ولم تتزين شوارع الزمالك بزينة رمضان التى كانت تزين شوارع وحوارى الأحياء الشعبية، بينما كنا نرى الأطفال فى حى الإمام والتونسى والخليفة يلهون بالفوانيس، ولكن هذا لم يمنع ارتباطنا بمباهج أخرى فى شهر رمضان، خاصة عندما كنا نسمع المطرب الكبير محمد عبدالمطلب فى أغنيته الشهيرة «رمضان جانا» نشعر بمتعة حلول هذا الشهر الكريم، كما أنه كان من ضمن الثوابت فى الاحتفال به إذاعة التليفزيون قبل إقامة شعائر صلاة الجمعة أغنية والدى «لأجل النبى» وقرآن وأذان المغرب للشيخ محمد رفعت ثم نستمع لتواشيح الشيخ سيد النقشبندى.

 

وماذا عن طقوس الاحتفال بشهر رمضان داخل بيت الكحلاوى الأب والابن؟

 

الحقيقة أن شهر رمضان هو شهر الرحمة والنفحات والكرم، لكنه كان مع الكحلاوى الكبير له طعم وشكل آخر، فهناك بعض الأمور التى أتذكرها أثناء طفولتى وكم كنت أتمنى أن يكون لدى جهاز تسجيل أو كاميرا فيديو فى هذه السن الصغيرة لكى أسجل ما كان يدور داخل قاعة «المداح» بمسجد الكحلاوى بالإمام الشافعى الذى شيده والدى فى عام 1952 وألحق به خلوة فى أعلاه وهذا المسجد يعد مركزًا لتقديم بعض الخدمات الدينية من تحفيظ القرآن الكريم وجمعية حج وتيسير الزيارة، وكان والدى يستضيف فى جلساته أثناء الشهر الكريم كبار المقرئين أمثال الشيخ مصطفى إسماعيل، حيث كانا يتبادلان فيما بينهما الأدوار، فينشد الشيخ مصطفى إسماعيل «مدد يا نبى مدد» التى كتبها عبدالفتاح مصطفى، وفى المقابل كان يتلو والدى إحدى السور القرآنية بأسلوب الشيخ سعيد العبد إمام جامع «الكيخيا» الذى كان يستحوذ على إعجابه، ولذلك كم كنت أتمنى أن أسجل هذه الجلسات لكن صغر سنى لم يجعلنى أعى أهمية ذلك.

 

وأتذكر أيضًا إحدى الجلسات الأخرى التى كانت تجمع والدى داخل قاعة المداح بالشيخ محمد الغزالى والشيخ محمد علوان شيخ مشايخ الطرق الصوفية ورئيس المجلس الأعلى الصوفى وقتذاك والشيخ حلمى عرفه إمام جامع سيدنا الحسين والشيخ أحمد فرحات إمام جامع سيدنا الحسين أيضًا، وكان ينضم لهذه الجلسات الروحانية «المحمدية» المطرب محمد عبدالمطلب والشيخ سيد مكاوى الذى يعد من ضمن تلاميذ والدى وكانت هذه الجلسات الروحانية لا تخلو من عزف سيد مكاوى على العود لبعض الألحان والمقامات الموسيقية.. علماً بأنه كانت هناك علاقة صداقة قوية تجمع والدى بالمطرب الكبير محمد عبدالمطلب وكان عندما يلتقيان يذكر كلٌ منهما الآخر بذكرياته معه أثناء تواجدهما فى رأس البر، فكان والدى يقول له: «فاكر يا أبوالنور لما كنا فى رأس البر وعملنا كذا وكذا «لأن ابنه كان اسمه نور».. فكان عبدالمطلب يذكره بموقف آخر ويناديه بـ«أبوالفوارس»، والسر وراء إطلاق هذا اللقب على والدى هو أن يوسف بك وهبى أطلق عليه هذا اللقب لأنه قدم خلال حقبة الأربعينيات أفلامه البدوية وأنجب أختى الداعية الإسلامية الدكتورة عبلة الكحلاوى، لذلك أطلق عليه لقب «أبوالفوارس»، بينما كان والدى يناديه بـ«أبوالحجاج».

 

هناك من يرى أن والدك يرجع إليه الفضل فى نشر فكرة موائد الرحمن؟

 

كان والدى يفطر معنا فى أول يوم فى الشهر الكريم، ومنذ اليوم الثانى يطلب من والدتى تحضير النفحة الرمضانية، فقبل أن يعرف المصريون «مائدة الرحمن» كنا نقيم ما يسمى بـ«بالمائدة المتنقلة» التى كان يقيمها يوميًا فى أحد مساجد القاهرة من مساجد آل البيت النبوى الشريف مثل مساجد السيدة زينب والحسين والسيدة نفيسة ويدعو لتناول الإفطار معه على هذه الموائد أصدقاءه المقربين وكان والدى وأصدقاؤه يتشاركون فى إعداد هذه «المائدة المتنقلة» التى كانت عبارة عن بساط يفترشون به الأرض داخل ساحات هذه المساجد على غرار الموائد التى تقام فى ساحة المسجد النبوى الشريف ويجلس الجميع على الأرض بجوار أهالى هذه المناطق من الغلابة لكى يتناولوا معهم وجبة الإفطار تاركين كل ألقابهم ومناصبهم على أعتاب هذه المائدة الروحانية، فالجميع يجلس عليها سواسية، وكنت أتولى خدمة الجميع مع أخى الدكتور محمد الكحلاوى أستاذ الآثار. ونفطر سويًا بعد أن يتناول الجميع وجبة الإفطار ثم نصلى صلاة العشاء والتراويح داخل كل مسجد نقيم فيه هذه المائدة الروحانية ثم نعود إلى قاعة «المداح» مع والدى وبصحبته هؤلاء الأصدقاء.

 

ما أكثر الأكلات التى كان الوالد يحب تناولها فى رمضان؟

 

والدى لم يكن أكولاً وكان يتناول أبسط كمية من الطعام، لكن كانت هناك بعض الأكلات المفضلة له والتى كان يحبها مثل الملوخية و«الفتة الكحلاوية» التى كانت تتميز بطهيها أمى؛ تيمنًا بوجبة السريد المفضلة لحضرة النبى عليه الصلاة والسلام، وكان يدعو أصدقاءه لتناولها، سواء خلال شهر رمضان أو فى الأشهر الأخرى مثل الفنانين محمود إسماعيل وعبد المطلب وعدلى كاسب وحسين صدقى، ومازلت أحرص على إعدادى لهذه الفتة الكحلاوية، وكذلك أيضًا أخى لكى تكون ضمن مائدة إفطارنا للصائمين فى رمضان.

 

لماذا استبدلتم «المائدة المتنقلة» بعد رحيل والدك بمائدة مسجد الكحلاوى؟

 

بعد رحيل والدى أسسنا «جمعية مسجد الكحلاوى للخير والمديح»، حيث يعاوننا فى ذلك بعض رجال الأعمال للنهوض بمناطق سكان المقابر وهذه المجموعة أصفها بكونها «الكتيبة المحمدية» التى تعشق القرآن والذكر وخدمة آل البيت وسيدنا النبى عليه الصلاة والسلام. لذلك فإننى حريص على إقامة هذه الطقوس الروحانية مع هذه الصحبة الجميلة داخل قاعة المداح استكمالًا لما بدأه والدى بداخلها من جلسات نورانية.

 

أما بالنسبة فيما يخص مائدة مسجد الكحلاوى فإننا قد اتبعنا النهج نفسه لوالدى فى إقامة هذه المائدة ولكن من تغيير طفيف فيها، حيث أقمناها بشكل مستديم عند مسجد الكحلاوى بالإمام الشافعى بدلًا من أن نتنقل بها بين مساجد آل البيت رضى الله عنهم، وأصبح لدينا مائدتان إحداهما بعد صلاة العصر، حيث تأتى إلى المسجد النساء لكى يحصلن على وجبة الإفطار لكى يتناولنها مع أسرهن داخل بيوتهن، وأخرى بالمسجد تتسع لألف صائم من ضيوف الرحمن خلال الشهر الكريم، بالإضافة إلى نفحات رمضان التى تُقدم طوال الشهر ولو لم يكن لدى عمل فإننى أقيم داخل المسجد طوال الشهر الكريم، وأتناول مع أهالى المنطقة الطعام على المائدة يوميًا، لكن لو لدى ارتباط فنى سواء كان حفلة عن سيرة سيدنا النبى أو مسرحية فبعد انتهائى منها أعود إلى المسجد لكى أكون معهم.. علمًا بأن أختى الدكتورة الراحلة عبلة الكحلاوى فى السنوات الأخيرة من عمرها انضمت إلى قاعة «المداح»، حيث كانت تقدم لنساء حى الأمام الشافعى والخليفة درسًا من دروس الدين يوميًا، وكان موعد هذه الدروس الدينية بعد صلاة العصر أحيانًا أو بعد تناولهن لوجبة الإفطار لتثقيفهن بأمور الدين.

 

هل اعتكافك داخل خلوتك بمسجد الكحلاوى فى النصف من شعبان بمثابة بداية استعدادك لستقبال شهر رمضان؟

 

أحرص كل عام على الاعتكاف داخل هذه الخلوة لكى أتجرد من مباهج الحياة الدنيوية ولا أكلم أحدًا وأصوم خلال هذه الأيام الثلاثة من شهر شعبان وهى «13، 14، 15» تاركًا كل أمور الدنيا وتليفونى المحمول يكون مع زوجتى وأنعزل تمامًا عن الجميع وأتناول مع أذان المغرب وفى السحور وجبة بسيطة من «الدقة والبقسماط واللبن الحليب والتمر»، لأننى أستشعر بأن هذه الحالة الروحانية تخفف، ما بداخلى من أحمالى الدنيوية وأشعر بالسمو وأستلهم أحيانًا أثناء هذه الخلوة بعض ألحانى الدينية التى لاقت نجاحًا كبيرًا ومنها كلمات أنشودة سيدى الإمام المجدد محمد ماضى أبوالعزايم الذى توفى منذ ثمانين عامًا وهى «يا نفس هيا صالحى مولاكِ»، وهذا اللحن أعتز به جدًا لأنه يعبر عن تجربتى الشعورية معه أثناء هذه الخلوة. أما بالنسبة لاعتكافى فى شهر رمضان فإنه لو لم يوجد لدى ارتباط فنى فإننى أعتكف آخر ثلاثة أيام من الشهر الكريم والتى يكون من بينها ليلة القدر لأننى أتحمل القيام بمسئوليات داخل مسجد الكحلاوى وما يتعلق بشراء ملابس العيد للأطفال اليتامى من أبناء المنطقة التى يقع فيها الجامع، لأننى مؤمن بالمقولة الصوفية الشهيرة «بأنه ليست العبرة بمن سبق ولكن العبرة بمن صدق».

 

هل عدم تصوير مسرحياتك الدينية داخل مسرح البالون كان وراء شروعك فى إنتاجك لبرنامج تليفزيونى عن السيرة النبوية من خلال فن المديح !

 

تفرغت للقراءة عن السيرة النبوية الشريفة لمدة أربع سنوات وعملًا بمقولة سيدنا النبى عليه الصلاة والسلام «خيركم من تعلم العلم وعلمه»، فإننى سأشرع فى عمل برنامج من باب التذكير بسيرته العطرة ولن أدعى أننى أعلم الناس ولكننى أتصدق بتذكيرهم بها من خلال تصويرى وإنتاجى لبرنامج تليفزيونى بعنوان «المداح وسيرة زين الملاح» عليه الصلاة والسلام لكى أقدم السيرة النبوية الشريفة بأسلوب مختلف من خلال المديح فى حضرة سيدنا النبى باستضافتى لأحد علماء الأزهر الشريف أو بعض الشخصيات العامة وبصحبة فرقتى للإنشاد الدينى، علمًا بأنه سبق لى أن قدمت ست عشرة مسرحية عن السيرة النبوية العطرة داخل مسرح البالون كل عام ولكنه مع الأسف لم يتم تصويرها تليفزيونيًا، لذا سأشرع فى تقديم هذا البرنامج لكى أوثق السيرة النبوية فنيًا من خلال فن الإنشاد الدينى والمديح.