رئيس مجلس الإدارة

عمــــر أحمــد سامى

رئيس التحرير

عبد اللطيف حامد

من العمل السياسى إلى حمل السلاح والعزلة والحظر «التنظيم».. السقوط إلى الهاوية


3-5-2025 | 19:33

.

طباعة
تقرير: مروة سنبل

بعد الضربات المتتالية التى تلقتها جماعة الإخوان الإرهابية فى مصر وتونس والإمارات والسعودية والعديد من الدول العربية، وجهت السلطات الأردنية ضربة قوية ل«الإخوان»
بحظر كافة أنشطة الجماعة المنحلة واعتبارها غير مشروعة ومصادرة مقارها وجميع ممتلكاتها؛ وذلك بعد الكشف عن تورطها فى مخطط تخريبى يستهدف أمن المملكة. وهو المخطط الذى أعاد كشف الوجه الحقيقى للإخوان ومخططات التنظيم الخارجية وغياب ولائى لمفهوم الدولة الوطنية ومؤسساتها، واستغلالهم للقضية الفلسطينية من آجل تمرير أجندات تضر بالأمن القومى للدول العربية.

وعلى امتداد الحدث، دخل إخوان الخارج «تيار التغيير» على خط الأزمة بالتحريض من المنفى على العنف والفوضى، وإصدار بيان لدعوة عناصر الجماعة إلى تغيير الاستراتيجية إلى المواجهة مما يطرح تساؤلات عديدة حول مستقبل الإخوان الإرهابية في ظل تصاعد سيناريوهات الحظر السياسي وفقدان التعاطف الشعبي ومدى إمكانية عودتهم مرة أخرى تحت غطاء العمل السرى وتحركاتهم المقبلة.

وعن تداعيات إحباط المخططات التخريبية وانعكاسات حظر جماعة الإخوان فى الأردن على التنظيم ككل بعد سقوطهم فى مصر وتونس وليبيا وغيرها، قال الدكتور عمر الرداد، العميد السابق بالمخابرات العامة الأردنية والمحلل الأمنى والاستراتيجي، إن تداعيات حظر الإخوان بالأردن ستكون وخيمة على الإخوان لسبب بسيط، وهو أن الأردن يشكل نموذجا للتنظيمات الإخوانية والتي كان التنظيم الدولى وفق وثائقه ورسائله يوجه دوما للحرص على استمرارهم وبقائهم بالساحة الأردنية؛ لأن الأردن كان له موقف واضح، حيث بنى مقاربته بالعلاقة مع الإخوان بعد ثورات الربيع العربى 2011 باتجاه حالة اللاحرب واللاسلم، فلم يتم وضع الإخوان على قوائم الارهاب كما هو الحال في مصر والسعودية والإمارات، لكنه أيضًا لم يتحالف معهم كما هو بالحال بالنسبة لقطر وتركيا، والإخوان لم يستثمروا هذه الحالة بل ذهبوا بعيدا باتجاه تأييد حماس ومحاولة التخطيط لإحداث فوضى بالأردن بالتنسيق مع التنظيم الدولى للإخوان ومع إيران.

الرداد»، أكد أن «تعامل الحكومة الأردنية مع حزب جبهة العمل الإسلامى وهو الذراع السياسية للإخوان وما زال ممثلا في البرلمان - سيكون مرتبطا بالقضاء بالدرجة الأولى، ويعتقد أن وضع الحزب لن يكون كما كان سابقا وتحاط حوله عشرات علامات الاستفهام لأن الحزب بالأصل يسمى الذراع السياسية لجماعة الإخوان، وجاء قرار وزير الداخلية الأردني بحظر ما يسمى جماعة الإخوان وأذرعها، ويعد حزب جبهة العمل الإسلامى إحدى الأذرع الرئيسية لها».

وحول إمكانية حل الحزب، قال «الرداد»: نعم.. والحقيقة أن هذا متروك للقضاء، فحزب الجبهة أمام سيناريوهات أحلاها مر، إذا ما ثبت تورط الحزب بصورة أو بأخرى أو أن بعض أعضاء قيادته متطلعون على تفاصيل المخطط التخريبي والخلية الإرهابية، وأعتقد أن سيناريو الحل سيكون واردا، مع الأخذ في الاعتبار أن استمرار حزب جبهة العمل الإسلامي يوفر الغطاء القانونى للتنظيم الإخوانى المحظور، وربما إذا بقى الحزب قائمًا سيدخل بعضويته من لم يدخل من جماعة الإخوان، وهنا تكمن الخطورة وستكون قيمة الإجراءات التي اتخذها الأردن موضع تساؤل؛ لأنه بكل بساطة يكون تم حظر الجماعة ولكن العودة تكون من خلال حزب جبهة العمل الإسلامى بوصفه مصرحًا به، كمن خرج من الباب وعاد من النافذة.

وفى إطار تحليله الأمنى لأسباب فشل تجارب الإخوان مع الأنظمة العربية أوضح «الرداد»، أن «هذا التنظيم هو تنظيم أحادى، ويستخدم خطابين، خطاباً أمام القوى الخارجية وهو الذى يتضمن مفردات ومصطلحات تُرسل برسائل مزيفة وغير حقيقية بإيمانه بالديمقراطية وحقوق الأقليات والمرأة وما شابه، لكن حقيقة وثائقه وبنيته الأيديولوجية تشير إلى أنه تنظيم لا يؤمن بالآخر ولا بالديمقراطية المتضمنة منظومة كاملة من الحقوق والحريات، ولقد رأينا تجاربهم فى مصر والأردن وسوريا وفى الدول العربية بشمال إفريقيا وحتى بالسودان، كل هذه التجارب للإخوان أثبتت فشلها، إلى جانب ذلك فالإخوان ينسجون علاقات سرية متناقضة فى أحيان كثيرة لخدمة الغرب وتنفيذ مشاريع وأجندات خارج أطر الدول العربية، وربما ما وقعوا فيه مؤخرا منذ السابع من أكتوبر وحرب غزة والكشف المباشر عن علاقاتهم مع إيران ومع الحرس الثورى، ودخولهم فى تحالفات ومخططات تصل إلى درجة استخدام العنف والسلاح والمتفجرات ضد عدد من الدول العربية وتحديدا التركيز كان على مصر والأردن».

«الرداد»، انتقل بعد ذلك للحديث عن التحليل الأمنى لدعوة إخوان الخارج «تيار التغيير» أتباعه إلى مواجهة الأنظمة العربية وتبنى العنف كوسيلة للتغيير، وقال: التوعد والتحريض على الأنظمة العربية أصبح الخيار الوحيد للإخوان حاليًا، وهذا التحريض مرتبط بتنفيذ سياسة وتوجيهات إيرانية، بدات منذ بداية حرب غزة بالتشكيك بالأنظمة والمواقف العربية وتحديدًا مصر والأردن، ورفع الإخوان شعارات زائفة تستثمر القضية الفلسطينية فى هذا الاتجاه لتمرير أجندات تضر بأمن الدول العربية.

كما أشار إلى أن دعوة ما يسمى إخوان الخارج «تيار التغيير» لمواجهة الدولة الأردنية تؤكد علاقة الإخوان بالأردن بهذا التيار الجهادى وبالشبكة الإرهابية، وتؤكد أيضًا ما ذهبت إليه الدولة باستخدام جماعة الإخوان الأردنيين للعنف والتحريض على الفوضى، وإلا لماذا هذا التيار بعث بهذه الرسالة بشكل مباشر ويخص بها مصر والأردن.

«الرداد»، لفت إلى أن بيان ما يسمى «تيار التغيير»
سيورط الإخوان أكثر وأكثر على المستوى الشعبى ويطيح بمزاعمهم بأنهم يؤمنون بالأردن الوطن، خاصة أن هذا التيار تبنى أفكارًا وادبيات سيد قطب، سواء على صعيد الجهاد والحاكمية واستخدام السلاح.

من جانبه أكد هشام النجار الباحث فى شئون الحركات الإسلامية، أن ما جرى فى الأردن مؤخرًا من اتخاذ قرار تنظيم الإخوان تاخر كثيرًا، دل على ان جماعة الإخوان ليست سوى ظيم إرهابى خطير جدًا لأن استمراره فى المشهد الأردنى تى اليوم رغم كل ما يرتكبه من تعاون وتنسيق مع جهات وقوى خارجية وأيضًا من إحداث قلاقل واضطرابات داخل الدولة والمجتمع، فضلاً عن شق المجتمع أيديولوجيًا والتسبب فى انقسامه وتمزقه، بجانب ما يشكله من خلايا سرية مسلحة من داخله وما يمده من علاقات مع فصائل مسلحة تكفيرية من خارجه.

وأضاف: هذا كله وغيره أثبت أن نشاط الإخوان بالعمق العربى كان الأخطر على الإطلاق، بالنظر إلى أنها جماعة مخادعة مناورة تزعم عبر واجهة سياسية أنها مجرد كيان طبيعى يشتغل بالسياسة، فيما هى فى الحقيقة كيان مركب من عدة طبقات أحدها ظاهر يسمونه «المعرض» والآخر مخفى يسمونه «الورشة»، وهذا الأخير يمارس كل ما هو إجرامى وإرهابى وخائن من ارتباط بقوى خارجية ذات أطماع توسعية ومن تحريض ضد الدولة، وتكفير للخصوم وبقية مكونات المجتمع والسياسيين ومن استخدام للعنف والتفجيرات والاغتيالات، ما يعنى أن هذه الجماعة هى الأخطر على الإطلاق حتى أخطر من «داعش» و«القاعدة» لأن داعش على سبيل المثال تنظيم تكفيرى مسلح صريح بوجه واحد، تكتشف الدول وتتعامل معه الاجهزة سريعًا بما يُجهض خطره، لكن الإخوان من خلال المناورة والخداع والطبقات المتعددة الظاهرة والمخفية والورشة والمعرض يمتلكون القدرة على المناورة وتبادل الأدوار مع أجنحتها العسكرية المسلحة، ما يمكنها من الاستمرار فى المشهد لسنوات عديدة، ومن ثم التغلغل فى المجتمع والمؤسسات وتأسيس قوة ونفوذ يصعب تفكيكه خلال فترة وجيزة.

وأكد «النجار»، أن «الإخوان ثبت أنها منخرطة وأداة خطيرة جدًا فى مشروع الشرق الأوسط الجديد أو الكبير، الخاص بتقسيم وتفكيك الدول العربية التقليدية من خلال إضعاف الجيوش أو إسقاطها والتفريط فى السيادة الوطنية والثوابت العربية، ومنح مناطق استراتيجية بالدول العربية للأعداء وللقوى الدولية والإقليمية غير العربية، والعمل كرأس حربة متقدم لاختراق الدول والمجتمعات تمهيدا لتقسيمها وفرض الوصاية عليها ونهب ثرواتها».

وعن أسباب فشل الإخوان فى الاندماج مع الأنظمة العربية قال «النجار»: جماعة الإخوان لم تكن يومًا قابلة لتكون جزءًا، من حالة وطنية أو مكون طبيعي مندمج داخل دولة عربية، لان طبيعة مناهجها وادبياتها واهدافها تجعلها تضرب بكل الاعتبارات والثوابت الوطنية والعربية عرض الحائط فى سبيل الانتصار لمناهجها الأممية وتحالفاتها مع قوى إقليمية غير عربية، تتستر بالدين والطائفية لتحقيق أطماع توسعية، وكذلك الانتصار لأهدافها العابرة للحدود، لذلك لا تصلح جماعة الإخوان كمكون طبيعى، وتنكشف أهدافها الحقيقية ويكتشف الوطنيون سواء فى القيادة أو النخب أو عامة الشعب خطورتها، وبالتالى يعملون بكل جهد على الحد من خطورتها وعزلها، حتى لا تتسبب فى إسقاط الدول وهدم وتخريب
المجتمعات.

«النجار»، تحدث أيضًا حول إمكانية عودة الإخوان للعمل بالخفاء بعد الضربات المتتالية أم انتهى زمن التنظيم، وقال:
الإخوان فقدت تمامًا القدرة على المناورة بين واجهة سياسية مزعومة وأجنحتها السرية العسكرية بعد انكشاف حقيقتها فى كل الساحات العربية؛ ولذلك فإن جماعة الإخوان بعد فشلها فى السياسة وفقدانها الأمل أن يكون لها مستقبل فى العمل السياسى تتحول بشكل شامل وفى كل الساحات العربية إلى حالة عسكرية تكفيرية إرهابية صريحة بدون المناورات، وبمعزل عن أساليب الخداع السابقة، وهذا وضح فى الحالة الأردنية فهى ليست سوى خلايا عنف مسلح تستهدف استقرار وأمن المملكة، وأيضًا المجموعة الموجودة فى تركيا التى أطلقت ما أطلقوا عليه مشروع ميدان وهو شكل جديد ومتطور من العمل الإرهابى المسلح يضم فصائل سلفية حركية ويشتبك مع أفرع الإخوان بالإقليم.

عن تداعيات حظر التنظيم بالعديد من الدول عربية واخرها الاردن وانعكاساته على الحرك لفت «النجار»، إلى أن ذلك سيؤثر بشكل كبير على الجماعة ومستقبلها؛ فهى فى وارد التحول لجماعة عسكرية إرهابية صرفة مثلها مثل أي تنظيم إرهابى صريح مثل داعش او القاعدة، وهى بذلك تطوى صفحة من الخداع والمناورة استمرت عقودًا عبر ادعاء ما ليس فيها، والمتعلق بمزاعم كونها كياذًا سياسيًا قادرًا على الممارسة الحزبية والعمل داخل مشهد سياسى تنوعى متعدد، كما أن الجماعة تتجه إلى تقديم نفسها للقوى الخارجية المستفيدة منها لكن بشكل مختلف عما سبق، حيث تقدم نفسها الآن وفى المرحلة المقبلة على أنها كيان عسكرى مسلح يسعى إلى السلطة وفرض الأمر الواقع بالقوة، ليس عن طريق الديمقراطية أو الانتخابات.

وأشار «النجار» إلى مخاطر تواجد تنظيم الإخوان بالمنطقة العربية والشرق أوسطية ويعتبرها مخاطر كبيرة وكارثية، وقد وضح للجميع بالتجربة أن أى حضور للإخوان بالداخل العربى معناه الأول أن هناك اختراقا من قبل قوى خارجية تستخدم أداة الإخوان لصناعة اضطرابات وشق المجتمع، وزرع ميليشيات بهدف إلحاق الدولة لتبعيتها ونفوذها والتحكم فى قرارها السيادى وثرواتها، وقد وضح وثبت من التجربة أن أى حضور للإخوان يتسبب فى خلق فوضى وشلل بالدولة وانهيار مؤسسى، وإضعاف للدولة ومؤسساتها وسلب الدولة والقيادة الوطنية صلاحياتها ومنحها لقوى خارجية عبر طابور خامس بالداخل، لافتًا إلى أن «كل ذلك صب فى النهاية فى مصلحة إسرائيل، لأن ما مهدت له جماعة الإخوان فى الكثير من الساحات العربية بالتعاون مع ميليشيات شيعية مثل حزب اللّه وغيره، استفادت منه إسرائيل التى سهل عليها استهداف دول ضعيفة مشلولة سياسيًا واقتصاديًا ومحتلة من قبل ميليشيات تابعة لقوى خارجية، وهذا ما أنتج الواقع الحالى، حيث ترتع إسرائيل وتتمدد بسهولة داخل تلك الدول».

كما شدد على أن تحريض إخوان الخارج «تيار التغيير» أتباعه إلى استخدام العنف كوسيلة لمواجهة قرارات حظر الجماعة بالعديد من الدول العربية، يكشف أن الأجنحة العسكرية المسلحة فى جماعة الإخوان تطغى وتكتسب نفوذا وحضورًا؛ لتتحول الإخوان بشكل شامل لحالة مسلحة إرهابية صريحة صرفة، وهناك ما يشبه التنسيق وتبادل الأدوار بين أفرع الإخوان فى الإقليم لتكريس هذه الحالة التى يمدها الاتحاد العالمر لعلماء المسلمين، وهو مرجعية الإخوان الفقهية بالفتاوى لشرعنة العمل الإرهابى والنشاط التخريبى فى الداخل العربى.