شاعر بروح فنان، حمل الريشة والقلم ليرسم بالكلمات سطورا من الغزل والعشق، وحين يذكر اسمه، تميل القلوب نحو قصائده الرومانسية التي فاضت حبا للوطن والحياة، وعكست عواطفه العميقة، كان عاشقا للفنون، والرسم، والموسيقى، إنه شاعر المرأة، والعشق، والسياسة نزار قباني، الذي خط بمفرداته سطورا من الرومانسية، فامتدت كلوحة فنية متكاملة تجسد أسمى معاني الحب.
وُلد نزار قباني في 21 مارس 1923، في مدينة دمشق القديمة، في سوريا، نشأ في أسرة عربية دمشقية عريقة، ورث حب الشعر من والده والفنون من جده.
كان عشقه لجميع الفنون يجري بأوردته، بدأ رحلته كخطاطٍ وتتلمذ وقتها على يد خطاط بدوي، ثم اتجه إلى الرسم، وذلك على حسب ما ورد في مذكراته.
كان يحب الرسم والألوان منذ صغره، ويُفضِّل اللون الأخضر تحديدًا وكان في منزلهم أصناف الزروع الشاميّة من زنبق وريحان وياسمين ونعناع ونارنج، ومن حبه للرسم كتب ديوانه الشهير «الرسم بالكلمات».
كما أحب الموسيقى وتعلم العزف والتلحين على آلة العود، ولكنه تعلق أكثر بدراسة الشعر، كان فنان موهوب ومرهف الحس، وساعد في تكوين حسه الرومانسي، وتركيزه بشكل كبير في تناوله قضية حرية المرأة، هو حادثة انتحار أخته وصال الذي ترك أثرًا كبيرًا في نفسه، بعد أن أجبرها أهلها على الزواج من رجل لا تحبه، إذ تناولت دواوينه الأربعة الأولى قصائد رومانسية.
اهتم قباني بالشعر، وحفظ أشعار الكبار أمثال: عمر بن أبي ربيعة، وقيس بن الملوح، وجميل بثينة، وغيرهم، حتى تتلمذ على يد الشاعر الكبير خليل مردم بِك والذي علّمه أصول النحو والصرف والبديع.
ورُغم حبه للفنون إلا أنه درس الحقوق وتخرج فيها عام 1945، ليبدأ في العمل الدبلوماسي، مما أتيح له السفر في بلاد كثيرة والتعرف على ثقافات مختلفة ومتعددة، واستقال منه في عام 1966م، ليعلن تفرغه لكتابة الشعر والقصائد.
بدأ نزار قباني كتابته الشعر العمودي، ولم يستمر فيه طويلًا، حتى انتقل لكتابة شعر التفعيله، والذي من خلالها في تطوير الشعر العربي الحديث، وأصدر أولى دواوينه عام 1944 بعنوان «قالت لي السمراء»، وأسس دار نشر لأعماله في بيروت باسم «منشورات نزار قباني».
اتجه قباني إلى كتابة الشعر السياسي وذلك بعد نكسة حرب 1967، وأصدر عده قصائد لاذعة، ومنها «هوامش على دفتر النكسة»، و«عنترة» و«يوميات سياف عربي»، وكانت للنكسة أثرًا كبيرًا لتغيير اتجاهاته الشعرية والأدبية في تجربته الخاصة، وأخرجته من شاعر الحب والمرأة إلى شاعر يخوض معارك سياسية من خلال قصائده.
رحل الشاعر الكبير نزار قباني في 30 أبريل 1998 عن عمر ناهز 75 عامًا في لندن، ودُفن قباني في دمشق بعد أربعة أيام في «باب الصغير».