رئيس مجلس الإدارة

عمــــر أحمــد سامى

رئيس التحرير

عبد اللطيف حامد

قفزة تاريخية لـ«التحويلات الخارجية»


23-5-2025 | 18:54

تحويلات المصريين في الخارج

طباعة
مروة سنبل

«قفزة تاريخية غير مسبوقة» شهدتها تحويلات المصريين العاملين فى الخارج، بعد عام من الإجراءات الإصلاحية الاقتصادية والنقدية التى تم اتخاذها فى مارس 2024، حيث ارتفعت التحويلات بمعدل 72.4 فى المائة وبمقدار 13.7 مليار دولار لتصل إلى نحو 32.6 مليار دولار، وذلك وفقا لبيانات البنك المركزي، كما ارتفعت خلال شهر فبراير 2025 للشهر الثانى عشر على التوالى بأكثر من الضعف؛ لتصل إلى نحو 3 مليارات دولار، مقابل نحو 1.3 مليار دولار خلال شهر فبراير 2024.

واستمرت تحويلات المصريين العاملين فى الخارج فى تحقيق قفزات متتالية؛ حيث ارتفعت خلال شهر يناير2025 بمعدل 83.2 فى المائة؛ لتصل إلى نحو 2.9 مليار دولار، مقابل نحو 1.6 مليار دولار خلال شهر يناير 2024، كذلك شهدت التحويلات خلال الأشهر السبعة الأولى من السنة المالية 2024-2025، ارتفاعا بمعدل 81.0 فى المائة؛ لتصل إلى نحو 20.0 مليار دولار مقابل نحو 11.0 مليار دولار خلال ذات الفترة من العام المالى السابق، وفق بيانات البنك المركزي.

 

ويرى الخبراء أن النمو المتزايد فى التحويلات يعكس ثقة المصريين فى الخارج بالقطاع المصرفي، خاصة فى ظل الإجراءات الإصلاحية التى تبنتها الدولة مؤخرا، وتعتبر تحويلات العاملين بالخارج أحد أهم مصادر النقد الأجنبى للاقتصاد المصري، حيث تعتمد الدولة على 5 مصادر رئيسية للحصول على العملة الصعبة، تتمثل فى تحويلات المصريين بالخارج، ثم الصادرات، وعائدات السياحة، وإيرادات قناة السويس، والاستثمارات الأجنبية.

 

ووفق تصريحات لوزيرة الهجرة السابقة سها جندي، فإن «تقديرات عدد العاملين المصريين بالخارج تبلغ نحو 14 مليون شخص، يتواجد معظمهم فى دول الخليج وتضم السعودية أكبر جالية بحوالى 2.5 مليون مصري».

 

فيما تعمل الدولة على زيادة تحويلات المصريين بالخارج، وإزالة كافة المعوقات أمام ذلك، وتستهدف الحكومة زيادة تحويلات المصريين العاملين بالخارج، إلى نحو 35 مليار دولار فى عام 2025- 2026، مقارنة بـ 22 مليار دولار تم تسجيلها فعليا فى عام 2023- 2024، بحسب ما كشفت عنه وثيقة خطة التنمية الاقتصادية والاجتماعية للعام المالى 2025- 2026 التى قدمتها وزيرة التخطيط والتنمية الاقتصادية رانيا المشاط إلى مجلسى النواب والشيوخ مؤخرا، حيث تطمح الدولة إلى تحقيق مزيد من النمو فى التحويلات لتصل إلى حوالى 45 مليار دولار بنهاية الخطة فى عام 2028-2029 ، وذلك فى إطار دعم مصادر النقد الأجنبى وزيادة التدفقات الدولارية.

 

وكان صندوق النقد الدولى قد توقع وصول تحويلات المصريين بالخارج إلى 42 مليار دولار بحلول العام 2028-2027، وتستهدف الحكومة زيادة نمو تحويلات المصريين العاملين بالخارج لتصل إلى 53 مليار جنيه فى 2030، بحسب ما جاء فى وثيقة صادرة عن مجلس الوزراء بعنوان: «أبرز التوجهات الاستراتيجية للاقتصاد المصرى للفترة الرئاسية الجديدة 2024-2030»، حيث تأتى زيادة حصيلة تحويلات المصريين العاملين بالخارج ضمن موارد النقد الأجنبى المستهدفة من خلال 4 مبادرات طموحة للحكومة، حيث ستتبنى الحكومة سياسات لفتح أسواق عمل خارجية جديدة لما لا يقل عن مليون مصرى فى المجالات الأكثر طلبا فى سوق العمل من بينها الذكاء الاصطناعي، والتكنولوجيا الحيوية، وخدمات تكنولوجيا المعلومات، والتمريض وغيرها من التخصصات.

 

كما تعمل الحكومة على تنفيذ عدد من السياسات الأخرى التى تستهدف زيادة تحويلات المصريين العاملين بالخارج، فى نمو قيمة التحويلات السنوية بنسبة 10 فى المائة خلال الفترة من 2024 وحتى 2030 لتبلغ بنهايتها نحو 53 مليار دولار، خاصة فى ضوء تقديرات تفيد بوجود فجوة بنحو 100 مليون فرصة عمل فى دول الاتحاد الأوروبى والولايات المتحدة حتى 2040 تتنافس فيما بينها الدولة النامية ولاسيما الهند لسد هذه الفجوة. وتأسيس شركة لاستثمار مدخرات المصريين العاملين بالخارج برأس مال مليار دولار، للاستثمار فى عدد من القطاعات الإنتاجية والخدمية ذات الأولوية وفق المستهدفات القومية، وتأسيس شركة مختصة بإدارة أنشطة تصدير وتأجير العقار فى مصر بالنقد الأجنبى بعائدات متوقعة مابين 2 إلى 3 مليارات دولار، وتصدير العقار بالعملة الصعبة مقابل الحصول على الإقامة 5 سنوات Green card))، وطرح صندوق استثمارى برأس مال مليار دولار بوحدات قابلة للاكتتاب من قبل المصريين العاملين بالخارج للاستثمار فى محفظة من الأصول المملوكة للدولة عالية الجاذبية والعائد، على أن يصدر عن أحد البنوك الاستثمارية الكبرى، لزيادة تحويلات المصريين بالخارج وتعظيم موارد النقد الأجنبي.

وفى هذا السياق، قال محمد عبدالعال، الخبير المصرفي: تحويلات المصريين العاملين فى الخارج ارتفعت فى فبراير 2025 وفقا لبيانات البنك المركزى إلى 32.6 مليار دولار وهو أعلى رقم تاريخى حققته حتى الآن، وبالتالى هناك دفعة قوية حدثت مقارنة بشهر فبراير 2024 ما يعنى أن تحويلات المصريين العاملين فى الخارج ارتفعت خلال الفترة من فبراير 2024 وحتى نهاية فبراير 2025 بمعدل نمو 72.4 فى المائة بمقدار 13.7 مليار دولار، كما ارتفعت التحويلات خلال فبراير 2025 للشهر الثانى عشـر على التوالى بأكثر من الضعف، لتصل إلى نحو 3.0 مليارات دولار، مقابل نحو 1.3 مليار دولار خلال شهر فبراير 2024.

 

«عبد العال»، أضاف أن «هذا الارتفاع القياسى فى تحويلات المصريين العاملين بالخارج خلال عام من الإصلاحات رسالة واضحة تؤكد عودة الثقة فى الاقتصاد المصري، خاصة بعد الإجراءات الإصلاحية التى تم اتخاذها على مستوى السياسة النقدية والمالية ونجاحها فى استعادة الاستقرار والانضباط للأسواق».

 

وأكد أن «نجاح الإصلاحات الاقتصادية والنقدية التى اتخذها البنك المركزى فى مارس 2024، عملت على استعادة ثقة المصريين فى الخارج بالاقتصاد المصرى والمنظومة المصرفية، والتى من أبرزها قرار تحرير سعر صرف الجنيه أمام الدولار برفع معدلات الفائدة 600 نقطة أساس، وهذا القرار ساهم فى القضاء على السوق الموازية للعملات وعلى سماسرة العملة، وعمل على تحقيق استقرار فى سعر الصرف، مما انعكس على انتظام التحويلات من خلال النظام المصرفى الرسمي، حيث إن النجاح فى توحيد سعر الصرف وخفض الفجوة بين السعر الرسمى والموازي، عمل على تحفيز المصريين بالخارج بالتحويل عبر البنوك، ومن العوامل التى ساهمت أيضا فى زيادة تحويلات المصريين فى الخارج مجموعة الأوعية الادخارية الجاذبة التى وضعها البنك المركزى، وركزت عليها البنوك المملوكة للدولة بأسعار فائدة فائقة التميز سواء كانت بعملة الجنيه أو بالدولار للتشجيع على زيادة تحويلات المصريين بالخارج، ويؤكد عبدالعال أن الإصلاحات الاقتصادية والنقدية كان لها دور كبير فى تحفيز وزيادة تحويلات المصريين العاملين بالخارج، وأنه بفضل السياسات الاقتصادية المتوازنة والمرنة أصبحت هذه التحويلات عنصرا محوريا فى تعزيز الاستقرار المالى والنقدي» مشيرا إلى أن المصريين بالخارج أصبحوا يفكرون فى استثمار أموالهم داخل وطنهم، خاصة بعد إطلاق مبادرات شراء العقارات والأراضى بالعملة الأجنبية، وكذلك تسهيل إجراءات تحويل الأموال.

 

وتابع: كل هذا الزخم فى تحويلات المصريين العاملين فى الخارج التى ارتفعت إلى 32.6 مليار دولار، كان يصاحبه فى شهر فبراير الماضى وحتى الآن تطور ونمو غير عادى فى كل مؤشرات الجنيه المصري، حيث ارتفعت إيرادات السياحة خلال النصف الأول من العام المالى الحالى 2024-2025 لتسجل 8.7 مليار دولار، كما ارتفع صافى تدفقات الاستثمار الأجنبى المباشر إلى 6 مليارات دولار خلال النصف الأول من العام المالى الجارى 2024- 2025، وارتفع إجمالى الودائع بالعملة الأجنبية فى البنوك المصرية (باستثناء البنك المركزى) بنحو 60.71 مليار دولار على أساس شهرى خلال شهر مارس الماضي، كل هذه المؤشرات الإيجابية تعطى علامات تفاؤل تجاه المنظومة الاقتصادية والنقدية واستعادة الثقة للاقتصاد المصري. كما ارتفع فائض صافى الأصول الأجنبية لدى القطاع المصرفى (بما فى ذلك البنك المركزى) بنسبة 47.7 فى المائة على أساس شهرى خلال مارس الماضي؛ ليصل إلى 15 مليار دولار بنهاية مارس 2025 ، وجاء هذا الارتفاع بدعم تحول صافى الأصول للبنوك التجارية إلى فائض بنحو 2.53 مليار دولار بنهاية مارس الماضي، كما ارتفع فائض صافى الأصول الأجنبية لدى البنك المركزى بنسبة 3.3 فى المائة على أساس شهرى فى مارس 2025 إلى نحو 12.5 مليار دولار. موضحا أن تحول صافى الأصول الأجنبية للبنوك التجارية إلى فائض، جاء بدعم زيادة تدفق موارد النقد الأجنبي، من مصادرها المختلفة والمتعددة وتراجع ضغوط العملة، وهو ما يعطى رسائل طمأنة للمصريين فى الخارج والمستثمرين الأجانب فى الاستثمار المباشر وغير المباشر.

وتوقع «عبدالعال»، استمرار تزايد تدفق تحويلات المصريين فى الخارج فى ظل تمسك الدولة بتبنى السياسة المرنة لسعر الصرف وعدم فرض قيود على الاستيراد والتصدير، والاستمرار فى تقديم حوافز استثمارية للمصريين فى الخارج، وأيضا تعزيز برامج الحوافز مثل الشهادات الدولارية بعائد تنافسى وتشجيعهم من خلال المبادرات المختلفة مثل مبادرة السيارات وشراء الأراضى والعقارات فى أماكن مميزة ومدد سداد طويلة، مؤكدا أن ما تحقق خلال عام واحد من الإصلاحات المالية والنقدية يعد مؤشرا قويا على ما يمكن أن نحققه إذا استمرت هذه السياسات الاقتصادية والنقدية، متوقعا ارتفاع تحويلات المصريين العاملين فى الخارج بمعدل من 15 إلى 20 فى المائة خلال عام 2026.

 

من جانبه أكد الدكتور أشرف غراب، الخبير الاقتصادي، نائب رئيس الاتحاد العربى للتنمية الاجتماعية بمنظومة العمل العربى بجامعة الدول العربية لشئون التنمية الاقتصادية، أن «تحويلات المصريين العاملين بالخارج شهدت طفرة كبيرة، فقد حققت طفرة خلال الفترة من مارس 2024 وحتى شهر فبراير 2025، حيث ارتفعت بمعدل 72.4 فى المائة وبمقدار 13.7 مليار دولار؛ لتصل إلى نحو 32.6 مليار دولار، إضافة لوصولها فى شهر فبراير فقط لنحو 3 مليارات دولار مقابل 1.3 مليار دولار فى فبراير العام الماضي، وهذا ناتج عن الإجراءات الإصلاحية التى اتخذت فى مارس 2024 ما أدى لعودة وزيادة ثقة المصريين العاملين بالخارج».

 

«غراب»، أوضح أن «نجاح السياسة النقدية التى اتبعها البنك المركزى المصرى منذ قرار تحرير سعر الصرف فى مارس 2024، كان لها بالغ الأثر الإيجابى فى القضاء على السوق السوداء للعملة الأجنبية «السوق الموازية»، وهذا أدى لوجود سعر موحد للعملة الصعبة واستقرار سعر الصرف خلال 11 شهرا مضت، ما أدى لاستدامة زيادة ثقة المصريين العاملين بالخارج وزيادة تحويلاتهم، مضيفا أن سعر صرف العملة الأجنبية مستقر منذ ما يقارب الـ 14 شهرا مضت، فهو ما بين 47 جنيها وحتى قرب الـ 51 صعودا وهبوطا، وهذا يمثل استدامة فى استقرار سعر الصرف، ويطمئن العاملين بالخارج والمستثمرين أيضا، وهذا ساهم فى زيادة تحويلات العاملين بالخارج.

 

كما أشار إلى أن استقرار سعر صرف العملة الصعبة ساهم أيضا فى زيادة التنازل عن الدولار للمصارف الرسمية، إضافة إلى استفادة المصريين بالخارج من سعر الفائدة المرتفع بالبنوك، إضافة لمبادرة طرح أراضٍ وعقارات بالعملة الأجنبية للمصريين بالخارج، ما زاد من تحويلات العاملين بالخارج وزيادة السيولة الدولارية، مما ساهم فى زيادة الاحتياطى النقدى الأجنبى والذى وصل لنحو 48.144 مليار دولار فى أبريل الماضي، متوقعا أن ترتفع تحويلات العاملين بالخارج خلال عام 2025 مقارنة بعام 2024، خاصة وأن تحويلات العاملين بالخارج تعد أهم ثانى مصدر من مصادر دخل مصر من العملة الصعبة والتى لها دور كبير فى زيادة الاحتياطى النقدى والاستقرار الاقتصادى وتعويض العجز التجارى للبلاد.

 

فى حين أكد الدكتور مصطفى بدرة الخبير الاقتصادي، أن «تحويلات المصريين العاملين فى الخارج تعتبر من الموارد الهامة للاقتصاد القومي، حيث تعد ضمن 5 موارد رئيسية تستفيد منها الدولة المصرية للحصول على العملة الأجنبية والتى تتمثل فى تحويلات المصريين العاملين الخارج ، ثم الصادرات، وعائدات السياحة، وإيرادات قناة السويس، والاستثمارات الأجنبية».

 

«بدرة»، أشار إلى أن «القفزة التى شهدتها تحويلات المصريين فى الخارج تؤكد أن الإجراءات التى اتخذتها الدولة نجحت فى استعادة الثقة للاقتصاد القومي، وخلق مناخ مالى أكثر استقرارا وجاذب للاستثمار وتحويل الأموال»، لافتا إلى أن «المصريين فى الخارج وجدوا فى السياسات المالية والنقدية الأخيرة ما يطمئنهم على أموالهم ومدخراتهم؛ حيث لعب تحرير سعر الصرف دورا محوريا فى تشجيع المصريين بالخارج على تحويل أموالهم عبر القنوات المصرفية الرسمية، وشكل لهم حافزا قويا، وساهم فى استعادة الثقة فى النظام المصرفي، وأيضا وجود أوعية ادخارية مرتفعة العائد تجذب هذه التحويلات».

 

وأضاف أن «الاستقرار فى سوق الصرف شجع المصريين بالخارج على تحويل أموالهم إلى مصر، حيث إن نجاح السياسة النقدية ساهم بشكل كبير فى القضاء على السوق السوداء للعملة الأجنبية»، مشيرا إلى أن مبادرات الدولة لطرح عقارات وشراء أراضٍ للمصريين فى الخارج بالعملة الأجنبية ساعدت أيضا فى تدفق المزيد من التحويلات وزيادة السيولة الدولارية.

 

بدوره، قال الدكتور خالد الشافعى الخبير الاقتصادي، رئيس مركز العاصمة للدراسات الاقتصادية: التطور فى تحويلات المصريين فى الخارج ما هو إلا نتيجة مباشرة لتحسن بيئة الاقتصاد الكلي، وتحديدا إصلاح سوق الصرف فى مارس 2024، وهو ما جعل المصريين بالخارج يفضلون التحويل من خلال القنوات الرسمية بدلاً من السوق الموازية التى كانت تستنزف جزءًا كبيرًا من هذه الأموال فى السنوات السابقة، كما أن التحسن الكبير فى سعر الصرف الرسمي، وتقليص الفجوة بينه وبين السوق السوداء، دعم المصريين فى تحويل أموالهم دون قلق من خسائر أو فروق فى الأسعار بعد القضاء على سعر الصرف الموازي.

أخبار الساعة