رئيس مجلس الإدارة

عمــــر أحمــد سامى

رئيس التحرير

عبد اللطيف حامد

حسن عفيفى من حاصد الذهب إلى ملك الاستعراضات


27-3-2025 | 03:56

.

طباعة
بقلم: أحمد النبوى

الفن طوال عمره من أهم مقومات القوة الناعمة المصرية، وفوازير رمضان ارتبطت بوجدان كل مشاهد عربى، وأول ما نقول فوازير سنذكر الرائعتين نيللى وشريهان، ولكن من وجهة نظرى أن من أهم عوامل ارتباط الجمهور بهما هى الاستعراضات التى كانت تُقدم، وهذا يجعلنا نتحدث عن جندى مجهول، وهو ملك الاستعراضات والفوازير فى مصر والوطن العربى، وهو الفنان حسن عفيفى.

 

ملك الاستعراضات حسن عفيفى، حدوتة جميلة جدا استمرت على مدار 77 سنة، فقد صمم رقصات واستعراضات لعشرات المسرحيات والأفلام والمسلسلات، وتعاون على مدى عقود مع كبار النجوم، أمثال نيللى وشريهان وسمير غانم فى تقديم الفوازير وألف ليلة وليلة فى شهر رمضان، ومن أشهر الفوازير التى قدمها «عروستي» و«الخاطبة» و«عالم ورق ورق» و«فطوطة» و«المناسبات» و«حول العالم».

وكذلك صمّم استعراضات عدة مسلسلات تلفزيونية، من أبرزها «أحلام عادية»، و»ألف ليلة وليلة»، و»جحا المصري»، كما صمم استعراضات مسرحية «المدرسون والدروس الخصوصية» و»نور العيون»، و»سيرة الحب»، و»عايشين للحب»، و»آدم والنساء» وغيرها.

حسن عفيفى من صغره كان يريد أن يصبح ممثلا، وكان فى فريق التمثيل فى الجامعة، وشارك وقتها فى مسرحيات أخرجها الفنان فؤاد المهندس، والمخرج حسن عبدالسلام، بالإضافة إلى أنه كان رياضيًا.

ولم يكن مجرد رياضى يمارس لعبة، بل كان بطلا من أبطال لعبة القفز بالزانة إحدى ألعاب القوى، التى كان يمارسها بالنادى الأهلي، وبعد حصوله على بطولة الجمهورية، شارك فى عدة بطولات دولية، وحصل على عدة ميداليات ذهبية خلال مشاركته فى دورة ألعاب البحر الأبيض المتوسط، بالإضافة لبطولات دولية أخرى فى اليونان وألمانيا ضمن المنتخب المصري.

والتساؤل الذى يرد عن ذهنك عزيزى القارئ: كيف تحول بطل رياضى دولى إلى أشهر مصمم استعراضات فى مصر والوطن العربى؟، أقول لك إن الصدفة كانت لها دور فى حياة حسن عفيفى، والبداية أنه كان فى يوم يتدرب فى النادى الأهلى، وكان مدرب فريق الأشبال فى ذلك الوقت الفنان محمود رضا، وكان عفيفى يتدرب معه وأصبحا صديقين، وهذا طبعا قبل تكوين فرقة رضا للفنون الشعبية، وكان محمود رضا يعمل فى فرقة استعراضية أجنبية اسمها «ألاريا». وفى يوم قال محمود رضا لعفيفى: إنه يريد إنشاء فرقة للفنون الشعبية ويقدم الرقصات الشعبية المصرية بدلا من الرقصات الأجنبية، وطلب منه الانضمام إليهم فوافق عفيفى على الفور، ولكن بعد ذلك تشكك فى رغبة محمود رضا، وقال هل يستطيع أن يفعل ذلك وتجوب الفرقة أنحاء العالم.

وبعد أسبوعين بدأ التدريب والعمل بحماس شديد مع فرقة رضا، وسافروا معظم أنحاء العالم، ونجحت الفرقة نجاحا باهرا وذاع صيتها، وللعلم ففرقة رضا لها شهرة وشعبية عالمية، وكانت من أحد عناصر القوة الناعمة المصرية لسنوات، كما أنها أخرجت لنا العديد من الفنانين فى مجالات كثيرة، ومن المواقف التى تبرهن عن أهمية فرقة رضا، وأنها من عناصر القوة الناعمة المصرية هو ما حدث مع حسن عفيفى عندما كان طالبا فى كلية العلوم وفى نفس الوقت كان عضوًا فى فرقة رضا، وأصدر الرئيس عبدالناصر وقتها قرارًا بسفر الفرقة لتقديم عروضها الفنية بالسودان.

وحسن عفيفى كان عنده امتحان عملى فى مادة الجيولوجيا، وكان فى موقف صعب وعليه أن يختار بين الفرقة والدراسة، وكان فى حيرة شديدة، ولا يعرف ماذا يفعل، فدخل إلى عميد الكلية وقال له إنه ضمن بعثة الفرقة المسافرة فى مهمة رسمية بقرار رئاسي، وباستشارة رئيس الجامعة، تمت الموافقة على تقديم موعد اختباره، وبالفعل امتحن وسافر.

وكما غيّرت فرقة رضا مسار حياة «عفيفى» من رياضى يهوى فن التمثيل، إلى راقص ومصمم للاستعراضات، كانت أيضا هى السبب فى زواجه من رفيقة مشواره الفنانة هناء الشوربجى التى كانت عضوة بالفرقة.

ونعود مرة أخرى لدور الصدفة فى حياة حسن عفيفى لتحقق حلم عمره بالتمثيل فى أول أعماله فيلم «إجازة نصف السنة» فى دور حسين شقيق الفنانة ماجدة، وللعلم الدور كان مرشحا له الفنان يوسف فخر الدين، والذى اعتذر عن الدور فى آخر وقت بسبب السفر لليونان، وكان منتج الفيلم ومدير تصويره عبدالعزيز فهمى غاضبا جدا وقلقا لأنه من المفروض أن يبدؤوا التصوير، لكن المخرج الراحل على رضا قال له: إن الدور من الممكن أن يؤديه أى شخص يدخل من باب الاستديو، وكان حسن عفيفى أول شخص دخل، ولعبت الصدفة دورها فى تحقيق حلم عمره بالتمثيل، وبعد نجاح الفيلم وتحقيق شهرة واسعة شارك عفيفى بعد ذلك فى أفلام مثل فيلم «غرام فى الكرنك» والذى تم تصويره فى الأقصر وأسوان، وقد يتذكر البعض منا دوره وذراعه فى الجبس، والحقيقة أن ذراع عفيفى كانت مكسورة إثر سقوطه أثناء مسابقة القفز بالزانة، وتم تعديل السيناريو.

وقدم بعد ذلك فيلم «فتاة الاستعراض» مع سعاد حسنى وحسن يوسف وعادل إمام وفى فيلم «الحب سنة 70» مع الفنانة نيللى وأحمد رمزى ومحمد عوض، وقدم عددا كبيرا من الأفلام، وبعد ذلك اتجه لتصميم الاستعراضات فى أفلام عديدة.

بداية حسن عفيفى مع الفوازير كانت أثناء عمله بفرقة رضا، حيث قام بتصميم استعراضات فوازير «لغز الملكة شهرزاد»، التى ألّفها العملاق الراحل صلاح جاهين، وأخرجها المخرج الكبير يحيى العلمى، وكانت من بطولة عبدالمنعم مدبولي، وقدمت دور شهرزاد الفنانة منى قطان، زوجة صلاح جاهين، بالإضافة إلى نجلاء فتحى وهناء الشوربجى وليلى عبدالغنى السيد، ورأفت فهيم، ومن هنا كانت البداية فى مجال تصميم استعراضات الفوازير.

واستمر حسن عفيفى فى كتابة التاريخ مع الفوازير عندما قام المخرج الكبير الراحل فهمى عبدالحميد بترشيح الفنانة نيللى لتقديم فوازير رمضان سنة 1975«صورة وفزورة»، ونيللى رشحت صديقها المقرب حسن عفيفى لتصميم الفوزاير، وتشمل الاستعراضات على تتر البداية والنهاية، بالإضافة إلى الرقصات التى كانت تُصمم داخل كل فزورة.

وقام الفنان الراحل بتصميم الاستعراضات لأكثر من ثلاثين عاما لنيللى وشريهان والفنان سمير غانم، وفزورة المناسبات ليحيى الفخرانى والفنانة هالة فؤاد والفنانة صابرين، وبعد ذلك جاءت الفنانة جيهان نصر فى فوازير «الحلو ما يكملش».

ونهاية رحلة ملك الاستعراضات حسن عفيفى فى الخامس عشر من ديسمبر عام 2019.

 

أخبار الساعة