رئيس مجلس الإدارة

عمــــر أحمــد سامى

رئيس التحرير

عبد اللطيف حامد

الذهب فى المقدمة.. و«الفرنك» و«الين» يصارعان الدولار أثرياء العالم يبحثون عن «تأمين الثروة»


18-4-2025 | 09:32

.

طباعة
تقرير: بسمة أبو العزم

«تقلبات حادة».. «ضربة قاصمة» و«شك دائم».. ثلاثة أحداث لا تزال تسيطر على الأسواق العالمية منذ بدء ما بات يُعرف بـ«الحرب التجارية» التى أعلنها الرئيس الأمريكى دونالد ترامب بإصداره قرارات «التعريفات الجمركية»، ووسط هذا كله صعد الذهب وبقوة غير مسبوقة ليعتلى عرش الملاذات الآمنة عالميا، كما تسببت أزمة ثقة المستثمرين فى الاقتصاد الأمريكى لتخليهم عن الدولار لصالح عملات أكثر أمانًا وعلى رأسها الين اليابانى والفرنك السويسرى واليورو الأوروبى.

 

كان بيع سندات الخزانة الأمريكية، والتى تعد من الأصول الآمنة المحورية فى الأسواق العالمية، من بين العوامل التى دفعت «ترامب» إلى الإعلان عن توقف لمدة 90 يومًا عن خطته المتبادلة للتعريفات الجمركية، لكن رغم هذا التعليق فثقة المستثمرين اهتزت فى الاقتصاد الأمريكي، فحسبما أوضح كريس ويستون، رئيس قسم الأبحاث فى «بيبرستون» فقد «ركز الكثيرون على فكرة أن قرار ترامب المتردد بتعليق الرسوم الجمركية كان بسبب زيادة مخاطر النظام وهجرة رؤوس الأموال».

الدولار المعروف تاريخيًا بأنه الاختيار الأول للمستثمرين فى أوقات الأزمات يواجه حاليا تحديات كبرى قللت من شهية المستثمرين نحوه، ليتحول إلى أصل مخاطر بدلا من ملاذ آمن، فالعالم متخوف من اشتعال الحرب التجارية العالمية، إضافة إلى توقعات بخفض مجلس الاحتياطى الاتحادى لأسعار الفائدة هذا العام.

فى المقابل يعد الين اليابانى والفرنك السويسرى بديلين مميزين بفضل استقرار الاقتصادات الداعمة لهم، فاليابان وسويسرا تتمتعان بفوائض تجارية قوية وسياسات نقدية متزنة مما يجعل عملتيهما أكثر جاذبية فى أوقات عدم اليقين.

انخفض الدولار إلى 0,81405 فرنك سويسرى لأول مرة منذ يناير 2015، كما هبطت العملة الأمريكية مسجلة 142,88 ين وهو أدنى مستوى له منذ 30 سبتمبر 2024، كما ارتفع اليورو إلى 1,13855 دولار وذلك لأول مرة منذ فبراير 2022، كما زاد الجنيه الإسترلينى بنسبة 0,5 فى المائة أمام العملة الأمريكية.

وتوقع مصرف جولدمان ساكس، أن يرتفع الين اليابانى إلى مستوى 140 ين مقابل الدولار بنهاية العام الجارى مدعومًا بمخاوف تباطؤ النمو الاقتصادى الأمريكى وزيادة الطلب على الأصول الآمنة، معتبرا أن «الين» وسيلة تحوط مثالية فى حال تدهور الاقتصاد الأمريكى خاصة مع تراجع أسعار الفائدة الحقيقية والأسهم معا، كما عززت التوقعات بتخفيض الفيدرالى لأسعار الفائدة ثلاث مرات هذا العام من جاذبية الين وسط مخاوف من تأثير الرسوم الجمركية الجديدة على النمو.

ويترقب المستثمرون محضر اجتماع السياسة النقدية الأخير لمجلس الاحتياطى الفيدرالى والمقرر صدوره الأربعاء لاستشراف مسار خفض أسعار الفائدة المستقبلى وتأثيرها على أسعار الذهب والدولار.

تراجع الدولار أمام سلة من العملات العالمية جعل من الذهب المقوّم بالدولار فرصة أفضل وأرخص وأكثر أمانا للمشترين فى الخارج، لذا واصل الذهب صعوده محققًا مستويات قياسية مرتفعة، حيث زاد بأكثر من 21 فى المائة منذ بداية العام وسط حالة من عدم اليقين وزيادة فى الطلب من قِبل البنوك المركزية العالمية.

وفى هذا السياق، قال المهندس لطفى منيب، نائب رئيس شعبة الذهب والمجوهرات باتحاد الغرف التجارية: إن «الذهب يعد حاليا الملاذ الآمن الأول عالميًا باعتباره أهم معدن حاليا، كما يعتبر العملة الأولى تاريخيا والعلاقة عكسية دائما بين تحرك الدولار والذهب، فحينما يرغب البعض فى شراء الدولار فعليهم بيع جزء من الذهب، كذلك فترات الرواج الاقتصادى ينتعش فيها الطلب على الدولار، لأن تخزين الذهب غير مجزٍ وقتها بعكس أوقات عدم اليقين الحالية والتى يبحث فيها المستثمرون عن التحوط والهروب من الخسائر فيزيد الطلب على الذهب، وبالفعل ارتفعت أسعار الذهب بنحو 20 فى المائة منذ بداية العام، واستمرار صعود الذهب مرهون باستمرار عدم الاستقرار العالمي، أما إذا تراجع ترامب عن قراراته الجمركية مع الصين فستشهد أسعار الذهب هبوطا قويا».

وأضاف: «على الرغم من زيادة الطلب عالميا على الذهب، فإن المستثمر المحلى يعيش حالة ترقب فى ظل الارتفاعات السريعة للذهب، وذلك خوفًا من الهبوط المفاجئ، والجميع ينتظر لحظات التصحيح وجنى المكاسب عالميًا ليتم الشراء محليًا».

من جانبه أوضح محمد عبدالعال، الخبير المصرفي، أن «قدرة العميل على تحمل المخاطر هو المحدد الأساسى لنوعية الملاذ الآمن الذى يتجه للاستثمار فيه، فأذون الخزانة والسندات الأمريكية ما زالت لها مكانتها المرتفعة باعتبارها ملاذا آمنا بعيدا عن المخاطر ويقدم أرباحا قصيرة الأجل بخلاف الذهب الذى يعد أصلا تقليديا يسمح بتخزين قيمة الأموال، لكن الاستثمار فيه على المدى البعيد».

«عبدالعال»، لفت إلى أن هناك مَن يرغب عمل محفظة من العملات المستقرة وحاليا الطلب على الين نظرا لعدم وجود فائدة عليه، وبالتالى على المدى المتوسط سعره شبه ثابت فسعر الين منذ 20 عاما ارتفع من 113 إلى 140 ين للدولار وبالتالى تقلباته محدودة، نفس الأمر للفرنك السويسرى الذى تحميه دولة غنية لديها صناديق دولية كبرى، وهناك عملات أخرى تشهد تقلبات كبرى مثل اليورو لكنها شهدت ارتفاعا كبيرا أمام الدولار، على حد تأكيده.

وأضاف: ضعف الدولار حاليًا بالتأكيد مسألة وقتية، وسيعود إلى قوته مرة أخرى بعد توصل ترامب إلى حل مع الصين يمنع استمرار التعريفات الجمركية، أما على المستوى المحلي، فصعود الدولار الأسبوع الماضى كان تسعيرا نفسيا للدولار المحلى بسبب خروج بعض المستثمرين غير المباشرين من أدوات الدين العام والمعروفين بظاهرة خروج «الأموال الساخنة»، ولكن بعد تعليق الجمارك انخفضت قيمة الدولار مرة أخرى، وبالتالى تحرك الدولار محليًا يعبر عن مرونة سعر الصرف.

 

أخبار الساعة