رئيس مجلس الإدارة

عمــــر أحمــد سامى

رئيس التحرير

عبد اللطيف حامد

رئيس جمعية خبراء الضرائب:«التقديرات الجزافية» السبب الرئيسى للمنازعات الضريبية


30-5-2025 | 21:44

المحاسب اشرف عبد الغنى

طباعة
حوار أميرة جاد

للمنظومة الضريبية أطراف ثلاثة، «الممول» وهو دافع الضريبة و«مصلحة الضرائب المصرية» و«المحاسب القانوني» الذى يعد حلقة الوصل بين مُحصل الضريبة ممثَّلًا فى المصلحة ودافع الضريبة مُمثَّلًا فى الممول، فالمحاسب الضريبى منْ يمارس التطبيق العملى للتشريعات والسياسات الضريبية على أرض الواقع، وهو منْ يصطدم بالتحديات التى تواجهها المنظومة، ومن ثم فهو «ترمومتر» فعال لتقييم التشريعات والسياسات الضريبية، ومنها قوانين حزمة التيسيرات الضريبية الصادرة فى فبراير الماضي، والتى انتهت مدة أحد قوانينها فى الثانى عشر من الشهر الجارى - القانون 5 لسنة 2025 الخاص بفض المنازعات والتسجيل الطوعى - وتم مد العمل به مجددًا.

 

وللوقوف على فاعلية حزمة التيسيرات الضريبية ومدى إقبال الممولين على الاستفادة منها.. تُحاور «المصور» أحد المخضرمين فى المنظومة الضريبية المحاسب أشرف عبدالغنى رئيس جمعية خبراء الضرائب ورئيس مجموعة ATC للخدمات المالية والضريبية، والذى بدا متفائًلا بخطوات الحكومة نحو تغيير فلسفة مصلحة الضرائب وبناء الثقة لدى الممولين والمستثمرين.. وكان الحوار التالي:

بداية وقبل التطرق لحزمة التيسيرات الضريبية، صِف لنا السياق العام للمنظومة الضريبية السابق لإطلاق الحزمة؟

 

الحقيقة الوضع قبل قوانين التيسيرات الضريبية 5 و6 و7 لسنة 2025، عبارة عن آلاف من المنازعات الضريبية فى مراحل النزاع المختلفة نتج عنها مليارات من الجنيهات متأخرات ضريبية، وبالتالى حصيلة ضريبية غائبة عن مكانها الطبيعى وهو الخزانة العامة للدولة.

 

وما أسباب تراكم النزاعات الضريبية؟

 

التقديرات الجزافية لقيمة الضريبة سبب رئيسى، ومع الأسف آلية التقدير الجزافى منتشرة جدًا داخل المصلحة، وهى ناتجة بالأساس عن وجود عدد كبير من الملفات الضريبية، وفحص هذا الملفات وفقًا للقانون يتم بالعينة العشوائية ولكن ما يحدث خلاف ذلك؛ إذ يتم فحص المأمورية بأكملها فحصا مستنديا، وخاصة المأموريات الكبيرة مثل مأمورية كبار الممولين والشركات المساهمة وشركات الاستثمار، ونظرًا لأن عدد الملفات كثير وعدد العاملين القائمين على الفحص غير كافٍ لتغطية كل هذه الملفات، فيتم عمل تقديرات جزافية لبعض الملفات، ومن هنا ينشأ النزاع لأن الإدارة الضريبية تقوم بفحص مستندى لملفات خلال خمس سنين هى فترة التقادم، ولا يتسنى الوقت الكافى خلال مدة الفحص المستندى للشركات لتقديم المستندات الكافية التى تناهض التقديرات الجزافية الناتجة عن الفحص، وهو ما خلق «تركة» من النزاعات الضريبية. 

ولماذا لم تُحل النزاعات بشكل فورى؟

 

لا يمكن أن ننكر تراكم النزاعات الضريبية عامًا بعد عام، ويرجع ذلك لطول إجراءات حل النزاع؛ حيث يلى الفحص الناتج عنه نزاع لجنة داخلية ومنها إلى لجنة الطعن. وإذ لم يُحل النزاع فى لجان الطعن يتم إحالته إلى المحكمة، وتبعات طول فترات النزاعات الضريبية ليست فقط فى تراكم المتأخرات الضريبية لكن فى انخفاض قيمة المتأخرات يومًا بعد الآخر، وبالتالى خسارة للخزانة العامة، أما بالنسبة للممول فخسارته تنجم عن تجنيبه جزءا من الأرباح لصالح الضريبة المتنازع عليها، وهو ما يحرم الشركة من سيولة يمكن أن توسع نشاطا أو تسد بندا فى مصروفاته.  

 

هل تعتبر السياق السابق واقعا فرض ضرورة لإصدار حزمة التيسيرات الضريبية الأخيرة؟

 

 حزمة التيسيرات الضريبية جددت الثقة بين مصلحة الضرائب وبين الممول ويمكن اعتبار الآليات التشريعية التى تضمنتها الحزمة لحل المنازعات والتسجيل الطوعى فرصة ذهبية لإنهاء النزاعات الضريبية الموجودة للطرفين لمصلحة الضرائب، حيث تكفل التيسيرات إنهاء النزاع بشكل فورى وبمجرد تقديم الممول لطلب أون لاين برغبته فى إنهاء النزاع تتم الموافقة عليه ويدفع الممول الضريبة المتفق عليها فى آخر إقرار، بالإضافة إلى 30 فى المائة على كل سنة، وتتيح التيسيرات تقسيط الضرائب على أقساط ربع سنوية، وهذا بالنسبة للنزاعات التى نشأت قبل 2020، كما وحدت التيسيرات غرامة التأخير بحد أقصى لا يتجاوز 100 فى المائة من أصل الضريبة.

 

ماذا لو كان الممول قد قدم إقرارًا بخسائر للنشاط، بما يعنى عدم وجوب تحصيل ضرائب؟

 

فى هذه الحالة يتم دفع 40 فى المائة من قيمة الضرائب التى تم دفعها وفقًا لآخر إقرار ضريبى تمت الموافقة عليه قبل النزاع الضريبي.

 

وماذا عن النزاعات التى نشأت بعد 2020؟

 

بموجب قوانين حزمة التيسيرات هذه النزاعات غير مشمولة فى التيسيرات الضريبية، وهذه هى «روح القانون» التى نطالب بها، إذ إنه من الضرورى أن تشمل التيسيرات كافة المنازعات الضريبية فى كل السنوات حتى يتم فتح صفحة جديدة بدون نزاعات ولا متأخرات؛ لأن الفكرة الأساسية من التيسيرات مهما كانت جيدة، وأن يكون القائمون على التطبيق على وعى بالغرض منها وهو تشجيع الاستثمار وحل الخلافات الضريبية. 

 

باعتبارك أحد القائمين على تنفيذ قوانين حزمة التيسيرات هل لمست إقبالا من الممولين للاستفادة من الحوافز المقدمة سواء لحل المنازعات أو التسجيل الطوعي؟

 

بالطبع عدد كبير جدا من العملاء والممولين طلبوا الاستفادة من التسهيلات الموجودة لأنها فرصة ذهبية. فرصة ذهبية للمجتمع ككل لحل الخلافات والنزاعات الضريبية، أما بالنسبة للتسجيل الطوعى فى المنظومة فما زال الوقت مبكرًا لتقييم هذه الجزئية، الفترة الأخيرة كانت فترات تقديم إقرارات وإجازات من رمضان لشم النسيم للأعياد وغيرها؛ لذا فقد طالبنا وزير المالية بمد العمل بقانون 5 حتى يتسنى للممولين الانضمام والاستفادة من حوافز حل النزاع. 

إذن.. هل ترى أن حوافز التسجيل الطوعى بالمنظومة مشجعة؟

 

أرى أن منْ لم يستغل الفرصة حاليًا ويستفد من الحزمة المعلنة لن يتمكن من توسيع نشاطه، ولن يظهر للنور، فالانضمام للمنظومة يعنى بطاقة ضريبية يعنى سجلا تجاريا، يمكن الممول من التعامل مع الشركات الكبيرة، يعنى حسابا فى البنك يمكّن الممول من الحصول على ائتمانات من خلاله لتوسيع نشاطه، فالحكومة تقول للاقتصاد غير الرسمى انضم للمنظومة وعفا الله عما سلف ولن تتم المحاسبة بأثر رجعى، وهذه فرصة جيدة لتسوية الأوضاع وتقنينها داخل الأنشطة المختلفة.

 

إلى أى مدى ساهمت جمعية خبراء الضرائب فى تشجيع الممولين على الانضمام للمنظومة الضريبية؟

 

طرحنا مبادرة من منطلق دورنا لمساندة المجتمع والمنظومة الضريبية فى مصر، وأيضًا مساندة الشركات الناشئة الراغبة فى الانضمام للمنظومة الضريبية، صحيح تتلخص المبادرة فى تقديم استشارات مجانية لمدة سنة لألف شركة راغبة فى الانضمام للمنظومة الضريبية، نساعدها فى أنها تسجل ونساعدها فى عمل الإقرارات الضريبية، وبالفعل بدأنا نسجل حالات ولكن مسألة الاقتصاد غير الرسمى مثل كرة الثلج أول ما تبدأ تكبر لأن المستثمر يترقب تجارب الآخرين.

 

بافتراض أن القانون 5 حل المنازعات الضريبية القائمة هل تكفل الحزمة التشريعية عدم نشوب منازعات جديدة؟

 

فى البداية نحن ذكرنا أن سببا رئيسيا للنزاع هو التقديرات الجزافية، لذا طالما هناك عجز فى عدد الفاحصين مقارنة بعدد الملفات ستنشأ نزاعات للأسف والمسئولية كبيرة على مأمورى الضرائب نتيجة التقادم؛ لذا فالحل يكمن فى تطبيق القانون وإجراء الفحص بالعينة، كما يمكن تخفيف العبء على العاملين بمصلحة الضرائب من خلال اتباع ما يسمى نظام الوكالة الضريبية وهو نظام معمول به فى دول عربية كثيرة، نحن أقدم منها فى النظم الضريبية، وتتلخص فكرة الوكالة الضريبية فى منح المحاسبين صفة الوكالة الضريبية لمصلحة الضرائب، وبالتالى الإقرار الصادر عن الوكيل مقبول مثله مثل مأمور الضرائب، وبالتالى تكون مصلحة الضرائب زودت بطريقة غير مباشرة عدد الفاحصين دون إضافة أية أعباء على الجهاز الإداري، وبطبيعة الحال لا يتم منح الوكالة الضريبية إلا بعد اجتياز المحاسب عدة اختبارات من قبل المصلحة بعد حصوله على تدريبات مكثفة من قبل المصلحة، وتتم مراجعة الوكلاء كل فترة إذا ثبتت تجاوزاتهم لصالح العملاء يتم سحب الوكالة منهم، ولدينا نحو 70 ألف محاسب مقيد.

 

ماذا عن الحوافز المقدمة للمشروعات الصغيرة والمتوسطة ضمن حزمة التيسيرات؟

 

القانون 6 لسنة 2025 المختص بمحاسبة المشروعات الصغيرة والمتوسطة قانون ذكى وشجاع؛ إذ قدم طريقة محاسبية مبسطة لأصحاب المشروعات الصغيرة والمتوسطة، وهى نسبة مقطوعة من حجم الأعمال من 0.4 فى المائة إلى 1.5 فى المائة للمشروعات التى تراوح حجم أعمالها 20 مليون جنيه، بالإضافة إلى اعتماد الإقرارات المقدمة من هذه المشروعات لمدة 5 سنوات، بعدها يتم الفحص حال توسع حجم الأعمال لأكثر من 20 مليون جنيه تتم معاملته وفق القوانين الضريبية العامة، وخلال مدة الخمس سنوات الممول غير مطالب بالخصم تحت حساب الضريبة، وليس لديه قيود على الاستخدام ويُمنح إعفاءات من عدة رسوم، فالتشريع هنا يشجع المشروعات الصغيرة على العمل وعلى إظهار رقم الأعمال الحقيقى، وأعتقد أنه سيسهم فى ضم عدد كبير من الممولين خارج المنظومة إلى داخل الاقتصاد الرسمي. 

 

بعض الممولين يعتبرون اشتراط الحصول على مميزات القانون 6 بإصدار الفواتير الإلكترونية أمرًا تعجيزيًا فى ضوء اعتماد بعض الأنشطة على خامات لا يمكن استخراج فواتير لها.. ما رأيك؟

 

 ربط الحوافز المقدمة فى القانون باستصدار فواتير إلكترونية أمر ضرورى لحصر المجتمع الضريبى، كما أن قانون الضرائب يمنع اعتماد المصروف، إلا بفاتورة، وبالنسبة للأنشطة التى لا يمكنها الحصول على فواتير بعض الخامات لطبيعة النشاط من الممكن عمل نوع من أنواع الاتفاقات التحاسبية مع المصلحة وليست عائقًا أمام الاستفادة من حوافز القانون.

 

على ذكر «العدالة الضريبية» توجد دائما بنود شبه غائبة عن الحصيلة الضريبية مثل المهن الحرة والضريبة على العقارات المبنية لماذا؟

 

حقيقى هناك بعض الأنشطة بحاجة لنوع من أنواع الحصر الضريبى، بمعنى أن هناك إدارة اسمها الحصر الضريبى وهى إدارة مهمة جدا مهمتها حصر الأنشطة الخاضعة للضريبة غير المسجلة داخل المنظومة الضريبية، وتبدأ تضمها ولكن هذه الإدارة وحدها غير كافية نظرًا لأن 50 فى المائة من الاقتصاد غير رسمى، ومن هنا كانت أهمية الحزمة التيسيرية الأخيرة التى تشجع على التسجيل الطوعى، وتحفز على إصدار الفواتير، مما يسهم فى حصر المجتمع الضريبى وهى خطوة على طريقة الإصلاح، وهذه الحزمة تسهم بشكل أساسى فى الحصيلة من المهن الحرة وخاصة ممن يقل حجم أعمالهم عن 20 مليوناً. 

 

وماذا عن الضرائب العقارية؟

 

لم تشملها الحزمة لأنها تحتاج لتشريع خاص يراعى تغيير قيم العقارات بفعل تحرير سعر الصرف والتضخم، تشريع يكفل آليات حصر وتقييم عادلة للإيجارات والوحدات ويسمح بزيادة حدود الإعفاء. 

 

هيكل الحصيلة الضريبية يشوبه بعض الخلل إذ تساهم الضرائب غير المباشرة بنسبة كبيرة من الإجمالى إلى جانب الضرائب على التوظف فى حين أن ضرائب الثروة هى الأقل.. لماذا؟

 

فتّش عن الاقتصاد غير الرسمى فى كل مشكلات الحصيلة، نحن نتحدث عن 50 فى المائة من الاقتصاد خارج المنظومة، وحينما يدخل منه 1 فى المائة أو 2 فى المائة بموجب التيسيرات فهذا ليس كافيا، وأعتقد أنه آن الأوان فمع التيسيرات نبدأ نتكلم عن العقوبات، من الضرورى إظهار كارت العقوبات من التهرب الضريبى دون ترهيب، وهى موجودة فى قانون الإجراءات الضريبية والقانون 91 لسنة 2005 وقانون القيمة المضافة. لذا على الممولين أن يكونوا على وعى أن عدم الاستفادة بقوانين التيسيرات الحالية سيترتب عليها دفع الضريبة ومثلها وغرامة تأخير تساوى سعر الإقراض والخصم من تاريخ اكتشاف واقعة التهرب الضريبى حتى تاريخ السداد.

 

وجّه ثلاث رسائل للقائمين على المنظومة الضريبية وأخرى للممولين؟ 

 

بالنسبة لمصلحة الضرائب عليها أن تستمر فى فلسفة بناء الثقة، وتتخلى عن منهج الحصيلة أولا، ينبغى أن يصل الهدف من السياسات العامة والتيسيرات للمنفذين لهذه السياسات والتشريعات على أرض الواقع، وأخيرا بالنسبة للمصلحة يجب أن تمنح المحاسبين دورًا مساندًا للعاملين فيها، أما بالنسبة للممول فأقول له بادر بالاستفادة من التيسيرات المكفولة بموجب القوانين الثلاثة وادفع ضرائبك وانضم للمنظومة الرسمية لمنْ هم خارجها.

 

أخبار الساعة