رئيس مجلس الإدارة

عمــــر أحمــد سامى

رئيس التحرير

عبد اللطيف حامد

مليون زائر فى 2024 «المسـار المقدس».. نقلة نوعية على خارطة السياحة الدينية العالمية


30-5-2025 | 19:43

من مسار العائلة المقدسة

طباعة
تقرير : صابر العربى

يوافق الأحد المقبل بتاريخ 1 يونيو 2025، ذكرى دخول العائلة المقدسة إلى أرض مصر إذ تنقلت العائلة فى ربوع المحروسة، وزارت 25 نقطة مباركة، ما يدفع الملايين حول العالم لزيارتها، لما لها من أثر روحى ودينى فى نفوس السياح من كافة البلدان، فضلًا عن تعلق ورغبة ملايين المصريين أيضًا لزيارة تلك النقاط المباركة.

فى هذا السياق، قال رئيس الإدارة الاستراتيجية، والمنسق الوطنى لمشروع مسار العائلة المقدسة، المهندس عادل الجندي، إن مواقع استقبال الزوار أصبحت جاهزة، فضلًا عن الاهتمام بتحسين البنية التحتية وتوفير التجهيزات اللازمة، لافتًا إلى أن المشروع شهد إنجازات كبيرة خلال السنوات الماضية، تمثلت فى الانتهاء من تطوير جميع المواقع المحددة ضمن مسار العائلة المقدسة.

 

ويضم المسار 25 نقطة، مرت بها العائلة المقدسة فى رحلتها إلى مصر، والتى بدأت من العريش فى سيناء وصولًا إلى محافظة أسيوط فى جنوبًا، بمسافة تمتد لنحو3500 كم ذهابا وعودة، من شبه الجزيرة المصرية حتى أسيوط.

 

وأضاف «الجندى»، أن الـ25 نقطة، موزعة ما بين 11 نقطة مرور، و14 نقطة بها شواهد، ممثلة فى «كنائس وأديرة وأبار»، لافتًا إلى الـ14 نقطة التى بها شواهد، هى التى تم تحديدها لتكون محل زيارة السياح الراغبين فى الحج المسيحى وتنفيذ برنامج رحلة مسار العائلة المقدسة.

 

وأشار إلى أن عدد المواقع التى تحمل أثرًا ماديًا ويمكن زيارتها، بلغ 17 موقعًا، موزعة على عدة محافظات مصرية، وهذه المواقع تمثل محطات مهمة مرت بها العائلة المقدسة خلال رحلتها فى مصر، وتُعد شهادة حية على التاريخ الدينى والثقافى للبلاد.

 

وكشف المنسق الوطنى لمشروع مسار العائلة المقدسة، عن زيادة أعداد الزوار فى عام 2024 الماضى، حيث زار البلاد من الحج السياحى أكثر من مليون سائح، فى حين أنه فى عام 2014 لم يتخط عدد السياح القاصدين للحج السياحى حاجز الـ 300 ألف سائح، منوهًا بأن رحلة مسار العائلة يتميز بعدم اعتماده على مواسم محددة، ما يجعله وجهة مفتوحة على مدار العام، ويُتيح هذا النمط من السياحة فرصًا إضافية لتنشيط القطاع وتعويض الركود الذى قد تشهده المواسم السياحية التقليدية، علاوة على ذلك، يشهد المشروع اهتمامًا متزايدًا خلال المناسبات الدينية الكبرى.

 

واعتمد «الفاتيكان» مصر، ضمن رحلات حج المسيحيين الكاثوليك، ومباركته لأيقونة مسار رحلة العائلة المقدسة نهاية عام 2017، وأعلن فى مايو 2018 بداية إدراج مصر فى برنامج حج الفاتيكان.

 

«الجندى» أوضح أن تكلفة المشروع قُدرت بنحو 320 مليون جنيه، تحملت وزارة السياحة 60 مليونًا، ومثلها تحملته وزارة التنمية المحلية، فيما تحملت الموازنات التخطيطية للمحافظات المستهدفة من مشروع مسار العائلة المقدسة بقية المبلغ المخصص.

 

وأكد أن المرحلة الحالية يتم التركيز فيها على توفير الطاقة الفندقية اللازمة لاستيعاب الأعداد المتزايدة من الزوار، بخلاف أن الحكومة تولى أهمية كبيرة لدور القطاع الخاص فى تحقيق رؤية المشروع، مشددًا على أن المخططات الاستثمارية للمشروع تسير على قدم وساق، حيث تم الانتهاء من إعداد 60فى المائة من هذه المخططات، جارٍ العمل حاليًا على طرحها للقطاع الخاص، من أجل المساهمة فى توفير الخدمات السياحية التى يحتاجها الزوار والحجاج.

وأفاد المنسق الوطنى لمشروع مسار العائلة المقدسة، بأن المشروع تضمن رحلات تعريفية، دعت خلالها وزارة السياحة سفراء دول أمريكا اللاتينية، لأنها تضم الشريحة الأكبر من الحجيج المسيحى لتفقد عدد من نقاط المسار، كما تم إعداد مواد ترويجية لتعريف الزوار بمسار العائلة، وتم الانتهاء من تصوير مواقع المسار باستخدام تقنيات الواقع الافتراضى، وتم إعداد مواد ترويجية باللغتين العربية والإنجليزية، وجارٍ العمل حاليًا على توفيرها بخمس لغات إضافية، موضحًا أن المواد الترويجية المتعددة اللغات تساعد على جذب السياح من مختلف الجنسيات، ما يعكس مكانة مصر كوجهة سياحية ثقافية عالمية.

 

وأشار م. الجندى إلى أن الهدف هو تقديم تجربة سياحية وثقافية مميزة، تعزز من مكانة مصر كمهد للحضارات ووجهة سياحية فريدة، معربًا عن زيادة الإقبال كل عام يعكس التقدم الكبير الذى حققه المشروع، وشدد الجندى على ضرورة العمل على تحسين الخدمات المتوفرة فى المناطق الواقعة على المسار، لضمان تقديم تجربة سياحية متكاملة.

 

وفى هذا السياق، اطلع رئيس مجلس الوزراء، الدكتور مصطفى مدبولى، خلال الأيام القليلة الماضية، على مقترح للاستغلال الأمثل سياحيًا لمسار العائلة المقدسة، مُقدم من المستثمر السياحى، منير غبور، وعدد من المستثمرين.

 

وخلال اللقاء، عرض منير غبور؛ المحددات الرئيسية لمشروع مقترح للاستفادة بنحو أمثل من المقومات الواعدة التى تقترن بمسار العائلة المقدسة فى تنشيط الحركة السياحية، مشيرًا إلى أن هذا المشروع يقوم على رؤية للتطوير الشامل للمناطق التى تضم عددًا كبيرًا من الأديرة والكنائس، من خلال إقامة عدة فنادق تخدم السياح الذين سيزورون هذه المبانى الدينية، بما يحقق هدف خلق تجربة روحانية فريدة للزائرين للتعرف على المسار المقدس بنقاطه المختلفة، مع ربط ذلك بالآثار والمقاصد السياحية المصرية الهامة، مؤكدًا أن هذا المشروع الواعد سيحظى بتمويل ذاتي، لافتًا إلى أنه تم تأسيس شركة برأسمال 5 مليارات جنيه ستبدأ فى التجهيز لهذا المشروع.

 

وكان شريف فتحى، وزير السياحة، قد أكد على أن مسار العائلة المقدسة يُعد من أهم المشروعات السياحية فى مصر، ويشكل نقلة كبيرة فى مجال السياحة الدينية، موضحًا أن المشروع يتضمن إنشاء بنية تحتية متكاملة تضم تحسينات فى الطرق، وتطوير المواقع الأثرية، وبناء منشآت فندقية جديدة فى العديد من المحافظات.

 

وفى الربع الأول من عام 2025 الجاري، واصل القطاع السياحي، هذا الزخم محققا مؤشرات إيجابية جديدة، حيث ارتفعت أعداد السائحين بنسبة 25فى المائة مقارنة بالفترة نفسها من العام السابق، مما يؤكد الثقة المتنامية من الأسواق الدولية فى المقصد السياحى المصري، رغم ما تشهده المنطقة من تحديات جيوسياسية.

 

وفى هذا الصدد، قال حسام هزاع، الخبير السياحى وعضو اتحاد الغرف السياحية، إن العائد على مصر من إحياء رحلة مسار العائلة المقدسة لا يُقدر بمال ويعد خير دعاية لبلادنا على كافة الأصعدة، من سياحة ثقافية أو شاطئية أو بيئية أو أى من أشكال السياحة التى تتميز بها مصر عن غيرها من البلدان المستقطبة للسياح فى منطقة الشرق الأوسط.

 

وأكد «هزاع»، ارتفاع متوسط إنفاق السائح المهتم بالسياحة الدينية، حيث يتراوح ما بين 200 إلى 250 دولار يوميًا، قائلًا: «إللى بيصرفه سائح السياحة الدينية فى يوم.. بيصرفه سائح السياحة الشاطئية فى شرم والغردقة طول الأسبوع»، إلا أن أمر استقطاب سائح ديني، يتطلب تطويرًا شاملًا لمناطق مزارات مسار الرحلة من وجود المستشفيات والبازارات، ووجود أماكن شاسعة للتسوق، ما يستدعى أيضًا زيادة الغرف الفندقية.

 

وأشار الخبير السياحى، إلى أن المشروع سيُساهم بشكل كبير فى تنشيط حركة السياحة فى الصعيد، خاصة «أسيوط والمنيا» كونهما يمثلان جزءًا كبيرًا من مسار العائلة المقدسة، لافتًا إلى أن محافظات قبلي، لم تُستغل بشكل كامل فى السابق كوجهات سياحية، مشددًا على أهمية المشروع فى تحفيز السياحة بهذه المناطق، من خلال خلق مراكز سياحية جديدة وزيادة الغرف الفندقية «تتناسب مع حجم النقاط وأعداد السياح الوافدين فى كل محافظة»، ما سيسهم فى تحسين الخدمات المقدمة للسياح ويوفر كذلك فرص عمل جديدة.

 

وشدد هزاع، على أن مشروع مسار العائلة المقدسة سيكون له تأثير كبير على تنمية السياحة فى صعيد مصر، وسيسهم فى تعزيز التنوع السياحى، ما يجعل مصر وجهة سياحية متكاملة، مضيفًا أن المشروع سيساعد فى تحقيق الأهداف الاستراتيجية للدولة فى هذا المجال الحيوى، ويعزز من قدرتها على استقطاب السياح من جميع أنحاء العالم، وبالتالى جنى موارد نقد أجنبية.

وفى سياق مواز، قال الدكتور ياسر الهضيبى، عضو مجلس الشيوخ، إن المشروع المقترح للاستغلال السياحى الأمثل لمسار العائلة المقدسة، الذى جرى استعراضه خلال لقاء رئيس مجلس الوزراء الدكتور مصطفى مدبولى، مع عدد من المستثمرين، يمثل أهمية كبيرة، ويعكس تحولًا نوعيًّا فى التفكير التنموى للدولة نحو تعظيم الاستفادة من ثرواتها التاريخية والدينية والثقافية؛ خصوصًا ما يتعلق بالسياحة الدينية، التى لا تزال تمثل مجالًا واعدًا للنمو والاستثمار.

 

وأوضح عضو الشيوخ، أن مسار العائلة المقدسة يُعد من الكنوز الروحية الفريدة التى تمتلكها مصر، والتى يمكن من خلالها وضع البلاد على خريطة السياحة الدينية العالمية؛ لا سيما أن هذا المسار يحظى بقدسية خاصة لدى المسيحيين فى مختلف دول العالم، مضيفًا أن المشروع يمثل نموذجًا متكاملًا لتطوير هذا المسار، من خلال الجمع بين البعد الروحانى والتاريخى من جهة، والبنية التحتية السياحية والخدمية من جانب آخر.

 

وثمَّن عضو مجلس الشيوخ فكرة إقامة فنادق وخدمات متكاملة تخدم السائحين الزائرين للمواقع الدينية، بما يُعزز من جودة تجربتهم السياحية ويُطيل فترة إقامتهم، مؤكدًا أن هذا التوجه يتماشى مع سياسة الدولة فى تعظيم العائد الاقتصادى من السياحة، ويخلق فرص عمل مباشرة وغير مباشرة فى مختلف القطاعات المرتبطة بالسياحة.

 

وأشاد «الهضيبى» بفكرة تأسيس شركة وطنية برأسمال 5 مليارات جنيه لتولى تنفيذ المشروع بتمويل ذاتي، معتبرًا أن ذلك يُعد دليلًا على رغبة القطاع الخاص الجادة فى الدخول بمشروعات تنموية ذات أبعاد اقتصادية وثقافية ودينية، داعيًا إلى توفير بيئة استثمارية مرنة ومحفزة لهذا النوع من المبادرات، من خلال تسهيل الإجراءات وتقديم الحوافز التشجيعية.

 

وأتم د. ياسر الهضيبى، حديثه مشيرًا إلى أن إشادة الدكتور مدبولى بالمشروع، وتأكيده استعداد القاهرة لدعمه، وهو ما يمثل خطوة مهمة نحو تفعيل الشراكة بين الحكومة والقطاع الخاص فى تنفيذ مشروعات استراتيجية تُسهم فى رفع تصنيف مصر السياحى عالميًّا، مشددًا على ضرورة تسريع تقديم الدراسات والمخططات التنفيذية لضمان بدء العمل الفعلى فى أسرع وقت.