رئيس مجلس الإدارة

عمــــر أحمــد سامى

رئيس التحرير

عبد اللطيف حامد

الجيش السودانى فى القصر الرئاسى


27-3-2025 | 01:02

.

طباعة
بقلـم: د. غادة جابر

«ارتفع العلم على القصر الرئاسى والرحلة ماضية حتى يكتمل النصر»، هكذا تحدث وزير الإعلام السودانى، مؤكدًا أن الجيش استعاد السيطرة على القصر الرئاسى، وفى بيان القوات العامة المسلحة السودانية «توجت قواتنا اليوم نجاحاتها بمحاور الخرطوم، حيث تمكنت من سحق شراذم آل دقلو الإرهابية بمناطق وسط الخرطوم والسوق العربى ومبانى القصر الجمهورى والوزارات، ودمرت قواتنا بفضل الله وتوفيقه أفراد ومعدات العدو تدميرًا كاملًا، واستولت على كميات كبيرة من معداته وأسلحته بالمناطق المذكورة».

قوات الدعم السريع هى «ميليشيا» احتلت القصر الرئاسى منذ عام 2023، بعد اندلاع الصراع بين الجيش والقوات فى 15 أبريل من نفس العام، مما أدى إلى تشرذم الوضع فى السودان وأخذ العنف طابعًا قبليًا وعرقيًا، وتسبب فى أكبر أزمة نزوح فى العالم، وازدادت مناطق كثيرة فى السودان فقرًا مع الأزمة المستمرة على جميع المستويات، الصحية والغذائية والتعليمية، وانعدم الأمن والأمان، وأصبح تقسيم البلاد أكثر تهديدًا.

والجدير بالذكر أن قوات الدعم السريع كانت فصيلًا بالجيش السوداني، حيث تأسست من ميليشيات قاتلت إلى جانب القوات الحكومية العسكرية فى عهد البشير لمحاربة متمردين فى حرب تصاعدت حدتها منذ عام 2003، إلى أن وصل تبرير التناحر والخلاف بقول محمد حمدان دقلو «حميدتى»، وهو قائد قوات الدعم السريع إن القوات تقاتل لتطهير السودان من فلول نظام البشير!، وعلى الجانب الآخر يصرح الجيش النظامى الرسمى للسودان بقيادة قائد القوات المسلحة، عبد الفتاح البرهان، بأنه يحاول حماية الدولة من المتمردين والحفاظ على استقلاليتها ووحدتها وثرواتها.

واستمر الصراع بين الجيش والقوات حتى استطاعت ميليشيا الدعم السريع أن تحكم قبضتها على إقليم دارفور وتسيطر على ولاية الجزيرة جنوب الخرطوم، واندلعت معارك دامية حول مدينة الفاشر «معقل الجيش السودانى» شمال دارفور، إلى أن شنّ الجيش هجومًا جديدًا لاستعادة السيطرة على العاصمة.

ورغم أن الجيش السودانى مُنى بانتكاسات لفترة طويلة أمام قوات الدعم السريع، فإنه حقق مكاسب فى الأيام الأخيرة واستعاد أراضى فى وسط البلاد من القوات غير الرسمية التى دفعت البلاد فى الآونة الأخيرة إلى تقسيم فعلى لإنشاء حكومة موازية فى المناطق التى سيطرت عليها.

ورغم ذلك أيضًا، فإن حميدتى أعلن أن الحرب ضد الجيش السودانى باتت داخل الخرطوم، مشددًا على أن قواته لن تخرج منها، وعليه فكانت المعارك الضارية بين الجيش وقوات الدعم السريع فى محيط القصر الرئاسى التى أسفرت عن تقدم للجيش وإلحاق خسائر فادحة بقوات الدعم المتحصّنة بالقصر.

أكبر كارثة إنسانية نتجت عن حرب السودان، أكبر كارثة نزوح 10 ملايين نازح فى الداخل والخارج، و10 ملايين إنسان مهددون بالموت بحلول عام 2027 حال استمر النزاع فالصراع الدائر تسبب فى تدمير كبير للبنية التحتية للبلاد التى بات سكانها مهددين بالمجاعة، فى بلاد تعانى من أزمة اقتصادية طاحنة.

سخّرت الدولة المصرية جهودًا كبيرة لاحتواء الأزمة فى السودان وحقن دماء الشعب السودانى؛ منها عمل كل المؤسسات المعنية من صحة وتعليم وغذاء لدعم السودانيين فى الداخل السودانى والعابرين منهم إلى مصر، فحرصت مصر على تقديم الرعاية الكاملة للنازحين من السودان من خلال توفير الخدمات لهم.

عملت مصر بجدية وإخلاص على وقف الحرب فى السودان لتجنيب الشعب السودانى مخاطر التقسيم وويلاته، فكانت مصر الدولة الأولى التى استضافت كل القوى السياسية والمدنية ولم تستثنِ أحدًا، وكانت هى المرة الأولى التى تلتقى فيها القوى المدنية السودانية فى محفل واحد منذ اندلاع الحرب فى 2023، وكانت مخرجات الاجتماع ضرورة الوقف الفورى لإطلاق النار والنفاذ الكامل للمساعدات وإقامة نظام سياسى ديمقراطى شامل لا يستبعد أحدًا، ووفق النهج الثابت لسياسة مصر الخارجية وهو دعم الدولة الوطنية والمؤسسات والنظام الذى يمنح الحق للعيش بسلام وأمن واستقرار للبلاد، دون التدخل فى شئون الدول الداخلية والعمل الجاد على تهدئة الأوضاع والحدّ من تصاعد الصراعات والحفاظ على وحدة وسلامة أراضيها.

نتمنى من الله السلامة للسودان الشقيق، حيث إن مصر والسودان كانا بلدا واحدا، وواجها مصيرا مشتركا لسنوات طويلة، وحاولا التخلص من الاحتلال وبراثن الفقر والنهوض بالشعبين، وأن تتوقف هذه الحرب الدامية التى أدت إلى حرب أهلية، فكلا القوتين من داخل السودان، ولكن الخروج عن النظام ومحاولة خلق نظام داخل النظام هو أولى العلامات التى تنتهجها التنظيمات الإرهابية بهدف خلق الفوضى والقضاء على الدول والأنظمة وتقسيم الدول وإضعافها، فكل مَن يعمل على خلق الفوضى والتقسيم وإنشاء نظام داخل النظام هم مرتزقة لا تهمهم مصلحة الوطن العُليا ولا سلامته وأمن شعبه، ولا يأتى استقرار الشعوب وقوتها إلا من الداخل، فدعوتنا دائمًا إلى تلاحم الشعب السودانى والاصطفاف معًا من أجل الحفاظ على السودان، ويبقى الحل سودانيا سودانيا دون تدخل قوى أو أطراف خارجية، يكون لها مطامع مغايرة لتطلعات الشعب السوداني، حمى الله السودان أرضًا وشعبًا وقيادة.

 

 

أخبار الساعة